استشهاد باقي الأصحاب
و عن الشيخ المفيد انه بعد شهادة عبدالله بن الحسن حمل عسكر المخالف علي من بقي من أصحاب الحسين عليه السلام و قتلوهم من آخرهم، الا ثلاث أو أربع كانوا يحفظون الامام عليه السلام، و قتلوا أيضا هؤلاء، فبقي وحده، و قد أثخن بالجراح في رأسه و بدنه، فجعل يضاربهم بسيفه و هم يتفرقون عنه يمينا و شمالا. [1] .
قلت: هكذا وجدنا في التذكرة للفقيه النبيه شيخ مشايخنا في الاجازة، و ليس المدار علي التدقيق، فانها أمور تاريخية ممكنة، و ليس لأحد انكارها و لا استنكارها، لأنها ليست من الأحكام الشرعية، لا من الواجبات و لا المحرمات كما لا يخفي، و الله العالم.
قال في الناسخ: ان علماء التواريخ ذكروا عدد شهداء كربلاء أزيد من اثنين و سبعين نفرا [2] و ان هذا العدد (72) هم الذين جاؤا معه عليه السلام من المدينة في ركابه، و لكن قد لحق معه كثير في الطريق، و حين اقامته عليه السلام بمكة، غاية الأمر كان بعضهم يحلون البيعة، و البعض الآخر يلحقون به، و من جملتهم أن ثلاثين نفر من عسكر عمر بن سعد قد لحقوا به ليلة عاشوراء، و نحن أوردنا خمسا ممن استشهدوا قدم الامام عليه السلام مع ذكر السند الذين لم يذكرهم العلامة المجلسي رحمه الله، و هم:
1- علي بن الحر بن يزيد الرياحي.
2- مصعب، أخ الحر بن يزيد.
3- ابن آخر لمسلم بن عوسجة.
4- يحيي بن كثير.
5- عبدالرحمن بن عروة.
و نذكر الآن عدة أخري من الشهداء الذين لم يذكر هم المحدث المجلسي رحمه الله:
منهم: زياد مصاهر الكندي، ذكره السيد الشبر في المجلد الثاني من جلاء العيون، قال: انه حمل زياد مصاهر الكندي علي عسكر عمر بن سعد بعد مالك بن انس، و قتل منهم تسعة انفار، حتي قتل رحمه الله.
و منهم: ابراهيم بن الحسين، [3] برواية ابي مخنف لوط بن يحيي، بادر بالمقاتلة، - و يحيي هذا من أصحاب أميرالمؤمنين عليه السلام، و ابنه لوط المكني بأبي مخنف يعد من أصحاب الحسن و الحسين عليهما السلام، و كان حاضرا في المعركة - و بالجملة ارتجز ابراهيم قائلا:
أقدم حسين اليوم تلقي أحمدا
ثم أباك الطاهر المؤيدا
و الحسن المسموم ذاك الأسعدا
و ذا الجناحين حليف الشهدا
و حمزة الليث الكمي السيدا
في جنة الفردوس فازوا سعدا
ثم حمل علي عسكر عمر بن سعد، و قتل منهم خمسين نفرا، و في رواية أربع و ثمانين نفرا، ثم ارتجز قائلا:
اضرب منكم مفصلا و ساقا
ليهرق اليوم دمي اهراقا
و ترزق الموت أبا اسحاقا
أعني بني الفاجرة الفساقا [4] .
فقاتل حتي قتل.
و منهم: علي بن مظاهر: ثم حمل من بعده علي بن المظاهر الأسدي - علي ما رواه أبومخنف كما في شرح الشافية - و ارتجز و قال:
اقسمت لو كنا لكم اعدادا
أو شطركم وليتم امكادا
يا شر قوم حسبا و زادا
لا حفظ الله لكم أولادا
و قتل سبعين نفرا، ثم استشهد.
و منهم: المعلي بن علي، ذكره عن شريح الوافية و عن ابي مخنف، و كان معروفا بالشجاعة و الشهامة، و جاء الي الميدان و هو يرتجز و يقول:
أنا المعلي حافظا لا أجلي
ديني علي دين محمد و علي
أذب حتي ينقضي أجلي
ضرب غلام لا يخفي الوجل
أرجو ثواب الخالق الأزلي
ليختم الله بخير عملي
و قاتل و قتل منهم أربع و ستين رجلا، ثم حاصروه، و ضربوه و طعنوه من كل جانب حتي ضعف عن القتال، فأخذوه و أتوا به الي عمر بن سعد، فقال: لقد نصرت الحسين نصرة جيدة، فأمر اللعين بضرب عنقه، رضوان الله عليه.
و منهم: مالك بن داود.
و منهم: طرماح بن عدي: برز الي القوم من بعد المعلي و هو يرتجز و يقول:
اني طرماح شديد الضرب
و قد وثقت بالاله الرب
اذا نضيت في الهباج غضبي
يخشي قريني في القتال غلبي
فدونكم فقد قسيت قلبي
علي الطغاة لو بذلك صلبي
فحمل عليهم حتي أخذوه، و ضربوا عنقه، رحمة الله عليه.
و منهم: محمد بن مطاع: ذكره عن شريح الوافية أنه استأذن من الامام عليه السلام فبرز الي قتال القوم، حتي قتل منهم ثلاثين نفرا، ثم استشهد.
و منهم: عبدالرحمن الكدري و أخيه، برواية صاحب شرح الشافية أنهما قاتلا بين يدي الامام قتالا متواليا، و قتلا من القوم كثيرا، حتي قتلا رضوان الله عليهما.
و منهم: مالك بن أوس المالكي، برواية ابن اعثم الكوفي انه كان من العلماء
و الموثقين، فبرز و حمل علي القوم الظالمين، و قتل جماعة كثيرة، ثم قتل رضوان الله عليه.
و منهم: انيس بن معقل الأصبحي، علي ما في تاريخ الاعثم الكوفي أنه شري نفسه من الله، و استأذن من الامام عليه السلام، فبرز الي القتال و هو يرتجز و يقول:
أنا أنيس و أنا ابن معقل
و في يميني نصل سيف مصقل
أعلو بها الهامات وسط القسطل
عن الحسين الماجد المفضل
ابن رسول الله خير مرسل
ثم قاتل، و قتل منهم عشرة رجال، ثم قتلوه، رضوان الله عليه. [5] .
پاورقي
[1] الارشاد: 225 و 226- تذکرة الشهداء: 143.
[2] و لکن صرح ابوعلي مسکويه في کتابه تجارب الامم: 73 / 2 بکونهم اثنان و سبعون رجلا.
[3] جاء في مناقب ابن شهر اشوب انه ابراهيم بن الحصين الأزدي.
[4] راجع: المناقب: 105 /4، و فيه انه قتل منهم اربعة و ثمانين رجلا.
[5] ناسخ التواريخ: 211 -210: 2 / 6، راجع: الفتوح: 198 / 5 (مع اختلاف) - مقتل الخوارزمي: 19 / 2 (مع اختلاف يسير و زيادة) - مناقب ابن شهر آشوب: 103 / 4 (و فيه انه قتل نيفا و عشرين رجلا).