رثاء ابنة عقيل
كان لبنات عقيل دور مهم في اثارة مشاعر الناس و انقلابهم نفسيا بعد مقتل أبي عبدالله الحسين عليه السلام و أصحابه، و قد ذكرنا سابقا ما يتعلق باحداهن و هي أسماء بنت عقيل، و ذلك بعد وصول خبر استشهاد أبي عبدالله الحسين عليه السلام.
ثم هانجد هنا دورا بارزا لاختها و هي - علي ما صرح به أكثر المؤرخين - زينب بنت عقيل، و ان اكتفي بعضهم بذكر عنوان «امرأة من بنات عبدالمطلب» [1] ، أو «ابنة عقيل» [2] أو «أم لقمان بنت عقيل» [3] لكن الأكثر ذكر أنها «زينب بنت عقيل». [4] .
و أما كيفية خروجها فقد ذكر المسعودي أنها خرجت في نساء من قومها حواسر حائرات لما قد ورد عليهن من قتل السادات. [5] .
و قال الطبري: انها خرجت و معها نساؤها و هي حاسرة تلوي بثوبها. [6] .
و قال الشيخ المفيد: «و خرجت أم لقمان بنت عقيل بن أبي طالب حين سمعت نعي الحسين حاسرة و معها أخواتها أم هاني و أسماء و رملة و زينب بنات عقيل بن أبي طالب - رحمةالله عليهن - تبكي قتلاها بالطف و هي تقول..». [7] .
و ذكره ابن الفتال [8] و الأربلي [9] كذلك.
و قال ابن الجوزي: «و لما أتي المدينة مقتل الحسين عليه السلام خرجت ابنة عقيل و معها نساؤها حاسرة و هي تبكي و تقول..». [10] .
و قال سبط ابن الجوزي: قال الواقدي: «لما وصل الرأس الي المدينة و السبايا لم يبق بالمدينة أحد [11] ، و خرجوا يضجون بالبكاء و خرجت زينب بنت عقيل بن أبي طالب كاشفة وجهها ناشرة شعرها تصيح: وا حسيناه وا اخوتاه وا أهلاه وا محمداه، ثم قالت..». [12] .
و قال ابن نما: «فلما قدما (مبعوثا يزيد الي المدينة) خرجت امرأة من بنات عبدالمطلب قيل هي زينب بنت عقيل ناشرة شعرها، واضعة كمها علي رأسها، تتلقاهم و هي تبكي و تقول..» [13] .
و أما مكان ذلك فقد صرح البلاذري و الطبراني و القاضي نعمان بكونه في البقيع [14] ، و أما الآخرون فلم يحددوا الموضع من المدينة.
و أما ما قالته فقد ذكر البلاذري أنه: و قالت زينب بنت عقيل ترثي قتلي أهل الطف، و خرجت تنوح بالبقيع:
ماذا تقولون ان قال النبي لكم
ماذا فعلتم و أنتم آخر الأمم
بأهل بيتي و أنصاري أما لكم
عهد كريم أما توفون بالذمم
ذريتي و بنو عمي بمضيعة
منهم أساري و قتلي ضرجوا بدم
ما كان ذا جزائي اذ نصحتكم
أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي [15] .
و أما غيره - ما عدا سبط ابن الجوزي و الخوارزمي - فقد ذكر من الأبيات ثلاثا مع تفاوت. و جاء في ضمن نقل المسعودي:
بعترتي و بأهلي بعد مفتقدي
نصف أساري و نصف ضرجوا بدم
ما كان جزائي اذ نصحت لكم
أن تخلفوني بشر في ذوي رحمي [16] .
ثم ان الطبراني قال بعد ذلك: فقال أبوالأسود الدؤلي: نقول: (ربنا ظلمنا أنفسنا) الآية [17] ، ثم قال أبوالأسود:
أقول و زادني جزعا و غيظا
أزال الله ملك بني زياد
و أبعدهم كما غدروا و خانوا
كما بعدت ثمود و قوم عاد
و لا رجعت ركابهم اليهم
اذا وقفت الي يوم التناد. [18] .
