بازگشت

بكاء فاطمة و زفير جهنم


و في المستدرك برواية ابن مسكان، عن أبي بصير - الثقتين -، قال:

كنت عند أبي عبدالله عليه السلام أحدثه، فدخل عليه ابنه، فقال له: «مرحبا، و ضمه و قبله، و قال: حقر الله من حقركم، و انتقم الله ممن و تركم، و خذل الله من خذلكم، و لعن الله من قتلكم، و كان الله لكم وليا و حافظا و ناصرا، فقد طال بكاء النساء و بكاء الأنبياء و الصديقين و الشهداء و ملائكة السماء.

ثم بكي و قال: يا أبا بصير، اذا نظرت الي ولد الحسين أتاني ما لا أملكه بما أتي الي أبيهم و اليهم.

يا أبا بصير، ان فاطمة عليه السلام لتبكيه و تشهق، فتزفر جهنم زفرة لولا أن الخزنة يسمعون بكاءها، و قد استعدوا لذلك، مخافة أن يخرج منها عنق..

الي ان قال: فلا تزال الملائكة مشفقين يبكون لبكائها، و يدعون الله، و يتضرعون اليه...

الي ان قال: قلت: جعلت فداك، ان هذا الأمر عظيم!

قال: غيره أعظم منه ما لم تسمعه.

ثم قال: يا أبا بصير، أما تحب أن تكون فيمن يسعد فاطمة عليها السلام.

فبكيت حين قالها، فما قدرت علي المنطق، و ما قدر علي كلامي من البكاء...» [1] .

و في كامل الزيارة عن مسمع بن عبدالملك كردين البصري، قال: قال لي أبو عبدالله عليه السلام: «يا مسمع، أنت من أهل العراق، أما تأتي قبر الحسين عليه السلام؟


قلت: لا، أنا رجل مشهور عند أهل البصرة، و عندنا من يتبع هوي هذا الخليفة، و عدونا كثير من أهل القبائل من النصاب و غيرهم، و لست آمنهم أن يرفعوا حالي عند ولد سليمان، فيمثلون بي!

قال لي: أفما تذكر ما صنع به!

قلت: نعم.

قال: فتجزع؟!

قلت: اي و الله، و استعبر لذلك حتي يري أهلي ذلك علي، فأمتنع من الطعام حتي يستبين ذلك في وجهي.

قال: رحم الله دمعتك، أما انك من الذين يعدون من أهل الجزع لنا، و الذين يفرحومن لفرحنا، و يحزنون لحزننا، و يخافون لخوفنا، و يأمنون اذا أمنا. أما انك ستري عند موتك حضور آبائي لك، و وصيتهم ملك الموت بك، و ما يلقونك به من البشارة أفضل، و لملك الموت أرق عليك و أشد رحمة لك من الأم الشفيقة علي ولدها.

قال: ثم استعبر و استعبرت معه، فقال:

الحمدلله الذي فضلنا علي خلقه بالرحمة و خصنا أهل البيت بالرحمة، يا مسمع، ان الأرض و السماء لتبكي منذ قتل أميرالمؤمنين عليه السلام رحمة لنا، و ما بكي لنا من الملائكة أكثر، و ما رقأت دموع الملائكة منذ قتلنا، و ما بكي أحد رحمة لنا، و لما لقينا الا رحمه الله قبل أن تخرج الدمعة من عينه، فاذا سالت دموعه علي خده فلو أن قطرة من دموعه سقطت في جهنم لأطفات حرها، حتي لا يوجد لها، و ان الموجع لنا قلبه ليفرج يوم يرانا عند موته فرحة لا تزال تلك الفرحة في قلبه حتي يرد علينا الحوض، و ان الكوثر ليفرح بمحبنا اذا ورد عليه حتي انه ليذيقه من ضروب الطعام ما لا يشتهي أن يصدر عنه.

يا مسمع، من شرب من شربة لم يظمأ بعدها أبدا، و لم يستتق بعدها أبدا، و هو في


برد الكافور و ريح المسك و طعم الزنجبيل، أحلي من العسل، و ألين من الزبد، و أصفي من الدمع، و أذكي من العنبر، يخرج من تسنيم، و يمر بأنهار الجنان، يجري علي رضراض الدر و الياقوت، فيه من القدحان أكثر من عدد نجوم السماء، يوجد ريحه من مسيرة ألف عام، قدحانه من الذهب و الفضة و ألوان الجوهر، يفوح في وجه الشارب منه كل فائحة، حتي يقول الشارب منه: يا ليتني تركت هيهنا لا أبغي بهذا بدلا و لا عنه تحويلا.

أما انك يا ابن كردين ممن تروي منه، و ما من عين بكت لنا الا نعمت بالنظر الي الكوثر، و سقيت منه من أحبنا، و ان الشارب منه ليعطي من اللذة و الطعم و الشهوة له أكثر مما يعطاه من هو دونه في حبنا، و ان علي الكوثر أميرالمؤمنين عليه السلام في يده عصا من عوسج يحطم بها أعداءنا، فيقول الرجل منهم: اني أشهد الشهادتين، فيقول: انطلق الي امامك فلان، فاسأله ان يشفع لك، فيقول: تبرأ مني امامي الذي تذكره، [2] . فيقول: ارجع الي ورائك، فقل للذي كنت تتولاه و تقدمه علي الخلق، فاسأله اذا كان خير الخلق عندك أن يشفع لك، فان خير الخلق من يشفع، اني أهلك عطشا، فيقول له: زادك الله ظمأ، و زادك الله عطشا.

قلت: جعلت فداك، و كيف يقدر علي الدنو من الحوض، و لم يقدر عليه غيره؟ فقال: ورع عن أشياء قبيحة، و كف عن شتمنا أهل البيت اذا ذكرنا، و ترك أشياء اجتري عليها غيره، و ليس ذلك لحبنا و لا لهوي منه لنا، و لكن ذلك لشدة اجتهاده في عبادته و تدينه، و لم قد شغل نفسه به عن ذكر الناس، فأما قلبه فمنافق، و دينه النصب، و أتباعه أهل النصب و ولاية الماضين، و تقدمه لهما علي كل أحد. [3] .



پاورقي

[1] مستدرک الوسائل: 314 / 10 عن کامل الزيارات: 82.

[2] کما في قوله تعالي: «اذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا و رأوا العذاب و تقطعت بهم الأسباب» سورة البقرة / 166.

[3] کامل الزيارات: 101 (باب 32 / ح 6) - البحار: 289 / 44 عنه.