بازگشت

محاولات يزيد لأخذ البيعة من الحسين


لما هلك معاوية - لعنه الله - جلس جروه يزيد سبعة أيام لأجل تعزية والده الميشوم الكافر الرجس، و في اليوم السابع خطب و دعي الناس لتجديد البيعة، و نزل من المنبر و جمع الامراء و الوزراء و استشارهم حول الحسين عليه السلام و عبدالله بن عمر و ابن زبير و عبدالرحمن بن أبي بكر، فقالوا: له ابعث الي المدينة ليأخذ لك البيعة [منهم] ، و ان لم يبايعوا فمر بأرسال رؤوسهم اليك؟ [1] .


فكتب - يزيد لعنه الله - كتابا الي والي المدينة وليد بن عتبة [2] [3] .

فلما وصل الكتاب ارسل مروان اثنين الي الحسين طلبا للبيعة. فوجدا الحسين عليه السلام و ابن الزبير في المسجد [4] .


قال الحسين عليه السلام:... اعتقد هلاك معاوية، و يريدون منا البيعة ليزيد.

اما ابن الزبير فمع أخيه ابراهيم هربا الي مكة، فخرج جماعة عددهم ثمانون نسمة وراءهم، فلم يظفروا بهم.

اما الحسين عليه السلام فرجع الي منزله، و عين من أقرباء خمسين نسمة مسلحين، و قال عليه السلام لهم: قفوا علي بابه، فانتظروا، ان سمعتم صوتي فادخلوا.

فدخل عليه و سلم، و كان مروان و الوليد جالسين علي السرير و جماعة قائمين.

و في رواية لما قرأ الوليد كتاب يزيد، قال الحسين عليه السلام: اني لا أراك تقنع ببيعتي ليزيد سرا حتي أبايعه جهرا، فيعرف ذلك الناس. [5] .

فقال له الوليد: أجل.

فقال الحسين عليه السلام: فتصبح و تري رأيك في ذلك.

فقال له الوليد: انصرف علي اسم الله تعالي حتي تأتينا مع جماعة الناس.

فقال له مروان: و الله لئن فارقك الحسين الساعة و لم يبايع لا قدرت منه علي مثلها أبدا حتي تكثر القتلي بينكم و بينه، احبس الرجل، فلا يخرج من عندك حتي يبايع، أو تضرب عنقه.

فوثب الحسين عليه السلام عند ذلك، و قال: أنت يا ابن الزرقاء تقتلني أم هو؟! كذبت و الله


و أثمت. [6] .

و خرج يمشي و معه مواليه حتي أتي منزله. [7] .

و عن ابن شهر آشوب انه كتب يزيد الي الوليد بن عقبة بن أبي سفيان بأخذ البيعة من الحسين و عبدالله بن عمر و عبدالله بن زبير و عبدالرحمن بن أبي بكر أخذا عنيفا [8] .

ليست فيه رخصة، فمن تأبي عليك منهم فاضرب عنقه، و ابعث الي برأسه. [9] [10] .


قال السيد: فلما أصبح الحسين عليه السلام فخرج من منزله يستمع الأخبار، فلقيه مروان، فقال له: يا أبا عبدالله، اني لك ناصح!! فأطعني ترشد!

فقال الحسين عليه السلام: و ما ذاك؟ قل حتي أسمع!

فقال مروان: اني آمرك ببيعة يزيد بن معاوية، فانه خير لك في دينك و دنياك!!

فقال الحسين عليه السلام: انا لله و انا اليه راجعون، و علي الاسلام السلام اذ قد بليت الأمة براع مثل يزيد و لقد سمعت جدي رسول الله صلي الله عليه و آله يقول: الخلافة محرمة علي آل أبي سفيان.


و طال الحديث بينه و بين مروان، حتي انصرف مروان و هو غضبان. [11] .


