بازگشت

خطبة فاطمة بنت الحسين


و خطبت فاطمة بنت الحسين عليه السلام [1] فقالت:


الحمد لله عدد الرمل و الحصي، و زنة العرش الي الثري، احمده و اؤمن به و اتوكل عليه، و اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له و ان محمدا عبده و رسوله. و ان أولاده ذبحوا بشط الفرات، من غير ذحل و لا ترات.

اللهم اني اعوذ بك أن افتري عليك، و ان اقول عليك خلاف ما انزلت من اخذ العهود و الوصية لعلي بن أبي طالب المغلوب حقه المقتول من غير ذنب «كما قتل ولده بالامس» في بيت من بيوت الله تعالي، فيه معشر مسلمة بألسنتهم، تعسا لرؤوسهم ما دفعت عنه ضيما في حياته و لا عند مماته، حتي قبضه الله تعالي اليه محمود النقيبة، طيب العريكة، معروف المناقب، مشهور المذاهب، لم تأخذه في الله سبحانه لومة لائم، و لا عذل عاذل، هديته اللهم للاسلام صغيرا، و حمدت مناقبه كبيرا، و لم يزل ناصحا لك و لرسولك، زاهدا في الدنيا غير حريص عليها، راغبا في الآخرة، مجاهدا لك في سبيلك، رضيته فاخترته و هديته الي صراط مستقيم.

اما بعد يا أهل الكوفة، يا اهل المكر و الغدر و الخيلاء، فانا اهل بيت ابتلانا الله بكم، و ابتلاكم بنا. فجعل بلاءنا حسنا، و جعل علمه عندنا و فهمه لدينا، فنحن عيبة علمه، و وعاء فهمه و حكمته، و حجته علي الأرض في بلاده لعباده، أكرمنا الله بكرامته، و فضلنا بنبيه محمد صلي الله عليه و آله علي كثير ممن خلق الله تفضيلا.

فكذبتمونا و كفرتمونا، و رأيتم قتالنا حلالا، و أموالنا نهبا، كأننا أولاد ترك أو كابل كما قتلتم جدنا بالأمس، و سيوفكم تقطر من دمائنا اهل البيت لحقد متقدم، قرت لذلك عيونكم، و فرحت قلوبكم افتراء علي الله و مكرا مكرتم،


و الله خير الماكرين، فلا تدعونكم أنفسكم الي الجذل بما اصبتم من دمائنا، و نالت أيديكم من أموالنا، فان ما أصابنا من المصائب الجليلة، و الرزايا العظيمة في كتاب من قبل أن نبرأها، ان ذلك علي الله يسير، لكيلا تأسوا علي ما فاتكم و لا تفرحوا بما آتاكم، و الله لا يحب كل مختال فخور.

تبا لكم فانظروا اللعنة و العذاب، فكأن قد حل بكم و تواترت من السماء نقمات، فيسحتكم بعذاب و يذيق بعضكم بأس بعض ثم تخلدون في العذاب الأليم، يوم القيامة بما ظلمتمونا ألا لعنة الله علي الظالمين.

ويلكم. أتدرون أية يد طاعنتنا منكم. و أية نفس نزعت الي قتالنا أم بأية رجل مشيتم الينا، تبغون محاربتنا، قست قلوبكم و غلظت أكبادكم، و طبع الله علي أفئدتكم، و ختم علي سمعكم و بصركم و سول لكم الشيطان و أملي لكم، و جعل علي بصركم غشاوة فأنتم لا تهتدون.

تبا لكم يا أهل الكوفة، أي ترات لرسول الله قبلكم. و ذخول له لديكم. بما عندتم بأخيه علي بن أبي طالب جدي و بنيه و عترته الطيبين الأخيار، و افتخر بذلك مفتخركم.



نحن قتلنا عليا و بني علي

بسيوف هندية و رماح



و سبينا نساءهم سبي ترك

و نطحناهم فأي نطاح



بفيك ايها القائل الكثكث و الأثلب [2] افتخرت بقتل قوم زكاهم الله و طهرهم و أذهب عنهم الرجس فأكضم و أقع كما أقعي أبوك فانما لكل امري ء ما اكتسب. و ما قدمت يداه.

