بازگشت

الحسين مع اصحابه


تمهيد

ان الشريعة المقدسة اوجبت علي الناس النهضة لسد باب المنكر و الردع عن الفساد و الزمت الامة بمتابعة الامام في رد عادية الباغين علي الخليفة المنصوب علما للعباد بعد ان يدعوهم الي التوبة عما هم فيه من معاندة الحق و الرجوع الي ساحة الشرع الاعظم سبحانه و تعالي كما قال في الحجرات - 9:

(و ان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما فان بغت احداهما علي


الاخري فقاتلوا التي تبغي حتي تفي ء الي امر الله)، و قد نهض اميرالمؤمنين (ع) ايام خلافته للدفاع عن قدس الشريعة و تنبيه الامة عن رقدة الجهل و كان الواجب علي الناس الفي ء اليه لانه امام الحق المفروضة طاعته، و قد اعترف جمهور المسلمين بتمامية البيعة لاميرالمؤمنين علي بن ابي طالب (ع) و حكموا بأن قتاله لمن خرج عليه حق حتي و هذه كلماتهم التي سجلوها في صحفهم شواهد متقنة علي هذه الدعوي المدعومة بالعقل و النقل.

فهذا ابوحنيفة يقول: ما قاتل احد عليا الا و علي اولي بالحق منه و لو لا ما سار علي (ع) فيهم ما علم احد كيف السيرة في المسلمين! و لا شك ان عليا (ع) انما قاتل طلحة و الزبير بعد ان بايعاه و خالفاه، و في يوم الجمل سار علي (ع) فيهم بالعدل و هو اعلم المسلمين فكانت السنة في قتال اهل البغي [1] .

و اقتفاه تلميذه محمد بن الحسن الشيباني المتوفي سنة 187 فقال: لو لم يقاتل معاوية عليا (ع) ظالما له متعديا باغيا كنا لا نهتدي لقتال اهل البغي [2] .

و قال سفيان الثوري: ما قاتل علي (ع) احدا الا كان علي اولي بالحق منه [3] .

و قال الشافعي: السكوت عن قتلي صفين حسن و ان كان علي (ع) اولي بالحق من كل من قاتله [4] .

و قال ابوبكر احمد بن علي الرازي الجصاص المتوفي سنة 370 كان علي محقا في قتال الفئة الباغية لم يخالف فيه احد و كان معه من كبراء الصحابة و اهل بدر من قد علم مكانهم [5] .

و قال القاضي ابوبكر ابن العربي المتوفي سنة 546: كان علي اماما لانهم اجتمعوا عليه و لم يمكنه ترك الناس لانه احقهم بالبيعة فقبلها حوطة علي الامة ان لا تسفك دماؤها بالتهارج فيتخرق الامر و ربما تغير الدين و انقض عمود


الاسلام و طلب اهل الشام منه التمكين من قتلة عثمان فقال لهم علي (ع):

ادخلوا في البيعة و اطلبوا الحق تصلوا اليه و كان علي (ع) اسدهم رأيا و اصوبهم قولا لانه لو تعاطي القود لتعصبت لهم قبائلهم فتكون حربا ثالثة فانتظر بهم أن يستوثق الامر و تنعقد البيعة العامة ثم ينظر في مجلس الحكم و يجري القضاء و لا خلاف بين الامة انه يجوز للامام تأخير القصاص اذا أدي ذلك الي اثارة الفتنة و تشتيت الكلمة.

و حينئذ فكل من خرج علي علي (ع) باغ، و قتال الباغي واجب حتي يفي ء الي الحق و ينقاد الي الصلح و ان قتاله لاهل الشام الذين ابوا الدخول في البيعة و اهل الجمل و النهروان الذين خلعوا بيعته حق و كان حق الجميع ان يصلوا اليه و يجلسوا بين يديه و يطالبوه بما رأوا، فلما تركوا ذلك باجمعهم صاروا بغاة فتناولهم قوله تعالي: (فقاتلوا التي تبغي حتي تفي ء الي امر الله).

و لقد عتب معاوية علي سعد بن ابي وقاص [6]



بعدم مشاركته في قتال علي (ع) فرد عليه سعد بأني ندمت علي تأخيري عن قتال الفئة الباغية يعني معاوية و من تابعه [7] .

