بازگشت

مسلم في بيت طوعة


و انتهي بابن عقيل السير الي دور بني جبلة من كندة و وقف علي باب امرأة يقال لها طوعة ام ولد كانت للاشعث بن قيس اعتقها و تزوجها اسيد الحضرمي فولدت له بلالا كان مع الناس و امه واقفة علي الباب تنتظره فاستسقاها مسلم فسقته و استضافها فأضافته بعد ان عرفها انه ليس له في المصر اهل و لا عشيرة و انه من اهل بيت لهم الشفاعة يوم الحساب و هو مسلم بن عقيل فأدخلته بيتا غير الذي يأوي اليه ابنها و عرضت عليه الطعام فأبي و انكر ابنها كثرة الدخول و الخروج لذلك البيت فاستخبرها فلم تخبره الا بعد ان حلف لها كتمان الامر.

و عند الصباح اعلم ابن زياد بمكان مسلم فأرسل ابن الأشعث في سبعين من قيس ليقبض عليه، و لما سمع مسلم وقع حوافر الخيل عرف انه قد اتي [1] فعجل دعاءه الذي كان مشغولا به بعد صلاة الصبح ثم لبس لامته و قال لطوعة: قد أديت ما عليك من البر و اخذت نصيبك من شفاعة رسول الله و لقد رأيت البارحة عمي اميرالمؤمنين في المنام و هو يقول لي: انت معي غدا [2] .


و خرج اليهم مصلتا سيفه و قد اقتحموا عليه الدار فأخرجهم منها ثم عادوا اليه و اخرجهم و هو يقول:



هو الموت فاصنع ويك ما انت صانع

فأنت بكأس الموت لا شك جارع



فصبرا لأمر الله جل جلاله

فحكم قضاء الله في الخلق ذايع



فقتل منهم واحدا و اربعين رجلا [3] و كان من قوته يأخذ الرجل بيده و يرمي به فوق البيت [4] .

و انفذ ابن الاشعث الي ابن زياد يستمده الرجال فبعث اليه اللائمة فأرسل اليه: اتظن انك ارسلتني الي بقال من بقالي الكوفة او جرمقاني من جرامقة الحيرة [5] و انما ارسلتني الي سيف من أسياف محمد بن عبدالله فمده بالعسكر [6] .

و اشتد القتال فاختلف مسلم و بكير بن حمران الاحمري بضربتين ضرب بكير فم مسلم فقطع شفته العليا و أسرع السيف الي السفلي و نصلت لها ثنيتان و ضربه مسلم علي رأسه ضربة منكرة و اخري علي حبل العاتق حتي كادت ان تطلع الي جوفه فمات [7] .

ثم اشرفوا عليه من فوق ظهر البيت يرمونه بالحجارة و يلهبون النار في اطنان القصب [8] و يلقونها عليه، فشد عليهم يقاتلهم في السكة و هو يرتجز بأبيات حمران بن مالك:



اقسمت لا اقتل الا حرا

و ان رايت الموت شيئا نكرا



كل امري ء يوما ملاق شرا

و يخلط البارد سخنا مرا






رد شعاع النفس فاستقرا

اخاف ان اكذب أو اغرا [9]



و اثخنته الجراحات و اعياه نزف الدم فاستند الي جنب تلك الدار فتحاملوا عليه يرمونه بالسهام و الحجارة فقال مالكم ترموني بالحجارة كما ترمي الكفار و انا من اهل بيت الانبياء الأبرار ألا ترعون حق رسول الله في عترته؟

فقال له: ابن الاشعث لا تقتل نفسك و انت في ذمتي قال مسلم: أ أوسر و بي طاقة؟ لا و الله لا يكون ذلك ابدا، و حمل علي ابن الاشعث فهرب منه ثم حملوا عليه من كل جانب و قد اشتد به العطش، فطعنه رجل من خلفه فسقط الي الارض و اسر [10] .و قيل انهم عملوا له حفيرة و ستروها بالتراب ثم انكشفوا بين يديه حتي اذا حتي فيها أسروه [11] .

و لما انتزعوه سيفه دمعت عينه فتعجب عمرو بن عبيدالله السلمي من بكائه.


پاورقي

[1] المقاتل لابي‏الفرج و تاريخ الطبري ج 6 ص 210 و مقتل الخوارزمي ج 1 ص 208 فصل 10.

[2] نفس المهموم ص 56.

[3] مناقب ابن ‏شهراشوب ج 2 ص 212.

[4] نفس المهموم ص 57.

[5] في الصحاح الجرامقة قوم من العجم صاروا الي الموصل و زاد في القاموس اوائل الاسلام و الواحد جرمقاني، و في تاج العروس انه کالاسم الخاص و في اللسان جرامقة الشام انباطها واحدهم جرمقاني بضم الميم و الجيم بينهما راء و في جمهرة ابن‏دريد ج 3 ص 324 و جرمق غير عربي و الجرامق جيل من الناس.

[6] المنتخب ص 299 الليلة العاشرة.

[7] مقتل الخوارزمي ج 1 ص 210 فصل 10.

[8] في الصحاح و القاموس الطن بالضم حزمة القصب و القصبة الواحدة من الحزمة طنة.

[9] هذه الابيات ذکرها ابن‏طاووس في اللهوف ص 30 صيدا و ابن‏نما في مثير الاحزان بدون الشطر الخامس و سماه يوم (القرم) و ذکرها الخوارزمي في المقتل ج 1 ص 209 فصل 10 بزيادة شطرين و لم ينسبها و ذکر ابن ‏شهراشوب في المناقب ج 2 ص 212 ايران طبع اول ستة اشطر.



و هذا اليوم لم يذکره المؤلفون في أيام العرب الجاهلية، نعم في معجم البلدان ج 7 ص 64 و المعجم مما استعجم للبکري ج 3 ص 1062 و تاج العروس ج 9 ص 310 (قرن) اسم جبل کانت فيه واقعة علي بني‏عامر و في نهاية الارب للقلقشندي ص 321 بنو قرن بطن من مراد و منهم اويس القرني و کله لا يرشدنا الي شي‏ء صحيح، نعم ذکر محمد بن حبيب النسابة في رسالة المغتالين ص 243 المدرجة في المجموعة السابعة من نوادر المخطوطات تحقيق عبدالسلام هارون ان خثعما قتلت الصميل اخا ذي‏الجوشن الکلابي فغزاهم ذوالجوشن و سانده عيينة بن حصن علي ان يکون له المغنم و لقوا خثعما (بالفزر) و هو جبل فقتلا و اثخنا و غنما قوتل بالجبل حمران بن مالک بن عبدالملک الخثعمي فأمره ان يستأسر فأنشا يقول:



اقسمت لا اقتل الا حرا

اني رأيت الموت شيئا نکرا



اکره ان اخدع او اغرا

ثم قتل ورثته اخته فقالت:



ويل حمران اخا مظنه

اوفي علي الخير و لم بمنه‏



و الطاعن النجلاء مرثعنه

عاندها مثل و کيف الشنه

[10] مناقب ابن ‏شهراشوب ج 2 ص 212 و مقتل الخوارزمي ج 1 ص 209 و 210.

[11] المنتخب للطريحي ص 299 المطبعة الحيدرية في النجف عند ذکر الليلة العاشرة.