بازگشت

نهضة مسلم


و لما بلغ مسلما خبر هاني خاف أن يؤخذ غيلة فتعجل الخروج قبل الأجل الذي بينه و بين الناس و أمر عبدالله بن حازم أن ينادي في أصحابه و قد ملأ بهم


الدور حوله فاجتمع اليه أربعة آلاف ينادون بشعار المسلمين يوم بدر: «يا منصور أمت».

ثم عقد لعبيدالله بن عمرو بن عزيز الكندي علي ربع كندة و ربيعة و قال سر أمامي علي الخيل و عقد لمسلم بن عوسجة الأسدي علي ربع مذحج و أسد و قال: انزل في الرجال و عقد لأبي ثمامة الصائدي علي ربع تميم و همدان و عقد للعباس بن جعدة الجدلي علي ربع المدينة.

و أقبلوا نحو القصر فتحرز ابن زياد فيه و غلق الأبواب و لم يستطع المقاومة لانه لم يكن معه الا ثلاثون رجلا من الشرطة و عشرون رجلا من الأشراف و مواليه، لكن نفاق الكوفة و ما جبلوا عليه من الغدر لم يدع لهم «علما» يخفق فلم يبق من الأربعة آلاف الا ثلثمائة [1] .

و قد وصفهم الأحنف بن قيس بالمومسة تريد كل يوم بعلا [2] .

و لما صاح من في القصر يا أهل الكوفة اتقوا الله و لا توردوا علي انفسكم خيول الشام فقد ذقتموهم و جربتموهم فتفرق هؤلاء الثلثمائة حتي ان الرجل يأتي ابنه و أخاه و ابن عمه فيقول له انصرف و المرأة تأتي زوجها فتتعلق به حتي يرجع [3] .

فصلي مسلم عليه السلام العشاء بالمسجد و معه ثلاثون رجلا ثم انصرف نحو كندة [4] و معه ثلاثة و لم يمض الا قليلا و اذا لم يشاهد من يدله علي الطريق [5] فنزل عن فرسه و مشي متلددا في أزقة الكوفة لا يدري الي أين يتوجه [6] .

و لما تفرق عن مسلم و سكن لغطهم و لم يسمع ابن زياد اصوات


الرجال أمر من معه في القصر أن يشرفوا علي ظلال المسجد لينظروا هل كمنوا فيها فكانوا يدلون القناديل و يشعلون النار في القصب و يدلونها بالحبال الي أن تصل الي صحن الجامع فلم يروا احدا فأعلموا ابن زياد و امر مناديه ان ينادي في الناس ليجتمعوا في المسجد و لما امتلأ المسجد بهم رقي المنبر و قال: ان ابن عقيل قد أتي ما قد علمتم من الخلاف و الشقاق فبرأت الذمة من رجل وجدناه في داره و من جاء به فله ديته فاتقوا الله عباد الله و الزموا طاعتكم و بيعتكم و لا تجعلوا علي انفسكم سبيلا.

ثم امر صاحب شرطته الحصين بن تميم ان يفتش الدور و السكك و حذره بالفتك به ان افلت مسلم و خرج من الكوفة [7] .فوضع الحصين الحرس علي افواه السكك و تتبع الاشراف الناهضين مع مسلم فقبض علي عبدالاعلي بن يزيد الكلبي و عمارة بن صلخب الازدي فحبسهما ثم قتلهما و حبس جماعة من الوجوه استيحاشا منهم و فيهم الأصبغ بن نباته و الحارث الأعور الهمداني [8] .


پاورقي

[1] تاريخ الطبري ج 6 ص 207.

[2] أنساب الأشراف ج 5 ص 338 و في الأغاني ج 17 ص 162 وصفهم بذلک ابراهيم بن الأشتر لمصعب لما اراد ان يمده بأهل العراق.

[3] تاريخ الطبري ج 6 ص 208.

[4] الاخبار الطوال ص 240.

[5] شرح مقامات الحريري للشريشي ج 1 ص 192 آخر المقامة العاشرة.

[6] اللهوف ص 29.

[7] تاريخ الطبري ج 6 ص 209 و 210.

[8] في طبقات ابن‏سعد ج 6 ص 169 طبعة صادر، کانت وفاة الحارث الاعور بالکوفة: أيام الخلافة عبدالله بن الزبير و عامله عليها عبدالله بن يزيد الأنصاري الخطمي فصلي علي جنازة الحارث بوصية منه.