بازگشت

ابن زياد مع الحسين


و بعث الحر الي ابن زياد يخبره بنزول الحسين في كربلاء فكتب ابن زياد الي الحسين: أما بعد يا حسين فقد بلغني نزولك كربلاء و قد كتب الي أميرالمؤمنين يزيد أن لا أتوسد الوثير و لا أشبع من الخمير او ألحقك بالطيف الخبير أو تنزل علي حكمي و حكم يزيد و السلام.

و لما قرأ الحسين الكتاب رماه من يده و قال: لا أفلح قوم اشتروا مرضاة المخلوق بسخط الخالق! و طالبه الرسول بالجواب فقال: ما له عندي جواب لأنه حقت عليه كلمة العذاب!



و سامته يركب احدي اثنتين

و قد صرت الحرب اسنانها






فاما يري مذعنا أو تموت

نفس أبي العز اذعانها



فقال لها اعتصمي بالابا

فنفس الابي و ما زانها



اذا لم تجد غير لبس الهوان

فبالموت تنزع جثمانها



يري القتل صبرا شعار الكرام

و فخرا يزين لها شأنها



فشمر للحرب عن معرك

به عرك الموت فرسانها



و أضرمها لعنان السماء

حمراء تلفح نيرانها



ركين و للارض تحت الكماة

رجيف يزلزل ثهلانها [1]



و أخبر الرسول ابن زياد بما قاله أبوعبدالله (ع) فاشتد غضبه [2] و أمر عمر ابن سعد بالخروج الي كربلاء و كان معسكرا (بحمام أعين) في أربعة آلاف ليسير بهم الي «دستبي» لأن الديلم قد غلبوا عليها [3] و كتب له ابن زياد عهدا بولاية الري و ثغر دستبي و الديلم [4] فاستعفاه ابن سعد و لما استرد منه العهد استمهله ليلته و جمع عمر بن سعد نصحاءه فنهوه عن المسير لحرب الحسين و قال له ابن اخته حمزة بن المغيرة بن شعبة: أنشدك الله ان لا تسير لحرب الحسين فتقطع رحمك و تأثم بربك فو الله لئن تخرج من دنياك و مالك و سلطان الارض كله لو كان لك لكان خيرا لك من ان تلقي الله بدم الحسين [5] .فقال ابن سعد: أفعل ان شاء الله و بات ليلته مفكرا في امره و سمع يقول:



أأترك ملك الري و الري رغبتي

أم ارجع مذموما بقتل حسين



و في قتله النار التي ليس دونها

حجاب و ملك الري قرة عيني [6]




و عند الصباح أتي ابن زياد و قال: انك وليتني هذا العمل و سمع به الناس فأنفذني له و ابعث الي الحسين من لست أغني في الحرب منه، و سمي له اناسا من اشراف الكوفة.

فقال ابن زياد: لست استأمرك فيمن أريد ان أبعث، فان سرت بجندنا و الا فابعث الينا عهدنا، فلما رآه ملحا قال: اني سائر [7] فأقبل في أربعة آلاف و انضم اليه الحر فيمن معه و دعا عمر بن سعد عزرة بن قيس الاحمسي و أمره أن يلقي الحسين و يسأله عما جاء به فاستحيا عزرة لأنه ممن كاتبه فسأل من معه من الرؤساء أن يلقوه فأبوا لأنهم كاتبوه.

فقام كثير بن عبدالله الشعبي و كان جريئا فاتكأ و قال: أنا له و ان شئت ان أفتك به لفعلت قال: لا ولكن سله ما الذي جاء به، فأقبل كثير و عرفه أبوثمامة الصائدي فقام في وجهه و قال: ضع سيفك و ادخل علي الحسين، فأبي و استأبي ثم انصرف.

فدعا عمر بن سعد قرة بن قيس الحنظلي ليسأل الحسين، و لما أبلغه رسالة ابن سعد قال أبوعبدالله ان اهل مصركم كتبوا الي أن أقدم علينا فأما اذا كرهتموني انصرفت عنكم.

فرجع بذلك الي ابن سعد و كتب الي ابن زياد بما يقول الحسين فأتاه جوابه: أما بعد فاعرض علي الحسين و أصحابه البيعة ليزيد، فان فعل رأينا رأينا [8] .


پاورقي

[1] للسيد حيدر الحلي رحمه الله.

[2] البحار ج 10 ص 189، و مقتل العوالم ص 76.

[3] في تجريد الاغاني ج 1 قسم اول ص 277 لابن‏واصل الحموي المتوفي سنة 697 ه في أول اخبار حنين قال: عرف هذا الحمام بأعين حاجب بشر بن مروان بن الحکم. و في معجم البلدان ج 3 ص 334 مادة حمام أعين بالکوفة منسوب الي اعين مولي سعد بن ابي‏وقاص.

[4] الطبري ج 6 ص 232.

[5] الاخبار الطوال ص 251، و في معجم البلدان ج 4 ص 58 دستبي بفتح أوله و سکون ثانية و فتح التاء المثناة من فوق و الباء الموحدة المقصورة کورة کيبرة بين همدان و الري فقسم يقال له دستبي الرازي و قسم دستبي همدان و بسعي ابي‏مالک حنظلة بن خالد التميمي اضيفت الي قزوين.

[6] في أحسن التقاسيم للمقدسي ص 385 قال: و هذه المدينة أهلکت عمر بن سعد الشقي حتي قتل الحسين بن عامر ثم اختارها مع النار حيث يقول أخزاه الله و ذکر البيتين کما هنا الا قوله «و الري رغبتي».

[7] ابن‏الاثير ج 4 ص 22 - أقول جاء في المثل من عافاک اغناک يتحدث ابن‏الجوزي في صفوة الصفوة ج 3 ص 161 ان رجلا بالبصرة من قواد ابن‏زياد سقط من السطح فتکسرت رجلاه فعاده ابوقلابة و قال ارجو ان يکون هذا خيرا لک فتحقق قوله حين حمله ابن‏زياد علي الخروج الي حرب الحسين (ع) فقال للرسول: انظر ما انا فيه و بعد سبعة أيام أتاه الخبر بقتل الحسين (ع) فحمد الله علي العافية.

[8] الطبري ج 6 ص 233 و 234.