بازگشت

في الشام


و لما قربوا من دمشق أرسلت ام كلثوم الي الشمر تسأله أن يدخلهم في درب قليل النظار و يخرجوا الرؤوس من بين المحامل لكي يشتغل الناس بالنظر الي


الرؤوس فسلك بهم علي حالة تقشعر من ذكرها الابدان و ترتعد لها فرائص كل انسان.

و أمر ان يسلك بهم بين النظار و ان يجعلوا الرؤوس وسط المحامل [1] .

و في اول يوم من صفر دخلوا دمشق [2] فاوقفوهم علي (باب الساعات) [3] و قد خرج الناس بالدفوف و البوقات و هم في فرح و سرور و دنا رجل من «سكينة» و قال من أي السبايا انتم؟ قالت نحن سبايا آل محمد «ص» [4] .

و كان يزيد جالسا في منظرة علي «جيرون» و لما رأي السبايا و الرؤوس علي أطراف الرماح و قد اشرفوا علي ثنية جيرون نعب غراب فأنشأ يزيد يقول:



لما بدت تلك الحمول و أشرقت

تلك الرؤوس علي شفا جيرون [5]



نعب الغراب فقلت قل او لا تقل

فقد اقتضيت من الرسول ديوني



و من هنا حكم ابن الجوزي و القاضي ابويعلي و التفتازاني و الجلال السيوطي بكفره و لعنه [6] .


و دنا سهل بن سعد الساعدي من سكينة بنت الحسين و قال: ألك حاجة فأمرته ان يدفع لحامل الرأس شيئا فيبعده عن النساء ليشتغل الناس بالنظر اليه ففعل «سهل» [7] .

و دنا شيخ من السجاد (ع) و قال له الحمد لله الذي اهلككم و أمكن الامير منكم! ههنا أفاض الامام من لطفه علي هذا المسكين المغتر بتلك التمويهات لتقريبه من الحق و ارشاده الي السبيل و هكذا اهل البيت (ع) تشرق انوارهم علي من يعلمون صفاء قلبه و طهارة طينته و استعداده للهداية. فقال عليه السلام له: يا شيخ أقرأت القرآن؟ قال بلي قال عليه السلام أقرأت (قل لا اسألكم عليه أجرا الا المودة في القربي) و قرأت قوله تعالي: (و آت ذا القربي حقه) و قوله تعالي: (و اعلموا انما غنمتم من شي ء فان لله خمسه و للرسول و لذي القربي)؟ قال الشيخ: نعم قرأت ذلك.

فقال (ع): نحن و الله القربي في هذه الآيات.

ثم قال له الامام: اقرأت قوله تعالي: (انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا)؟ قال: بلي.

فقال عليه السلام: نحن أهل البيت الذين خصهم الله بالتطهير.

قال الشيخ: بالله عليكم انتم هم فقال عليه السلام: و حق جدنا رسول الله انا لنحن هم من غير شك.

فوقع الشيخ علي قدميه يقبلهما و يقول أبرأ الي الله ممن قتلكم و تاب علي يد الامام مما فرط في القول معه و بلغ يزيد فعل الشيخ و قوله فأمر بقتله [8] .



بأية آية يأتي يزيد

غداة صحائف الأعمال تتلي



و قام رسول رب العرش يتلو

و قد صمت جميع الخلق (قل لا) [9]




و قبل ان يدخلوهم الي مجلس يزيد اتوهم بحبال فربقوهم بها فكان الحبل في عنق زين العابدين الي زينب ام كلثوم و باقي بنات رسول الله (ص) و كلما قصروا عن المشي ضربوهم حتي اوقفوهم بين يدي يزيد و هو علي سريره فقال علي بن الحسين (ع) ما ظنك برسول الله لو يرانا علي هذا الحال؟ فبكي الحاضرون و امر يزيد بالحبال فقطعت [10] .

و اقيموا علي درج باب الجامع حيث يقام السبي و وضع الرأس المقدس بين يدي يزيد و جعل ينظر اليهم و يقول:



صبرنا و كان الصبر منا عزيمة

و اسيافنا يقطعن هاما و معصما



نفلق هاما من رجال اعزة

علينا و هم كانوا أعق و اظلما [11]

ثم التفت الي النعمان بن بشير و قال: الحمد لله الذي قتله فقال النعمان قد كان اميرالمؤمنين معاوية يكره قتله فقال يزيد: قد كان ذلك قبل ان يخرج و لو خرج علي اميرالمؤمنين لقتله [12] .



فليت السما حقا علي الارض اطبقت

و طاف علي الدنيا الفناء او النشر



(بنات علي) و هي خير حرائر

يباح بأيدي الادعياء لها ستر



سبايا علي عجف المطايا حواسرا

يودعها مصر و يرقبها مصر



فان دمعت منهن عين و قصرت

عن المشي اعياء مخدرة طهر






أهاب بها (شمر الخنا) بقساوة

و آلمها في سوطه نقمة (زجر)



و ليس لديها كافل غير مدنف

أضرت به البلوي و قد مسه الضر



عليل يعاني القيد و الغل في السري

و يبدو علي سيمائه الذل و الاسر



سروا فيه مغلول اليدين مقيدا

الي بطن (حرف) لو يوطأ لها ظهر



و قد اكل اللحم الحديد بجيده

و اثر حتي فاض في دمه النحر



بلاحظ اطفالا تصيح و نسوة

تعج و اكبادا يطير بها الذعر



و رأس أبيه و هو سبط محمد

امام السبايا تستطيل به السمر



و قد أدخلوه الشام لا مرحبا به

و أفراحه تطغي بعيد هو النصر



الي مجلس فيه ابن هند بنصره

قرير و مروان يطير به البشر



و رأس أبيه السبط في طست عسجد

امام دعي غره الزهو و الكبر



و قد كان يخفي الكفر لكن بذكره

لا شياخه في بدره قد ظهر الكفر [13]




پاورقي

[1] اللهوف ص 99 و مثر الاحزان لابن‏نما ص 53 و مقتل العوالم ص 145.

