بازگشت

احتجاجه علي القوم لعنهم الله


ثم دعا الحسين عليه السلام براحلته [1] .

فركبها و نادي بأعلي صوته: «يا أهل العراق -


وجلهم يسمعون - فقال:

أيها الناس، اسمعوا قولي و لا تعجلوا حتي أعظكم بما يحق لكم علي، و حتي أعذر اليكم [2] فان أعطيتموني النصف كنتم بذلك أسعد، و ان لم تعطوني النصف من أنفسكم (فأجمعوا رأيكم [و شركاءكم] [3] ثم لا يكن أمركم عليكم غمة، ثم اقضوا الي و لا تنظرون) [4] ان وليي الله الذي نزل الكتاب، و هو يتولي الصالحين). [5] .

ثم حمد الله و أثني عليه، و ذكر الله تعالي بما هو أهله، و صلي علي النبي صلي الله عليه و آله و علي ملائكته و أنبيائه، فلم يسمع متكلم قط قبله و لا بعده أبلغ في منطق منه، ثم قال: [6] .

أما بعد، فانسبوني فانظروا من أنا، ثم راجعوا أنفسكم و عاتبوها فانظروا هل يصلح لكم قتلي و انتهاك حرمتي، ألست ابن بنت نبيكم، و ابن وصيه و ابن عمه [7] و أول المؤمنين المصدق لرسول الله صلي الله عليه و آله بما جاء به من عند ربه؟! أو ليس حمزة سيدالشهداء عمي؟ أو ليس جعفر الطيار في الجنة بجناحين عمي؟ أو لم يبلغكم ما قال رسول الله صلي الله عليه و آله لي و لأخي: «هذان سيدا شباب أهل الجنة» [8] فان صدقتموني بما أقول و هو


الحق و الله ما تعمدت كذبا منذ علمت أن الله يمقت عليه أهله، و ان كذبتموني فان فيكم من ان سألتموه عن ذلك أخبركم، [9] .

سلوا جابر بن عبدالله الأنصاري و أبا سعيد الخدري و سهل بن سعد الساعدي و زيد بن أرقم و أنس بن مالك يخبرونكم أنهم سمعوا هذه المقالة من رسول الله صلي الله عليه و آله لي و لأخي، أما في هذا حاجز لكم عن سفك دمي؟!

فقال له شمر بن ذي الجوشن: هو يعبدالله علي حرف ان كان يدري ما يقول؟ [10] .

فقال له حبيب بن مظاهر: و الله اني لأراك تعبدالله علي [11] سبعين حرفا، و أنا أشهد أنك صادق ما تدري ما يقول قد طبع الله علي قلبك.

ثم قال لهم الحسين عليه السلام: فان كنتم في شك من هذا أفتشكون أني ابن بنت نبيكم، فو الله ما بين المشرق و المغرب ابن بنت نبي غيري فيكم و لا في غيركم، ويحكم! أتطلبوني بقتيل منكم قتلته؟! أو مال لكم استهلكته؟ أو بقصاص [من] [12] جراحة؟


فأخذوا لا يكلمونه، فنادي: يا شبث بن ربعي، و يا حجار بن أبجر، و يا قيس بن الأشعث، يا يزيد بن الحارث، ألم تكتبوا الي أن قد أينعت الثمار و اخضر الجناب [13] و انما تقدم علي جند لك مجند. [14] .

فقال له قيس بن الأشعث: ما ندري ما تقول، و لكن انزل علي حكم بني عمك! فانهم لم يروك الا ما تحب!

فقال له الحسين عليه السلام: [15] لا و الله، لا أعطيكم بيدي اعطاء الذليل، و لا أفر فرار العبيد. [16] .

ثم نادي: يا عباد الله، (اني عذت بربي و ربكم أن ترجمون) [17] (أعوذ بربي و ربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب.» [18] .

ثم انه أناخ راحلته، و أمر عقبة بن سمعان فعقلها، فأقبلوا يزحفون نحوه. [19] .