و قال القاضي نعمان: «فقال أبوالأسود الدؤلي: و قد سمعتها تقول: (ربنا ظلمنا أنفسنا و ان لم تغفر لنا و ترحمنا لنكونن من الخاسرين) [19] ، و هذا قول من لم يعتقد عدواة أهل بيت محمد، فأما الذين اعتقدوا عداوتهم و قصدوا لما قصدوا اليه منهم مصرون علي كفرهم و علي ما ارتكبوه منهم، و قد قتلوا من أهل بيت رسول الله صلي الله عليه و آله بعد هذا خلقا كثيرا قل من يحصر عددهم ظلما لهم، و استخفافا
لحقهم غير من تعاطي ما ليس له منهم، فصرعه تعاطيه ما ليس له، و تعديه الي غير حظه و تسمية اسمه». [20] .
پاورقي
[1] الرد علي المتعصب العنيد: 51؛ مثيرالأحزان: 95.
[2] مروج الذهب 68:3؛ تاريخ الطبري 357:4؛ المنتظم 344:5؛ جواهر المطالب 296:2.
[3] الارشاد 124:2؛ روضة الواعظين 192:1؛ کشف الغمة 68:2.
[4] أنساب الأشراف 420:3؛ شرح الأخبار 499:3، ح 1128؛ تذکرة الخواص: 267؛ مجمع الزوائد 199:9؛ تسلية المجالس 372:2.
[5] مروج الذهب 68:3.
[6] تاريخ الطبري 357:4.
[7] الارشاد 124:2.
[8] روضة الواعظين 192:1.
[9] کشف الغمة 68:2.
[10] النتظم 344:5 و نحوه.
[11] تذکرة الخواص: 267.
[12] هو المتفرد بذکر عطف السبايا علي الرأس، و هو غير صحيح، و لا تؤيد ذلک الشواهد التاريخية التي ذکرناها.
[13] مثيرالأحزان: 95، و نحوه في الرد علي المتعصب العنيد: 51.
[14] أنساب الأشراف 420:3؛ المعجم الکبير 126:3، ح 2853؛ شرح الأخبار 199:3، ح 1128.
[15] أنسابالأشراف 420:3.
[16] مروج الذهب 68:3. و نحوه في: المعجم الکبير 126:3، ح 2853، و فيه: «.. بأهل بيتي و أنصاري و ذريتي منهم أساري...»؛ شرح الأخبار 199:3 ح 1128، و فيه: «.. بأهل بيتي و قد أضحوا بحضرتکم منهم أساري.. هل کان..»؛ تاريخ الطبري 357:4 ذکر بيتين، و فيه: «بعترتي و بأهلي.. منهم أساري و منهم..»؛ الکامل في التاريخ 89:4؛ الارشاد 124:2 و فيه: «منهم أساري و منهم.. بسوء..». و مثله في: روضة الواعظين و کشف الغمة. و مقتل الخوارزمي 76:2 و فيه: «.. فهم أساري..: ضيعتم حقنا و الله أوجبه و قد عري الفيل حق البيت و الحرم»، و کفاية الطالب: 441 و فيه: «.. بأهل بيتي و أنصاري و شيعتهم... منهم أساري و قتلي ضرجوا.. ما کان ذاک..»؛ المنتظم 344:5 و فيه: «بعترتي و بأهلي عند منطلقي منهم أساري و منهم ضرجوا بدم..»؛ تذکرة الخواص: 267، و فيه: «بأهل بيتي و أولادي أمالکم عهد أما.. هذا جزائي اذ نصحت لکم..»؛ مثير الأحزان: 95، و فيه: «منهم أساري و منهم.. بسوء..»؛ مجمع الزوائد 199:9 و فيه: «.. و بأنصاري و ذريتي... منهم أساري و..»؛ جواهر المطالب 296:2 و فيه: «.. منهم أساري و منهم..»؛ تسلية المجالس 372:2؛ عيون الأخبار 213:1، بتفاوت يسير.
[17] الأعراف: 23.
[18] المعجم الکبير 126:3، ح 2853؛ مجمع الزوائد 199:9؛ کفايةالطالب: 441.
[19] الأعراف: 23.
[20] شرحالأخبار 199:3.