بازگشت

دخول الكوفة


و لخمس خلون من شوال دخل الكوفة [1] فنزل دار المختار بن أبي عبيد الثقفي [2] و كان شريفا في قومه كريما عالي الهمة مقداما مجربا قوي النفس شديدا علي اعداء أهل البيت عليهم السلام له عقل وافر و رأي مصيب خصوصا بقواعد الحرب و الغلبة علي العدو كأنه مارس التجارب فحنكته، أو لابس الخطوب فهذبته، انقطع الي آل الرسول الاقدس فاستفاد منهم أدبا جما و اخلاقا فاضلة و ناصح لهم في السر و العلانية.

البيعة

و وافت الشيعة مسلما في دار المختار بالترحيب و أظهروا له من الطاعة و الانقياد ما زاد في سروره و ابتهاجه فعندما قرأ عليهم كتاب الحسين قام عابس ابن شبيب الشاكري و قال: اني لا اخبرك عن الناس و لا أعلم ما في نفوسهم و لا أغرك بهم و الله اني احدثك عما أنا موطن عليه نفسي و الله لأجيبنكم اذا دعوتم و لا قاتلن معكم عدوكم و لأضربن بسيفي دونكم حتي ألقي الله لا اريد بذلك الا ما عند الله.

و قال حبيب بن مظاهر: قد قضيت ما في نفسك بواجز من قولك و أنا و الله الذي لا اله الا هو علي مثل ما أنت عليه.

و قال سعيد بن عبدالله الحنفي مثل قولهما [3] .


و أقبلت الشيعة يبايعونه حتي احصي ديوانه ثمانية عشر الفا [4] و قيل بلغ خمسا و عشرين الفا [5] و في حديث الشعبي بلغ من بايعه أربعين الفا [6] فكتب مسلم الي الحسين مع عابس بن شبيب الشاكري يخبره باجتماع أهل الكوفة علي طاعته وانتظارهم لقدومه و فيه يقول: الرائد لا يكذب أهله و قد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر الفا فعجل الاقبال حين يأتيك كتابي [7] .

و كان ذلك قبل مقتل مسلم بسبع و عشرين ليلة [8] و انظم اليه كتاب اهل الكوفة و فيه: عجل القدوم يا ابن رسول الله فان لك بالكوفة مائة الف سيف فلا تتأخر [9] .

فساء هذا جماعة ممن لهم هوي في بني امية منهم عمر بن سعد بن أبي وقاص و عبدالله بن مسلم بن ربيعة الحضرمي و عمارة بن عقبة بن أبي معيط فكتبوا الي يزيد يخبرونه بقدوم مسلم بن عقيل و اقبال اهل الكفوفة عليه و ان النعمان بن بشير لا طاقة له علي المقاومة [10] .فأرسل يزيد علي «سرجون» [11] مولاه يستشيره و كان كاتبه و أنيسه فقال سرجون عليك بعبيدالله بن زياد قال انه لا خير عنده فقال سرجون لو كان معاوية حيا و أشار عليك به أكنت توليه؟ قال نعم فقال: هذا عهد معاوية اليه بخاتمه و لم يمنعني ان اعلمك به الا معرفتي ببغضك له فانفذه اليه، و عزل النعمان بن بشير و كتب اليه: أما بعد فان الممدوح مسبوب يوما و ان السمبوب يوما ممدوح و قد سمي بك الي غاية انت فيها كما قال الأول.




رفعت و جاوزت السحاب و فوقه

فما لك الا مرقب الشمس مقعد [12]



و امره بالاستعجال علي الشخوص الي الكوفة ليطلب ابن عقيل فيوثقه او يقتله او ينفيه [13] .