پاورقي

[1] قال ابن أعثم في الفتوح: 26 / 5: و بايع الناس بأجمعهم يزيد بن معاوية و ابنه معاوية بن يزيد من بعده، و فتح يزيد بيوت الأموال، فأخرج لأهل الشام أمولا جزيلة، ففرقها عليهم، ثم عزم علي الکتب الي جميع البلاد بأخذ البيعة له. قال: و کان علي المدينة يومئذ مروان بن الحکم، فعزله يزيد، و ولي مکانه الوليد بن عتبية بن أبي ‏سفيان، و کتب اليه. «من عبدالله يزيد بن معاوية أميرالمؤمنين الي الوليد بن عتبة اما بعد، فان معاوية... قد کان عهد الي عهدا، و جعلني له خليفة من بعده، و أوصاني ان احدث آل أبي‏تراب بآل أبي ‏سفيان، لأنهم أنصار الحق و طلاب العدل، فاذا ورد عليک کتاب هذا فخذ الحسين بن علي و عبدالرحمن بن أبي‏بکر و عبدالله بن الزبير و عبدالله بن عمر بن الخطاب أخذا عنيفا ليسف فيه رخصة فمن يأبي عليک منهم فاضرب عنقه و ابعث الي برأسه».

قال: فلما ورد کتاب يزيد علي الوليد بن عتبة و قرأه قال: انا لله و انا اليه راجعون. يا ويح الوليد بن عتبة، من أدخله في هذه الامارة، مالي و للحسين ابن فاطمة؟

قال: ثم بعث الي مروان بن الحکم فأراه الکتاب فقرأه و استرجع، ثم قال: يرحم الله أميرالمؤمنين معاوية!

أمير المؤمنين معاوية!

فقال الوليد: أشر علي برأيک في هؤلاء القوم کيف تري أن أصنع؟

فقال مروان: ابعث اليهم في هذه الساعة فتدعوه الي البيعة و الدخول في طاعة يزيد، فان فعلوا قبلک ذلک منهم، و ان أبوا قدمهم و اضرب أعناقهم قبل أن يدروا بموت معاوية، فانهم ان علموا ذلک وثب کل رجل منهم، فأظهر الخلاف، و دعا الي نفسه، فعند ذلک أخاف أن يأتيک من قبلهم ما لا قبل لک به، و ما لا يقوم له الا عبدالله بن عمر، فاني لا أراه ينازع في هذا الأمر أحدا الا أن تأتيه الخلافة، فيأخذها عفوا، فذر عنک ابن عمر، و ابعث الي الحسين بن علي و عبدالرحمن بن ابي‏بکر و عبدالله بن الزبير فادعهم الي البيعة، مع اني أعلم ان الحسين بن علي خاصة لا يجيبک الي بيعة يزيد أبدا، و لا يثري له عليه طاعة، و والله لو کنت في موضعک لم أراجع الحسين بکملة واحدة حتي أضرب رقبته کائنا في ذلک ما کان.

قال: فاطرق الوليد بن عتبة الي الأرض ساعة ثم رفع رأسه و قال: يا ليت الوليد لم يولد، و لم يکن شيئا مذکورا!

قال: ثم دمعت عيناه فقال له عدو الله مروان: أوه: أيها الأمير! لا تجزع مما قلت لک، فان آل أبي‏تراب هم الأعداء في قديم الدهر لم يزالوا، و هم الذين قتلوا الخليفة عثما بن عفان، ثم ساروا الي أميرالمؤمنين فحاربوه، و بعد فاني لست آمن أيها الأمير أنک ان لم تعاجل الحسين بن علي خاصة ان تسقط منزلتک عند أميرالمؤمنين يزيد.

فقال له الوليد بن عتبة: مهلا ويحک يا مروان عن کلامک هذا، و أحسن القول في ابن فاطمة، فانه بقية ولد النبيين.

