بازگشت

القاسم و اخوه


و خرج ابوبكر بن الحسن بن اميرالمؤمنين (ع) و هو عبدالله الاكبر و امه ام ولد [1] يقال لها رملة [2] فقاتل حتي قتل [3] .

و خرج من بعده اخوه لامه و أبيه القاسم [4] و هو غلام لم يبلغ الحلم فلما نظر اليه الحسين عليه السلام اعتنقه و بكي [5] ثم اذن له فبرز كأن وجهه شقة قمر [6] و بيده السيف و عليه قميص و ازار و في رجليه نعلان فمشي يضرب بسيفه فانقطع شسع نعله اليسري [7] و أنف ابن النبي الاعظم صلي الله عليه و آله و سلم أن يحتفي في الميدان فوقف يشد شسع نعله [8]



و هو لا يزن الحرب الا بمثله غير


مكترث بالجمع و لا مبال بالالوف.



اهوي يشد حذاءه

و الحرب مشرعة لأجله



ليسومها ما ان غلت

هيجاؤها بشراك نعله



متقلدا صمصامه

متفيئا بظلال نصله



لا تعجبن لفعله

فالفرع مرتهن بأصله



السحب يخلفها الحيا

و الليث منظور بشبله [9]



و بينا هو علي هذا اذ شد عليه عمرو بن سعد بن نفيل الازدي فقال له حميد ابن مسلم: و ما تريد من هذا الغلام؟ يكفيك هؤلاء الذين تراهم احتوشوه! فقال: و الله لأشدن عليه فما ولي حتي ضرب رأسه بالسيف فوقع الغلام لوجهه فقال يا عماه فأتاه الحسين كالليث الغضبان فضرب عمرا بالسيف فاتقاه بالساعد فأطنها [10] من المرفق، فصاح صيحة عظيمة سمعها العسكر فحملت خيل ابن سعد لتستنقذه فاستقبلته بصدرها و وطأته بحوافرها فمات.

و انجلت الغبرة و اذا الحسين قائم علي رأس الغلام و هو يفحص برجليه! و الحسين يقول: بعدا لقوم قتلوك خصمهم يوم القيامة جدك.

ثم قال: عز و الله علي عمك أن تدعوه يجيبك او يجيبك ثم لا ينفعك صوت و الله كثر واتره و قل ناصره، ثم احتمله و كان صدره علي صدر الحسين (ع) و رجلاه يخطان في الارض فألقاه مع علي الاكبر و قتلي حوله من أهل بيته [11] و رفع طرفه الي السماء و قال: اللهم احصهم عددا و لا تغادر منهم أحدا و لا تغفر لهم ابدا! صبرا يا بني عمومتي صبرا يا أهل بيني، لا رأيتم هوانا بعد هذا اليوم أبدا [12] .



ناهيك بالقاسم بن المجتبي حسن

مزاول الحرب لم يعبأ بما فيها



كأن بيض مواضيها تكلمه

غيد تغازله منها غوانيها



كأن سمر عواليها كؤوس طلا

تزفها راح ساقيها لحاسيها






لو كان يحذر بأسا أو يخاف وغي

ما انصاع يصلح نعلا و هو صاليها



امامه من اعاديه رمال ثري

من فوق أسفلها ينهال عاليها



ما عممت بارقاب البيض هامته

فاحمر بالأبيض الهندي هاميها



الا غداة رأته و هو في سنة

عن الكفاح غفول النفس ساهيها



و تلك غفوة ليث غير مكترث

ما ناله السيف الا و هو غافيها



فخر يدعو، فلبي السبط دعوته

فكان ما كان منه عند داعيها



فقل به الأشهب البازي بين قطا

قد لف أولها فتكا بتاليها



جني ولكن رؤوس الشوس يانعة

و ما سوي سيفه البتار جانيها



حتي اذا غص بالبتار أرحبها

و فاض من علق البتار واديها



تقشعت ظلمات الخيل ناكصة

فرسانها عنه و انجابت غواشيها



و اذ به حاضن في صدره قمرا

يزين طلعته الغراء داميها



وافي به حاملا نحو المخيم و الآ

ماق في وجهه حمر مجانيها



تخط رجلاه في لوح الثري صحفا

الدمع منقطها و القلب تاليها



آه علي ذلك البدر المنير محا

بالخسف غرته الغراء ماحيها




پاورقي

[1] تاريخ الطبري ج 6 ص 269 و مقاتل ابي‏الفرج ص 34.

