بازگشت

احتجاجه ايضا


قال الصدوق: فبلغ العطش من الحسين عليه السلام و أصحابه، فدخل عليه رجل من شيعته يقال له يزيد بن الحصين الهمداني [1] - قال ابراهيم بن عبدالله راوي الحديث هو خال أبي اسحاق الهمداني -، فقال: يا ابن رسول الله، أتأذن لي فأخرج اليهم، فأكلمهم.

فأذن له، فخرج اليهم فقال: يا معشر الناس، ان الله عزوجل بعث محمدا بالحق بشيرا و نذيرا و داعيا الي الله باذنه و سراجا منيرا. [2] و هذا ماء الفرات تقع فيه خنازير السواد و كلابها، و قد يحل بينه و بين ابنه.

فقالوا: يا يزيد: فقد أكثرت الكلام فاكفف! فو الله ليعطشن الحسين كما عطش من كان قبله. [3] .


فقال الحسين عليه السلام اقعد يا يزيد.

ثم وثب الحسين عليه السلام متوكيا علي سيفه، فنادي بأعلي صوته فقال: «أنشدكم الله، هل تعرفوني؟!

قالوا: نعم، أنت ابن رسول الله و سبطه!

قال: أنشدكم الله هل تعلمون أن جدي رسول الله؟

قالوا: اللهم نعم.

قال: أنشدكم الله، هل تعلمون أن أمي فاطمة بنت محمد؟

قالوا: اللهم نعم.

قال: أنشدكم الله، هل تعلمون أن أبي علي بن أبي طالب؟

قالوا: اللهم نعم.

قال: أنشدكم الله، هل تعلمون أن جدتي خديجة بنت خويلد أول نساء هذه الأمة اسلاما؟

قالوا: اللهم نعم.

قال: أنشدكم الله، هل تعلمون أن سيدالشهداء حمزة عم أبي؟


قالوا: اللهم نعم.

قال: فأنشدكم الله، هل تعلمون أن جعفر الطيار في الجنة عمي؟

قالوا: اللهم نعم.

قال: فأنشدكم الله، هل تعلمون أن هذا سيف رسول الله، و أنا متقلده؟

قالوا: اللهم نعم.

قال: فأنشدكم الله، هل تعلمون أن هذه عمامة رسول الله أنا لا بسها؟

قالوا: اللهم نعم.

قال: فأنشدكم الله هل تعلمون أن عليا كان أولهم اسلاما، و أعلمهم علما، و أعظمهم حلما، و انه ولي كل مؤمن و مؤمنة؟!

قالوا: اللهم نعم.

قال: فبم تستحلون دمي، و أبي الذائذ عن الحوض غدا، يذود عنه رجالا كما يذاد البعير الصادر عن الماء، و لواء الحمد في يد جدي يوم القيامة؟

قالوا: قد علمنا ذلك كله، و نحن غير تاركيك حتي تذوق الموت عطشا!

فأخذ الحسين عليه السلام بطرف لحيته - و هو يومئذ ابن سبع و خسمين سنة - ثم قال: اشتد غضب الله علي اليهود حين قالوا: عزير ابن الله، و اشتد غضب الله علي النصاري حين قالوا: المسيح ابن الله، و اشتد غضب الله علي المجوس حين عبدوا النار من دون الله، و اشتد غضب الله علي قوم قتلوا نبيهم، و اشتد غضب الله علي هذه العصابة الذين يريدون قتل ابن نبيهم». [4] .


قال السيد رحمه الله: فلما خطب هذه الخطبة، و سمعت بناته و أخته زينب كلامه بكين و ندبن و لطمه، و ارتفعت أصواتهن، فوجه اليهن أخاه العباس و عليا ابنه، و قال لهما: سكتاهن، و لعمري ليكثرن بكاءهن. [5] .

قال الطبسي: و لقد أتم الحجة عليهم بأتقن بيان، لئلا يقولوا يوم القيامة، بانه ما عرف نفسه، و ما علمنا أنه ابن بنت محمد صلي الله عليه و آله، و بين عليهم جميع الخصوصيات التي تحرق القلوب، و بعد أن أقام الحجة عليهم و تصديقهم اياه و اعترافهم بجميع ما قال قالوا: قد علمنا ذلك كله، و نحن غير تاركيك، و في مقام آخر قالوا: نقتلك بغضا لأبيك، [6] و لا يندمل الجروح من قلوب الشيعة الا بظهور ولده الحجة المهدي المنتظر، فانه ولي الثأر و المنتقم منهم.


پاورقي

[1] برير بن حضير الهمداني / الفتوح - مقتل الخوارزمي (و فيه بن خضير).