فتعجل ابن زياد المسير الي الكوفة مع مسلم بن عمرو الباهلي و المنذر بن الجارود و شريك الحارثي و عبدالله بن الحارث بن نوفل في خمسمائة رجل انتخبهم من اهل البصرة فجد في السير و كان لا يلوي علي احد يسقط من اصحابه حتي ان شريك بن الاعور سقط اثناء الطريق و سقط عبدالله بن الحارث رجاء أن يتأخر ابن زياد من اجلهم فلم يلتفت ابن زياد اليهم مخافة ان يسبقه الحسين الي الكوفة و لما ورد «القادسية» سقط مولاه «مهران» فقال له ابن زياد ان امسكت علي هذا الحال فتنظر القصر فلك مائة الف قال و الله لا استطيع فتركه عبيدالله و لبس ثيابا يمانية و عمامة سوداء و انحدر وحده و كلما مر (بالمحارس) ظنوا انه الحسين (ع) فقالوا مرحبا بابن رسول الله و هو ساكت فدخل الكوفة مما يلي النجف [14] .

و استقبله الناس بهتاف واحد: مرحبا بابن رسول الله! فساءه هذا الحال و انتهي الي «قصر الامارة» فلم يفتح النعمان باب القصر و أشرف عليه من أعلي القصر يقول: ما أنا بمؤد اليك امانتي يابن رسول الله فقال له ابن زياد [15] افتح


فقد طال ليلك! فسمعها رجل و عرفه فقال للناس انه ابن زياد و رب الكعبة [16] .

فتفرقوا الي منازلهم و عند الصباح جمع ابن زياد الناس في الجامع الأعظم و خطبهم و حذرهم و مناهم العطية و قال: أيما عريف وجد عنده احد من بغية اميرالمؤمنين و لم يرفعه الينا صلب علي باب داره [17] .



پاورقي

[1] مروج الذهب ج 2 ص 86.

[2] الطبري ج 6 ص 199.

[3] الطبري ج 6 ص 199.

[4] تذکرة الخواص، ص 138 و تاريخ الطبري ج 6 ص 211.

[5] ابن ‏شهراشوب ج 2 ص 310.

[6] ابن‏نما ص 11.

[7] الطبري ج 6 ص 210.

[8] الطبري ج 6 ص 224.

[9] البحار ج 10 ص 185.

[10] تاريخ الطبري ج 6 ص 99 الي 201.

[11] في الاسلام و الحضارة العربية ج 2 ص 158 لمحمد کرد علي کان سرجون بن منصور من نصاري الشام استخدمه معاوية في مصالح الدولة و کان ابوه منصور علي المال في الشام من عهد هرقل قبل الفتح ساعد المسلمين علي قتال الروم و منصور بن سرجون بن منصور کانت له خدمة في الدولة کابيه و کان عمر بن الخطاب يمنع من خدمة النصاري الا اذا اسلموا.

[12] انساب الاشراف للبلاذري ج 4 ص 82.

[13] الطبري ج 6 ص 199.

[14] مثير الاحزان لابن‏نما الحلي.

[15] لم ينص المؤرخون علي ولادة ابن‏زياد علي التحقيق. و ما ذکروه منه لا يصح و منه يصح علي وجه التقريب و الظن. فالأول ما يحکيه ابن‏کثير في البداية 283/8 عن ابن‏عساکر عن احمد بن يونس الضبي ان مولد عبيدالله بن زياد سنة تسع و ثلاثين، فيکون له يوم الطف اواخر سنة ستين للهجرة احدي و عشرون سنة، و له يوم موت ابيه زياد الواقع سنة) 53 ه) أربع عشرة سنة... و هذا لا يتفق مع ما ذکره ابن‏جرير في التاريخ 166/6 أن معاوية ولي عبيدالله بن زياد خراسان سنة 53 ه فانه يبعد أن يتولي ابن اربع عشرة سنة بلدا کبيرا مثل خراسان و ما ذکره ابن‏جرير يکون له وجه علي الظن فانه في 166/6 من تاريخه يقول في سنة 53 ه ولي معاوية عبيدالله بن زياد خراسان و له خمس و عشرون سنة و عليه تکون ولادته سنة 28 وله يوم الطف اثنتان و ثلاثون سنة) 32 سنة) و ما ذکره يتفق مع ما حکاه ابن‏کثير في البداية 283/8 عن الفضل بن رکين ان لعبيدالله بن زياد يوم قتل الحسين 28 سنة و عليه تکون ولادته سنة 32 ه و يوم موت زياد الواقع في سنة 53 ه له احدي و عشرون سنة.

