مناقشتنا للمحدث النوري
مناقشة النقطة الأولي:
ان السيد في اللهوف لم يصرح بحصول اللقاء في خصوص يوم الأربعين، بل ذكر خبر اللقاء فقط، كما ذكره ابن نما أيضا، و يأتي وجه عدم منع اجتماعهما.
مناقشة النقطة الثانية:
أولا: لقد أجاب الشهيد القاضي حول عدم ذكر الشيخ المفيد لذلك: أن بناءه كان هو نقل ما وصل اليه مسندا و لو كان خلافا للمشهور [1] - و العهدة علي مدعيها -.
ثانيا: أن عدم الذكر أعم من عدم الوقوع، و هؤلاء لم ينفوا ذلك.
ثالثا: و قد ذكرنا تصريح بعضهم حول حصول اللقاء، مثل البيروني و الشيخ البهائي و غيرهما.
مناقشة النقطة الثالثة:
اننا نوافقه في استنباطه من كلمة الرجوع الخروج من الشام لا الوصول الي المدينة، كما ذكرناه سابقا، و الظاهر أن قوله (و ان توهمه بعض) ناظر الي ما ذكره السيد ابن طاووس في الاقبال، و لكن لا نوافق في كون هذه الكلمات صريحة في عدم اتيانهم الي كربلاء، و قد قلنا ان عدم الذكر يكون أعم، خاصة مع ملاحظة ما قيل دأب الشيخ المفيد في كتابة التاريخ.
و أما ما ذكره من عدم امكان الرجوع الي المدينة في أقل من شهر فقد ذكر الشهيد القاضي الطباطبائي شواهد عديدة علي امكان ذلك، و يأتي كلامه.
مناقشة النقطة الرابعة:
أولا: ان تعبير هذا المحدث العظيم عن مصباح الزائر بكونه من الكتب المعتبرة مع تصريحه أنه ألف في أوان تكليفه و هو في ذلك الوقت كذا و كذا عدول عما ذكره سابقا، فأنه رفض خبر اللقاء استنادا لضمه اللهوف الي مصباح الزائر الذي ألف في سن مبكر، تسريا للضعف منه اليه!
ثانيا: استبعاد المحدث في مكانه، الا أنه عدم ذكر عطية ذلك في محله، و يأتي وجهه!
مناقشة النقطة الخامسة:
هذا هو أهم دليل ذكره المحدث النوري، حيث المقصود منه وصوله الي نتيجة الامتناع في فرض المسألة.
و لقد اهتم الشهيد القاضي لاجابته و اثبات الامكان، و سنذكر أدلته بعد اتمام أقوال المحدث النوري.
مناقشة النقطة السادسة:
علي فرض ذلك ليس هناك مانع أن يكون جابر سبق القوم في الزيارة، فينبطق عنوان أول زائر عليه، بل المستفاد من النصوص سبق جابر عليهم، حينما قالوا: فوصلوا الي موضع المصرع فوجدوا جابر بن عبدالله [2] ، فتحصل أن اللقاء و ان كان في يوم واحد، و لكن التشرف بزيارة القبر لم يكن في وقت واحد، و يأتي المختار في المسألة.
مناقشة النقطة السابعة:
أولا: ان وجود القدر المشترك من الطريق هو مما يستفاد من نقل اللهوف، و أما ما نقله ابن نما - الذي هو مقدم علي اللهوف - فليس فيه أثر عن ذلك.
و ثانيا: ان المستشكل نفي وجود قدر مشترك في الطريق لأجل شيئين:
أ) اتكاله علي نقل قول المترددين في عصره.
و فيه: أن هذا لا يكفي، اذ ان التغيير و التبديل في الطرق مما يحصل في كل زمان، فكيف ذلك بالنسبة الي مسألة راجعة الي أكثر من ألف سنة، ثم نظن كونه علي تلك الحالة السابقة، فالمسألة تحتاج الي تتبع و تحقيق أكثر.
ب) اعتماده علي ملاحظة طول البلدان الثلاثة.
و هذا مما لا يغني في المقام، فالطريق قضية ترجع الي مصالح عامة لأناس يقطعونه - من أهالي تلك المناطق - و لأجله نري أنه ربما يكثر في طول السير لأجل عبوره في تلكم البلاد و القري، اذ ليس المقصود هو المبدأ الأعلي و المقصد المنتهي فحسب، فلحاظ طول البلاد يفيد اذا كان السير في الهواء، لا الأرض!
و ثالثا: ان ما استبعده في المقام غير وارد، اذ مع تصريحه باختلاف حالة يزيد يوم خروج الأسري من الشام، و ابراز ندامته ظاهرا، و مع ملاحظة أوامر يزيد بلزوم حسن المعاملة معهم، و خاصة مع الالتفات الي ما ذكرناه عن ابن سعد بأن
يزيد أمر الرسل الذين وجههم أن ينزلوا بهم حيث شاءوا و متي شاءوا [3] فلو طلبوا الذهاب الي كربلاء اما ابتداء من نفس الشام، أو بعد الخروج منه، فليس بمستبعد.
و أما عدم ذكرهم كربلاء و الاكتفاء بذكر المدينة لا ضير فيه، بعد أن كانت هي الغاية القصوي بالنسبة اليهم، لكونها موطنهم و مسقط رأسهم، فما شأن كربلاء في ذلك الزمان الا شأن احدي المنازل في الطريق، فسؤال يزيد كان ناظرا الي اختيار محل الاقامة الدائمية، لا المؤقتة، و من الطبيعي أن يكون الجواب مطابقا للجواب، و لذلك اكتفوا بذكر المدينة، و لا ينافي لقاصد المدينة أن يكون مارا بكربلاء.
پاورقي
[1] المصدر نفسه 94.
[2] اللهوف: 225.
[3] الطبقات: 84 (ترجمة الامام الحسين عليهالسلام و مقتله من القسم غير المطبوع).