بازگشت

مقتل رشيد الهجري


رشيد بضم الراء، الهجري نسبة الي هجر بفتح اوله و ثانيه مدينة هي قاعدة [1] البحرين او ناحية البحرين كلها، كان اميرالمؤمنين عليه السلام يسميه البلايا.

و كان قد القي عليه علم البلايا و المنايا و يقول: فلان يموت بميتة كذا و كذا و فلاني موت بقتلة كذا و كذا، فيكون كما قال.

و قد تقدم في احوال ميثم اخباره عن حبيب بن مظاهر.

و في تعليقة المحقق البهبهاني: و ببالي ان الكفعمي عده من البوابين لهم عليهم السلام [2] .

روي عن كتاب الاختصاص قال: لما طلب زياد ابوعبيد الله [3] رشيدا الهجري اختفي رشيد، فجاء ذات يوم الي ابي اراكة و هو جالس علي بابه في جماعة من اصحابه، فدخل منزل ابي اراكة ففزع لذلك ابواراكة و خاف فقام فدخل في اثره فقال: ويحك قتلتني و ايتمت ولدي و اهلكتهم. قال: و ما ذاك؟ قال: انت مطلوب و جئت حتي دخلت داري و قد رآك من كان عندي. فقال: ما رآني احد منهم. قال: و تسخر بي ايضا، فاخذه و شده كتافا ثم ادخله بيتا و اغلق عليه بابه ثم خرج الي اصحابه فقال لهم: انه خيل الي ان رجلا شيخا قد دخل داري آنفا.


قالوا: ما راينا احدا، فكرر ذاك عليهم كل ذلك يقولون ما راينا احدا. فسكت عنهم.

ثم انه تخوف ان يكون قد رآه غيرهم، فذهب الي مجلس زياد ليتجسس هل يذكرونه فان هم احسوا بذلك اخبرهم انه عنده و دفعه اليهم، فسلم علي زياد و قعد عنده و كان الذي بينهما لطيف، قال: فبينما هو كذلك اذ اقبل رشيد علي بغلة ابي اراكة مقبلا نحو مجلس زياد، فلما نظر اليه ابواراكة تغير وجهه و اسقط في يده و ايقن بالهلاك، فنزل رشيد عن البغلة و اقبل الي زياد فسلم عليه فقام اليه زياد فاعتنقه فقبله ثم اخذ يساله كيف قدمت و كيف من خلفت و كيف كنت في مسيرك؟ و اخذ لحيته ثم مكث هنيئة ثم قام فذهب. فقال ابواراكة لزياد: اصلح الله الامير من هذا الشيخ؟ قال: هذا اخ من اخواننا من اهل الشام و قدم علينا زائرا، فانصرف ابواراكة الي منزله فاذا رشيد بالبيت كما تركه. فقال له ابواراكة: اما اذا كان عندك من العلم كلما اري فاصنع ما بدا لك و ادخل علينا كيف شئت [4] .

اقول: ابواراكة المذكور هو البجلي من اصحاب اميرالمؤمنين عليه السلام، وعده البرقي في اصحابه من اليمن مع جماعة من خواص اصحابه مثل الاصبغ بن نباته و مالك الاشتر و كميل بن زياد.

و آل ابي اراكة مشهورون في رجال الشيعة و رواة الائمة عليهم السلام كبشير النبال و شجرة ابني ميمون بن ابي اراكة و اسحاق بن بشير و علي بن شجرة و حسن ابن شجرة و كلهم وجوه ثقات جلة.

و ما فعله ابواراكة برشيد لم يكن عن استخفاف منه به بل كان من الخوف علي نفسه، فان زياد ابن ابيه كان شديدا في طلب رشيد و امثاله من شيعة اميرالمؤمنين و التنكيل و التعذيب بهم و بمن اعانهم و اضافهم و اجارهم، و من هنا يعلم جلاله هاني ء و فتوته حيث اضاف مسلم بن عقيل و انزله في داره و فداه بنفسه. طيب الله رمسه و انزله حظيرة قدسه.