و ذکر ابن‏حجر في تعجيل المنفعة ص 271 طبع حيدرآباد أن عبيدالله بن زياد ولد سنة 32 أو سنة 33 فيکون له يوم الطف الواقع أول عام 61 ه سبع و عشرون سنة أو ثمان و عشرون سنة.

و علي کل کانت امه مرجانة مجوسية و عند ابن‏کثير في البداية ج 8 ص 383 و عند العيني في عمدة القاري شرح البخاري ج 7 ص 656 کتاب الفضائل في مناقب الحسنين انها سبية من اصفهان و قيل مجوسية.

و في تاريخ الطبري ج 7 ص 6 قالت مرجانة لما قتل الحسين لعبيدالله ويلک ماذا صنعت؟ و ماذا رکبت؟ و في کامل ابن‏الاثير ج 4 ص 103 في مقتل ابن‏زياد قالت مرجانة لعبيدالله يا خبيث قتلت ابن رسول الله و الله و الله لا تري الجنة ابدا و في سير اعلام النبلاء للذهبي ج 3 ص 359 قالت له أمه مرجانة: قتلت ابن رسول الله لا تري الجنة، و نحو هذا، و يذکر بعض المؤرخين انها قالت له وددت انک حيظة و لم تأت الي الحسين ما اتيت و في تاريخ الطبري ج 6 ص 268 و کامل ابن‏الاثير ج 4 ص 34 عليه مروج الذهب قال له اخوه عثمان وددت في انف کل رجال من بني‏زياد خزامة الي يوم القيامة و ان الحسين لم يقتل، فلم يرد عليه عبيدالله! و کيف يرد عليه و قد شاهد حيطان قصر الامارة تسيل دما حينما ادخل الرأس المقدس عليه! کما في الصواعق المحرقة ص 116 و تاريخ ابن‏عساکر ج 4 ص 339.

و في انساب الاشراف للبلاذري ج 4 ص 77 کان عبيدالله بن زياد جميلا ارقطا و في ص 81 کان مملوا شر و هو اول من وضع المثالب ليعارض بها الناس بمثل ما يقولون فيه و في ص 86 کان اکولا لا يشبع يأکل في اليوم اکثر من خمسين أکلة و في المعارف لابن‏قتيبة ص 256 کان طويلا جدا لا يري ماشيا الا ظنوه راکبا و في البيان و التبيين للجاحظ ج 1 ص 75 طبع ثاني کان الکنا يقلب الحاء هاء قال لهارون بن قبيصة «اهروري» يريد «احروري» و يقلب القاف کافا يقول «کلت له» يريد «قلت له» و فيه ج 2 ص 167 جاءته اللکنة من الاساورة فان زيادا تزوج «مرجانة» من شيرويه الاسواري و کان عبيدالله معها فنشأ بين الاساورة تغلبت عليه لغتهم و في انساب الاشراف ج 5 ص 84 کان ابن‏زياد اذا غضب علي احد القاه من فوق قصر الامارة و اطمار کل مرتفع و في ص 82 تزوج عبيدالله هندا بنت اسماء بن خارجة فعاب عليه محمد بن عمير بن عطارد و محمد بن الاشعث و عمرو بن حريث فتزوج عبيدالله ام‏النعمان بنت محمد بن الاشعث و زوج اخاه عثمان ابنة عمير بن عطارد و زوج اخاه عبدالله ابنة عمرو بن حريث. و في النقود القديمة الاسلامية للتبريزي ص 50 ضمن مجموعة النقود العربية جمع انستاس الکرملي أن اول من غش الدراهم و ضربها زيوفا عبيدالله بن زياد حين فر من البصرة سنة 64 ه ثم فشت بالامصار. و مثله جاء في اغاثة الامة بکشف الغمة للمقريزي ص 61 و النقود الاسلامية القديمة للمقريزي ص 50 و في مآثر الاناقة للقلقشندي ج 1 ص 185 في خلافة المهدي انه رد نسب زياد بن أبيه الي عبيدالله الرومي.

[16] الطبري ج 6 ص 201.

[17] الارشاد.