بازگشت

الفوائد المترتبة علي الشهادة


و في ذيل رواية الكافي مسندا عن الصادق عليه السلام: «ان الله عزوجل يخص أولياءه بالمصائب، ليأجرهم عليها من غير ذنب» [1] قال العلامة المجلسي في بيانه: كما أن الاستغفار يكون في غالب الناس لحط الذنوب، و في الأنبياء لرفع لدرجات، فكذلك المصائب. [2] .

و احسن ما قيل، ما قاله الامام العسكري عليه السلام في التفسير.

و في البصائر، باسناده عن ابن محبوب الثقة، عن ابن رئاب، عن ضريس، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول و أناس من أصحابه حوله:

«و أعجب من قوم يتولوننا، و يجعلوننا أئمة، و يصفون بأن طاعتنا عليهم مفترضة


كطاعة الله، ثم يكسرون حجتهم، و يخصمون أنفسهم بضعف قلوبهم، فينقصون حقنا، و يعيبون بذلك علينا من أعطاه الله برهان حق معرفتنا و التسليم لأمرنا، أترون أن الله تبارك و تعالي افترض طاعة أولياءه علي عباده، ثم يخفي عنهم أخبار السماوات و الأرض، و يقطع عنهم مواد العلم فيما يرد عليهم مما فيه قوام دينهم؟

فقال حمران: جعلت فداك يا أبا جعفر، أرأيت ما كان من أمر قيام علي بن أبي طالب عليه السلام و الحسن و الحسين و خروجهم و قيامهم بدين الله، و ما أصيبوا به من قتل الطواغيت اياهم و الظفر بهم، حتي قتلوا أو غلبوا؟

فقال أبوجعفر عليه السلام: يا حمران، ان الله تبارك و تعالي قد كان قدر ذلك عليهم و قضاه و أمضاه و حتمه ثم أجراه، فبتقدم علم من رسول الله اليهم في ذلك قام علي و الحسن و الحسين صلوات الله عليهم، و بعلم صمت من صمت منا، و لو أنهم يا حمران حيث نزل بهم ما نزل من أمر الله و اظهار الطواغيت عليهم، سألوا الله دفع ذلك عنهم، و ألحوا عليه في طلب ازالة ملك الطواغيت اذا لأجابهم، و دفع ذلك عنهم، ثم كان انقضاءه مدة الطواغيت و ذهاب ملكهم أسرع من سلك منظوم انقطع فتبدد، و ما كان الذي أصابهم من ذلك يا حمران لذنب اقترفوه، و لا لعقوبة معصية خالفوا الله فيها، و لكن لمنازل و كرامة من الله أراد أن يبلغوها، فلا تذهبن فيهم المذاهب». [3] .

قلت: و المستفاد من ذلك أن ابتلاء هؤلاء الأكابر و الأطياب بالسقم و المرض و القتل انما هو بالارادة التشريعية و العلم بما هو الأصلح لهم، لا بالارادة التكوينية حتي لا يتخلف عن المراد، و لذا نزل من السماء من قبل الله تعالي ورقة مكتوبة عليها في يوم عاشوراء: «يا حسين، انا ما حتمنا عليك الشهادة، فلك الخيار، اذا شئت ان تدفع عنك من دون ان ينقص من مقامك شي ء» [4] .

و لا ينافي ذلك ما يأتي من الرؤيا


التي رآها حين الخروج عند قبر جده صلي الله عليه و آله، حيث أمره بالخروج الي العراق بقوله صلي الله عليه و آله: «شاء الله ان يراك قتيلا»، و بالنسبة الي الأهل و الأولاد: «شاء الله أن يراهن سبايا» [5] .