و قال ابوبكر محمد الباقلاني المتوفي سنة 403 ه بعد ذكر جملة من فضائل اميرالمؤمنين (ع): ان عليا يصلح للخلافة ببعض هذه الخصال و دون هذه الفضائل و يستحق الامامة فهو حقيق بما نظر فيه و تولاه فوجب الانقياد له بعقد


من عقدها له من وجوه المهاجرين و الانصار عشية اليوم الثالث من مقتل عثمان بعد امتناعه عليهم و اصرارهم عليه لانه اعلم من بقي و افضلهم و اولاهم بهذا الامر و ناشدوه الله تعالي في حفظ بقية الامة و صيانة دار الهجرة فبايعوه قبل حضور الزبير و طلحة و مبايعتهما له تبع لغيرهما بعد وجوبها عليهما و لو تأخرا عن الانقياد لكانا مأثومين و قولهما له: «بايعناك مكرهين» [8] لا يضر بامامة علي عليه السلام لان البيعة له تمت قبل مبايعتهما و طلبهما منه قتل قتلة عثمان خطا لان عقد الامامة لرجل علي ان يقتل الجماعة بالواحد لا يصح بعد ان كان الامام متعبدا باجتهاده فقد يؤدي الي انه لا يجوز قتل الجماعة بالواحد و ان أدي اليه اجتهاده فقد يجتهد ثانيا الي عدمه و لو ثبت ان عليا (ع) يري جواز قتل الجماعة بالواحد لم يجز ان يقتل جميع قتلة عثمان الا بعد ان تقوم البينة علي القتلة باعيانهم و ان يحضر اولياء الدم مجلسه و يطالبون بدم ابيهم و وليهم و ان لا يؤدي القتل الي هرج عظيم و فساد شديد قد يكون مثل قتلة عثمان او اعظم منه و تاخير اقامة الحد الي وقت امكانه اولي و اصلح للامة و انفي للفساد [9] .

و قال ابوعبدالله محمد بن عبدالله المعروف بالحاكم النيسابوري المتوفي سنة 405: الاخبار الواردة في بيعة اميرالمؤمنين كلها صحيحة مجمع عليها و فيها يقول خزيمة بن ثابت و هو واقف بين يدي المنبر:



اذا نحن بايعنا عليا فحسبنا

ابوحسن مما نخاف من الفتن



وجدناه اولي الناس بالناس انه

اطب قريش بالكتاب و بالسنن



و ان قريشا ما تشق غباره

اذا ما جري يوما علي الضمر البدن



وفيه الذي فيهم من الخير كله

و ما فيهم كل الذي فيه من حسن



و ساق الذهبي جميعه في تلخيص المستدرك و لم يتعقبه [10]



ثم حكي الحاكم


عن عبدالله بن عمر بن الخطاب انه قال: ما وجدت في نفسي من شي ء من امر هذه الآية: (فقاتلوا التي تبغي حتي تفي ء الي امر الله) الا اني لم اقاتل هذه الفئة الباغية كما امرني الله تعالي [11] .

و حكي الحاكم النيسابوري عن ابي بكر محمد بن اسحاق بن خزيمة انه قال عهدت مشائخنا يقولون: انا نشهد بان كل من نازع اميرالمؤمنين علي بن ابي طالب في خلافته فهو باغ و به قال ابن ادريس [12] .

و قال ابومنصور عبدالقاهر البغدادي المتوفي سنة 429: اجمع اهل الحق علي صحة امامة علي (ع) وقت انتصابه لها بعد قتل عثمان و انه كان محقا مصيبا في التحكيم و في قتال اصحاب الجمل و اصحاب معاوية بصفين [13] .