قال: ثم بعث الوليد بن عتبة الحسين بن علي و عبدالرحمن بن أبي‏بکر و عبدالله بن عمر و عبدالله بن الزبير فدعاهم، فأقبل اليهم الرسول و الرسول عبدالله بن عمرو بن عثمان لم يصب القوم في منازلهم، فمضي نحو المسجد فاذا القوم عند قبر النبي صلي الله عليه و آله فسلم عليهم ثم قال و قال: أجيبوا الأمير!

فقال الحسين: يفعل الله ذلک اذا نحن فرغنا عن مجلسنا هذا ان شاء الله.

قال: فانصرف الرسول الي الوليد فأخبره بذلک.

و أقبل عبدالله بن الزبير علي الحسين بن علي و قال: يا أبا عبدالله! ان هذه ساعة لم يکن الوليد بن عتبة يجلس فيها، و اني قد انکرت ذلک و بعثه في هذه الساعة الينا و دعاءه ايانا لمثل هذا الوقت، أتري في أي طلبنا.

فقال له الحسين: اذا أخبرک ابابکر، أني أظن بأن معاوية قد مات، و ذلک أني رأيت البارحة في منامي کأن منبر معاوية منکوس، و رأيت داره تشتعل نارا، فأولت ذلک في نفسي أنه مات.

فقال له ابن الزبير: فاعلم يا ابن علي ان ذلک کذلک، فما تري أن تصنع ان دعيت الي بيعة يزيد أبا عبدالله؟

قال: أصنع أني لا ابايع له ابدا لأن الأمر انما کان لي من بعد أخي الحسن، فصنع معاوية ما صنع، و حلف لأخي الحسن أنه لا يجعل الخلافة لأحد من بعده من ولده، و أن يردها الي ان کنت حيا، فان کان معاوية قد خرج من دنياه و لم يفي‏ء لي و لا لأخي الحسن بما کان ضمن فقد و الله أتانا مالا قوام لنا به، انظر أبابکر أني أبايع ليزيد و يزيد رجل فاسق معلن الفسق، يشرب الخمر، و يلعب بالکلاب و الفهود، و يبغض بقية آل الرسول؟! لا و الله لا يکون ذلک أبدا.

قال: فبينما هما کذلک في هذه المحاورة، اذ رجع اليهما الرسول، فقال: يا أبا عبدالله، ان الأمير قاعد لکما خاصة، فقوما اليه.

قال: فزبره الحسين بن علي ثم قال: انطلق الي أميرک لا أم لک! فمن أحب أن يصير اليه منا فانه صائر اليه، و أما انا فاني اصير اليه الساعة ان شاء الله تعالي.

قال: فرجع الرسول أيضا الي الوليد بن عتبة فقال: أصلح الله الأمير! اما الحسين بن علي خاصة فقد اجاب، و ها هو صائر اليک في أثري.

فقال مروان بن الحکم: غدر و الله الحسين!

فقال الوليد! مهلا، فليس مثل الحسين يغدر، و لا يقول شيئا ثم لا يفعل.

قال: ثم أقبل الحسين علي من بحضرته قال: قوموا الي منازلکم فاني صائر الي هذا الرجل فانظر ما عنده و ما يريد.

فقال له ابن الزبير: جعلت فداک يابن بنت رسول‏ الله صلي الله عليه و آله اني خائف عليک أن يحبسوک عندهم، فلا يفارقونک أبدا دون أن تبايع أو تقتل.

فقال الحسين: اني لست أدخل اليه و حدي.

ثم أمرهم أن يأخذ کل واحد سيفه مسلولا تحت ثيابه، ثم يسير بازائي، فاذا أنا او مأت اليهم و قلت: يا آل الرسول ادخلوا و فعلوا ما أمرتهم به، فأکون علي الامتناع، و لا أعطي المقادة و الذلة من نفسي، فقد علمت و الله أنه جاء من الأمر ما لا قوم به، و لکن قضاء الله ماض في، و هو الذي يفعل في بيت رسوله، ما يشاء فيرضي.

