بازگشت

كتاب الحسين الي أشراف الكوفة


و قال السيد رحمه الله: و كان الحسين عليه السلام قد كتب الي جماعة من أشراف البصرة كتابا مع مولي له اسمه سليمان و يكني أبارزين، يدعوهم فيه الي نصرته و لزوم طاعته، منهم يزيد بن مسعود النهشلي، و المنذر بن الجارود العبدي. [1] .


فجمع يزيد بن مسعود بني تميم، و بني حنظلة، و بني سعد، فلما حضروا قال: يا بني تميم! كيف ترون موضعي فيكم و حسبي منكم؟!

فقالوا: بخ بخ و الله فقرة الظهر، و رأس الفخر، حللت في الشرف وسطا، و تقدمت فيه فرطا!

قال: فاني قد جمعتكم لأمر أريد أن أشاوركم فيه، و أستعين بكم عليه.

فقالوا: انما و الله نمحك النصيحة، و نجهد لك الرأي، فقل حتي نسمع.

فقال: ان معاوية مات، فأهون به و الله هالكا و مفقودا، ألا و انه قد انكسر باب الجور و الاثم، و تضعضعت أركان الظلم، و قد كان أحدث بيعة عقد بها أمرا ظن أن قد أحكمه، و هيهات و الذي أراد، اجتهد و الله ففشل، و شاور فخذل، و قد قام يزيد شارب الخمور، و رأس الفجور، يدعي الخلافة علي المسلمين، و يتأمر عليهم بغير رضي منهم، مع قصر حلم، و قلة علم، لا يعرف من الحق موطأ قدميه. فأسم الله قسما مبرورا لجهاده علي الدين أفضل من جهاد المشركين، و هذا الحسين بن علي ابن رسول الله صلي الله عليه و آله ذو الشرف الأصيل، و الرأي الأثيل، له فضل لا يوصف، و علم لا ينزف، و هو أولي بهذا الأمر، لسابقته و سنه و قدمته و قرابته، يعطف علي الصغير، و يحنو علي الكبير، فأكرم به راعي رعية، و امام قوم وجبت لله به الحجة، و بلغت به الموعظة، فلا تعشوا عن نور الحق، و لا تسكعوا في و هدة الباطل، فقد كان صخر بن قيس انخذل بكم يوم الجمل، فاغسلوها بخروجكم الي ابن رسول الله و نصرته، و الله لا يقصر أحد عن نصرته الا أورثه الله الذل في ولده، و القلة في عشيرته، و ها أنا قد لبست للحرب لأمتها، و ادرعت لها بدرعها، من لم يقتل يمت، و من يهرب لم يفت، فأحسنوا رحمكم الله رد الجواب.


فتكلمت بنوحنظلة، فقالوا: يا أباخالد، نحن نبل كنانتك، و فرسان عشيرتك، ان رميت بنا أصبت، و ان غزوت بنا فتحت، لا تخوض و الله غمرة الا خضناها، و لا تلقي و الله شدة الا لقيناها، ننصرك و الله بأسيافنا، و نقيك بأبداننا، اذا شئمت فافعل.

و تكلمت بنوسعد بن يزيد، فقالوا: يا أباخالد، ان أبغض الأشياء الينا خلافك و الخروج من رأيك..

و تكلمت بنو عامر بن تميم، فقالوا: يا أبا خالد نحن بنو أبيك و حلفاؤك، لا نرضي ان غضبت، و لا نوطن ان ظعنت، و الأمر اليك، فادعنا نجبك، و مرنا نطعك، و الأمر لك اذا شئت.

فقال: و الله يا بني سعد لئن فعلتموها لا رفع الله السيف عنكم أبدا، و لا زال سيفكم فيكم. [2] .

