بازگشت

نوح الجن علي الحسين


الجن ينوح علي الحسين عليه السلام، لأن فيهم مسلم و كافر، يقول الله تبارك و تعالي: (و ما خلقت الجن و الانس الا ليعبدون) [1] .

فهم مكلفون مثل الانس، ويل لمن انكر ذلك، و يرفع اليد عن ظواهر الآيات. [2] .

و في كامل الزيارة باسناده عن حبيب بن أبي ثابت، عن ام سلمة زوجة النبي صلي الله عليه و آله قالت:


ما سمعت نوح الجن منذ قبض الله نبيه الا الليلة، و لا أراني الا و قد أصبت بابني الحسين.

قالت: و جاءت الجنية منهم، و هي تقول:



أيا عيناي فانهملا بجهد

فمن يبكي علي الشهداء بعدي



علي رهط تقودهم المنايا

الي متجبر من نسل عبد [3] .



و فيه عن الميثمي، قال: خمسة من أهل الكوفة أرادوا نصر الحسين بن علي عليه السلام، فمروا بقرية يقال لها شاهي [4] .

اذ أقبل عليهم رجلان، شيخ و شاب، فسلما عليهم.

قال: فقال الشيخ: أنا رجل من الجن، و هذا ابن أخي، أردنا نصر هذا الرجل المظلوم.

قال: فقال لهم الشيخ الجني: قد رأيت رأيا.

فقال الفتية الانسيون: و ما هذا الرأي الذي رأيت؟!

قال: رأيت أن أطير فآتيكم بخبر القوم، فتذهبون علي بصيرة.

فقالوا له: نعم ما رأيت.

قال: فغاب يومه و ليلته، فلما كان من الغد اذا هم بصوت يسمعونه و لا يرون الشخص، و هو يقول:



و الله ما جئتكم حتي بصرت به

بالطف منعفر الخدين منحورا



و حوله فتية تدمي نحورهم

مثل المصابيح يملون الدجي نورا






و قد حثثت قلوصي كي أصادفهم

من قبل ما أن يلاقوا الخرد الحوراء [5] .



كان الحسين سراجا يستضاء به

الله يعلم اني لم أقل زورا



مجاورا لرسول الله في غرف

و للبتول و للطيار مسرورا [6] .



فأجابه بعض الفتية من الانسيين يقول:



اذهب فلا زال قبر أنت ساكنه

الي القيامة يسقي الغيث ممطورا



و قد سلكت سبيلا أنت سالكه

وقد شربت بكأس كان مغرورا



و فتية فرغوا لله أنفسهم

و فارقوا المال و الأحباب و الدورا [7] .



و فيه باسناده عن أبي زياد القندي، قال: كان الجصاصون يسمعون نوح الجن حين قتل الحسين عليه السلام في السحر بالجبانة، و هم يقولون:



مسح الرسول جبينه

فله بريق في الخدود



أبواه من عليا قريش

جده خير الجدود [8] .



و فيه باسناده عن الوليد بن غسان، عمن حدثه، قال: كانت الجن تنوح علي الحسين بن علي عليه السلام تقول:




لمن الأبيات بالطف علي كره بنينه

تلك أبيات الحسين يتجاوبن الرنينه [9] .



و فيه باسناده عن علي بن الحزور، قال: سمعت ليلي و هي تقول: سمعت نوح الجن علي الحسين بن علي عليه السلام و هي تقول:



يا عين جودي بالدموع فانما

يبكي الحزين بحرقة و تفجع



يا عين ألهاك الرقاد بطيبة

من ذكر آل محمد و توجع



باتت ثلاثا بالصعيد جسومهم

بين الوحوش و كلهم في مصرع [10] .



و فيه عن عبدالله بن حسان الكناني، قال: بكت الجن علي الحسين بن علي عليه السلام فقالت:



ماذا تقولون اذ قال النبي لكم

ما ذا فعلتم و أنتم آخر الأمم



بأهل بيتي و اخواني و مكرمتي

من بين أسري و قتلي ضرجوا بدم. [11] .



و قيل ايضا للأجنة:



أبكي حسينا سيدا

و لقتله شاب الشعر



و لقتله زلزلتم

و لقتله أنكسف القمر



و احمرت آفاق السماء

و من العشية و السحر



و تغبرت شمس البلاد

و بهم و أظلمت الكور



ذاك بن فاطمة المصاب

به الخلائق و البشر



أورثتنا ذلا به

جدع الأنوف مع الغرر [12] .



عن حكيم بن داود باسناده الي داود الرقي، قال: حدثني جدتي: أن الجن لما قتل


الحسين عليه السلام بكت عليه بهذه الأبيات:



يا عين جودي بالعبر

و ابكي فقد حق الخبر



أبكي بن فاطمة الذي

ورد الفرات فما صدر



الجن تبكي شجوها

لما أتي منه الخبر



قتل الحسين و رهطه

تعسا لذلك من خبر



فلأ بكينك حرقة

عند العشاء و بالسحر



و لأبكينك ما جري

عرق و ما حمل الشجر [13] .