قال: ثم صار الحسين بن علي الي منزله، ثم دعا بماء فلبس و تطهر بالماء، و قام فصلي رکعتين، و دعا ربه بما أحب في صلاته، فلما فرغ من ذلک أرسل الي فتيانه و عشيرته و مواليه و أهل بيته فأعلمهم بشأنه، ثم قال: کونوا بباب هذا الرجل، فاني ماض اليه و مکلمه، فان سمعتم أن صوتي قد علا فسمعتم کلامي و صحت بکم فادخلوا يا آل الرسول و اقتحموا من غير اذن، ثم اشهروا السيوف، و لا تعجلوا، فان رأيتم ما تکرهون فضعوا سيوفکم، ثم اقتلوا من يريد قتلي. ثم خرج الحسين من منزله و في يده قضيب رسول‏ الله صلي الله عليه و آله و هو في ثلاثين رجلا من أهل بيته و مواليه و شيعته، حتي أوقفهم علي باب الوليد بن عتبة، ثم قال: انظروا ماذا اوصيکم فلا تتعدوه، و أنا أرجو أن أخرج اليکم سالما ان شاء الله.

قال: ثم دخل الحسين علي الوليد بن عتبة، فسلم عليه فرد عليه ردا حسنا، ثم ادناه و قربه، قال و مروان بن الحکم هناک جالس في مجلس الوليد، و قد کان بين مروان و بين الوليد منافرة و مفاوضة، فأقبل الحسين علي الوليد فقال: أصلح الله الأمير، و الصلاح خير من الفساد، و الصلة خير من الخشناء و الشحناء، و قد آن لکما أن تجتمعا، فالحمد لله الذي ألف بينکما.

قال: فلم يجيباه في ذلک بشي‏ء فقال الحسين: هل أتاکم من معاوية کائنة خير، فانه کان عليلا، و قد طلات علته فکيف حاله الآن؟!.

[2] اما الکتاب فهو کما في مقتل المنسوب الي أبي‏مخنف: 17 هذا نصه: «اما بعد، يا أبا محمد، اذا قرأت کتابي هذا خذلي البيعة عليهم من قبلک عامة، و علي هؤلاء الأربعة خاصة، و هم: عبدالرحمن بن أبي‏بکر، و عبدالله بن عمر، و عبدالله بن الزبير، و الحسين بن علي، و انفذ کتابي اليهم، فمن لم يبايعک منهم فانفذ الي برأسه مع جواب کتابي هذا و السلام». راجع تاريخ اليعقوبي: 241 / 2، و أشار اليه انساب الاشراف: 155 / 3- الرد علي المتعصب العنيد لابن الجوزي: 34 - الفتوح: 10 / 5.

[3] و لا يخفي انه کان علي المدينة مروان بن الحکم، فعزله يزيد و ولي مکانه الوليد بن عتبة بن أبي ‏سفيان، و کتب اليه انظر الفتوح: 10 / 5.

[4] قال ابن نما في مثير الأحزان: 23 بعد ذکر ارسال الوليد رسوله الي الحسين عليه ‏السلام: فلما حضر رسوله قال الحسين للجماعة: أظن أن طاغيتهم هلک، رأيت البارحة أن منبر معاوية منکوس و داره تشتعل بالنيران. فدعاهم الي الوليد فحضروا فنعي اليهم معاوية و أمرهم بالبيعة فبدرهم بالکلام عبدالله بن الزبير فخافه أن يجيبوا بما لا يريد فقال انک وليتنا فوصلت أرحامنا و أحسنت السيرة فينا و قد علمت أن معاوية أراد منا البيعة ليزيد فأبينا و لسنا أنت يکون في قلبه علينا و متي بلغه انا لم نبايع الا في ظلمة ليل و تغلق علينا بابا لم ينتفع هو بذلک و لکن تصبح و تدعو الناس و تأمرهم ببيعة يزيد و نکون أول من يبايع قال و أنا أنظر الي مروان و قد أسر الي الوليد أن اضرب رقابهم ثم قال جهرا لا تقبل عذرهم و اضرب رقابهم.