ثم كتب الي الحسين عليه السلام:

«بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد، فقد وصل كتابك، و فهمت ما ندبتني اليه و دعوتني له، من الأخذ بحظي من طاعتك، و الفوز بنصيبي من نصرتك، و ان الله لم يخل الأرض قط من عامل عليها بخير، أو دليل علي سبيل نجاة، و أنتم حجة الله علي خلقه، و وديعته في أرضه، تفرعتم من زيتونة أحمدية، هو أصلها، و أنتم فرعها، فأقدم سعدت بأسعد طائر، فقد ذللت لك أعناق بني تميم، و تركتهم أشد تتابعا في طاعتك من الابل الظماء لورود الماء يوم خمسها و كظها، و قد ذللت لك رقاب بني سعد، و غسلت درن صدورها بماء سحابة مزن حين استهل برقها فلمع». [3] .

فلما قرأ الحسين الكتاب قال: ما لك آمنك الله يوم الخوف، و أعزك و أرواك يوم العطش الأكبر. [4] .


قلت: و لكن بعض المنافقين أفسدوا الأمر، فانه لما وصل الجواب عن الحسين عليه السلام لم يبق أحد من الأشراف الا قرأ الكتاب و كتم ما خلا اللعين المنذر بن الجارود، [5] .

و كانت ابنته تحت ابن زياد (لعنه الله) فلما قرأ ابن الجارود الكتاب قبض الرسول و أدخله علي ابن زياد، فلما قرأ ابن زياد الكتاب أمر بصلب الرسول و ضرب عنقه، [6] .

و صعد اللعين المنبر، و خوف أهل البصرة، و لم يقدر يزيد بن مسعود رحمه الله و أصحابه ان يلحقوا بالحسين عليه السلام و ينصروه. [7] .


پاورقي

[1] اللهوف: 17- راجع الفتوح: 62 / 5 - مقتل الخوارزمي: 199 / 1- مثير الأحزان: 27- الکامل في التاريخ: 23 / 4 - تاريخ الطبري: 366 -265 / 4- و حيث ان الطبري ذکر نص الرسالة بتفضيل أکثر، فنذکرها عنه: «اما بعد، فان الله اصطفي محمدا صلي الله عليه و آله علي خلقه، و أکرمه بنبوته، و اختاره لرسالته، ثم قبضه الله اليه و قد نصح لعباده، و بلغ ما أرسل به صلي الله عليه و آله، و کنا أهله و أولياءه و أوصياءه و ورثته، و أحق الناس بمقامه في الناس، فاستأثر علينا قولنا بذلک، و کرهنا الفرقة، و أحببنا العافية، و نحن نعلم أنا أحق بذلک الحق المستحق علينا ممن تولاه، و قد أحسنوا و أصلحوا و تحروا الحق، فرحمهم الله، و غفرلنا و لهم. و قد بعثت رسولي اليکم بهذا الکتاب، و أنا ادعوکم الي کتاب الله و سنة نبيه صلي الله عليه و آله، فان السنة قد أميتت، و ان البدعة قد أحييت، و أن تسمعوا قولي، و تطيعوا أمري، أهدکم سبيل الرشاد، و السلام عليکم و رحمة الله.» أما سائر التواريخ مثل انساب الاشراف: 78 / 2 و غيره فقد نقلوها بايجاز و اکتفي أکثرهم بذکر هذه الفقرة «فان السنة قد امتيت، و ان البدعة قد أحييت».

[2] اللهوف: 18 -17- البحار: 337 / 44 عنه - راجع مثير الأحزان: 29 -27.

[3] اللهوف: 18- البحار: 339 / 44 عنه - راجع مثير الأحزان: 29.

[4] اللهوف: 18- البحار: 339 / 44 عنه - راجع مثير الأحزان: 29.

[5] راجع انساب الاشراف: 78 / 2.

[6] راجع الفتوح: 63 / 5- اللهوف: 19- البحار: 339 / 44 - مقتل أبي‏مخنف: 139 (و فيه انه اول رسول قتل في الاسلام، کما عليه مقتل الخوارزمي، 199 / 1- مثير الأحزان: 27 و 29- الکامل في التاريخ: 23 / 4- تاريخ الطبري: 266 / 4).

[7] راجع اللهوف: 19- البحار: 339 / 44- تاريخ الطبري: 266 / 4- انساب الاشراف: 78 / 2 - مقتل الخوارزمي: 199 / 1 - مثير الأحزان: 30 -29- الکامل في التاريخ: 23 / 4.