بازگشت

موقف هاني


و لما وضح الأمر لابن زياد و عرف ان مسلما مختبي ء في دار هاني بن عروة دعا أسماء بن خارجة و محمد بن الاشعث و عمرو بن الحجاج و سألهم عن انقطاع هاني عنه قالوا: الشكوي تمنعه، فلم يقتنع ابن زياد بعد أن اخبرته العيون بجلوسه علي باب داره كل عشية، فركب هؤلاء الجماعة اليه و سألوه المسير الي السلطان فان الجفاء لا يحتمله و ألحوا عليه فركب بغلته و لما طلع عليه قال ابن زياد: «أتتك بخائن رجلاه» [1] و التفت الي شريح القاضي و قال [2] :



أريد حباءه و يريد قتلي

عذيرك من خليلك من مراد




ثم التفت الي هاني و قال: أتيت بابن عقيل الي دارك و جمعت له السلاح فأنكر عليه هاني و اذ كثر الجدال دعا ابن زياد معقلا، ففهم هاني أن الخبر أتاه من جهته فقال لابن زياد: ان لابيك عندي بلاء حسنا و أنا احب مكافاته فهل لك في خير تمضي أنت و أهل بيتك الي الشام سالمين بأموالكم فانه جاء من هو احق بالامر منك و من صاحبك [3] فقال ابن زياد «و تحت الرغوة اللبن الصريح» [4] .

فقال ابن زياد: و الله لا تفارقني حتي تأتيني به قال: و الله لو كان تحت قدمي ما رفعتهما عنه، فأغلظ له ابن زياد و هدده بالقتل فقال هاني اذا تكثر البارقة حولك و هو يظن ان «مرادا» تمنعه فأخذ ابن زياد بظفيرتيه و قنع وجهه بالسيف حتي كسر أنفه و نثر لحم خديه و جبينه علي لحيته و حبسه عنده [5] .

و بلغ عمرو بن الحجاج أن هانيا قتل و كانت اخته روعة تحت هاني و هي ام يحيي بن هاني فأقبل في جمع من مذحج و احاط بالقصر فلما علم به ابن زياد امر شريح القاضي [6] أن يدخل علي هاني و يعلمهم بحياته، قال شريح لما رآني هاني صاح بصوت رفيع: يا للمسلمين ان دخل علي عشرة انقذوني فلو لم يكن معي حميد بن أبي بكر الاحمري و هو شرطي لأبلغت أصحابه مقالته ولكن قلت انه حي فحمد الله عمرو بن الحجاج و انصرف بقومه [7] .


پاورقي

[1] في مجمع الأمثال للميداني ج 1 ص 19 قاله الحارث بن جبلة الغساني لما ظفر بالحرث بن عفيف العبدي حين هجاه.

[2] في الاصابة ج 2 ص 274 بترجمة قيس بن المکشوح ان البيت لعمرو بن معد يکرب من أبيات قالها في ابن اخته و کانا متباعدين و في الأغاني ج 14 ص 32: ان اميرالمؤمنين (ع) تمثل به لما دخل عليه ابن‏ملجم المرادي يبايعه. و في تاريخ اليعقوبي ج 3 ص 97 المطبعة الحيدرية بالنجف أن أباالعباس السفاح بلغه تحرک محمد بن عبدالله بالمدينة فکتب الي أبيه عبدالله بذلک و کتب في الکتاب.



أريد حباءه و يريد قتلي

عذيرک من خليلک من مراد



فکتب اليه عبدالله:



و کيف يريد ذاک و أنت منه

بمنزلة النياط من الفؤاد



و کيف يريد ذاک و أنت منه

و زندک حين يقدح من زنادي‏



و کيف يريد ذاک و أنت منه

و أنت لهاشم رأس و هاد

[3] مروج الذهب ج 2 ص 88.

[4] المستقصي للزمخشري ج 1 ص 15 حيدرآباد.

[5] مثير الاحزان لابن‏نما.

[6] ذکر خليفة بن عمرو في کتاب الطبقات ج 1 ص 330 رقم 1037 أنه من (الابناء) الذين باليمن و عداده في کندة مات سة 76 ه و في التعليق علي الطبقات لسهيل زکار ص 16 ج 1 قال: «الابناء هم ولد الفرس الذين اتوا مع سيف بن ذي يزن لمساعدته علي طرد الاحباش و الابناء في اليمن يشکلون طبقة خاصة فان آباءهم فرس و امهاتهم عربيات».

[7] الطبري ج 6 ص 206 و عند ابن‏نما و ابن‏طاووس اسمها رويحة بنت عمرو بن الحجاج.