[5] اشار اليه ابن الجوزي في رده علي المتعصب العنيد: 34.

[6] انظر تذکرة الخواص: 236 و في مثيرالأحزان: 24 بعد ذکر ما قاله مروان قال: «فغضب الحسين، و قال: ويلي عليک يا ابن الزرقاء، أنت تأمر بضرب عنقي؟! کذبت و لؤمت نحن أهل بيت النبوة، و معدن الرسالة، و يزيد فاسق شارب الخمر، و قاتل النفس، و مثلي لا يبايع مثله، و لکن نصبح و تصبحون أينا أحق بالخلافة و البيعة».

و ذکره السيد في مقتله: 10 و ذکر انه بعد ما أجاب عليه ‏السلام مروان بقوله: ويل يا ابن الزرقاء الي آخره، ثم اقبل علي الوليد فقال: ايها الامير، انا أهل بيت النبوة.. الي آخره». و نقله العلامة المجلس في البحار: 325 / 44 عنه.

و في الفتوح: 18 / 5 و مقتل الخوارزمي: 184 / 1 قال عليه ‏السلام لمروان: ويلي عليک يابن الزرقاء، أتأمر بضرب عنقي، کذبت و الله، و الله لو رام ذلک احد من الناس لسقيت الأرض من دمه قبل ذلک، و ان شئت ذلک فرم ضرب عنقي ان کنت صادقا، ثم اقبل الحسين علي الوليد فقال: أيها الأمير.... الي آخر.

[7] ارشاد المفيد: 182- البحار: 324 / 44.

[8] انظر تذکرة الخواص: 235- الرد علي المتعصب العنيد: 34.

[9] المناقب: 88 / 4 - البحار: 325 / 44 عنه.

و نذکر تتمة الخبر مزيدا للفائدة:

فأحضر الوليد مروان، و شاوره في ذلک، فقال: الرأي أن تحضرهم، و تأخذ منهم البيعة قبل أن يعلموا. فوجه في طلبهم و کانوا عند التربة، فقال عبدالرحمن و عبدالله (و هو عبدالله بن عمرو بن عثمان، کما في تاريخ الطبري: 251 / 4، و الکامل في التاريخ: 14 / 4.): ندخل دورنا و نغلق أبوابنا!! (اقول: و لنعم ما عرفهما اللعين معاوية، حينما اوصي ابنه يزيد، و قال في حقهما: «فأما ابن عمر فانه رجل قد و قذته العبادة!! فاذا لم يبق احد غيره بايعک.. و اما ابن أبي‏بکر فان رأي أصحابه صنعوا شيئا صنع مثله، ليس له همة الا في النساء و اللهو!».. راجع تاريخ الطبري: 238 / 4 - کامل ابن اثير: 6 / 4 - مقتل الخوارزمي: 175 / 1 - المناقب: 88 / 4- تذکرة الخواص: 235.) و قال ابن الزبير: و الله ما أبايع يزيد أبدا. و قال الحسين بن علي عليه ‏السلام: أنا لابد لي من الدخول علي الوليد، و انظر ما يقول:

و في مقتل الخوارزمي: 182 / 1 ان ابن الزبير قال للامام عليه ‏السلام: فما تري نصنع يا أبا عبدالله ان دعينا الي بيعة يزيد، فقال الحسين عليه ‏السلام: أما أنا فلا أبايع ابدا، لان الأمر کان لي بعد أخي الحسن، فصنع معاوية ما صنع و حلف لأخي الحسن انه لا يجعل الخلافة لأحد من بعده من ولده، و ان يردها علي ان کنت حيا، فان کان معاوية خرج من دنياه و لم يف لي و لا لأخي الحسن بما ضمن، فقد جاءنا ما لا قرار لنا به، أتظن ابابکر اني ابايع ليزيد، و يزيد رجل فاسق، معلن الفسق، يشرب الخمر، و يلعب بالکلاب و الفهود، و نحن بقية آل الرسول؟! لا و الله لا يکون ذلک ابدا...

