بازگشت

ابن زياد و عمر بن سعد


و في تاريخ الاعثم الكوفي - الذي هو من أقدم التواريخ، المتوفي في سنة 314 بعد ذكر مجي ء رسول ابن زياد اليه و اخباره بعدم اعتناء الحسين عليه السلام بكتابه و غضب ابن زياد لذلك قال: ثم جمع [ابن زياد] أصحابه، و قال:

أيها الناس: من منكم تولي قتال الحسين بن علي ولي ولاية أي بلد شاء، فلم يجبه أحد بشي ء، قال: فالتفت الي عمر بن سعد بن أبي وقاص، و قد كان عمر بن سعد قبل ذلك بأيام قد عقد له عبيدالله بن زياد عقدا و ولاه الري و دستبي و أمره بحرب الديلم، فأراد أن يخرج اليها، فلما كان ذلك اليوم أقبل عليه ابن زياد فقال: أريد أن تخرج الي قتال الحسين بن علي، فاذا نحن فرغنا من شغله سرت الي عملك ان شاء الله.

فقال عمر: أيها الأمير، ان أردت أن تعفيني من قتال الحسين بن علي فافعل. فقال: قد عفيتك، فاردد الينا عهدنا الذي كتبناه لك و اجلس في منزلك نبعث غيرك.

فقال له عمر: أمهلني اليوم حتي أنظر في أمري.

قال: قد أمهلتك.


فانصرف عمر الي منزله، و جعل يستشير بعض اخوانه و من يثق به، فلم يشر عليه أحد بشي ء غير أنه يقول له: اتق الله، و لا تفعل.

قال: و أقبل عليه حمزة بن المغيرة بن شعبة و هو ابن أخته، فقال: أنشدك الله يا خال أن تسير الي الحسين بن علي، فانك تأثم بربك، و تقطع رحمك، و مالك و لسلطان الأرض، اتق الله ان تتقدم يوم القيامة بدم الحسين ابن فاطمة.

قال: فسكت عمر، و في قلبه من الري.

فلما أصبح أقبل حتي دخل علي عبيدالله بن زياد، فقال: ما عندك يا عمر؟

فقال: أيها الأمير، انك قد وليتني هذا الأمر و كتبت لي هذا العهد، و قد سمع به الناس و في الكوفة أشراف - وعدهم -.

فقال له عبيدالله بن زياد: أنا اعلم منك بأشرافها، و ما أريد منك الا أن تكشف هذه الغمة، و أنت الحبيب القريب، و الا أردد علينا عهدنا و ألزم منزلك، فانا لا نكرهك.

قال: فسكت عمر.

فقال له ابن زياد: يا ابن سعد، و الله لئن لم تسر الي الحسين و تتول حربه و تقدم علينا بما يسوءه، لأضربن عنقك، و لأنهبن أموالك.

قال: فاني سائر اليه غدا ان شاء الله، فجزاه ابن زياد خيرا، و وصله و أعطاه و حياه، و دفع اليه أربعة آلاف فارس. [1] .

و ذكر الخوارزمي ان ابن زياد جمع أصحابه، فقال: أيها الناس، من منكم يتولي قتال الحسين بولاية أي بلد شاء، فلم يجبه أحد.

فالتفت الي عمر بن سعد بن أبي وقاص، و كان ابن زياد قبل ذلك بأيام قد عقد له


و ولاه الري، و تستر و أمره، بحرب الديلم، و أعطاه عهده و أخره من أجل شغله بأمر الحسين، و قال له: يابن سعد، أنت لهذا الأمر، فاذا فرغت سرت الي عملك ان شاء الله!

فقال عمر! ان رأيت أيها الأمير أن تعفيني عن قتال الحسين فعلت منعما.

فقال عبيدالله: فانا قد أعفيناك، فاردد الينا عهدنا ألذي كتبناه لك، و اجلس في منزلك حتي نبعث غيرك.

فقال له عمر: فامهلني أيها الأمير اليوم حتي أنظر في أمري.

قال: قد أمهلتك. [2] .

قلت: و اللعين من بعدما استهمل ابن زياد يوما حتي ينظر في أمره، ما نام الليل متحيرا متفكرا، فبالنتيجة غلبت، شقوته، فأنشأ يقول:



فو الله ما أدري و اني لحائر

أفكر في أمري علي خطرين



ءأترك ملك الري و الري منيتي

ام أرجع مأثوما بقتل حسين



حسين ابن عمي و الحوادث جمة

لعمري ولي في الري قرة عين



و ان اله العرش يغفر زلتي

و لو كنت فيها أظلم الثقلين



ألا انما الدنيا بخير معجل

و ما عاقل باع الوجود بدين!



