شهادة برير بن خضير الهمداني
و هو ممن اتم الحجة علي القوم، و قد مر احتجاجه في هامش صفحة 322 فراجع و كان هو شيخا تابعيا ناسكا قارئا للقرآن من شيوخ القراء و من أصحاب أميرالمؤمنين عليه السلام، و كان من اشراف أهل الكوفة من الهمدانيين، كذا في ابصار العين: 70.
ثم انه بعد الحر، ممن وفق بالشهادة برير بن خضير الهمداني - و كان من عباد الله
الصالحين [1] - فبرز و هو يقول:
أنا برير و أبي [2] خضير
ليث يروع الأسد عند الزئر
يعرف فينا الخير أهل الخير
أضربكم و لا أري من ضير
كذاك فعل الخير من برير [3] .
و جعل يحمل القوم و هو يقول: اقتربوا مني يا قتلة المؤمنين، اقتربوا مني يا قتلة أولاد البدريين [4] ، اقتربوا مني يا قتلة أولاد رسول رب العالمين و ذريته الباقين! و كان برير أقرأ أهل زمانه، فلم يزل يقاتل حتي قتل ثلاثين رجلا.
فبرز اليه رجل يقال له يزيد بن معقل، فقال لبرير: أشهد أنك من المضلين.
فقال له برير: هلم فلندع الله أن يلعن الكاذب منا، و أن يقتل المحق منا المبطل. [5] [6] .
فتصاولا، فضرب يزيد لبرير ضربة خفيفة لم يعمل شيئا، و ضربه برير ضربة قدت المغفر و وصلت الي دماغه، فسقط قتيلا.. [7] فحمل رجل من أصحاب ابن زياد فقتل بريرا رحمه الله، و كان يقاتل لقاتله بحير بن أوس الضبي، فجال في ميدان الحرب و جعل يقول [8] :
سلي تخبرني عني و أنت ذميمة
غداة حسين و الرماح شوارع
الي قوله:
قتلت بريرا ثم جلت لهمة
غداة الوغي لما دعا من يقارع [9] .
قال: ثم ذكر له بعد ذلك أن بريرا كان من عباد الله الصالحين، و جاءه ابن عم له [10] ، و قال: ويحك يا بحير، قتلت برير بن خضير، فبأي وجه تلقي ربك غدا؟
قال: فندم الشقي فأنشأ يقول:
فلو شاء ربي ما شهدت قتالهم
و لا جعل النعماء عند ابن جائر [11] .
لقد كان ذا عارا علي وسبة
يعير بها الأبناء عند المعاشر
فيا ليت اني كنت في الرحم حيضة
و يوم حسين كنت ضمن المقابر
فيا سوأتا ما ذا أقول لخالقي
و ما حجتي يوم الحساب القماطر [12] .
و في بعض الكتب: ان بريرا استأذن الامام عليه السلام أن يدخل خيمة عمر ابن سعد و يعظه، فاذن له، فلما دخل خيمته لم يسلم عليه، و جلس، فاعترضه اللعين بقوله: لم لا تسلم، أو لست بمسلم؟ أو لم اعترف بالله و رسوله؟ فقال له: لو كنت مسلما لما كنت تخرج علي عترة النبي، و ترضي بقتلهم، و لما منعت ماء الفرات عليهم مع ان الحيوانات من الكلاب و الخنازير يشربون منه. فنكس الخبيث رأسه فقال:.. ما أرضي أن يتولي ملك الري غيري. فجاء الي الامام عليه السلام و قال: قد رضي ابن سعد بقتلك لأجل وصوله الي ملك الري. [13] .
پاورقي
[1] المناقب: 100 / 4.
[2] و فتي خضير / مقتل الخوارزمي.
[3] راجع: الفتوح: 186 / 5 (مع اختلاف يسير).
[4] اولاد النبيين / الفتوح.
[5] و في اللهوف: 44 ان برير خضير کان زاهدا عابدا، فخرج اليه يزيد بن المغفل، فاتفقا علي المباهلة الي الله تعالي في أن يقتل منهما المبطل، و تلاقيا فقتله برير، و لم يزل يقاتل حتي قتل رضوان الله عليه - منه - رحمه الله -.
[6] راجع تاريخ الطبري 328 / 4 - الکامل: 66 / 4- مقتل الخوارزمي: 12 / 2 تجد تفصيل قضية المباهلة، ننقلها تعن الطبري قال: قال ابومخنف: و حدثني يوسف بن يزيد عن عفيف بن زهير بن أبي الأخنس و کان قد شهد مقتل الحسين عليه السلام قال: فقال: يا برير بن حضير، کيف تري الله صنع بک؟ قال: صنع الله و الله بي خيرا، و صنع الله بک شرا، قال: کذبت: و قبل اليوم ما کنت کذابا! هل تذکر و أنا أماشيک في بني لوذان و أنت تقول: ان عثمان بن عفان کان علي نفسه سرف، و ان معاوية بن أبي سفيان ضال مضل، و ان امام الهدي و الحق علي بن ابيطالب، فقال له برير بن حضير: أشهد ان هذا رأيي و قولي، فقال له يزيد بن معقل: فاني أشهد انک من الضالين، فقال له برير بن حضير: هل لک فلأ باهلک و لندع الله ان يلعن الکاذب و أن يقتل المبطل، ثم أخرج فلأ بارزک، قال: فخرجا فرفعا أيديهما الي الله يدعوانه أن يلعن الکاذب و أن يقتل المحق المبطل، ثم برز کل واحد منهما لصاحبه، فاختلفا ضربتين، فضرب يزيد بن معقل برير بن حضير ضربة خفيفة لم تضره شيئا، و ضربه برير بن حضير ضربة قدت المغفر و بلغت الدماغ، فخر کأنما هوي من حالق، و ان سيف بن حضير لثابت في رأسه، فکأني أنظر اليه ينضنضه من رأسه الي آخره.
[7] انظر: انساب الاشراف: 191 / 3- الکامل: 67 / 4 - مقتل الخوارزمي: 11 / 2 - المناقب: 101 / 4- اللهوف: 44.
[8] جاء في تاريخ الطبري: 329 / 4 أن القائل و القاتل هو کعب بن عمرو الازدي، و في انساب الاشراف 191 / 3 أن القاتل کعب بن جابر بن عمرو الازدي و ذکر تفصيلا آخرا لوصف القتال، ثم قال بعد ذلک: فلما رجع کعب بن جابر قالت له اخته النوار بنت جابر: أعنت علي ابن فاطمة؟ و قتلت بريرا سيد القراء؟ لقد أتيت [امرا] عظيما، و الله لا أکلمک أبدا.
[9] انظر تمام الابيات في تاريخ الطبري و الفتوح و مقتل الخوارزمي و البحار.
[10] يقال له عبيدالله بن جابر، کذا في الفتوح و مقتل الخوارزمي.
[11] ابن جابر، کذا في الفتوح.
[12] البحار: 15 / 45 - راجع: الفتوح: 187 / 5- انظر: تاريخ الطبري: 330 / 4 - مقتل الخوارزمي: 12 / 2.
[13] تذکرة الشهداء: 108.