بازگشت

ابن عفيف


قال حميد بن مسلم أمر ابن زياد ان ينادي الصلاة جامعة فاجتمعوا في الجامع الأعظم ورقي ابن زياد المنبر فقال: الحمد لله الذي اظهر الحق و أهله و نصر اميرالمؤمنين يزيد و حزبه و قتل الكذاب ابن الكذاب الحسين بن علي و شيعته [1] .

فلم ينكر عليه أحد من أولئك الجمع الذي غمره الضلال الا عبدالله بن عفيف الازدي ثم الغامدي احد بني و البة فانه قام اليه و قال:

يا ابن مرجانة، الكذاب ابن الكذاب انت و ابوك و الذي ولاك و ابوه يا ابن مرجانة اتقتلون أبناء النبيين و تتكلمون بكلام الصديقين [2] فقال ابن زياد من هذا المتكلم؟

قال ابن عفيف: انا المتكلم يا عدو الله! تقتلون الذرية الطاهرة التي أذهب الله عنهم الرجس و تزعم انك علي دين الاسلام و اغوثاه اين اولاد المهاجرين و الأنصار لينتقموا من طاغيتك اللعين ابن اللعين علي لسان محمد رسول رب العالمين.

فازداد غضب ابن زياد و قال علي به فقامت اليه [3] الشرطة.

فنادي ابن عفيف بشعار الازد «يا مبرور» فوثب اليه عدد كثير ممن حضر من الازد و انتزعوه و اتوا به اهله.

و قال له عبدالرحمن بن مخنف الأزدي ويح غيرك لقد أهلكت نفسك و عشيرتك [4] .


ثم امر ابن زياد بحبس جماعة من الأزد فيهم عبدالرحمن بن مخنف الأزدي [5] و في الليل ذهب جماعة من قبل ابن زياد الي منزله ليأتوه به فلما بلغ الازد ذلك تجمعوا و انضم اليهم أحلافهم من اليمن و بلغ ابن زياد تجمعهم فأرسل مضر مع محمد بن الأشعث [6] فاقتتلوا اشد قتال و قتل من الفريقين جماعة و وصل ابن الاشعث الي دار ابن عفيف و اقتحموا الدار فصاحت ابنته اتاك القوم.

قال لها لا عليك ناوليني سيفي فجعل يذب به عن نفسه و يقول:



انا ابن ذي الفضل العفيف الطاهر

عفيف شيخي و ابن ام عامر



كم دارع من جمعكم و حاسر

و بطل جدلته مغادر



و ابنته تقول له: ليتني كنت رجلا اذب بين يديك هؤلاء الفجرة قاتلي العترة البررة.

و لم يقدر احد منهم ان يدنو منه فان ابنته تقول له اتاك القوم من جهة كذا و لما أحاطوا به صاحت و اذلاه يحاط بأبي و ليس له ناصر يستعين به و هو يدور بسيفه و يقول:



اقسم لو يفسح لي عن بصري

ضاق عليكم موردي و مصدري



و بعد ان تكاثروا عليه اخذوه و اتوا به الي ابن زياد فقال له الحمد لله الذي اخزاك.

قال ابن عفيف و بماذا اخزاني؟



و الله لو فرج لي عن بصري

ضاق عليكم موردي و مصدري



قال ابن زياد يا عدو الله ما تقول في عثمان.

فشتمه ابن عفيف و قال ما انت و عثمان اساء ام احسن اصلح ام افسد و ان الله تبارك و تعالي ولي خلقه يقضي بينهم و بين عثمان بالعدل و الحق ولكن سلني


عن ابيك و عنك و عن يزيد و أبيه.

فقال ابن زياد لا سألتك عن شي ء و لتذوق الموت غصة بعد غصة

قال ابن عفيف الحمد لله رب العالمين اما اني كنت اسأل ربي ان يرزقني الشهادة من قبل ان تلدك امك و سألت الله ان يجعلها علي يدي العن خلقه و ابغضهم اليه و لما كف بصري يئست من الشهادة اما الآن و الحمد لله الذي رزقنيها بعد اليأس منه و عرفني الاجابة في قديم دعائي فأمر ابن زياد بضرب عنقه و صلبه في السبخة [7] .

و دعا ابن زياد بجندب بن عبدالله الازدي و كان شيخا كبيرا فقال له: يا عدو الله الست صاحب ابي تراب في صفين؟ قال: نعم و اني لاحبه و افتخر به و امقتك و اباك سيما الآن و قد قتلت سبط الرسول و صحبه و اهله و لم تخف من العزيز الجبار المنتقم فقال ابن زياد: انك لأقل حياء من ذلك الأعمي و اني ما أراني الا متقربا الي الله بدمك فقال ابن جندب: اذا لا يقربك الله و خاف ابن زياد من نهوض عشيرته فتركه و قال انه شيخ ذهب عقله و خرف و خلي سبيله [8] .


پاورقي

[1] ابن‏الاثير ج 1 ص 34.

[2] الطبري ج 6 ص 263.

[3] اللهوف.

[4] الطبري ج 6 ص 263.

[5] رياض الأحزان ص 57 عن روضة الصفا.

[6] في مثير الاحزان لابن‏نما الحلي أرسل ابن‏زياد محمد بن الأشعث، و حيث انه قتل يوم عاشوراء بدعاء الحسين عليه اصابته عقرب فمات منها، فيکون المرسل هذا احد بني‏الاشعث.

[7] مثير الاحزان لابن‏نما الحلي 50 و اللهوف لابن‏طاووس ص 92 و مقتل الخوارزمي ج 2 ص 53 و اختصر قصته في تاريخ الطبري ج 6 ص 263 و المحبر لابن‏حبيب ص 480 و الارشاد للشيخ المفيد و الکل اتفقوا علي صلبه في الکناسة و ذکره الاربلي في کشف الغمة ص 116.

[8] مثير الاحزان ص 51 و مقتل الخوارزمي ج 2 ص 55 و رياض الاحزان ص 58.