و قد ذكروا عن الجن قضايا أخري من تأثرهم و تألمهم علي ما صدر من الاعداء علي الامام الحسين عليه السلام [14] .

و لعله سنتعرض ان شاء الله في وصف القتال يوم عاشوراء.



پاورقي

[1] الذاريات: 56.

[2] و من تکل الآيات الشريفة قوله تعالي: (يا معشر الجن و الانس الم يأتکم رسل منکم يقصون عليکم آياتي) الانعام: 130.

و قوله تعالي: (و لقد ذرانا لجهنم کثيرا من الجن و الانس) الاعراف: 38.

و قوله تعالي: (فسجدوا الا ابليس کان من الجن ففسق عن أمر ربه) الکهف: 50.

حيث انه لا يمکن الاحتجاج عليهم و تعذيبهم و لزوم امتثال امر ربهم الا بتکليفهم و قيام الحجة عليهم.

[3] کامل الزيارة: 93 (باب 29 / ح 1) - و مثله في أمالي الصدوق: 139 (مجلس 29 / ح 2) و نقله المجلسي رحمه الله في البحار: 238 / 45 عنه - و مثله ايضا في المناقب: 62 / 4 عن أمالي النيسابوري و الطوسي: و نظيره ايضا ما في تايخ ابن عساکر ترجمة الامام الحسين: 268 (بتحقيق المحمودي) و الخصائص الکبري للسيوطي: 127 / 2 - و مجمع الزوائد: 199 / 9 - و تذکرة الخواص: 152 - مثير الأحزان: 108، مدينة المعاجز: 254.

[4] موضع قرب القادسية - معجم البلدان: 316 / 3.

[5] ذکر المفيد رحمه الله في اماليه: 320 بعد ذلک هذا البيت:



فعاقني قدروا الله بالغة

و کان أمرا قضاه الله‏ مقدورا.

[6] کامل الزيارات: 93 باب 29 / ح 2 - و مثله في أمالي المفيد: 320 - و ذکره المجلسي رحمه الله في البحار: 239 / 45 عنه و عن أمالي الصدوق: 139 (مجلس 29)، و في تتمة خبر المفيد رحمه الله ما هذا نصه: فقلنا له: من انت يرحمک الله؟



قال: أنا و أبي من جن نصيبين، أردما مؤازرة الحسين عليه ‏السلام و مؤاساته بأنفسنا، فانصرفنا من الحج، فأصبناه قتيلا.

[7] کامل الزيارات: 93.

[8] کامل الزيارات: 94 (باب 29 / ح 3) - البحار: 241 / 45 عنه، مثير الأحزان: 108 المعجم الکبير للطبراني: 121 / 3 ح 2865 - و مثله في تاريخ ابن عساکر: 24 / 14 و 242؛ تهذيب الکمال: 441 / 6؛ سير اعلام النبلاء: 317 / 3.

[9] کامل الزيارات: 95 (باب 29 / ح 4) - البحار: 241 / 45 عنه. مثير الأحزان: 109.

[10] کامل الزيارات: 95 - البحار: 241 / 45 عنه.

[11] کامل الزيارات: 95.

[12] کامل الزيارات: 97.

[13] کامل الزيارات: 97 - البحار: 238 / 45 عنه.

[14] و نحن نشير الي بعضها:

منها: ما ذکره العلامة المجلسي رحمه الله في البحار: 234 / 45 عن بعض کتب المناقب المعتبرة عن أبي منصور الديلمي معنعنا عن هند بن الجون في قضية الشجرة المبارکة «العوسجة» و قصة تساقط ثمارها و اصفرار ورقها من بعد ارتجال النبي صلي الله عليه الله عليه و آله و انقطاع ثمارها من بعد مقتل أميرالمؤمنين علي بن أبي‏طالب عليه ‏السلام، و انبعاث الدم العبيط جاريا من ساقها و قطران الدم من ورقها بعد مقتل الامام الحسين عليه ‏السلام قالت: فلما أظلم الليل علينا سمعنا بکاء و عويلا من تحتها و جلبة شديدة و رجة، و سمعنا صوت باکية تقول:



أيا ابن النبي و يا ابن الوصي

و يا من بقية ساداتنا الأکرمينا



ثم کثرت الرنات و الأصوات، فلم نفهم کثيرا مما کانوا يقولون، فأتانا بعد ذلک قتل الحسين عليه ‏السلام، و يبست الشجرة و جفت، فکسرتها الرياح و الأمطار بعد ذلک، فذهبت و اندرس أثرها.

