بازگشت

شجاعته


فقد صرح الرواة و النقلة الاثبات ان مولانا الحسين عليه السلام لما قصد العراق سرب اليه عبيد الله بن زياد الجنود لمقابلته احزابا و حزب عليه الجيوش لمقاتلته اسرابا و جهز من العساكر ثلاثين الف فارس و راجل يتتابعون كتائب و اطلابا [1] ، فلما حصروه و احدقوا به شاكين في العدة و العديد ملتمسين منه نزوله علي حكم ابن زياد او بيعته ليزيد فان ابي ذلك فليؤذن يقتال يقطع الوتين و حبل


الوريد و يصعد الارواح الي المحل الاعلي و يصرع الاشباح علي الصعيد فتبعت نفسه الابية جدها و اباها عزفت عن التزام الدنية فاباها، فعلم الناس الاباء و الحمية و الموت تحت ظلال السيوف اختيارا له علي الدنية، فنصب نفسه و اخوته و اهله لمحاربتهم و اختاروا باجمعهم القتل علي مبايعتهم ليزيد و متابعتهم، فاحاطت بهم الفجرة اللئام و رهقتهم الكفرة اللهام [2] و رشقتهم بالنبال و السهام.

هذا و الحسين عليه السلام ثابت كالجبل الراسخ، لا يوهن عزيمته المنيعة فاسخ، و قدمه في المعترك ارسي من الجبال، و قلبه لا يضطرب لهلول القتال و قد قتل قومه من جموع ابن زياد جمعا جما، و اذاقوهم من الحمية الهاشمية زهقا و كلما، و لم يقتل من العصابة الهاشمية قتيل حتي اثخن قاصديه و قتل و اغمد ظبته في ابشارهم و جدل، و هو صلوات الله عليه كالليث المغضب البغيض لا يحمل علي احد الا نفحه بسيفه [3] فالحقه بالحضيض.

و قد ثبت ما نقلته الثقات عن بعض الرواة قال: فو الله ما رايت مكثورا قط قد قتل ولده و اهل بيته و اصحابه اربط جاشا و لا امضي جنانا منه و لا اجرا مقدما و الله ما رايت قبله و لا بعده مثله [4] و روي انه كان بينه عليه السلام و بين الوليد بن عقبة منازعة في ضيعه، فناول الحسين عليه السلام عمامة الوليد عن راسه و شدها في عنقه و هو يومئذ و ال علي المدينة [5] .

و في الاحتجاج عن محمد بن السائب انه قال: قال مروان بن الحكم يوما للحسين بن علي عليهماالسلام: لولا فخركم بفاطمة بما كنتم تفخرون علينا؟ فوثب الحسين و كان شديد القبضة، فقبض علي حلقه فعصره و لوي عمامته علي عنقه حتي غشي عليه ثم تركه- الخ [6] .


اقول: شجاعة الحسين عليه السلام يضرب بها المثل، و صبره في مواقف الحرب اعجز الاواخر و الاول، و مقامه في مقاتلة هؤلاء الفجرة عادل مقام جده صلي الله عليه و آله ببدر فاعتدل، و صبره علي كثره اعدائه و قلة انصاره صبر ابيه في صفين و الجمل، و ناهيك في هذا المقام ما في الزيارة الوارة عن الناحية المقدسة علي صاحبها آلاف السلام:

«و بدآوك بالحرب فثبت للطعن و الضرب و طعست جنود الفجار و اقتحمت قسطل الغبار مجالدا بذي الفقار كانك علي المختار، فلما راوك ثابت الجاش غير خائف و لا خاش نصبوا لك غوائل مكرهم و قاتلوك بكيدهم و شرهم، و امر اللعين جنوده فمنعوك الماء و وروده و ناجزوك القتال و عاجلوك النزال و رشقوك بالسهام و النبال و بسطوا اليك اكف الاصطلام و لم يرعوا لك ذماما و لا راقبوا فيك اثاما في قتلهم اوليائك و نهبهم رحالك و انت مقدم في الهبوات و محتمل للاذيات، قد عجبت من صبرك ملائكة السماوات، فاحدقوا بك من كل الجهات و اثخنوك بالجراح و حالوا بينك و بين الرواح، و لم يبق لك ناصر و انت محتسب صابر تذب عن نسوتك و اولادك، حتي نكسوك عن جوادك فهويت الي الارض جريحا تطوك الخيول بحوافرها و تعلوك الطغاة ببواترها، قد رشح للموت جبينك و اختلفت بالانقباض و الانبساط شمالك و يمينك، تدير طرفا خفيا الي رحلك و بيتك و قد شغلت بنفسك عن ولدك و اهاليك» [7] .


پاورقي

[1] اطلاب: ما يطلب.

[2] اللهام: بضم اللام الجيش العظيم «منه».

[3] نفحه بسيفه: تناوله «منه».

[4] تاريخ الطبري 364 /7.

[5] البحار 191 /44 نقلا عن المناقب 224 /3.

[6] الاحتجاج 23 /2 طبع سنة 1386.

[7] تحفه الزائر ص 355 نقلا عن الشيخ المفيد و مزار محمد بن المشهدي.