پاورقي

[1] أورد العلامة المجلسي رحمه الله في البحار: 5 / 45 عن محمد بن أبي‏طالب ما يناسب ذکره هنا، قال: و رکب أصحاب عمر بن سعد، فقرب الي الحسين فرسه فاستوي عليه، و تقدم نحو القوم في نفر من أصحابه، و بين يديه برير بن خضير، فقال له الحسين عليه ‏السلام: کلم القوم، فتقدم برير فقال: يا قوم اتقو الله، فان ثقل محمد قد أصبح بين أظهرکم، هؤلاء ذريته و عترته و بناته و حرمه، فهاتوا ما عندکم و ما الذي تريدون أن تصنعوه بهم. فقالوا: نريد أن نمکن منهم الأمير ابن‏ زياد، فيري رأيه فيهم، فقال لهم برير: أفلا تقبلون منهم أن يرجعوا الي المکان الذي جاءوا منه؟ ويلکم يا أهل بيت نبيکم و زعمتم أنکم تقتلون أنفسکم دونهم، حتي اذا أتوکم أسلمتموهم الي ابن ‏زياد، و حلأتموهم عن ماء الفرات؟! بئس ما خلفتم نبيکم في ذريته، مالکم لا سقاکم الله يوم القيامة، فبئس القوم أنتم. فقال له نفر منهم: يا هذا ما ندري ما تقول؟ فقال برير: الحمد لله الذي زادني فيکم بصيرة، اللهم اني أبرأ اليک من فعال هؤلاء القوم، اللهم ألق بأسهم بينهم حتي يلقوک و أنت عليهم غضبان، فجعل القوم يرمونه بالسهام، فرجع برير الي ورائه.

و تقدم الحسين عليه ‏السلام حتي وقف بازاء القوم، فجعل ينظر الي صفوفهم کأنهم السيل، و نظر الي ابن‏سعد واقفا في صناديد الکوفة، فقال: الحمد لله الذي خلق الدنيا فجعلها دار فناء و زوال، متصرفة بأهلها حالا بعد حال، فالمغرور من غرته و الشقي من فتنته، فلا تغرنکم هذه الدنيا، أسخطتم الله فيه عليکم و أعرض بوجهه الکريم عنکم، و أحل بکم نقمته، و جبنکم رحمته، فنعم الرب ربنا، و بئس العبيد أنتم، أقررتم باطاعة، و آمنتم بالرسول محمد صلي الله عليه و آله ثم انکم زحفتم الي ذريته و عترته تريدون قتلهم، لقد استحوذ عليکم الشيطان، فأنساکم ذکر الله العظيم، فتبا لکم و لما تريدون، انا لله وانا اليه راجعون، هؤلاء قوم کفروا بعد ايمانهم فبعدا للقوم الظالمين. فقال عمر: ويلکم، کلموه فانه ابن أبيه، و الله لو وقف فيکم هکذا يوما جديدا لما انقطع و لما حصر، فکلموه، فتقدم شمر لعنه الله فقال: يا حسين، ما هذا الذي تقول؟ أفهمنا حتي نفهم، فقال: أقول اتقوا الله ربکم و لا تقتلوني فانه لا يحل لکم قتلي و لا انتهاک حرمتي، فاني ابن بنت نبيکم، و جدتي خديجة زوجة نبيکم، و لعله قد بلغکم قول نبيکم الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة - الي آخر ما سيأتي برواية المفيد.

انظر: الفتوح: 182/ 5 - مقتل الخوارزمي: 252 / 1.

[2] من مقدمي عليکم / الطبري.

[3] في نسخة الطبري: کما في الآية الشريفة، و اورد فيه بعد ذلک ذکر الآيتين الشريفتين انه لما سمع اخواته کلامه هذا صحن و بکين و بکي بناته، فارتفعت أصواتهن، فأرسل اليهن أخاه العباس بن علي و عليا ابنه، و قال لهما: اسکتاهن، فلعمري ليکثرن بکاؤهن.. و اخرج نحوه ابن کثير في البداية: 179 / 8.