و قال ابواسحاق ابراهيم بن علي الشيرازي الفيروزآبادي المتوفي سنة 476: اذا خرجت علي الامام طائفة من المسلمين و رأت خلعه بتأويل او منعت حقا توجه عليها بتأويل و خرجت عن قبضة الامام و امتنعت عليه بمنعة قاتلها الامام لقوله عزوجل (فان بغت احداهما علي الاخري فقاتلوا التي تبغي) و لأن أبابكر قاتل مانعي الزكاة و قاتل علي اهل البصرة يوم الجمل و قاتل معاوية بصفين و قاتل الخوارج بالنهروان [14] و ظاهره ان قتال علي (ع) لهؤلاء بحق لانه امام حق وجبت بيعته في اعناقهم و خروجهم عن طاعته و ان كان بتأويل لا يبرر عملهم.

و قال امام الحرمين الجويني المتوفي سنة 478: كان علي بن ابي طالب اماما حقا في توليته و مقاتلوه بغاة [15] .و قال علاءالدين الكاساني الحنفي المتوفي سنة 587: قاتل سيدنا علي اهل حروراء بالنهروان بحضرة الصحابة تصديقا لقوله (ص) لسيدنا علي (ع): انك تقاتل علي التأويل كما تقاتل علي التنزيل و القتال علي التأويل هو


القتال مع الخوارج و دل الحديث علي امامة سيدنا علي لأن النبي (ص) شبه قتال سيدنا علي بقتاله علي التنزيل و كان رسول الله (ص) محقا في قتاله علي التنزيل فلزم ان يكون سيدنا علي محقا في قتاله بالتأويل فلو لم يكن امام حق لما كان محقا في قتاله اياهم لأن الدعوة قد بلغتهم لكونهم في دار الاسلام و من المسلمين و يجب علي كل من دعاه الي قتالهم ان يجيبه الي ذلك و لا يسعه التخلف اذا كان عند غني و قدرة لان طاعة الامام فيما ليس بمعصية فرض فكيف فيما هو طاعة، و ما روي عن ابي حنيفة اذا وقعت الفتنة بين المسلمين فينبغي للرجل ان يلزم بيته محمول علي وقت خاص و هو ألا يكون امام يدعوه الي قتال و اما اذا كان فدعاؤه يفترض عليه الاجابة لما ذكرنا [16] .

و قال يحيي بن شرف النووي الشافعي المتوفي سنة 677: كان علي هو المحق المصيب في تلك الحروب و قال معظم الصحابة و التابعين و عامة علماء الاسلام يجب نصر المحق في الفتن و القيام معه بمقاتلة الباغين قال الله تعالي: (فقاتلوا التي تبغي) الآية، و هذا هو الصحيح [17] .

و قال ابن همام الحنفي المتوفي سنة 681: كان علي (ع) علي الحق في قتال الجمل و قتال معاوية بصفين و قول النبي (ص) لعمار: تقتلك الفئة الباغية و قد قتله اصحاب معاوية صريح بأنهم بغاة، و لقد اظهرت عائشة الندم كما ذكره ابوعمرو في الاستيعاب و قالت لعبدالله بن عمر: يا اباعبدالرحمن ما منعك ان تنهاني عن مسيري؟ قال لها: رأيت رجلا قد غلبك يعني ابن الزبير فقالت: اما لو نهيتني ما خرجت [18] .

و قال ابن تيميه المتوفي سنة 728: لما قتل عثمان بايعوا اميرالمؤمنين علي بن ابي طالب (ع) و هو احق بالخلافة حينئذ و افضل من بقي لكن كانت القلوب متفرقة و نار الفتنة موقدة تنفق الكلمة و لم تنتظم الجماعة و لم يتمكن الخليفة


و خيار الامة من كل ما يرون من الخير الي ان ظهرت الحرورية المارقة فقاتلوا اميرالمؤمنين عليا و من معه فقتلهم بأمر الله تعالي رسول الله (ص) طاعة لقول النبي (ص) ان الطائفة المارقة يقتلها ادني الطائفتين الي الحق، فكان علي بن ابي طالب و من معه هم الذين قاتلوهم فدل كلام النبي (ص) علي انهم ادني الي الحق من معاوية و من معه [19] .

و قال: كل فرقة من المتشيعين مقرة بأن معاوية ليس كفؤا لعلي (ع) بالخلافة، و لا يجوز ان يكون خليفة مع امكان استخلاف علي (ع) فان فضل علي و سابقته و علمه و دينه و شجاعته فضائلة كانت ظاهرة معروفة و لم يكن بقي من اهل الشوري غيره و غير سعد و قد ترك سعد هذا الامر و توفي عثمان فلم يبق لها معين الا علي [20] .

