بازگشت

طغيان الأشدق


قال ابن جرير: أرسل ابن زياد عبدالملك بن الحارث السلمي الي المدينة ليبشر عمرو بن سعيد الاشدق [1] بقتل الحسين فاعتذر بالمرض فلم يقبل منه و كان ابن زياد شديد الوطأة «لا يصطلي بناره» و أمره أن يجد السير فان قامت به الراحلة يشتري غيرها و لا يسبقه الخبر من غيره فسار مجدا حتي اذا وصل المدينة لقيه رجل من قريش و سأله عما عنده فقال له الخبر عند الامير و لما أعلم ابن سعيد بقتل الحسين فرح و اهتز بشرا و شماتة.

و امر المنادي أن يعلن بقتله في ازقة المدينة فلم يسمع ذلك اليوم واعية مثل واعية نساء بني هاشم في دورهن علي سيد شباب اهل الجنة و اتصلت الصيحة بدار «الاشدق» فضحك و تمثل بقول عمرو بن معد يكرب:



عجت نساء بني زياد عجة

كعجيج نسوتنا غداة الارنب



ثم قال واعية بواعية عثمان [2] .


و التفت الي قبر رسول الله و قال: يوم بيوم بدر يا رسول الله فأنكر عليه قوم من الانصار [3] .

ثم رقي المنبر و قال: أيها الناس انها لدمة بلدمة و صدمة بصدمة كم خطبة بعد خطبة حكمة بالغة فما تغني النذر لقد كان يسبنا و نمدحه و يقطعنا و نصله كعادتنا و عادته ولكن كيف نصنع بمن سل سيفه علينا يريد قتلنا الا أن ندفعه عن انفسنا.

فقام اليه عبدالله بن السائب و قال: لو كانت فاطمة حية و رأت رأس الحسين لبكت عليه.

فزجره عمرو بن سعيد و قال: نحن أحق بفاطمة منك، ابوها عمنا و زوجها أخونا و امها ابنتنا و لو كانت فاطمة حية لبكت عينها و ما لامت من قتله و دفعه عن نفسه [4] .

و كان عمرو فظا غليظا قاسيا أمر صاحب شرطته علي المدينة عمرو بن الزبير بن العوام [5] بعد قتل الحسين أن يهدم دور بني هاشم ففعل و بلغ منهم كل مبلغ و هدم دار ابن مطيع و ضرب الناس ضربا شديدا فهربوا منه الي ابن الزبير [6] و سمي بالاشدق لانه اصابه اعوجاج في حلقه الي الجانب الآخر لا غراقه في شتم علي بن ابي طالب (ع) [7] و عاقبه الله شر عقوبة حيث حمل الي عبدالملك بن مروان مقيدا بالحديد و بعد ان اكثر من عتابه أمر به فقتل [8] .

و خرجت بنت عقيل بن ابي طالب في جماعة من نساء قومها حتي انتهت الي قبر النبي (ص) فلاذت به و شهقت عنده ثم التفتت الي المهاجرين و الانصار تقول:




ماذا تقولون ان قال النبي لكم

يوم الحساب و صدق القول مسموع



خذلتموا عترتي أو كنتم غيبا

و الحق عند ولي الأمر مجموع



اسلمتموهم بأيدي الظالمين فما

منكم له اليوم عند الله مشفوع



ما كان عند غداة الطف اذ حضروا

تلك المنايا و لا عنهن مدفوع



فأبكت من حضر و لم ير باك و باكية أكثر من ذلك اليوم [9] .

و كانت اختها زينب تندب الحسين بأشجي ندبة و تقول:



ماذا تقولون اذ قال النبي لكم

ماذا فعلتم و انتم آخر الامم



بعترتي و بأهلي بعد مفتقدي

منهم اساري و منهم ضرجوا بدم



ما كان هذا جزائي اذ نصحت لكم

أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي [10] .


پاورقي

[1] في مجمع الزوائد لابن‏حجر الهيثمي ج 5 صفحة 240 و تطهير الجنان علي هامش الصواعق المحرقة صفحة 141 عن ابي‏هريرة قال سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله يقول: «ليرعفن علي منبري جبار من جبابرة بني‏امية فيسيل رعافه» و قد رعف عمرو بن سعيد و هو علي منبره (ص) حتي سال رعافه.

[2] الطبري ج 6 ص 268.

[3] نفس المهموم ص 222 و شرح النهج لابن ابي‏الحديد ج 361 1.

[4] مقتل العوالم ص 131.

[5] في انساب الاشراف للبلاذري ج 4 ص 23 کانت ام‏عمرو بن الزبير أمة بنت خالد بن سعيد بن العاص و کان علي جيش ارسله عمرو بن سعيد الاشدق الي محاربة عبدالله بن الزبير بمکة فقبض جيش عبدالله علي عمرو بن الزبير فامر عبدالله ان يضربه بالسياط کل من له مظلمة عنده فمات من ذلک.

[6] الاغاني ج 4 ص 155.

[7] معجم الشعراء للمرزباني ص 231.

[8] (جمهرة الامثال) لأبي‏هلال العسکري ص 9 طبع الهند مادة: امکرا و أنت في الحديد.

[9] امالي ابن الشيخ الطوسي ص 55 و سماها ابن ‏شهراشوب في المناقب ج 2 ص 227 اسماء.

[10] الابيات بهذا اللفظ في مثير الاحزان لابن‏نما ص 51 و اللهوف لابن‏طاووس ص 96 و الکامل لابن‏الاثير ج 4 ص 36 و عنده انها لبنت عقيل بن ابي‏طالب و مثله ابوالريحان البيروني في الآثار الباقية ص 329. و ابن‏جرير في التاريخ ج 6 ص 268 الا انه ذکر الاول و الثاني و في رواية ابن‏قتيبة في عيون الاخبار ج 1 ص 212 للابيات خلاف، و في مقتل الخوارزمي ج 2 ص 76: ان زينب بنت عقيل بن ابي‏طالب قالت البيتين الأولين، و في رواية اخري ان بنت عقيل بن ابي‏طالب قالت و ذکر اربعة ابيات و الرابع منهما:



ضيعتم حقنا و الله اوجبه

و قد رعي الفيل حق البيت و الحرم‏



و نسب ابن ‏شهراشوب في المناقب الي زينب بنت اميرالمؤمنين (ع) انها انشأت الابيات الثلاثة بعد خطبتها بالکوفة. و في تذکرة الخواص لسبط ابن‏الجوزي ص 151: ان زينب بنت عقيل بن ابي‏طالب قالت، و ذکر اربعة ابيات و کان الرابع في روايته



ذريتي و بنو عمي بمضيعة

منهم اساري و قتلي ضرجوا بدم‏



و نسب ابن‏حجر الهيثمي في مجمع الزوائد ج 9 ص 200 الابيات الثلاثة الي زينب بنت عقيل بن ابي‏طالب ثم قال و قال ابوالاسود الدؤلي



أقول و زادني حنقا و غيظا

ازال الله ملک بني‏زياد



و أبعدهم کما بعدوا و خانوا

کما بعدت ثمود و قوم عاد



و لا رجعت رکائبهم اليهم

اذا وقفت الي يوم التناد



و في الارشاد للشيخ المفيد، لما سمعت ام لقمان بنت عقيل بن ابي‏طالب نعي الحسين خرجت تنعاه و معها من اخواتها ام‏هاني و اسماء رملة و زينب و ذکر الأبيات الثلاث.