يقولون ان الله خالق جنة

و نار و تعذيب و غل يدين



فان صدقوا فيما يقولون انني

أتوب الي الرحمن من سنتين!!



و ان كذبوا فزنا بدنيا عظيمة

و ملك عقيم دائم الحجلين [3] .




و أجابه هاتف يقول:



ايها النغل الذي خاب سعيه

و راح من الدنيا بنجسة عين



ستصلي جحيما ليس يطفي لهيبها

و سعيك من دون الرجال بشين



اذا كنت قاتلت الحسين بن فاطم

و أنت تراه أشرف الثقلين



فلا تحسبن الري يا أخسر الوري

تفوز به من بعد قتل حسين [4] [5] .

و في تذكرة الخواص برواية محمد بن سيرين، أنه ظهرت كرامات علي بن ابي طالب عليه السلام في هذا، فانه لقي عمر بن سعد يوما و هو شاب، فقال: ويحك يا ابن سعد، كيف بك اذا أقمت يوما مقاما تخير فيه بين الجنة و النار، فتختار النار؟ [6] .

قلت: سود الله وجهه، و حشره مع الظالمين باختياره قتل ابن بنت رسول رب العالمين.



پاورقي

[1] الفتوح: 151 / 5، راجع تاريخ الطبري: 309 / 4- الکامل: 54 / 4 - مقتل الخوارزمي: 239 / 1 - البداية و النهاية: 174 / 8، و اشار اليه مختصرا انساب الاشراف: 176 / 3 - مقاتل الطالبيين: 112- تذکرة الخواص: 274- کشف الغمة: 47/ 2.

[2] مقتل الخوارزمي: 239 / 1 عن ابن الاعثم: راجع الفتوح: 151 / 5.

[3] مقتل ابي‏مخنف: 79، و ذکر بيتين منها في الکامل: 53 / 2 مع اختلاف يسير عند ذکر نصيحة ابن اخته حمزة بن المغيرة بن شعبة الآتي ذکره، و ذکر بعضها ايضا مع اختلاف يسير في الفتوح: 172 / 5 و مقتل الخوارزمي 248 / 1 و کشف الغمة: 47 / 2 مع ذکر کونه بکربلاء عند لقاء برير بن حضير اياه، کما في الاولين او يزيد بن حصين الهمداني، من أصحاب الحسين عليه ‏السلام کما في الاخير بعد اشتداد امر العطش علي آل الرسول، جاءه ليکلمه في امر الماء.. و في المناقب: 98 / 4 تري بعضها ايضا مع کونه بکربلاء عند ورود شمر بن ذي الجوشن بها، واتيانه رسالة ابن ‏زياد حول تشديد الامر علي الحسين عليه ‏السلام و اصحابه.

[4] ناسخ التواريخ: 173 / 2 - 6.

[5] و لنعم ما قيل بالفارسية:



گيرم که روزگار تو را مير ري کند

آخر نه مرگ نامه‏ي عمر تو طي کند



گيرم فزون شوي زسليمان به ملک و مال

با او وفا نکرد جهان با تو کي کند



- منه رحمه الله -.

[6] تذکرة الخواص: 247، مثير الأحزان: 50. ثم لا يخفي ان الامام عليه ‏السلام أخبر بما يصدر منه من الفجيعة العظمي و هو طفل يدرج بين يدي أبيه. روي جعفر بن محمد بن قولويه في کامل الزيارة: 74 انه کان أميرالمؤمنين يخطب الناس و هو يقول سلوني قبل ان تفقدوني، فو الله ما تسئلوني عن شي‏ء مضي و لا شي‏ء يکون الا نبأتکم به، قال: فقام اليه سعد بن ابي وقاص و قال: يا أميرالمؤمنين، اخبرني کم في رأسي و لحيتي من شعرة، فقال له: و الله لقد سألتني عن مسألة حدثني خليل رسول‏ الله صلي الله عليه و آله انک ستسألني عنها، و ما في رأسک و لحيتک من شعرة الا و في اصلها شيطان جالس، و ان في بيتک لسخلا يقتل الحسين ابني، و عمر يومئذ يدرج بين4 يدي أبيه. (رواه الشيخ الصدوق في أماليه: 133، مجلس 28، ح 1).