بازگشت

شهادة الحر


قال المفيد رحمه الله: و حمل الحر بن يزيد علي أصحاب عمر بن سعد و هو يتمثل بقول عنترة:




ما زلت أرميهم بغرة [1] وجهه

و لبانه حتي تسربل بالدم [2] .



فبرز اليه رجل من بني الحارث [3] يقال له يزيد بن سفيان، فما لبثه الحر حتي قتله. [4] .

و قال: فلما رأي ذلك عروة بن قيس و هو علي خيل أهل الكوفة بعث الي عمر بن سعد: أما تري ما تلقي خيلي منذ اليوم من هذه العدة اليسيرة، ابعث اليهم الرجال و الرماة.

فبعث عليهم بالرماة، فعقر بالحر بن يزيد فرسه، فنزل عنه، فجعل يقول:



ان تعقروني [5] .



و ضربهم بسيفه، فتكاثروا عليه، فاشترك في قتله أيوب بن مسرح و رجل آخر من فرسان أهل الكوفة، و قاتل أصحاب الحسين عليه السلام القوم أشد القتال حتي انتصف النهار، فلما رأي الحصين بن نمير و كان الرماة صبر أصحاب الحسين عليه السلام تقدم الي أصحابه، و كانوا خمس مائة نابل، أن يرشقوا أصحاب الحسين عليه السلام بالنبل، فرشقوهم، فلم يلبثوا أن عقروا خيولهم، و جرحوا الرجال و أرجلوهم، و اشتد القتال بينهم ساعة. [6] .

و جاء في البحار رجزه:



اني أنا الحر و نجل الحر

أشجع من ذي لبد هزبر






و لست بالجبان عند الكر

لكنني الوقاف عند الفر [7] .



ثم لم يزل يقاتل حتي قتل رحمه الله، فاحتمله أصحاب الحسين عليه السلام حتي وضعوه بين يدي الحسين عليه السلام و به رمق، فجعل الحسين يمسح وجهه يقول: أنت الحر كما سمتك أمك، و أنت الحر في الدنيا، و أنت الحر في الآخرة. [8] .

و عن الصدوق: فأتاه الحسين عليه السلام و دمه يشخب فقال: بخ بخ يا حر، أنت حر - كما سميت - في الدنيا و الآخرة، ثم أنشأ الحسين عليه السلام يقول:



لنعم الحر حر بني رياح

و نعم الحر عند مختلف الرماح



و نعم الحر اذ نادي حسينا

فجاد بنفسه عند الصباح [9] .



و في رواية محمد بن أبي طالب من رجزه:



اني أنا الحر و مأوي الضيف

أضرب في أعناقكم بالسيف



عن خير من حل بأرض الخيف

أضربكم و لا أري من حيف [10] .



و روي أن الحر كان يقول:



آليت لا أقتل حتي أقتل

أضربهم بالسيف ضربا معضلا



لا ناقل عنهم و لا معللا

لا عاجز عنهم و لا مبدلا



أحمي الحسين الماجد المؤملا [11] .




و في بعض التواريخ ان الحر و ابنه بكير جاء الي الحسين عليه السلام و قالا: يا مولاي أرضيت عنا؟

قال عليه السلام: نعم.

قال الحر: فادع لنا.

فرفع الحسين يده الي السماء و قال: اللهم اني اسألك أن ترضي عنهما، فاني راض عنهما. [12] .

و في بعض الكتب انه كان للحر أبناء ثلاث استشهدوا في كربلاء الحجر و بكير و علي، و عن ابي اسحاق ان حجرا كان أميرا علي ألفين موكلا بالفرات [13] و عن بعض كان اميرا علي أربعة آلاف [14] اما الحر ففيه خلاف انه استشهد قبل الاصحاب او بعده، و البحث فيه قليل الجدوي، و العمدة هي نصرة الحسين و شهادته بين يديه، نعم روي الشيخ الصدوق في مجالسه انه حينما كان الحسين عليه السلام متوكيا علي سيفه ذاكرا نسبه و حسبه سمعه الحر، و توجه الي الحسين عليه السلام واضعا يده علي رأسه قائلا: «اللهم اليك انيب (انبت) فتب علي، فقد ارعبت قلوب أوليائك و أولاد نبيك، يا بن رسول الله هل لي من توبة؟ قال: نعم تاب الله عليك. [15] .