و قال الزيلعي المتوفي سنة 762: كان الحق بيد علي (ع) في نوبته فالدليل عليه قول النبي (ص) لعمار: تقتلك الفئة الباغية، و لا خلاف انه كان مع علي (ع) و قتله اصحاب معاوية ثم قال اجمعوا علي ان عليا كان مصيبا في قتال اهل الجمل و هم طلحة و الزبير و عائشة و من معهم و اهل صفين و هم معاوية و عسكره ثم قال: لما ولي علي (ع) الخلافة و كان معاوية بالشام قال لا الي له شيئا و لا ابايعه و لا اقدم عليه [21] .

و قال ابن القيم الجوزية المتوفي سنة 751: كان علي في وقته سابق الامة و افضلها و لم يكن فيهم حين وليها اولي بها منه [22] .

و قال ابوعبدالله ابن محمد بن مفلح الحنبلي المتوفي سنة 763: كان علي (ع) اقرب الي الحق من معاوية و اكثر المنصفين في قتال اهل البغي يري القتال من ناحية علي (ع) و منهم من يري الامساك و قال ابن هبيرة في حديث ابي بكرة في ترك القتال في الفتنة اي في قتل عثمان فأما ما جري بعده فلم يكن لاحد من المسلمين التخلف عن علي (ع)، و لما تخلف عنه سعد و ابن عمر و اسامة و محمد


ابن مسلمة و مسروق و الاحنف ندموا، و كان عبدالله بن عمر يقول عند الموت: اني اخرج من الدنيا و ليس في قلبي حسرة الا تخلفي عن علي (ع) و كذا روي عن مسروق و غيره بسبب تخلفهم [23] و قال ابن حجر العسقلاني المتوفي سنة 852 كان الامام علي بن ابي طالب علي الحق و الصواب في قتال من قاتله في حروبه الجمل و صفين و غيرهما [24] .

و يحكي محمود العيني المتوفي سنة 855 عن الجمهور انهم صرحوا بان عليا (ع) و اشياعه كانوا مصيبين اذ كان علي (ع) احق الناس بالخلافة و افضل من علي وجه الدنيا حينئذ [25] .

و قال ابن حجر الهيثمي المتوفي سنة 974: ان اهل الجمل و صفين رموا عليا (ع) بالمواطاة مع قتلة عثمان و هو بري ء من ذلك و حاشاه [26] ثم قال: و يجب علي الامام قتال البغاة لاجماع الصحابة عليه و لا يقاتلهم حتي يبعث اليهم امينا عدلا فطنا ناصحا يسألهم عما ينقمونه علي الامام تاسيا بعلي (ع) في بعثه


ابن عباس الي الخوارج بالنهروان فرجع بعضهم الي الطاعة [27] .

و حديث مناظرة ابن عباس مع الخوارج مذكور في آخر خصائص اميرالمؤمنين للنسائي ص 48.

و قال الشهاب الخفاجي المتوفي 1100: حديث النبي (ص) تقتل عمار الفئة الباغية و قد قتله اصحاب معاوية و كان مع علي (ع) بصفين و هو صريح في ان الخليفة هو علي (ع) و ان معاوية مخطي ء في اجتهاده و الباغية من البغي و هو الخروج بغير حق علي الامام، و في الحديث عنه صلي الله عليه و آله: اذا اختلف الناس كان ابن سمية مع الحق و ابن سمية هو عمار كان مع علي (ع) و هذا هو الذي ندين الله به و هو ان عليا كرم الله وجهه علي الحق و مجتهد مصيب في عدم تسليم قتلة عثمان [28] .

و قال الشوكاني المتوفي سنة 1255 في حديث ابي سعيد عن النبي صلي الله عليه و آله: تكون امتي فرقتين يخرج بينهما مارقة يلي قتلهم اولاهما بالحق دلالة علي ان عليا (ع) و من معه هم المحقون و معاوية و من معه هم المبطلون [29] .