حسدتمونا ويلا لكم علي ما فضلنا الله تعالي، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء و الله ذو الفضل العظيم، و من لم يجعل الله له نورا فما له من نور.

فارتفعت الاصوات بالبكاء و النحيب و قالوا حسبك يا ابنة الطاهرين فقد حرقت قلوبنا و أنضجت نحورنا و أضرمت أجوافنا فسكتت.



پاورقي

[1] کانت فاطمة بنت الحسين عليه ‏السلام جليلة القدر عظيمة المنزلة و کانت لها المکانة العالية من الدين و قد شهد بذلک أبوها سيدالشهداء لما جاء اليه الحسن المثني يخطب احدي ابنتيه فقال عليه ‏السلام کما في اسعاف الراغبين بهامش نور الابصار ص 202: اني اختار لک فاطمة فهي أکثر شبها بأمي فاطمة بنت رسول الله (ص) أما في الدين فتقوم الليل کله و تصوم النهار و في الجمال تشبه الحور العين.

و في تهذيب التهذيب لابن‏حجر ج 12 ص 442 روت الحديث عن أبيها و اخيها زين‏العابدين و عمتها زينب و ابن‏عباس و أسماء بنت عميس و روي عنها أولادها عبدالله و ابراهيم و حسين و ام‏جعفر بنوالحسن المثني و روي عنها ابوالمقدام بوساطة امه و روي عنها زهير بن معاوية بوساطة امه و في خلاصة تذهيب الکمال ص 425 خرج أصحاب السنن أحاديثها منهم: الترمذي و ابوداود و النسائي في مسند علي و ابن‏ماجة القزويني و قال ابن‏حجر العسقلاني وقع ذکرها في کتاب الجنائز من صحيح البخاري و وثقها ابن‏حبان. و نص علي وفاتها في سنة 110 و اليافعي في مرآة الجنان ج 1 ص 234 و ابن‏العماد في شذرات ج 1 ص 139 و بناء علي ما يقوله ابن‏حجر في تهذيب التهذيب انها قاربت التسعين تکون ولادتها سنة 30 تقريبا و لها يوم الطف ما يقرب من ذلک و توفيت قبل اختها «سکينة» بسبع سنين و في کامل ابن‏الاثير ج 4 ص 35 و تاريخ الطبري ج 6 ص 267 کانت فاطمة اکبر من اختها سکينة و في کتاب «تحقيق النصرة الي معالم دار الهجرة» ص 18 تأليف أبي‏بکر بن الحسين بن عمر المراغي المتوفي سنة 816 من کرامات فاطمة بنت الحسين ان الوليد بن عبدالملک لما امر بادخال الحجرات في المسجد خرجت فاطمة بنت الحسين الي الحرة و بنت دارا لها و امرت بحفر بئر فظهر فيه جبل فقيل لها فتوضأت و رشت بفاضل وضوئها عليه فلم يتصعب عليهم فکان يتبرکون بمائه و يسمونه «زمزم» و في طبقات ابن‏سعد ج 8 ص 474 طبعة صادر. کانت فاطمة بنت الحسين (ع) تسبح بخيوط معقودة و في کتابنا «نقد التاريخ المخطوط» ناقشنا المؤرخين في تزويجها من العثماني، و ان محمد الديباج خلقته اقلام الزبيريين.

[2] في تاج العروس الاثلب بکسر الهمزة و اللام و فتحهما و الفتح اکثر الحجر و قيل دقاق الحجارة و قال شمر الاثلب بلغة الحجاز الحجارة و بلغة تميم التراب و هو دعاء! و في الحديث الولد للفراش و للعاهر الاثلب و فيه ص 640 الکثکث کجعفر و زبرج دقائق التراب و يقال التراب عامة يقال بفيه الکثکث اي التراب.