[4] سورة يونس: 71.

[5] سورة الاعراف: 196.

[6] و في مثير الأحزان: 51 انه قام عليه ‏السلام فاکتأ علي سيفه ثم قال...

[7] و ابن اولي الناس بالمؤمنين من أنفسهم / المصدر.

[8] راجع فضائل الخمسة من الصحاح الستة: 264 - 259 / 3 فانه نقل ذلک عن الترمذي 306 / 2 و 307 - مسند احمد: 3 / 3 و 62 و 82 - حلية الاولياء 139/4 و ج 71 / 5 - تاريخ بغداد: 232 -231 / 9 و في 90 / 10 - تهذيب التهذيب 3 في ترجمة زياد بن جبير و ترجمة سويد بن سعيد - خصائص النسائي: 36- مستدرک الحاکم: 167 / 3 تاريخ بغداد: 140 / 1 و 185 / 2 و 4 / 12 و 372 / 6 و 230 / 10 - الاصابة: 266 / 1 و 186 / 6 - کنزل العمال: 220 / 6 و 221 و 107 / 7 و 111 - مجمع الزوائد: 182 / 9 و 183 و 184 - کنوز الحقائق: 81 - ذخائرالعقبي: 129 و 130 و 187 - عن عدة منهم ابي‏سعيد الخدري و حذيفة و ابن عمر و علي بن ابي‏طالب عليه ‏السلام وجهم و جابر ابي هريرة و اسامة و براء بن عازب و ابن مسعود و ابن عباس و ابي رمثة و انس بن مالک و عمر بن الخطاب و قرة بن اياس و ابي‏بکر.

[9] نقل ابن‏نما في مثير الأحزان: 51، بعد ذکره عليه ‏السلام الراوية انه قال: أما في هذا حاجز لکم عن سفک دمي و انتهاک حرمتي؟ قالوا: ما نعرف شيئا مما تقول!! فقال: ان فيکم من ان سألتموه لأخبرکم انه سمع ذلک من رسول‏ الله صلي الله عليه و آله في و في أخي، سلوا.. وعد منهم «البراء بن عازب»، و ليس فيه ذکر «أبي سعيد الخدري».

[10] جاء في الرد علي المتعصب لابن الجوزي انه قال عليه اللعنة: انا أعبد الله علي حرف ان کنت أدري ما تقول: و أخرج نحوه في مثير الأحزان: 39، و البداية: 179 / 8 - و تذکرة لخواص: 252.

[11] ألف حرف، و اني أشهد أنک لا تعرف شيئا مما يقول، ان الله قد طبع علي قلبک / مثير الأحزان.

[12] اثبتناه من البحار.

[13] و طمت الجمام / انساب الاشراف: 188 / 3.

[14] زاد الطبري: فأقبل، قالوا له: لم نفعل، فقال: سبحان الله، بلي و الله لقد فعلتم، ثم قال: أيها الناس، اذ کرهتموني فدعوني أنصرف عنکم الي مأمني من الأرض، فقال له قيس بن الأشعث... و اخرج نحوه الکامل و البداية، و أشار اليه تذکرة الخواص: 251.

[15] روي ابن کثير في البداية: 179 / 9 و غيره انه قال عليه ‏السلام: أنت أخو اخيک، أتريد أن تطلبک بنوهاشم بأکثر من دم مسلم بن عقيل؟، لا و الله لا أعطيکم.. و الامام يشير الي ما فعله اخوه محمد بن اشعث في قضية مسلم بن عقيل.

[16] و لا اقر اقرار العبيد / البداية.

[17] الدخان: 20.

[18] غافر: 27.

[19] الارشاد: 217، راجع الطبري: 322 / 4- انساب الاشراف: 188 / 3 - الکامل: 61 / 4- مثير الأحزان: 51- اعلام الوري: 240- البداية: 179 / 8- البحار: 6 / 45، انظر تذکرة الخواص: 252- تاريخ اليعقوبي: 244 / 2 - مقتل الخوارزمي: 253 / 1.