بازگشت

ذكر مقتل ميثم بن يحيي التمار


و من السوانح العظيمة الواقعة في اوان قتل مسلم بن عقيل قتل ميثم التمار و رشيد الهجري، فنذكر مقتلهما و نذكر بالمناسبة مقتل حجر بن عدي و عمرو بن الحمق رضوان الله عليهم اجمعين.

ذكر مقتل ميثم بن يحيي التمار قدس الله روحه

كان ميثم التمار من خواص اصحاب اميرالمؤمنين عليه السلام و من اصفيائهم، بل هو و عمرو بن الحمق و محمد بن ابي بكر و اويس القرني من حواري علي بن ابي طالب عليه السلام، و قد حمله اميرالمؤمنين عليه السلام بقدر قابليته و استعداده علما و كان قد يترشح منه.

و قال لابن عباس- الذي كان تلميذ اميرالمؤمنين عليه السلام و اخذ منه تفسير القرآن و كان رباني هذه الامة بقول محمد بن الحنفية-: يابن العباس سلني ما شئت من تفسير القرآن فاني قرات تنزيله علي اميرالمؤمنين عليه السلام و علمني تاويله. فقال: يا جارية (هاتي) الدواة و القرطاس. فاقبل يكتب [1] .

و روي انه لما امر به الي الصلب نادي باعلي صوته: ايها الناس من اراد ان يسمع الحديث المكنون عن علي بن ابي طالب عليه السلام فالي، فاجتمع اليه الناس و اقبل يحدثهم بالعجائب [2] .

و كان رحمه الله من الزهاد و ممن يبست عليهم جلودهم من العبادة و الزهادة.

و عن كتاب الغارات لابراهيم الثقفي قال في ذكر ميثم:

و قد كان اطلعه علي عليه السلام علي علم كثير و اسرار خفية من اسرار الوصية، فكان ميثم يحدث ببعض ذلك فيشك فيه قوم من اهل الكوفة و ينسبون عليا


عليه السلام في ذلك الي المخرقة و الايهام التدليس، حتي قال له يوما بمحضر من خلق كثير من اصحابه و فيهم الشاك و المخلص: يا ميثم انك توخذ بعدي و تصلب، فاذا كان اليوم الثاني ابتدر [3] منخراك و فمك دما حتي تخضب لحيتك، فاذا كان اليوم الثالث طعنت بحربة فيقضي عليك فانتظر ذلك، و الموضع الذي تصلب فيه علي دار عمرو بن حريث، انك لعاشر عشرة انت اقصرهم خشبة و اقربهم من المطهرة- يعني الارض- و لارينك النخلة التي تصلب علي جذعها.

ثم اراه اياها بعد ذلك بيومين، فكان يمثم ياتيها فيصلي عندها فيقول: بوركت من نخلة لك خلقت ولي نبت، فلم يزل يتعاهدها بعد قتل علي عليه السلام حتي قطعت، فكان يرصد جذعها و يتعاهده و يتردد اليه و يبصره، و كان يلقي عمرو بن حريث فيقول (له): اني مجاورك فاحسن جواري، و لا يعلم عمرو ما يريد، فيقول له: اتريد ان تشتري دار ابن مسعود ام دار ابن حكيم؟ [4] .

و عن كتاب الفضائل قيل: كان اميرالمؤمنين عليه السلام يخرج من الجامع بالكوفة فيجلس عند ميثم التمار رضي الله عنه فيحادثه فيقال: انه قال له ذات يوم: الا ابشرك يا ميثم. فقال: بماذايا اميرالمؤمنين؟ قال: بانك تموت مصلوبا. فقال: يا مولاي و انا علي فطرة الاسلام؟ قال: نعم [5] .

و روي عن العقيقي ان اباجعفر عليه السلام كان يحبه حبا شديدا و انه كان مؤمنا شاكرا في الرخاء صابرا في البلاء [6] .