و في الناسخ ان عمر بن سعد نادي العسكر: ارموه، فرموه حتي استثخن و صار جلده كالقنفذ، فحملوه أصحاب الحسين عليه السلام، فجي ء به و فيه رمق من الحياة، فمسح الدم عن وجهه و قال: و الله ما اخطأت امك حيث سمتك حرا، و الله انك حر في الدنيا و الآخرة. [16] .


و في الارشاد و البحار انه اشترك في قتله ايوب بن مسرح، و رجل آخر من فرسان أهل الكوفة. [17] .

و في المناقب انه قتل منهم نيفا و أربعين رجلا [18] ، رضوان الله عليه.

و الحاصل: قد اشتد الحرب في الطرفين، و بان الانكسار في أصحاب الحسين، لقلة عددهم، فدخل الظهر فصلي الحسين مع أصحابه صلاة الخوف. [19] .


پاورقي

[1] بغثرة نحره / الطبري.

[2] انظر مثير الأحزان: 59.

[3] من بني‏تميم / الخوارزمي.

[4] الارشاد: 221- راجع تاريخ الطبري: 330 / 4 (تجد تفصيله) - و کذا مقتل الخوارزمي، 10 / 2 اعلام الوري: 244- انظر الکامل: 674 -و 96 - کشف الغمة: 50 / 2.

[5] ان تعقروا بي / الخوارزمي. فأنا ابن الحر

أشجع من ذي لبد هزبر**زيرنويس=الارشاد: 221- انظر تاريخ الطبري: 333 / 4- الفتوح: 185 / 5 (مع اختلاف) - انساب الاشراف: 192 / 3 - مقتل الخوارزمي: 11 / 2- مثير الأحزان: 60- البداية: 182 / 4.

[6] الارشاد: 221- راجع اعلام الوري: 245.

[7] انظر الفتوح: 186/ 5 - مقتل الخوارزمي: 11 / 2 (مع اختلاف).

[8] البحار: 14 / 45 - راجع انساب الأشراف: 189 / 3 (و فيه انه قاله عليه ‏السلام لما صار الحر اليه: و فيه: أنت و الله لحر في الدنيا و الآخرة) - الفتوح: 186 / 5 - مقتل الخوارزمي: 11 / 2- انظر: تذکرة الخواص: 252- اللهوف: 44.

[9] أمالي الصدوق: 160- راجع: الفتوح 186 / 5- انظر: انساب الاشراف: 189 / 3- مقتل الخوارزمي: 11 / 2.

[10] راجع: المناقب: 100 / 4 و مقتل الخوارزمي: 10 / 2 (باختلاف يسير) - انظر: انساب الاشراف: 195 / 3 (بعضه).

[11] البحار: 41 / 45- راجع: تاريخ الطبري: 336 / 4 (مع اختلاف) - انظر: مقتل الخوارزمي: 11 / 2 و البداية: 183 / 8 (مع اختلاف).

[12] تذکرةالشهداء: 118.

[13] تذکرة الشهداء: 120.

[14] المصدر عن ابي‏مخنف.

[15] أمالي الصدوق: 159 -158.

[16] ناسخ التواريخ: 198 /2 -6.

[17] الارشاد: 222- البحار: 14 / 45 عنه.

[18] المناقب: 100 / 4.

[19] انظر: انساب الاشراف: 195 / 3- الارشاد: 222- المناقب: 103 / 4 - اعلام الوري: 246 - تذکرة الخواص: 252- البداية: 184 / 8.