و حكي ابو الثناء الآلوسي المفسر عن بعض الحنابلة التصريح بوجوب قتال الباغين لان عليا (ع) اشتغل في زمان خلافته بقتال الباغين دون الجهاد فهو اذا افضل من الجهاد ثم ذكر ندم عبدالله بن عمر علي تركه المشاركة مع علي (ع) في قتال الباغين و لم يتعقبه الالوسي بشي ء [30] .

و قال محمد كرد علي: ما خالف علي في البراءة من قتلة عثمان و قد كان قتلته من اكثر القبائل و كانوا عددا ضخما لا طاقة لعلي عليهم و من المعتذر عليه ان يسلمهم او بعضهم و هم عضده و لو كان يعرفهم باعيانهم و قد وقعت المسألة علي غير رضاه و ليس من مصلحته ان يستهدف لغضب عشاير كثيرة تقوم بنصرته اليوم و كان علي (ع) يحلف بالله ان بني امية لو ارادوا منه ان ياتيهم بخمسين


غلاما من بني هاشم يحلفون بالله اني ما قتلت عثمان و لا مالأت عليه [31] .

هذه نصوص علماء السنة في احقية علي بالخلافة من غيره و ان الخارج عليه باغ يستحق القتال حتي يثوب الي الحق و لذا كان خيار الصحابة و التابعين معه و منهم اويس القرني فانه في الرجالة يوم صفين [32] .

و كان عبدالله بن عمرو بن العاص يقول ما وجدت في نفسي من شي ء مثل ما وجدت أني لم اقاتل هذه الفئة الباغية كما أمرني الله تعالي و كان يحدث بما أخبر به النبي (ص) أن ابن سمية عمارا تقتله الفئة الباغية و أن البغاة علي الامام علي معاوية و أصحابه و لما سئل عن المشاركة مع علي بن أبي طالب يوم صفين اعتذار بما لا يجديه يوم فصل الخطاب فقال: اني لم أضرب بالسيف و لم أطعن بالرمح ولكن رسول الله (ص) قال أطع أباك فأطعته [33] .

هذا هو التمويه و الخداع كيف يسوغ التذرع عن مخالفة الحق بحمل كلام النبي (ص) علي غير حقيقته؟ اتجوز الشريعة حمل الحديث علي وجوب طاعة الاب حتي اذا استلزمت ترك الفرائض او ارتكاب المحرمات - كلا - ان طاعة الامام الذي تمت له البيعة كانت مفروضة في اعناق المسلمين لا مناص للامة حينئذ الا الخضوع له و وجوب امتثال امره فيما يدعوهم اليه و لا طاعة للابوين في قبال طاعة الامام (ع) و لعل قوله تعالي: (و ان جاهداك علي ان تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما) شامل لذلك فان المراد من الشرك المنهي عنه الكناية عن ترك الانقياد لله سبحانه و يدخل فيه الاعراض عن طاعة النبي (ص) و الامام الذي تمت له البيعة في اعناق المسلمين و لذلك كانت عائشة تتم في سفرها الي البصرة في قتال علي (ع) فان القصر عندها انما يكون في سفر طاعة [34] .ان الشريعة المقدسة اوجبت علي امام الامة اقامة الحجة علي كل من عانده


و خرج عن طاعته بتذكير آلاء الله تعالي المتتابعة علي العباد مع ما هم عليه من التمرد و الطغيان.

ثم يعرفهم بان الدنيا الزائلة لا تعود علي المنهمك فيها الا بالخسران اذ لعل بالمواعظ القدسية و تلاوة الآيات المحكمة يستنير من اعمته الشهوات فيبصر سبيل الرشاد و يلمس الحقيقة الناصعة.

و لقد سار اميرالمؤمنين (ع) علي هذه الخطة التي سنها قانون الاسلام في ايامه الثلاثة بعد الهتاف باصحابه الا يتعدوا مقررات الشريعة و منها عدم الاستعجال في القتال حتي تكون الفرقة المقابلة لهم هي العادية بقتال المؤمنين لتثبت الحجة علي البادي بالظلم [35] .