و في منهج المقال [7] نقلا عن الشيخ الكشي بسنده عن فضيل بن الزبير قال: مر ميثم علي فرس له فاستقبل حبيب بن مظاهر الاسدي عند مجلس بني اسد، فتحدثا حتي اختلفت اعناق فرسيهما، ثم قال حبيب: فكاني بشيخ اصلع ضخم


البطن يبيع البطيخ عند دار الرزق قد صلب في حب اهل بيت نبيه و يبقر بطنه علي الخشية. فقال ميثم: و اني لاعرف رجلا احمر له ضفيرتان يخرج لنصرة ابن بنت نبيه فيتقل و يجال براسه بالكوفة. ثم افترقا. فقال اهل الملجس: ما راينا احدا اكذب من هذين.

قال: فلم يتفرق اهل المجلس حتي اقبل رشيد الهجري فطلبهما فسال اهل الملجس عنهما فقالوا: افترقا و سمعناهما يقولان كذا و كذا. فقال رشيد: رحم الله ميثما نسي: و يزاد في عطاء الذي يجي ء بالراس مائة درهم، ثم ادبر. فقال القوم: هذا و الله اكذبهم. فقال القوم: و الله ما ذهبت الايام و الليالي حتي رايناه مصلوبا علي باب دار عمرو بن حريث و جي ء براس حبيب بن مظاهر قد قتل مع الحسين عليه السلام و راينا كل ما قالوا [8] .

و روي عن ميثم قال: دعاني اميرالمؤمنين عليه السلام و قال: كيف انت يا ميثم اذا دعاك دعي بني امية (ابن دعيها) عبيد الله بن زياد الي البراءة مني؟ فقلت: يا اميرالمؤمنين و الله لا ابرا منك. قال: اذا و الله يقتلك و يصلبك. قلت: اصبر فذاك في الله قليل. فقال: يا ميثم اذا تكون معي في درجتي- الخ [9] .

و روي عن صالح بن ميثم قال: اخبرني ابوخالد التمار و قال: كنت مع ميثم التمار بالفرات يوم الجمعة، فهبت ريح و هو في سفينة من سفن الزيان [10] .

قال: فخرج و نظر الي الريح فقال: شدوا سفينتكم ان هذا الريح عاصف مات معاوية الساعة. قال: فلما كانت الجمعة المقبلة قدم بريد من الشام فلقيته فاستخبرته فقلت: يا عبدالله ما الخبر؟ قال: علي احسن حال، توفي اميرالمؤمنين و بايع الناس يزيد- قال: قلت: اي يوم توفي؟ قال: يوم الجمعة [11] .

و روي الشيخ الشهيد محمد بن مكي العاملي «ره» عن ميثم رضي الله عنه انه


قال: اصحر بي مولاي اميرالمؤمنين عليه السلام ليلة من الليالي قد خرج من الكوفة و انتهي الي مسجد جعفي توجه الي القبلة وصلي اربع ركعات فلما سلم و سبح بسط كفيه و قال: الهي كيف ادعوك و قد عصيتك و كيف لا ادعوك و قد عرفتك و حبك في قلبي مكين، مددت اليك يدا بالذنوب مملوءة و عينا بالرجاء ممدودة- الدعاء بطوله- و اخفت دعاءه و سجد و عفر و قال: العفو العفو مائة مرة، و قام و خرج فاتبعته حتي خرج الي الصحراء و خط لي خطة و قال: اياك ان تجاوز هذه الخطة، و مضي عني و كانت ليلة مدلهمة، فقلت: يا نفسي اسلمت مولاك و له اعداء كثيرة اي عذر يكون لك عند الله و عند رسوله، و الله لاقفن اثره و لاعلمن خبره و ان كنت [12] قد خالفت امره و جعلت اتبع اثره، فوجدته عليه السلام مطلعا في البئر الي نصفه يخاطب البئر و البئر تخاطبه، فحس بي و التفت عليه السلام و قال: من؟ قلت: ميثم. فقال: يا ميثم الم آمرك ان لا تتجاوز الخطة؟ قلت: يا مولاي خشيت عليك من الاعداء فلم يصبر لذلك قلبي. فقال: اسمعت لما قلت شيئا؟ قلت: لا يا مولاي. فقال: يا ميثم.