لما يترتب فيها من الفوائد النوعية من اقامة الدين، و فضيحة آل أبي سفيان، كل ذلك نظرا الي علمه تعالي شأنه علي ما هو يترتب علي الشهادة و الاسارة التي كانت بالاختيار، لا بالاكراه و الاجبار، حيث انه - صلوات الله عليه - كان له ان يترك الخروج الي كربلاء، من غير أن ينقص من مراتبه شي ء، و لكنه رأي تسلط الكفر و الالحاد و الزندقة علي الشرع و الشريعة، و اضمحلال الدين، و ما أتعب عليه خاتم النبيين صلي الله عليه و آله بالمرة، لما رأي ما صدر و يصدر من ألعن خلق الله يزيد، فرأي من الراجح، أن يتحمل الشهادة، و يضحي بنفسه الشريفة، و بأولاه الطيبة، لرفع الظلم و الطغيان، و قطع الشجرة الملعونة في القرآن، المفسرة في آل أبي سفيان [6] ، فقام و نهض لأقامة


الصلوة، و ايتاء الزكوة، و الأمر بالمعروف، و النهي عن المنكر، فصلوات الله عليه، و علي الأرواح المقدسة و المستشهدين بين يديه، هذا ما أدي اليه نظري القاصر، و الله العالم. فليضرب علي الجدار ما صدر من بعض الجهلة، حشرهم الله مع يزيد و عمر بن سعد و أمثالهم، و لا غفر لهم.



پاورقي

[1] الکافي: 186 / 4- معاني الأخبار: 386 - ذکره البحار: 276 / 44 عنه - تفسير القمي: 277 / 2 و البرهان: 127 / 4 - تفسير نور الثقلين: 581 / 4 (عن الکافي).

[2] البحار: 276 / 44.

[3] بصائر الدرجات: 144 - البحار: 276 / 44 و نحوه في الکافي: 261 / 1 و 281، الخرائج، 870 / 2.

[4] تذکرة الشهداء: 300.

[5] انظر: مختصر بصائر الدرجات / 132 - المحتضر / 41 - اللهوف / 40 - بحارالأنوار 364 / 44.

[6] وردت الأخبار بهذا المعني، و ذکرها المفسرون خاصة و عامة في ذيل الآية الشريفة: (و ما جعلنا الرؤيا التي أريناک الا فتنة للناس و الشجرة الملعونة في القرآن سورة الاسراء / 60 فنذکر بعضها،: أما من طرق الخاصة فمنها ما جاء في تفسير القمي: 21 / 2، قال علي بن ابراهيم: نزلت لما رأي النبي في نومه کأن قرودا تصعد منبره، فساءه ذلک، و غمه غما شديدا فأنزل الله (و الشجرة الملعونة في القرآن) کذا نزلت و هم بنوأمية، و ذکر مثله العياشي و البحراني ما روي عن أبي‏جعفر عليه ‏السلام.

و منها في تفسير العياشي: 297 / 2 باسناده عن الحلبي عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم، قالوا: سألناه عن قوله: (و ما جعلنا الرؤيا التي أريناک) قال ان رسول‏ الله أري أن رجالا علي المنابر يردون الناس ضلالا رزيق و زفر، و قوله (و الشجرة الملعونة في القرآن) قال: هم بنوأمية.

و فيه عن علي بن سعيد، قال: کنت بمکة، فقدم علينا معروف بن خربوذ، فقال لي أبو عبدالله: ان علينا عليه ‏السلام قال لعمر: يا باحفص ألا أخبرک بما نزل في بني ‏أمية؟ قال: بلي. قال: فانه نزل فيهم (الشجرة الملعونة في القرآن) قال: فغضب عمر، و قال: کذبت! بنوأمية خير منک و أوصل للرحم!!؟

و فيه عن أبي الطفيل قال: کنت في مسجد الکوفة، فسمعت عليا و هو علي المنبر، و ناداه ابن الکواء و هو في مؤخر المسجد، فقال: يا أميرالمؤمنين اخبرني عن قول الله (و الشجرة الملعونة و في القرآن) فقال: الأفجران من قريش و من بني ‏أمية.

و في تفسير البرهان: 425 / 2 عن القاسم بن سليمان، عن أبي عبدالله عليه ‏السلام قال: أصبح رسول‏ الله صلي الله عليه و آله يوما حاسرا حزينا، فقيل له: مالک يا رسول‏ الله؟ فقال: رأيت الليلة صبيان بني‏امية يرقون علي منبري هذا، فقلت: يا رب معي، فقال: لا، و لکن بعدک.