و قد اكثر سلام الله عليه و علي ابنائه المعصومين من وعظ اهل الجمل و صفين و النهروان كيلا يبقي لاحد عذر يوم نشر الصحف و تدحض حجة كل من بلغته دعوته و اصر علي الخلاف و العناد، فاستضاء بانوار ارشاداته من هداه الله الي الايمان و ضل من ضل عن سبيل الحق.


پاورقي

[1] مناقب ابي‏حنيفة للخوارزمي ج 2 ص 83 و 84 حيدرأباد.

[2] الجواهر المضيئة طبقات الحنفية ج 2 ص 26.

[3] حلية الاولياء لابي‏نعيم ج 7 ص 31.

[4] ادب الشافعي و مناقبه ص 314.

[5] احکام القرآن ج 3 ص 492.

[6] في کامل ابن‏الاثير ج 3 ص 74 عند ذکر البيعة لاميرالمؤمنين قال: لم يبايع سعد بن ابي‏وقاص و عبدالله بن عمر و حسان بن ثابت و کعب بن مالک و مسلمة بن مخلد و ابوسعيد الخدري و محمد بن مسلمة و النعمان بن بشير و زيد بن ثابت و رافع بن حديج و فضالة بن عبيد و کعب بن عجرة و عبدالله بن سلام و صهيب ابن سنان و سلامة بن سلامة بن وقش و اسامة بن زيد و قدامة بن مظعون و المغيرة بن شعبة و تعرض لهم ابومنصور عبدالقاهر البغدادي في اصول الدين ص 290 و الباقلاني في التمهيد ص 233 و ابن‏تيميه في الفتاوي المصرية ج 4 ص 226 و ابوجعفر الطبري في تاريخه اخبار الملوک و الامم ج 3 ص 153 و تعرض لاعتزال سعد بن ابي‏وقاص الذهبي في سير اعلام النبلاء ج 1 ص 79 الي ص 83 و ذکر اعتذاره غير المقبول عند الله و عند رسوله و هو عدم اتباعه احدا الا ان يعطيه سيفا له لسان و عينان يعرف بهما المؤمن من الکافر و في ترجمته من الاستيعاب ان معاوية کتب اليه شعرا يستميله اليه فرد عليه بابيات يقول فيها:



اتطمع في الذي اعطي عليا

علي ما قد طمعت به العفاء



ليوم منه خير منک حيا

و ميتا انت للمرء الفداء



فاما امر عثمان فدعه

فان الرأي اذهبه البلاء

[7] احکام القرآن ج 2 ص 224 و 225 ط مصر سنة 1331 ه.

[8] في مستدرک الحاکم ج 3 ص 114 اول من بايعه طلحة فقال: هذه بيعة تنکث.

[9] التمهيد ص 229 الي ص 232.

[10] المستدرک ج 3 ص 115 و زاد عليها السيد المرتضي في الفصول المختارة ج 2 ص 67 ابياتا اربعة و هي:



وصي رسول الله من دون اهله

و فارسه قد کان في سالف الزمن‏



و اول من صلي من الناس کلهم

سوي خيرة النسوان و الله ذو المنن‏



و صاحب کبش القوم في کل وقعة

يکون لها نفس الشجاع لدي الذقن‏



فذاک الذي تثني الخناصر باسمه

امامهم حتي اغيب في الکفن

[11] المستدرک ج 2 ص 463.

[12] معرفة علوم الحديث ص 84.

[13] اصول الدين من ص 286 الي 292.

[14] المهذب في الفقه الشافعي ج 2 ص 234 ط مصر سنة 1343 ه.

[15] الارشاد في اصول الاعتقاد ص 433.

[16] بدائع الصنائع ج 7 ص 140 احکام المرتدين.

[17] شرح صحيح مسلم علي هامش ارشاد الساري ج 10 ص 336 و ص 338.

[18] فتح القدير ج 5 ص 461 کتاب القضاء ادب القاضي و في تاريخ الطبري ج 5 ص 221 قالت عائشة: وددت اني مت قبل يوم الجمل بعشرين سنة و في العقد الفريد ج 2 ص 288 عند ذکر اصحاب الجمل و معارف ابن‏قتيبة ص 59 قيل لعائشة ندفنک مع رسول الله (ص) قالت لا.