و في الصدر لبانات [13] .

اذا ضاق لها صدري



نكت الارض بالكف



و ابديت لها سري

فمنها تنبت الارض



فذاك النبت من بذري [14] .

و روي الشيخ المفيد «ره» في الارشاد: ان ميثم التمار كان عبدا لامراة من بني اسد، فاشتراه اميرالمؤمنين عليه السلام منها فاعتقه، فقال له: ما اسمك؟ فقال: سالم. فقال: اخبرني رسول الله صلي الله عليه و آله ان اسمك الذي سماك به ابوك في العجم ميثم. قال: صدق رسول الله و صدق اميرالمؤمينن و الله انه لا سمي. قال: فارجع الي اسمك الذي سماك به رسول الله صلي الله عليه و آله ودع




«سالما» فرجع الي ميثم و اكتني بابي سالم، فقال له علي عليه السلام ذات يوم: انك توخذ بعدي فتصلب و تطعن بحربة، فاذا كان اليوم الثالث ابتدر منخراك و فمك دما فتخضب لحيتك، فانتظر ذلك الخضاب فتصلب علي باب دار عمرو بن حريث عاشر عشرة انت اقصرهم خشبة و اقربهم من المهطرة، و امض حتي اريك النخلة التي تصلب علي جذعها. فاراه اياها و كان ميثم ياتيها فيصلي عندها و يقول: بوركت من نخلة لك خلقت ولي غذيت، و لم يزل يتعاهدها حتي قطعت و حتي عرف الموضع الذي يصلب عليها بالكوفة.

قال: و كان يلقي عمرو بن حريث فيقول له: اني مجاورك فاحسن جواري. فيقول له عمرو: اتريد ان تشتري دار ابن مسعود او دار ابن حكيم، و هو لا يعلم ما يريد. و حج في السنة التي قتل فيها فدخل علي ام سلمة رضي الله عنها فقالت: من انت؟ قال: انا ميثم. قالت: و الله لربما سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله يذكرك في جوف الليل، فاسلها عن الحسين عليه السلام فقالت له: هو في حائط له. قال: اخبريه انني قد احببت السلام عليه و نحن ملتقون عند رب العالمين ان شاءالله تعالي، فدعت ام سلمة بطيب و طيبت لحيته و قالت له: ما انها ستخضب بدم. فقدم الكوفة فاخذه عبيد الله بن زياد فادخل عليه فقيل له: هذا كان من آثر الناس عند علي عليه السلام. قال: ويحكم هذا الاعجمي قيل له: نعم. قال له عبيد الله: اين ربك؟ قال: بالمرصاد لكل ظالم و انت احد الظلمة. قال: انك علي عجمتك لتبلغ الذي تريد. قال: اخبرني ما اخبرك صاحبك اني فاعل بك. قال: اخبرني انك تصلبني عاشر عشرة انا اقصرهم خشبة و اقربهم الي المطهرة. قال: لنخالفنه. قال: تخالفه فو الله ما اخبرني الا عن النبي صلي الله عليه و آله عن جبرئيل عن الله تعالي فكيف تخلاف هؤلاء و لقد عرفت الموضع الذي اصلب عليه اين هو من الكوفة، و انا اول خلق الله الجم في الاسلام. فحبسه و حبس معه المختار بن ابي عبيد. قال له ميثم: انك تفلت و تخرج ثائرا بدم الحسين عليه السلام فتقتل هذا الذي يقتلنا.