[2] اشارة الي قولة تعالي: (يا أيها النبي، انا ارسلناک شاهدا و مبشرا و نذيرا، و داعيا الي الله باذنه و سراجا منيرا)، الاحزاب: 46 - 45.

[3] و يشبهه احتجاج زهير بن القين رضوان الله تعالي عليه للقوم نقله عن تاريخ الطبري 323 / 4 عن ابي‏مخنف باسناه عن کثير بن عبدالله الشعبي، قال: لما زحفنا قبل الحسين خرج الينا زهر بن القين علي فرس له ذنوب شاک في السلاح، فقال: يا أهل الکوفة، نذارلکم من عذاب الله نذار! ان حقا علي المسلم نصيحة أخيه المسلم، و نحن حتي الآن اخوة، و علي دين واحد، و ملة واحدة، ما لم يقع بيننا و بينکم السيف، و أنت للنصيحة منا أهل، فاذا وقع السيف انقطعت العصمة، و کنا امة و أنتم امة، ان الله قد ابتلانا و اياکم بذرية نبيه محمد صلي الله عليه و آله لينظر ما نحن و أنتم عاملون، انا ندعوکم الي نصرهم و خذلان الطاغية عبيدالله بن زياد، فانکم لا تدرکون منها الا بسوء عمر سلطانهما، کله ليسملان أعينکم، و يقطعان أيديکم و أرجلکم، و يمثلان بکم، و يرقعانکم علي جذوع النخل، و يقتلان أماثلکم و قراءکم أمثال حجر بن عدي و أصحابه، و هاني بن عروة و أشباهه، قال: فسبوه و أثنوا علي عبيدالله بن زياد و دعوا له، و قالوا: و الله! لا نبرح حتي نقتل صاحبک و من معه، أو نبعث به و بأصحابه الي الأمير عبيدالله سلما، فقال لهم: عبادالله! ان ولد فاطمة رضوان الله عليها أحق بالود و النصر من ابن سمية، فان لم تنصروهم فأعيذکم بالله أن تقتلوهم، فخلوا بين هذا الرجل و بني ابن عمه يزيد بن معاوية، فلعمري ان يزيد ليرضي من طاعتکم بدون قتل الحسين، قال: فرماه شمر بن ذي الجوشن بسهم و قال: اسکت، اسکت الله نأمتک، أبرمتنا بکثرة کلامک! فقال له زهير: يا ابن البوال علي عقبيه، ما اياک أخاطب، انما أنت بهيمة، و الله ما أظنک تحکم من کتاب الله آيتين، فأبشر بالخزي يوم القيامة و العذاب الأليم، قال له شمر: ان الله قاتلک و صاحبک عن ساعة، قال: افبا لموت تخوفني، فو الله للموت معه أحب الي من الخلد معکم، قال: ثم أقبل علي الناس رافعا صوته، فقال: عباد الله، لا يغرنکم من دينکم هذا الجلف الجافي و أشباهه، فو الله لا تنال شفاعة محمد صلي الله عليه و آله قوما هراقوا دماء ذريته و أهل بيته و قتلوا من نصرهم و ذب عن حريمهم، قال فناداه رجل، فقال له: ان أبا عبدالله يقول لک أقبل، فلعمري لئن کان مؤمن آل فرعون نصح لقومه و أبلغ في الدعاء، لقد نصحت لهؤلاء، و أبلغت لو نفع النصح و الابلاغ، و اشار اليه تاريخ اليعقوبي: 244 / 2.

[4] أمالي الصدوق: 158، مجلس 30، حديث رقم 1، رواه مسندا عن الامام زين‏العابدين عليه ‏السلام - اللهوف: 36- روي آخره مع اختلاف يسير في: الفتوح: 184 / 5 - مثير الأحزان: 58- اللهوف: 42، و جاء في مثير الأحزان: «... و الله لا اجيبهم الي شي‏ء مما يطلبون حتي القي الله تعالي و أنا مخضب بدمي، مغلوب علي حقي» نقله عن عدي بن حرملة، قال: قاله عليه ‏السلام لما زحف عمر بن سعد الي الحسين عليه ‏السلام، و اخرج نحوه في الفتوح، اللهوف: 42- مقتل الخوارزمي: 9 / 2 - البحار: 12 /45- و جاء في الفتوح بعد ذلک: ثم صاح الحسين: اما من مغيث يغيثنا لوجه الله؟ اما من ذاب يذب عن حرم رسول‏ الله، و تجد في مقتل الخوارزمي.

[5] اللهوف: 37.

[6] ينابيع المودة 80: 3.