قال في الارشاد: و قام محمد بن الأشعث الي عبيدالله بن زياد، فكلمه في هاني بن عروة، فقال: انك قد عرفت منزلة هاني في المصر و بيته في العشيرة، و قد علم قومه أني أنا و صاحبي سقناه اليك، فأنشدك الله لما و هبته لي، فاني أكره عداوة المصر و أهله لي. فوعده أن يفعل، ثم بدا له، فأمر بهاني في الحال، فقال أخرجوه الي السوق، فاضربوا عنقه.

فأخرج هاني، حتي انتهي به مكانا من السوق، [1] .

كان يباع فيه الغنم و هو مكتوف، فجعل يقول: وا مذحجاه [2] .

و لا مذحج لي اليوم، يا مذحجاه يا مذحجاه و أين مذحج،


فلما رأي أن أحدا لا ينصره جذب يده فنزعها من الكتاف، ثم قال: أما من عصا أو سكين أو حجر أو عظيم يحاجز به [3] .

رجل عن نفسه؟!

فوثبوا اليه، فشدوه وثاقا، ثم قيل له: مد عنقك.

فقال: ما أنا بها بسخي، و ما أنا بمعينكم علي نفسي.

فضربه مولي لعبيدالله تركي يقال له رشيد بالسيف فلم يصنع شيئا، فقال هاني: الي الله المعاد، اللهم الي رحمتك و رضوانك. [4] .

ثم ضربه أخري فقتله. [5] .

و في مسلم بن عقيل و هاني بن عروة رحمة الله عليهما بقول عبدالله بن الزبير الأسدي:



فان كنت لا تدرين ما الموت فانظري

الي هاني في السوق و ابن عقيل



الي بطلب قد هشم السيف وجهه

و آخر يهوي من طمار قتيل



أصابهما أمر الأمري فأصبحا

أحاديث من يسري بكل سبيل



تري جسدا قد غر الموت لونه

و نضح دم قد سال كل سبيل [6] .



فتي هو أحيي من فتاة حيية

و أقطع من ذي شفرتين صقيل



أيركب أسماء الهماليج آمنا [7] .

و قد طلبته مذحج بذحول



تطيف [8] حواليه مراد و كلهم

علي رقبة من سائل و مسول






فان أنتم لم تثأروا بأخيكم

فكونوا بغايا أرضيت بقليل [9] .