[2] في الحدائق الوردية امه و ام‏القاسم رملة و في تذکرة الخواص ص 103 عن طبقات ابن‏سعد نفيلة ام‏القاسم و ابي‏بکر و عبدالله، و في مقاتل ابي‏الفرج ام ولد لا تعرف، و في نسب قريش ص 50 لمصعب الزبيري القاسم و ابوبکر قتلا بالطف و لا عقب لهما.

[3] في اعلام الوري للطبرسي ص 127 و المجدي في النسب لأبي‏الحسن العمري و اسعاف الراغبين علي هامش نور الأبصار ص 202 انه تزوج من سکينة بنت الحسين (ع) و في المترادفات للمدائني ص 64 في المجموعة الأولي نوادر المخطوطات کان عبدالله بن الحسن ابا عذرها و في تاج العروس ج 4 ص 387 يقال لله ابا عذرها اذا افترعها و افتضها.

[4] کل ما يذکر في عرس القاسم غير صحيح لعدم بلوغه سن الزواج و لم يرد به نص صحيح من المؤرخين. و الشيخ فخرالدين الطريحي عظيم‏القدر جليل في العلم، فلا يمکن لاحد ان يتصور في حقه هذه الخرافة، فثبوتها في کتابه «المنتخب» مدسوسة في الکتاب و سيحاکم الطريحي واضعها في کتابه! و ما أدري من اين اثبت عرسه فضيلة السيد علي محمد اللکنهوي الملقب تاج العلماء فکتب رسالة في عرسه سماها «القاسمية» کما جاء في الذريعة للطهراني ج 17 ص 4 رقم 19.

[5] مقتل الخوارزمي ج 2 ص 27 و ذکر الخوارزمي ان الحسين (ع) أبي أن يأذن له، فما زال الغلام يقبل يديه و رجليه حتي اذن له. أقول: هذا الخبر ينافيه، ما تقدم من اخبار الحسين ليلة عاشوراء أصحابه و اهل بيته بقتلهم جميعا حتي القاسم و الرضيع و هذا الحديث کحديث عرس القاسم لا صحة له.

[6] تاريخ الطبري ج 6 ص 256 و مقاتل ابي‏الفرج و الارشاد و اعلام الوري ص 146 و مقتل الخوارزمي ج 2 ص 27.

[7] تاريخ الطبري ج 6 ص 256 و مقاتل ابي‏الفرج و مقتل الخوارزمي ج 2 ص 27 و في الارشاد و اعلام الوري. شسع احدهما.

[8] ذخيرة الدارين ص 152 و ابصار العين ص 37 اقول لا غرو من ابن المصطفي اذ انف ان يحتفي في الميدان فهذا ابوالفرج يحدث في الاغاني ج 11 ص 144 ان جعفر بن علية بن ربيعة بن عبديغوث من بني‏الحارث بن کعب لما جي‏ء به ليقاد منه فبينا هو يمشي اذ انقطع شسع نعله فوقف يصلحه فقال له رجل الا يشغلک ما انت فيه عن هذا فقال جعفر



اشد قبال نعلي ان يراني

عدوي للحوادث مستکينا

[9] للعلامة السيد مير علي أبوطبيخ رحمه الله.

[10] في الصحاح ضربه فأطن ساقه اي قطعها يراد بذلک صوت القطع.

[11] تاريخ الطبري ج 6 ص 257 و البداية لابن‏کثير ج 8 ص 186 و الارشاد.

[12] مقتل الخوارزمي ج 2 ص 28.