بازگشت

نزوله في مكة


و في مكة كتب الحسين (ع) نسخة واحدة الي رؤساء الأخماس بالبصرة و هم مالك بن مسمع البكري [1] و الأحنف بن قيس و المنذر بن الجارود [2] و مسعود بن عمرو و قيس بن الهيثم و عمرو بن عبيد بن معمر و أرسله مع مولي له يقال له سليمان [3] و فيه: أما بعد فان الله اصطفي محمدا (ص) من خلقه و أكرمه بنبوته و اختاره لرسالته ثم قبضه اليه و قد نصح لعباده و بلغ ما ارسل به (ص) و كنا أهله و أولياءه و اوصياءه و ورثته و احق الناس بمقامه في الناس، فاستأثر علينا قومنا بذلك فرضينا و كرهنا الفرقة و أحببنا العافية، و نحن نعلم أنا احق بذلك الحق المستحق علينا ممن تولاه، و قد بعثت رسولي اليكم بهذا الكتاب و انا أدعوكم الي كتاب الله و سنة نبيه، فان السنة قد اميتت و البدعة قد احييت، فان


تسعموا قولي أهدكم الي سبيل الرشاد.

فسلم المنذر بن الجارود العبدي رسول الحسين الي ابن زياد فصلبه عشية الليلة التي خرج في صبيحتها الي الكوفة ليسبق الحسين اليها [4] و كانت ابنة المنذر بحرية زوجة ابن زياد فزعم أن يكون الرسول دسيسا من ابن زياد. فأما الأحنف فانه كتب الي الحسين (ع): أما بعد فاصبر ان وعد الله حق و لا يستخفنك الذين لا يوقنون [5] .و أما يزيد بن مسعود [6] فانه جمع بني تميم و بني حنظلة و بني سعد فلما حضروا قال: يا بني تميم كيف ترون موضعي فيكم و حسبي منكم؟ قالوا: بخ بخ أنت و الله فقرة الظهر و رأس الفخر حللت في الشرف وسطا و تقدمت فيه فرطا قال: فاني قد جمعتكم لأمر أريد أن اشاوركم فيه و استعين بكم عليه فقالوا: انا و الله نمنحك النصيحة و نجد لك الرأي فقل حتي نسمع.

فقال: ان معاوية مات فأهون به و الله هالكا و مفقودا ألا و انه قد انكسر باب الجور و الاثم و تضعضعت اركان الظلم و كان قد احدث بيعة عقد بها امرا ظن انه قد احكمه و هيهات الذي أراد اجتهد و الله ففشل و شاور فخذل و قد قام يزيد شارب الخمور و رأس الفجور يدعي الخلافة علي المسلمين و يتأمر عليهم بغير رضي منهم مع قصر حلم و قلة علم لا يعرف من الحق موطأ قدميه فاقسم بالله قسما مبرورا لجهاده علي الدين أفضل من جهاد المشركين، و هذا الحسين بن علي و ابن رسول الله (ص) ذو الشرف الاصيل و الرأي الاثيل له فضل لا يوصف و علم لا ينزف و هو اولي بهذا الامر لسابقته و سنه و قدمه و قرابته يعطف علي الصغير و يحسن الي الكبير فأكرم به راعي رعية و امام قوم وجبت لله به الحجة و بلغت به الموعظة فلا تعشوا عن نور الحق و لا تسكعوا في وهد الباطل فقد كان


صخر بن قيس انخذل بكم يوم الجمل فاغسلوها بخروجكم الي ابن رسول الله (ص) و نصرته و الله لا يقصر أحدكم عن نصرته الا أورثه الله تعالي الذل في ولده و القلة في عشيرته، و ها أنا ذا قد لبست للحرب لامتها و ادرعت لها بدرعها من لم يقتل يمت، و من يهرب لم يفت فأحسنوا رحمكم الله رد الجواب!

فقالت بنوحنظلة: يا أباخالد نحن نبل كنانتك و فرسان عشيرتك، ان رميت بنا أصبت و ان غزوت بنا فتحت، لا تخوض و الله غمرة الا خضناها، و لا تلقي و الله شدة الا لقيناها، ننصرك بأسيافنا و نقيك بأبداننا اذا شئت.

و تكلمت بنوعامر بن تميم فقالوا: يا أباخالد نحن بنو ابيك و حلفاؤك لا نرضي ان غضبت و لا نبقي ان ظعنت و الامر اليك فادعنا اذا شئت.

