بازگشت

كلام حول السيدة رقية


ان قيل: انه ما كان للامام الحسين عليه السلام الا بنتان، و هما سكينة و فاطمة.

نقول: المروي و ان كان ذلك، و لكنه ليس بمتفق عليه، فهناك بعض الروايات تدل علي أن الامام عليه السلام كان له بنات ثلاث بل - علي قول - أربع.

قال الطبري الامامي: «و له - أي للامام الحسين عليه السلام - من البنات زينب، و سكينة و فاطمة». [1] .

و ممن ذكر القول الآخر العلامة الأربلي و ابن الصباغ المالكي، فانهما قالا - اللفظ للأخير -: «قال الشيخ كمال الدين بن طلحة: كان للحسين عليه السلام من الأولاد ذكورا و اناثا عشرة، ستة ذكور و أربع اناث، فالذكور علي الأكبر، و علي الأوسط و هو زين العابدين، و علي الأصغر، و محمد، و عبدالله، و جعفر.. و أما البنات فزينب و سكينة و فاطمة، هذا قول المشهور». [2] .

و لم يصرح الأربلي و ابن الصباغ باسم البنت الرابعة، فلعلها هي التي عرفت باسم رقية في أوساط الناس.

ان قيل: لعلها هي رقية بنت الامام علي بن أبي طالب عليه السلام.

قلنا: لكن لا يمكن الاعتماد عليه، لأن الروايات في شأنها علي قسمين:

القسم الأول: ما تصرح بأنها ماتت صغيرة، مثل ما ذكره سبط ابن الجوزي في قوله: «و قد زاد ابن اسحاق في أولاد فاطمة من علي عليه السلام: محسنا، مات صغيرا،


و زاد الليث: رقية، ماتت صغيرة أيضا». [3] .

فبنا علي هذا لا يمكن القول بأنها المقصودة بالمقام، لأن الفاصل الزماني بين وفاة الامام أميرالمؤمنين عليه السلام و ما بعد وقعة الطف يخرجها عن كونها صغيرة! هذا اذا فرضنا أنها ولدت في آخر أيام حياة الامام علي عليه السلام، و الا فان المسألة أصعب.

القسم الثاني: ما تصرح بأنها كبرت و تزوجت من مسلم بن عقيل [4] . فان المؤرخين ذكروا في عداد أنصار الامام الحسين عليه السلام الذين استشهدوا معه في كربلاء عبدالله بن مسلم بن عقيل، و قد صرحوا بأن امه كانت رقية بنت علي بن أبي طالب.

صرح بذلك ابن حبان [5] ، و القاضي نعمان [6] ، و الطبري [7] عن أبي مخنف، و خليفة بن خياط [8] ، و ابن الأثير [9] و غيرهم.

و لكن مع هذا لا يمكن القول بأنها المقصودة، و ذلك لعدة أمور:

أولا: لا نعلم بحضورها في وقعة الطف، و لكن القرائن تؤيد حضورها، و ذلك لأسباب متعددة مثل ارسال زوجها مسلم بن عقيل الي الكوفة، و حضور أبنائها مع الحسين عليه السلام من البنات و الذكور، فبطبيعة الحال هي تلازم أخاها في


هذه المرحلة الحساسة و الهامة جدا.

ثانيا: ليس لنا دليل علي وفاتها في الشام، بل هناك بعض الأخبار بوجود قبرها بمصر [10] ، - صرح بذلك ياقوت الحموي و غيره [11] ، و الا فبطبيعة الحال تكون قد توفيت بالمدينة.

ثالثا: القرائن التي نقلت في شأن وفاة هذه السيدة تختلف تماما عما اذا كانت امرأة كبيرة، كما هو واضح.

أضف الي ذلك ما نقل في شأن اصلاح قبر هذه السيدة و كونها بنتا صغيرة، روي الشيخ الحائري المازندراني قال: «و قد أخبرني بعض الصلحاء أن للسيدة رقية بنت الحسين عليهماالسلام ضريحا بدمشق الشام، و أن جدران قبرها قد تعيبت، فأرادوا اخراجها منه لتجديده فلم يتجاسر أحد أن ينزله من الهيبة، فحضر شخص من أهل البيت يدعي السيد ابن مرتضي، فنزل في قبرها و وضع عليها ثوبا لفها فيه و أخرجها فاذا هي بنت ضغيرة دون البلوغ، و كان متنها مجروحا من كثيرة الضرب، و قد ذكرت ذلك لبعض الأفاضل فحدثني به ناقلا له عن بعض أشياخه». [12] .

