بازگشت

زرود


و لما نزل الحسين في زرود [1] نزل بالقرب منه زهير بن القين البجلي [2] و كان غير مشايع له و يكره النزول معه لكن الماء جمعهم في المكان و بينا زهير و جماعته علي طعام صنع لهم اذ اقبل رسول الحسين يدعو زهيرا الي سيده أبي عبدالله (ع) فتوقف زهير عن الاجابة غير أن امرأته «دلهم بنت عمرو» حثته علي المسير اليه و سماع كلامه [3] .

فمشي زهير الي الحسين و ما أسرع أن عاد الي أصحابه فرحا قد أسفر وجهه و أمر بفسطاطه و ثقله فحول الي جهة سيد شباب أهل الجنة و قال لامرأته: الحقي بأهلك فاني لا احب أن يصيبك بسببي الا خير ثم قال لمن معه: من أحب منكم نصرة ابن الرسول (ص) و الا فهو آخر العهد.

ثم حدثهم بما أوعز به سلمان الفارسي من هذه الواقعة فقال: غزونا بلنجر [4] ففتحنا و اصبنا الغنائم و فرحنا بذلك و لما رأي سلمان الفارسي [5] ما نحن فيه من السرور قال اذا أدركتم سيد شباب آل محمد صلي الله عليه و آله فكونوا


أشد فرحا بقتالكم معه بما اصبتم من الغنائم فأما انا فاستودعكم الله [6] .

فقالت زوجته: خار الله لك و أسالك ان تذكرني يوم القيامة عند جد الحسين عليه السلام [7] .

و في زرود اخبر بقتل مسلم بن عقيل و هاني بن عروة فاسترجع كثيرا و ترحم عليهما مرارا [8] و بكي، و بكي معه الهاشميون و كثر صراخ النساء حتي ارتج الموضع لقتل مسلم بن عقيل و سالت الدموع كل مسيل [9] .

فقال له عبدالله بن سليم و المنذر بن المشعل الاسديان ننشدك الله يا ابن رسول الله الا انصرفت من مكانك هذا فانه ليس لك بالكوفة ناصر.

فقام آل عقيل و قالوا لا نبرح حتي ندرك ثارنا او نذوق ما ذاق اخونا فنظر اليهم الحسين و قال لا خير في العيش بعد هؤلاء [10] .



فيا ابن عقيل فدتك النفو

س لعظم رزيتك الفادحة



لنبك لها بمذاب القلو

ب فما قدر ادمعنا المالحة



و كم طفلة لك قد اعولت

و جمرتها في الحشا قادحة



يعززها السبط في حجره

لتغدو في قربه فار [11]



تقول مضي عم مني ابي

فمن ليتيمته النائحة [12]



ثكول تبيت بليل اللسيع

تعج و عن دارها نازحة



و كم من كمي بأحشائه

تركت زناد الاسي قادحة






دريت ابن عمك يوم الطفو

ف تعاك باسرته الناصحة



تحف به منهم فتيه

صباح و احسابهم واضحة



بكاك بماضي الشبا و الوغي

وجوه المنايا بها كالحة



اقام بضرب الطلي مأتما

عليك و بيض الظبي نائحة



و نادي عشيرتك الاقربين

خذي الثأر يا اسرة الفاتحة



و خاض بهم في غمار الحتو

ف ولكنها بالظبي طائحة



و قال لها يا نزار النزال

فحربك في جدها مازحة [13]




پاورقي

[1] في المعجم مما استعجم ج 2 ص 696 بفتح اوله و بالدال المهملة في آخره و في معجم البلدان ج 4 ص 327 انها رمال بين الثعلبية و الخزيمية بطريق الحاج من الکوفة و هي دون الخزيمية بميل و فيها برکة و حوض و فيها وقعة يقال لها يوم زرود.

[2] و في جمهرة أنساب العرب لابن‏حزم ص 365 عند ذکر قبائل بجيلة قال: زهير بن القين بن الحارث ابن عامر بن سعد بن مالک بن زهير بن عمرو بن يشکر بن علي بن مالک بن سعد بن تزين بن قسر بن عبقر بن أنمار بن أراش بن عمرو بن الغوث بن نبت بن مالک بن زيد بن کهلان بن سبأ. و في ص 310 قال: سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.

[3] اللهوف ص 40.

[4] في معجم البلدان و المعجم مما استعجم بالباء و اللام المفتوحتين و النون الساکنة و الجيم الفتوحة و الراء المهملة مدينة الخزر عند باب الابواب فتحت سنة 33 علي يد سلمان بن ربيعة الباهلي و لم اجد فيهما و لا في غيرهما مدينة اخري تسمي «بلنجر» الا أن ابن‏حجر في الاصابة ج 3 ص 274 فسم 3 ترجمة قيس بن فروة بن زرارة بن الارقم قال شهد فتوح العراق و استشهد في بلنجر من ارض العراق ثم ذکر ضبطها کما تقدم قال و کان امير الواقعة سلمان بن ربيعة.

[5] نص عليه الشيخ المفيد في الارشاد و الفتال في روضة الواعظين ص 153 و ابن‏نما في مثير الاحزان ص 23 و الخوارزمي في المقتل ج 1 ص 225 فصل 11 و ابن‏الاثير في الکامل ج 4 ص 17 و البکري في المعجم مما استعجم ج 1 ص 376 و يؤيده ما في تاريخ الطبري ج 5 ص 77 و ابن‏الاثير في الکامل ج 3 ص 50 من وجود سلمان الفارسي في هذه الغزوة.

[6] تاريخ الطبري ج 6 ص 224 و مقتل الخوارزمي الجزء الاول ص 222.

[7] مثير الاحزان لابن‏نما ص 23 و اللهوف ص 40 و ورد في تاريخ الطبري ج 6 ص 224 طبعة أولي: ان زهيرا قال لزوجته أنت طالق الحقي بأهلک، فاني لا احب أن يلحقک بسببي الا خيرا ه. و لا اعرف الغاية المقصودة له من هذا الطلاق؟ هل اراد طردها من الميراث أو انه اباح لها التزويج بعد انتهاء ثلاثة أشهر أو انه لا يرغب في ان تکون زوجة له في الآخرة؟ کما طلق اميرالمؤمنين (ع) بعض نساء النبي (ص) و طلق الامام الرضا (ع) ام‏فروة: زوجة الکاظم (ع) مع ان هذه الحرة لها فضل عليه بارشاده الي طريق السعادة بالشهادة، و الذي يهون الامر أن مصدر الحديث (السدي).

[8] تاريخ الطبري ج 6 ص 995 و في البداية لابن‏کثير ج 8 ص 168 استرجع مرارا.

[9] اللهوف ص 41 و لم أقف علي مصدر وثيق ينص علي أن الحسين اخذ بنت مسلم المسماة حميدة و مسح علي رأسها فأحست بالشر الخ.

[10] کامل ابن‏الاثير جزء 4 صفحة 17 و سير اعلام النبلاء للذهبي ج 3 ص 208.

[11] من أبيات للشيخ قاسم الملا الحلي ذکرت في کتاب الشهيد مسلم ص 210.

[12] تاريخ الطبري ج 6 ص 224 و مقتل الخوارزمي الجزء الاول ص 222.

[13] للشيخ محمد رضا الخزاعي (راجع کتابنا الشهيد مسلم).