و قالت بنوسعد بن زيد: أباخالد ان أبغض الاشياء الينا خلافك و الخروج عن رأيك، و قد كان صخر بن قيس أمرنا بترك القتال يوم الجمل فحمدنا ما أمرنا و بقي عزنا فينا فأمهلنا نراجع المشورة و نأتيك برأينا.

فقال لهم: لئن فعلتموها لا رفع الله السيف عنكم ابدا و لا زال سيفكم فيكم.

ثم كتب الي الحسين (ع): أما بعد فقد وصل الي كتابك و فهمت ما ندبتني اليه و دعوتني له من الأخذ بحظي من طاعتك و الفوز بنصيبي من نصرتك و ان الله لم يخل الأرض قط من عامل عليها بخير و دليل علي سبيل نجاة، و انتم حجة الله علي خلقه و وديعته في أرضه، تفرعتم من زيتونة أحمدية هو أصلها و انتم فرعها، فاقدم سعدت بأسعد طائر فقد ذللت لك اعناق بني تميم و تركتهم اشد تتابعا في طاعتك من الابل الظماء لورود الماء يوم خمسها و قد ذللت لك رقاب بني سعد و غسلت درن قلوبها بماء سحاب مزن حين استهل برقها فلمع.

فلما قرأ الحسين (ع) كتابه قال: مالك، آمنك الله من الخوف و أعزك و أرواك يوم العطش الأكبر.

و لما تجهز ابن مسعود الي المسير بلغه قتل الحسين (ع) فاشتد جزعه و كثر


اسفه لفوات الأمنية من السعادة بالشهادة [7] .

و كانت «مارية» ابنة سعد او منقذ ايما و هي من الشيعة المخلصين و دارها مألف لهم يتحدثون فيه فضل أهل البيت، فقال يزيد بن نبيط و هو من عبدالقيس لأولاده و هم عشرة: أيكم يخرج معي؟ فانتدب منهم اثنان عبدالله و عبيدالله، و قال له أصحابه في بيت تلك المرأة نخاف عليك أصحاب ابن زياد، قال: و الله لو استوت اخفافها بالجدد لهان علي طلب من طلبني [8] و صحبه مولاه عامر و سيف بن مالك والادهم بن امية [9] فوافوا الحسين بمكة و ضموا رحالهم الي رحله حتي وردوا كربلا و قتلوا معه.


پاورقي

[1] في تاريخ الطبري ج 6 ص 63 طبع أول سنة 38 کان مالک بن مسمع مائلا الي بني‏امية و اليه لجأ مروان يوم الجمل.

[2] في الاصابة ج 3 ص 480: کان المنذر بن الجارود مع علي (ع) يوم الجمل و امره علي اصطخر و امه امامة بنت النعمان و ولاه عبيدالله بن زياد الهند فمات هناک سنة 61 و عند خليفة ولاه السند فمات به سنة 62 و في تاريخ الطبري ج 7 ص 183 طبعة أولي سنة 71 ه- ان مصعب بن الزبير قال للحکم بن المنذر بن الجارود، «کان الجارود علجا بجزيرة (ابن ‏کاوان) فارسيا فقطع الي ساحل البحر فانتمي الي عبدالقيس، و لا و الله ما اعرف حيا اکثر اشتمالا علي سوأة منهم ثم انکح اخته المکعبر الفارسي فلم يصب شرفا قط».

[3] هذا في تاريخ الطبري ج 6 ص 200، و في اللهوف ص 21 يکني ابارزين، و في مثير الاحزان ص 12 ارسله مع ذراع السدوسي.

[4] تاريخ الطبري ج 6 ص 200.

[5] مثير الاحزان ص 13.

[6] هذا في مثير الأحزان و عند الطبري و ابن‏الأثير مسعود بن عمرو و قال ابن‏حزم في جمهرة أنساب العرب ص 218 کان عباد بن مسعود بن خالد بن مالک النهشلي سيدا و اخته ليلي بنت مسعود تحت علي بن ابي‏طالب ولدت له ابابکر قتل مع الحسين و عبدالله کان مع مصعب بن الزبير في خروجه علي المختار و قتل يوم هزيمة اصحاب المختار و ذکرنا في (زيد الشهيد) ص 101 طبع ثاني نصوص المؤرخين في قتله بالمذار من سواد البصرة و لم يعلم قاتله و في الخرايج للراوندي في معجزات علي (ع) وجد مذبوحا في فسطاطه و لم يعلم ذابحه.

[7] مثير الاحزان ص 13 و اللهوف ص 21.

[8] تاريخ الطبري ج 6 ص 198.

[9] ذخيرة الدارين ص 224.