رابعا: تصريح بعض أرباب الكتب مثل ما نقل عن كتاب منتخبات التواريخ لمحمد أديب آل تقي الدين الحصني بقوله: «و نقل أيضا أن السيدة رقية بنت


الامام الحسين الصغيرة دفنت عند باب الفراديس». [13] .

و روي عن الشعراني في الباب العاشر من كتاب المنن: «و أخبرني بعض الخواص أن رقية بنت الحسين عليه السلام في المشهد القريب من جامع دار الخليفة أميرالمؤمنين يزيد، و معها جماعة من أهل البيت، و هو معروف الآن بجامع شجرة الدر، و هذا الجامع علي يسار الطالب للسيدة نفيسة، و المكان الذي فيه السيدة رقية عن يمينه و مكتوب علي الحجر الذي ببابه هذا البيت:



بقعة شرفت بآل النبي

و ببنت الحسين الشهيد رقية» [14] .



و قد جدد بناء قبر هذه السيدة بعد انتصار الثورة الاسلامية و اقامة الجمهورية الاسلامية في ايران بقيادة الامام الخميني أعلي الله مقامه الشريف، و قد أصبح بناء ضخما و رمزا للتضحية و الجهاد في سبيل الله و اعلاء كلمته.

ان قيل: هل هناك تصريح باسمها في ضمن كلمات الامام الحسين عليه السلام؟

يقال: نعم، مثل ما ذكره السيد ابن طاووس أنه حينما أراد عليه السلام أن يودع أهله قال: يا اختاه يا ام كلثوم، و أنت يا زينب، و أنت يا رقية، و أنت يا فاطمة، و أنت يا رباب، انظرن اذا أنا قتلت فلا تشققن علي جيبا، و لا تخمشن علي وجها، و لا تقلن علي هجرا. [15] .

و ما ذكره القندوزي أنه نادي: يا أم كلثوم، و يا سكينة، و يا رقية، و يا عاتكة، و يا زينب، و يا أهل بيتي عليكن مني السلام. [16] .

و كلا الا حتمالين في شأنها ممكن، و ان كان ظاهر لحن خطاب ما ذكره السيد


ابن طاووس أنه متوجه الي اخته رقية بنت علي عليه السلام، و يمكن اعتبار هذا دليلا آخر علي حضورها في معركة الطف.


پاورقي

[1] دلائل الامامة: 181. و انظر: المناقب 77:4؛ الهداية الکبري: 202؛ کشف الغمة 39:2؛ اسعاف الراغبين، المطبوع بهامش نور الأبصار: 195 (علي ما في احقاق الحق 451:11).

[2] الفصول المهمة: 199. و نحوه في کشف الغمة 38:2، و فيه: هذا قول مشهور، ثم قال: و قيل: کان له أربع بنين و بنتان، و الأول أشهر.

[3] تذکرة الخواص: 322.

[4] المجدي في الأنساب: 18.

[5] کتاب الثقات 311:2.

[6] شرح الأخبار 195:3.

[7] تاريخ الطبري 359:4.

[8] تاريخ خليفة بن خياط: 145.

[9] الکامل في التاريخ 93:4.

[10] قيل کذا ذکره الشعراني في الباب العاشر من المنن، انظر لطائف المنن و الأخلاق: 404، و الدر المنثور لزينب فوزا: 206، کذا في هامش الاشارات الي أماکن الزيارات: 26.

[11] معجم البلدان 167:5 مادة مصر رقم 11304؛ الاتحاف بحب الأشراف: 95؛ أعيان الشيعة 34:7.

[12] معالي السبطين 171:2، ذکر تفصيل ذلک العلامة الحجة محمد هاشم الخراساني عن السيد محمد علي الشامي سبط السيد ابراهيم الدمشقي آل السيد مرتضي، عن جده السيد ابراهيم الذي باشر في أمر اصلاح القبر الشريف، و ذکر أن القصة جرت في حوالي سنة 1280 ه، راجع کتاب منتخب التواريخ: 388.

[13] منتخبات التواريخ، مراقد أهل بيت در شام [بالفارسية]: 45.

[14] معالي السبطين 171:2.

[15] الملهوف: 141.

[16] ينابيع المودة 79:3، عنه احقاق الحق 633:11.