[2] نص عليه کامل البهائي و الآثار الباقية للبيروني ص 331 طبع الأفست و المصباح للکفعمي صفحة 269 و تقويم المحسنين للفيض ص 15 و بناء علي ما في تاريخ الطبري ج 6 ص 266 من حبسهم في السجن الي ان يأتي البريد من الشام يخبرهم ببعد وصولهم الي الشام في اول صفر فان المسافة بعيدة تستدعي زمنا طويلا اللهم الا ان يکون البريد من طريق «الطير».

[3] مقتل الخوارزمي ج 2 ص 61 روي انهم ادخلوا مدينة دمشق من باب (توما) و هذا الباب کما في ثمار المقاصد ص 109 أحد أبواب مدينة دمشق القديمة.

و يحدث ابوعبدالله محمد بن علي ابراهيم المعروف بابن شداد المتوفي سنة 684 في اعلاق الخطيرة ج 3 ص 72 قال: انما سمي بباب الساعات لانه عمل هناک بنظام الساعات يعلم بها کل ساعة تمضي من النهار عليها عصافير من نحاس و غراب وحية من نحاس فاذا أتمت الساعة خرجت الحية فصفرت العصافير و صاح الغراب و سقطت حصاة في الطشت.

[4] امالي الصدوق صفحة 100 مجلس 31 و مقتل الخوارزمي ج 2 ص 60.

[5] في صورة الارض لابن‏حوقل ص 161 طبع اوفست في دمشق ليس في الاسلام أحسن منه کان مصلي الصابئين ثم صار لليونان يعظمون فيه دينهم ثم صار لليهود و ملوک عبدة الاصنام و باب هذا المسجد يسمي باب جيرون، صلب علي هذا الباب رأس يحيي بن زکريا و صلب علي باب جيرون رأس الحسين بن علي في الموضع الذي صلب فيه رأس يحيي بن زکريا. و لما کان ايام الوليد بن عبدالملک جعل وجه جدرانه رخاما الخ. و يظهر ان هذا المسجد هو الجامع الاموي.

[6] روح المعاني للالوسي ج 26 صفحة 73 آية «فهل عسيتم ان توليتم» قال الالوسي اراد بقوله «فقد اقتضيت من الرسول ديوني» أنه قتل بما قتله رسول الله (ص) يوم بدر کجده عتبة و خاله و غيرهما و هذا کفر صريح و مثله تمثله بقول ابن‏الزبعري قبل اسلامه (ليت اشياخي) الابيات.

[7] مقتل العوالم ص 145.

[8] اللهوف ص 100 و في تفسير ابن‏کثير ج 4 صفحة 112 و روح المعاني للآلوسي ج 25 صفحة 31 و مقتل الخوارزمي ج 2 صفحة 61 ان السجاد قرأ علي الشيخ آية المودة فاذعن له.

[9] روح المعاني للآلوسي ج 25 صفحة 31 انهما للسيد عمر الهيثمي أحد أقاربه المعاصرين و قد استجودهما الآلوسي.

[10] الانوار النعمانية ص 341 و اللهوف ص 101 و تذکرة الخواص صفحة 49.

[11] مرآة الجنان لليافعي ج 1 صفحة 135 و في کامل ابن‏الأثير ج 4 ص 35 و عليه مروج الذهب لما ادخل الرأس عليه جعل ينکته بقضيب و تمثل بقول الحصين بن حمام.



أبي قومنا أن ينصفونا فانصفت

قواضب في ايماننا تقطر الدما



نفلق هاما من رجال اعزة

علينا و هم کانوا اعق و اظلما



و في العقد الفريد ج 2 ص 313 في خلافة يزيد قال لما وضع الرأس بين يديه تمثل يزيد بقول الحصين بن الحمام المزني و ذکر البيت الثاني و اقتصر ابن حجر الهيثمي في مجمع الزوائد ج 9 ص 198 علي البيت الثاني و اقتصر الخوارزمي في المقتل ج 2 صفحة 61 علي وقوفهم علي درج باب الجامع و هذان البيتان للحصين بن الحمام ذکرهما في المؤتلف و المختلف للآمدي ص 91 قال: ان الحصين بن حمام بن ربيعة الي آخر نسبه قال من قصيدة طويلة و ذکر ثلاثة أبيات فيها البيتان. و في الشعر و الشعراء ص 151 ذکر ثلاثة أبيات فيها البيت الثاني. و في الأشباه و النظائر ص 4 من اشعار المتقدمين و الجاهليين للخالديين اقتصر علي البيت الثاني و في الأغاني ج 12 ص 120 طبعة ساسي ذکر ثلاثة عشر بيتا فيها البيتان...

[12] مقتل الخوارزمي ج 2 صفحة 59.

[13] من قصيدة للعلامة الشيخ عبدالمنعم الفرطوسي.