بازگشت

عبدالله بن عباس


لما بلغ يزيد امتناع عبدالله بن عباس عن البيعة لابن الزبير، كتب اليه: «أما بعد فقد بلغني ان الملحد ابن الزبير دعاك الي بيعته و الدخول في طاعته لتكون علي الباطل ظهيرا و في المأثم شريكا، فامتنعت عليه و انقبضت عنه لما عرفك الله في نفسك من حقنا اهل البيت فجزاك أفضل ما جزي الواصلين عن ارحامهم الموفين بعهودهم، و مهما انسي من الاشياء فلا انسي وصلك و حسن جائزتك التي أنت أهلها في الطاعة و الشرف و القرابة من رسول الله (ص) فانظر من قبلك من قومك، و من يطرأ عليك من اهل الآفاق ممن يسحره ابن الزبير بلسانه و زخرف قوله فاجذبهم عنه فانهم لك اطوع ومنك اسمع منهم للملحد المارق و السلام».

فكتب اليه ابن عباس: «اما بعد فقد جاء في كتابك تذكر فيه دعاء ابن الزبير اياي الي بيعته و أني امتنعت عليه معرفة لحقك فان يكن ذلك كذلك فلست ارجو بذلك برك، ولكن الله بما أنوي عليم. و كتبت الي أنه احث الناس عليك و اخذلهم عن ابن الزبير فلا و لا سرور و لا حبور، بفيك الكثكث و لك الاثلب و انك العازب الرأي أن منتك نفسك و انك لانت المنقود المثبور!! و كتبت الي بتعجيل بري و صلتي، فاحبس أيها الانسان برك فاني حابس عنك ودي و نصرتي و لعمري ما تعطينا مما في يدك لنا الا القليل و تحبس منه الطويل العريض لا أبا لك... أتراني انسي قتلك حسينا و فتيان بني عبدالمطلب و مصابيح الدجي


و نجوم الهدي و اعلام التقي و غادرتهم خيولك بامرك فاصبحوا مصرعين في صعيد واحد مزملين بالدماء مسلوبين بالعراء لا مكفنين و لا موسدين تسفي عليهم الرياح و تغزوهم الذئاب و تنتابهم عوج الضباع حتي أتاع الله لهم قوما لم يشركوا في دمائهم فكفنوهم و أجنوهم و بهم و الله و بي من الله عليك العذاب.! و مهما انسي من الاشياء فلست أنسي تسليطك عليهم الدعي بن الدعي الذي كان للعاهرة الفاجرة البعيد رحما اللئيم ابا و اما الذي اكتسب ابوك في ادعائه العار و المأثم و الذلة و الخزي في الدنيا و الآخرة لأن رسول الله قال: الولد للفراش و للعاهر الحجر و ان اباك يزعم ان الولد لغير الفراش و لا يضير العاهر و يلحق به ولده كما يلحق به الولد الرشيد! و لقد أمات ابوك السنة جهلا و احيا الاحداث المضلة عمدا...

و مهما انسي من الاشياء فلست أنسي تسييرك حسينا من حرم رسول الله الي حرم الله تعالي و تسييرك اليه الرجال و ادساسك اليهم ان يقتلوه فما زلت بذلك و كذلك حتي اخرجته من مكة الي أرض الكوفة تزأر به خيلك و جنودك زئير الاسد عداوة منك لله و لرسوله و لأهل بيته!! ثم كتبت الي ابن مرجانة أن يستقبله بالخيل و الرجال و الاسنة و السيوف و كتبت اليه بمعاجلته و ترك مطاولته حتي قتلته و من معه من فتيان بني عبدالمطلب اهل البيت الذين اذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا و نحن كذلك لا كآبائك الجفاة اكباد الحمير و لقد علمت أنه كان اعز اهل البطحاء قديما و اعزه بها حديثا لو ثوي بالحرمين مقاما و استحل بها قتلا ولكنه كره ان يكون هو الذي يستحل به حرم الله و حرم الرسول و حرمة البيت الحرام فطلب الموادعة و سألكم الرجعة فطلبتم قلة انصاره و استئصال اهل بيته كأنكم تقتلون أهل بيت من الترك أو كابل!... و كيف تجدني علي ودك و تطلب نصري فقد قتلت بني أبي و سيفك يقطر من دمي و انت طلبة ثاري فان شاء الله لا يطل اليك دمي و لا تسبقني بثأري و ان تسبقنا فقتلتنا ما قتلت به النبيون فطلب دمائهم في الدماء و كان الموعد الله و كفي بالله للمظلومين ناصرا و من الظالمين منتقما...!

و العجب كل العجب ما عشت يريك الدهر عجبا حملك بنات عبدالمطلب و ابناءهم اغيلمة صغارا اليك بالشام تري انك قهرتنا و انك تذلنا و بهم و الله و بي من الله عليك و علي أبيك و امك من السباء... و ايم الله انك لتصبح و تمسي آمنا


لجراح يدي و ليعظمن جرحك بلساني و نقضي و ابرامي لا يستفزنك الجدل فلن يمهلك الله بعد قتل عترة رسول الله الا قليلا حتي يأخذك الله اخذا عزيزا و يخرجك من الدنيا آثما مذموما فعش لا أبا لك ما شئت و لقد أرداك عند الله ما اقترفت [1] .


پاورقي

[1] رتبنا الکتاب من مجمع الزوائد لابي‏بکر الهيثمي ج 7 ص 250 و أنساب الأشراف للبلاذري ج 4 ص 18 طبعة اولي، و مقتل الحسين للخوارزمي ج 2 ص 77 و کامل ابن‏الأثير ج 4 ص 50 سنة 64 و عليه مروج الذهب للمسعودي.