[19] مجموع فتاوي ابن‏تيمية ج 2 ص 251.

[20] مجموع فتاوي ابن‏تيمية ج 4 ص 224.

[21] نصب الراية ج 4 ص 69 في تخريج احاديث الهداية کتاب ادب القاضي.

[22] بدائع الفوائد ج 3 ص 208 لابن‏القيم الجوزية.

[23] الفروع ج 3 ص 542 و 543.

[24] فتح الباري شرح البخاري ج 12 ص 244 کتاب استتابة المرتدين باب ترک قتال الخوارج للتأليف.

[25] عمدة القاري شرح صحيح البخاري ج 11 ص 346 کتاب الفتن.

[26] في کامل ابن‏الاثير ج 2 ص 240 کان محمد بن سيرين يقول: ما علمت ان عليا اتهم في قتل عثمان حتي بويع اتهمه الناس، و في التمهيد للباقلاني ص 235: کان علي (ع) يقول بالبصرة: و الله ما قتلت عثمان و لا مالأت علي قتله ولکن الله قتله و انا معه فظن قوم انه اخبر عن نفسه بالقتل بقوله: «و انا معه» و انما اراد الله ان اماته و يميتني معه لانه حلف و هو الصادق انه ما قتله و لا مالا عليه، و في العقد الفريد ج 2 ص 274 في باب براءة علي من دم عثمان کان علي (ع) في الکوفة يقول و لئن شاءت بنوامية لاباهلنهم عند الکعبة خمسين يمينا ما بدأت في حق عثمان بشي‏ء و في مجموع الفتاوي المصرية لابن‏تيمية ج 4 ص 224: کان علي (ع) يحلف و هو البار الصادق بلا يمين انه لم يقتل عثمان و لا رضي بقتله. و في تاج العروس شرح القاموس ج 8 ص 141 مادة نفل النفل الحلف و منه حديث علي (ع): لوددت ان بني‏امية رضوا و نفلنا خمسين من بني‏هاشم يحلفون ما قتلنا عثمان و لا نعلم له قاتلا اي حلفنا لهم خمسين يمينا علي البراءة. و في اصلاح المنطق لابن‏السکيت ص 170 باب ما يهمز و ترک العامة همزه في مادة (ملا) يروي عن علي بن ابي‏طالب انه قال: و الله ما قتلت عثمان و لا مالات علي قتله، و التمالؤ الاجتماع علي الامر. و في کتاب صفين لنصر ص 60 مصر قتل المغيرة بن الاخنس يوم الدار مع عثمان فقال ابنه شعرا يعذر عليا عن الاشتراک مع القوم فقال من ابيات:



فاما علي فاستغاث ببيته

فلا آمر فيها و لم يک ناهيا



و لابن ابي‏الحديد کلمة في شرح النهج ج 1 ص 112 مصر تدل علي فقهه بالحوادث فقال: کان معاوية شديد الانحراف عن علي (ع) لانه يوم بدر قتل اخاه حنظلة و خاله الوليد و شرک في جده عتبة او عمه شيبة و قتل من اعيان بني‏عبدشمس و امثالهم نفرا کثيرا فمن هناک اشاع نسبة قتل عثمان اليه او انضواء القتلة اليه و في کامل المبرد ج 2 ص 240 کان عروة بن الزبير يقول کان علي (ع) اتقي لله من ان يعين علي قتل عثمان.

[27] تحفة المحتاج شرح المنهاج للنووي ج 4 ص 110 و 112.

[28] شرح الشفا ج 3 ص 166 طبع سنة 1326.

[29] نيل الاوطار ج 7 ص 138.

[30] روح المعاني ج 26 ص 151 مصر.

[31] الاسلام و الحضارة العربية ج 2 ص 380.

[32] عمدة القاري للعيني ج 11 ص 346.

[33] عمدة القاري للعيني ج 11 ص 346.

[34] نيل الاوطار للشوکاني ج 3 ص 179 صلاة المسافر باب من اجتاز في بلد فتزوج فيه.

[35] نهج‏البلاغة ج 3 ص 304 في وصاياه (ع).