ثم قال لمن حوله من أهل بيته: اذا أنا دخلت علي الوليد و خاطبته و خاطبني، و ناظرته و ناظرني، کونوا علي الباب، فاذا سمعتم الصيحة قد علت و الأصواب قد ارتفعت فاهجموا الي الدار، و لا تقتلوا أحدا، و لا تثيروا الي فتنة.

فلما دخل عليه و قرأ الکتاب قال: ما کنت ابايع ليزيد، فقال مروان: بايع لأميرالمؤمنين! فقال الحسين: کذبک ويلک! علي المؤمنين من أمره عليهم؟! فقام مروان و جرد سيفه و قال: مر سيافک ان يضرب عنقه قبل ان يخرج من الدار و دمه في عنقي!! فارتفعت الصيحة، فهجم تسعة عشر رجلا من أهل بيته، و قد انتضوا خناجرهم، فخرج الحسين معهم.

و وصل الخبر الي يزيد، فعزل الوليد و ولاها مروان، و خرج الحسين و ابن الزبير الي مکة، و لم يتشدد علي ابني العمرين (أي أبي‏بکر و عمر).

[10] راجع مقتل الخوارزمي: 180 / 1، تاريخ الطبري: 250 / 4 تجد الرسالة بنصها.

[11] اللهوف: 11 - البحار 326 / 44 عنه - و مثله في الفتوح: 32 / 5 - مثير الأحزان: 24- مقتل العوالم (الامام الحسين عليه ‏السلام) 53 - و مقتل الخوارزمي: 185 / 1 و فيه: انه قال عليه ‏السلام له: لقد قلت شططا من القول و زللا، و لا ألومک، فانک اللعين الذي لعنک رسول‏ الله و انت في صلب أبيک الحکم بن العاص، و من لعنه رسول‏ الله فلا ينکر منه ان يدعو لبيعة يزيد، اليک عني يا عدو الله، فانا أهل بيت رسول‏ الله الحق فينا ينطق علي ألسنتنا، و قد سمعت جدي رسول‏ الله يقول: الخلافة محرمة علي آل أبي ‏سفيان الطلقاء و ابناء الطلقاء، فاذا رأيتم معاوية علي منبري فابقروا بطنه، و لقد رآه أهل المدينة علي منبر رسول‏ الله فلم يفعلوا به ما امروا، فابتلاهم بابنه يزيد، ثم فمضي مروان الي الوليد و اخبره بمقالة الحسين، و کان عبدالله بن الزبير مضي الي مکة حين اشتغلوا بمحاورة الحسين، و تنکب الطريق، فبعث الوليد بثلاثين رجلا في طلبه فلم يقدروا عليه، فکتب الوليد الي يزيد يخبره بما کان من امر ابن الزبير و من امر الحسين، و انه لا يري عليه طاعة و لا بيعة فلما ورد الکتاب علي يزيد غضب غضبا شديدا، و کان اذا غضب احولت عيناه فکتب الي وليد:

«بسم الله الرحمن الرحيم، من يزيد أميرالمؤمنين!! الي الوليد بن عتبة، اما بعد فاذا ورد عليک کتابي هذا فخذ البيعة ثانية علي أهل المدينة توکيدا منک عليهم، و ذر عبدالله بن الزبير، فانه لن يفوتنا و لن ينجو منا ابدا ما دمنا احياء، و ليکن مع جواب کتابي هذا رأس الحسين، فان فعلت ذلک جعلت لک اعنة الخيل، و لک عند الجائزة العظمي، و الخط الأوفر، و السلام». راجع الفتوح: 25 / 5.