و منها: ما فيه معنعنا عن سعيدة بنت مالک الخزاعية أنها أدرکت تلک الشجرة، فأکلت من ثمرها علي عهد علي بن أبي‏طالب عليه ‏السلام، و أنها سمعت تلک الليلة نوح الجن، فحفظت من جنية منهن:



يا ابن الشهيد و يا شهيدا عمه

خير العمومة جعفر الطيار



عجبا لمصقول أصابک حده

في الوجه منک و قد علاه غبار



و اوردها دعبل الخزاعي في ضمن أشعاره.

و منها: ما في کامل الزيارات: 96 باسناده عن جابر عن محمد بن علي عليه ‏السلام قال: لما هم الحسين عليه ‏السلام بالشخوص عن المدينة أقبلت نساء بني عبدالمطلب، فاجتمعن للنياحة حتي مشي فيهن الحسين عليه ‏السلام فقال: أنشدکن الله أن تبدين هذا الأمر معصية لله و لرسوله، فقالت له نساء بني عبدالمطلب: فلمن نستبقي النياحة و البکاء فهو عندنا کيوم مات فيه رسول‏ الله صلي الله عليه و آله و علي و فاطمة و رقية و زينب و أم کلثوم، فنشدک الله جعلنا الله فداک من الموت، يا حبيب الأبرار من أهل القبور، و أقبلت بعض عمامته تبکي و تقول: أشهد يا حسين لقد سمعت الجن ناحت بنوحک و هم يقولون:



فان قتيل الطف من آل هاشم

أذل رقابا من قريش فذلت‏



حبيب رسول‏ الله لم يک فاحشا

أبانت مصيبتک الأنوف و جلت‏



و منها: ما ذکره ابن نما رحمه الله في مثير الأحزان: 105 انه ناحت عليه الجن، و کان نفر من أصحاب النبي صلي الله عليه و آله منهم المسور بن مخرمة و رجال يستمعون النوح و يبکون.

و في کامل الزيارة: 97 عن عمرو بن عکرمة قال: أصبحنا ليلة قتل الحسين بالمدينة فاذا مولي لنا يقول سمعنا البارحة مناديا ينادي و يقول:



أيها القاتلون جهلا حسينا

أبشروا بالعذاب و التنکيل‏



کل أهل السماء تبکي عليکم

من نبي و مرسل و قبيل‏



قد لعنتم علي لسان ابن داود

و ذي الروح حامل الانجيل‏



و في مثير الأحزان: 86 روي أن هاتفا سمع بالبصرة ينشد ليلا:



أن الرماح الواردات صدورها

نحو الحسين تقاتل التنزيلا



و يهللون بأن قتلت و انما

قتلوا بک التکبير و التهليلا



فکأنما قتلوا أباک محمدا

صلي عليه الله أو جبريلا



و منها: ما في مثير الأحزان: 109 انه ذکر ابن الجوزي في کتاب «النور في فضائل الأيام و الشهور» نوح الجن عليه، فقالت:



لقد جئن نساء الجن يبکين شجيات

و يلطمن خدودا کالدنانير نقيات‏



و يلبسن ثياب السود بعد القصبيات

و ذکره المجلسي رحمه الله في البحار: 235 / 45 عنه.



و منها: ما في تاريخ ابن عساکر - ترجمة الامام الحسين عليه ‏السلام - 270 و ابن حجر في تهذيب التهذيب 307 / 2 باسناده عن أحمد بن محمد المصقلي عن أبيه انه لما قتل الحسين بن علي سمع مناديا ليلا يسمع صوته و لم ير شخصه:



عقرت ثمود ناقة فاستوصلوا

و جرت سوانحهم بغير الأسعد



فبنو رسول‏ الله أعظم حرمة

و اجل من أم الفصيل المقصد



عجبا لهم و لما أتوا لم يمسخوا

و الله يملي للطغاة الجحد



و الأخبار في ذلک کثيرة، لم يسمع المجال لذکرها، فعلي القاري الکريم الرجوع الي هذه المصادر: المناقب: 123 / 4 - مقتل الخوارزمي: 100 / 2 - کامل الزيارات: 98 / 93 - البحار: 241 - 233 / 45 - مثير الأحزان: 109 -107 - تاريخ ابن عساکر و ترجمة الامام الحسين، 272 -266 - شواهد التنزيل: 73 / 2 - المستدرک للحاکم النيسابوري: 19 / 4 - طبقات ابن سعد: 8 رقم 124- الفضائل لاحمد بن حنبل: 148 - مجمع الزوائد: 199 / 9 تذکرة الخواص: 154 -152 - خصائص السيوطي: 127 / 2 ذخائر العقبي: 150 - الاصابة لابن حجر: 17 / 2 - تهذيب التهذيب: 355 / 2.