و فيه عن نهج البيان عن أبي عبدالله الصادق: ان النبي صلي الله عليه و آله رأي ذات ليلة هو بالمدينة کأن قرودا أربعة عشر قد علوا منبره واحدا بعد واحد، فلما اصبح قص رؤياه علي أصحابه، فسألوه عن ذلک؟ فقال: يصعدون منبري هذا بعدي جماعة من قريش ليسوا لذلک اهلا، قال الصادق عليه ‏السلام هم بنوامية.

و منها: ما نقله الطبرسي في مجمع البيان: 424 / 3 بذکر ثالث الأقوال في الآية بقوله: ان ذلک رؤيا رآها النبي صلي الله عليه و آله في منامه ان قرودا تصعد منبره و تنزل، فساءه ذلک و اغتم، روي سهل بن سعيد عن أبيه أن النبي صلي الله عليه و آله رأي ذلک، و قال انه صلي الله عليه و آله لم يستجمع بعد ذلک ضاحکا حتي مات، و روي سعيد بن يسار أيضا، و هو المروي عن أبي جعفر عليه ‏السلام، و ابي عبدالله عليه ‏السلام، و قالوا علي هذا التأويل ان الشجرة الملعونة في القرآن هي بنوأمية، أخبره الله سبحانه بتغلبهم علي مقامه و قتلهم ذريته.

و اما من طرق العامة، فمنها ما في الدر المنثور 191 / 4 - و هو ما اشار اليه الطبرسي - أخرج ابن جرير عن سهل بن سعد، عنه، قال: رأي رسول‏ الله صلي الله عليه و آله و سلم بني فلان ينزون علي منبره نزول القردة، فساءه ذلک، فما استجع ضاحکا حتي مات، و أنزل الله (و ما جعلنا الرؤيا التي أريناک الا فتنة الناس).

و فيه: اخرج ابن أبي حاتم عن يعلي بن مرة قال: قال رسول‏ الله صلي الله عليه و سلم أريت بني ‏أمية منابر الأرض، و سيتملکونکم، فتجدونهم أرباب سوء، و اهتم رسول‏ الله صلي الله عليه و آله و سلم لذلک، فانزل الله (و ما جعلنا...).

و فيه: أخرج ابن مردويه عن الحسين بن علي أن رسول‏ الله صلي الله عليه و سلم اصبح و هو مهموم، فقيل: مالک يا رسول‏ الله؟ فقال: اني أريت في المنام کأن بني ‏أمية يتعاورون منبري هذا...».

و فيه: اخرج ابن أبي‏حاتم و ابن مردويه و البيهقي في الدلائل و ابن عساکر عن سعيد بن المسيب، قال: رأي رسول‏ الله صلي الله عليه و آله و سلم بني‏امية علي المنابر،، فساءه ذلک فأوحي الله اليه....

و فيه: أخرج ابن مردويه عن عائشة انها قالت لمروان بن الحکم: سمعت رسول‏ الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول لابيک و جدک: انکم الشجرة الملعونة في القرآن.

و في البرهان 425 / 4، عن الثعلبي في تفسيره يرفعه الي الرشيد سعيد بن المسيب في قوله تعالي (و ما جعلنا الرؤيا...) الآية، قال: رأي رسول‏ الله صلي الله عليه و سلم بني‏امية علي المنابر فساءه ذلک... الي غير ذللک من الروايات الواردة، أوردنا قسما منها رغما لأنف زمرة الوهابية التي تدافع عنهم، حتي آل الأمر الي طبع و نشر کتاب: «حقائق عن أميرالمؤمنين! يزيد بن معاوية!» من ناحية وزارة المعارف بالسعودية، فتبت يداهم، بعد هدمهم قبور الأئمة الأطهار عليهم‏ السلام، و عداوتهم لمذهب أهل البيت عليهم‏ السلام، و أخيرا ارتکاب الفجيعة العظمي التي ارتکبها آل سعود العملاء (في هذه السنة و هي 1408 ه. ق) و هي هتک حرمة الحرم المکي الشرف الذي جعله الله آمنا، و قتلهم المئات من الحجاج الايرانيين و غيرهم في مکة المکرمة، و ذلک من أجل براءتهم من المشرکين، و ائمة الکفر.