روي الشيخ الكشي عن ابي حيان البجلي عن قنوا [5] بنت رشيد الهجري قال: قلت لها: اخبريني ما سمعت من ابيك. قالت: سمعت من ابي يقول: اخبرني اميرالمؤمنين عليه السلام فقال: يا رشيد كيف صبرك اذا ارسل عليك [6] دعي بني امية فقطع يديك و رجليك و لسانك؟ قلت: يا اميرالمؤمنين آخر ذلك الي الجنة. فقال: يا رشيد انت معي في الدنيا و الآخرة. قالت: فو الله ما ذهبت الايام حتي ارسل اليه عبيد الله بن زياد الدعي فدعاه الي البراءة من اميرالمؤمنين عليه السلام فابي ان يتبرا منه، فقال له الدعي: فباي ميتة قال لك تموت؟ فقال له: اخبرني خليلي انك تدعوني الي البراءة [7] فلا ابرا منه فتقطع يدي و رجلي و لساني. فقال: و الله لاكذبن قوله. قال: فقدموه فقطع [8] يديه و رجليه و ترك لسانه، فحملت اطراف يديه و رجليه فقلت: يا ابت هل تجد الما لما اصابك. فقال: لا يا بنية الا كالزحام بين الناس. فلما احتملناه و اخرجناه من القصر [9] اجتمع الناس حوله فقال: ائتوني بصحيفة و دواة اكتب لكم ما يكون الي يوم الساعة، فارسل اليه الحجام حتي قطع لسانه، فمات رحمه الله في ليلته [10] .

و روي عن فضيل بن الزبير قال: خرج اميرالمؤمنين عليه السلام يوما الي بستان البرني [11] و معه اصحابه، فجلس تحت نخلة ثم امر بنخلة فقطفت فانزل منها رطب فوضع بين ايديهم. قالوا: فقال رشيد الهجري: يا اميرالمؤمنين ما اطيب هذا الرطب. فقال: يا رشيد اما انك تصلب علي جذعها. قال رشيد: فكنت اختلف اليها طرفي النهار اسقيها، و مضي اميرالمؤمنين عليه السلام، فجئتها يوما و قد قطع سعفها. قلت: اقترب اجلي، ثم جئت يوما فجاء العريف فقال: اجب


الامير، فاتيته فلما دخلت القصر فاذا الخشب ملقي، ثم جئت يوما آخر فاذا النصف الآخر قد جعل زرنوقا يستقي عليه الماء فقلت: ما كذبني خليلي، فاتاني العريف فقال: اجب الامير. فاتيته فلما دخلت القصر اذا الخشب ملقي و اذا فيه الزرنوق، فجئت حتي ضربت الزرنوق برجلي ثم قلت: لك غذيت و لي انبت. ثم ادخلت علي عبيد الله بن زياد قال: هات من كذب صاحبك. فقلت: و الله ما انا بكذاب و لا هو، و قد اخبرني انك تقطع يدي و رجلي و لساني. فقال: اذا و الله نكذبه. اقطعوا يديه و رجليه و اخرجوه. فلما حمل (الي) اهله اقبل يحدث الناس بالعظائم و هو يقول: ايها الناس سلوني فان للقوم عندي طلبة لما يقضوها. فدخل رجل علي ابن زياد فقال: ما صنعت قطعت يده و رجله و هو يحدث الناس بالعظائم. قال: ردوه و قد انتهي الي بابه، فردوه فامر بقطع يديه و رجليه و لسانه و امر بصلبه [12] .

قلت: الزرنوق بضم الزاي و سكون الراء المهملة تثنيته الزرنوقان و هما منارتان تبنيان علي جانبي راس البئر.

و روي الشيخ المفيد «ره» عن زياد بن النصر الحارثي قال: كنت عند زياد اذ اتي برشيد الهجري، فقال له زياد: ما قال لك صاحبك- يعني عليا عليه السلام- انا فاعلون بك؟ قال: تقطعون يدي و رجلي و تصلبونني. فقال زياد: ام و الله لاكذبن حديثه خلوا سبيله، فلما اراد ان يخرج قال زياد: و الله ما نجد له شيئا شرا مما قال له صاحبه اقطعوا يديه و رجليه و اصلبوه. فقال رشيد: هيهات قد بقي لي عندكم شي ء اخبرني به اميرالمؤمنين عليه السلام. فقال زياد: اقعطوا لسانه. فقال رشيد: الآن و الله جاء تصديق خبر اميرالمؤمنين عليه السلام [13] .


پاورقي

[1] قاعدة البحرين بمعني عاصمة البحرين (منه).

[2] تعليقة البهبهاني ص 140.

[3] بيان لزياد «منه».

[4] الاختصاص: 78.

[5] قنو خ ل.

[6] في المصدر: اليک.

[7] منه. ظ.

[8] في المصدر: فقطعوا... و ترکوا...

[9] اي قصر الامارة «منه».

[10] رجال الکشي: 75 -76.

[11] نوع من الرطب «منه».

[12] رجال الکشي: 78 -76.

[13] الارشاد: 154.