فلما دعا عبيد الله بالمختار ليقتله طلع بريد بكتاب يزيد الي عبيد الله يامره


بتخلية سبيله، فخلاه فامر بميثم ان يصلب فاخرج، فقال له رجل لقيه: ما كان اغناك عن هذا. فتبسم و قال- و هو يومي الي النخلة-: لها خلقت ولي غذيت. فلما رفع علي الخشبة اجتمع الناس حوله علي باب عمرو بن حريث، قال عمرو: قد كان و الله يقول: اني مجاورك، فلما صلب امر جاريته بكنس تحت خشبته ورشه و تجميره، فجعل ميثم يحدث بفضائل بني هاشم، فقيل لابن زياد قد فضحكم هذا العبد. فقال: الجموه. فكان اول خلق الله الجم في الاسلام، و كان قتل ميثم رحمه الله قبل قدوم الحسين عليه السلام العراق بعشرة ايام، فلما كان اليوم الثالث من صلبه طعن بالحربة فكم ثم انبعث في آخر النهار فمه و انفه دما- انتهي [15] .

و روي انه اجتمع سبعة من التمارين فاتعدوا بدفن ميثم، فجاءوا اليه ليلا و الحرس يحرسونه و قد اوقدوا النار، فحالت النار بينهم و بين الحرس، فاحتملوه بخشبته حتي انتهوا به الي فيض من ماء في مراد فدفنوه فيه و رموا الخشبة في مراد في الخراب، فلما اصبحوا بعث الخيل فلم تجد شيئا [16] .

اقول: و ممن ينتهي نسبه الي ميثم التمار ابوالحسن الميثمي علي بن اسماعيل بن شعيب بن ميثم التمار، و كان من متكلمي علماء الامامية في عصر المامون و المعتصم، و له مناظرات مع الملاحدة و مع المخالفين، و كان معاصرا لابي الهذيل العلاف شيخ معتزلة البصريين [17] .

حكي شيخنا المفيد «ره» قال: سال علي بن ميثم اباالهذيل العلاف فقال له: الست تعلم ان ابليس ينهي عن الخير كله و يامر بالشر كله؟ قال: بلي. قال: فيجوز ان يامر بالشر كله و هو لا يعرفه و ينهي عن الخير كله و هو لا يعرفه؟ قال: لا. فقال له ابوالحسن: قد ثبت ان ابليس يعلم الشر كله و الخير كله. قال ابوالهذيل: اجل. قال: فاخبرني عن امامك الذي تاتم به بعد الرسول صلي الله عليه و آله هل يعلم الخير كله و الشر كله؟ قال: لا. قال له: فابليس اعلم من امامك اذا. فانقطع


ابوالهذيل [18] .

ثم اعلم ان ميثم حيثما وجد فهو بكسر الميم، و قد استثني بعضهم ميثم بن علي البحراني صاحب شرح نهج البلاغه «ره» و قال: انه بفتح الميم.


پاورقي

[1] رجال الکشي: 81.

[2] رجال الکشي: 87.

[3] اي سال «منه».

[4] راجع الغارات ص 798 -797.

[5] البحار 138 /42 نقلا عن فض.

[6] منهج المقال للاسترابادي ص 349.

[7] منهج المقال ص 92.

[8] ما قالا خ ل. رجال الکشي: 78.

[9] رجال الکشي: 83.

[10] و في رجال الکشي: الرمان.

[11] رجال الکشي: 80.

[12] کان خ ل.

[13] اللبانات بالضم الحاجات من غير فاقة بل من همة ق.

[14] البحار ج 100 ص 451 -449 نقلا عن مزاري الکبير و الشهيد و ج 40 ص 199 نقلا عن مزار الکبير.

[15] الارشاد: 154 -153 مع اختلاف يسير فراجع.

[16] رجال الکشي: 83.

[17] المتوفي 277 بسر من راي. راجع الکني و الالقاب للمؤلف ج 1 ص 178.

[18] الفصول المختارة ص 6.