بازگشت

رأس الحسين في دمشق






الجسم منه بكربلاء مضرج

و الرأس منه علي القناة يدار



أن للرأس الشريف دورا هاما في استمرار رسالة النهضة الحسينية، فقد ذكرنا أن الرأس الشريف تلا القرآن و تكلم في دمشق. و هذه هي من أكبر الحجج و أحسن الادلة علي منزلته الرفيعة و علو مقامه عند الله تبارك و تعالي.

و لم تنحصر معجزة الرأس الشريف بما ذكر، بل هناك أمور و شواهد اخري:

روي البيهقي باسناده عن أبي معشر قال: «و قتل الحسين رضي الله عنه و جميع من معه رحمهم الله، و حمل رأسه الي عبيدالله بن زياد، فوضع بين يديه علي ترس، فبعث به الي يزيد، فأمر بغسله وجعله في حريرة و ضرب عليه خيمة و وكل به خمسين رجلا.

فقال واحد منهم: نمت و أنا مفكر في يزيد و قتله الحسين عليه السلام، فبينا أنا كذلك اذ رأيت سحابة خضراء فيها نور قد أضاءت ما بين الخافقين، و سمعت صهيل الخيل و مناديا ينادي: يا أحمد اهبط، فهبط رسول الله صلي الله عليه و سلم و معه جماعة من الأنبياء و الملائكة، فدخل الخيمة، و أخذ الرأس، فجعل يقبله و يبكي و يضمه الي صدره، ثم التفت الي من معه، فقال: انظروا الي ما كان من امتي في ولدي، ما بالهم لم يحفظوا فيه وصيتي، و لم يعرفوا حقي؟! لا أنالهم الله شفاعتي.

قال: و اذا بعدة من الملائكة يقولون: يا محمد، الله تبارك و تعالي يقرئك السلام، و قد أمرنا بأن نسمع لك و نطيع، فمرنا أن نقلب البلاد عليهم.

فقال صلي الله عليه و سلم: خلوا عن امتي، فان لهم بلغة و أمدا.


قالوا: يا محمد ان الله جل ذكره أمرنا أن نقتل هؤلاء النفر.

فقال: دونكم و ما أمرتم به.

فقال: فرأيت كل واحد منهم قد رمي كل واحد منا بحربة، فقتل القوم في مضاجعهم غيري، فاني صحت يا محمد.

فقال: و أنت مستيقظ؟

قلت: نعم.

قال: خلوا عنه يعيش فقيرا و يموت مذموما.

فلما أصبحت دخلت علي يزيد و هو منكسر مهموم، فحدثته بما رأيت، فقال: امض علي وجهك، و تب الي ربك!!». [1] .

و عن الشبلنجي أنه قال: «روي سليمان الأعمش رضي الله عنه قال: خرجنا ذات سنة حجاجا لبيت الله الحرام و زيارة قبر النبي عليه السلام، فبينا أنا أطوف بالبيت اذا رجل متعلق بأستار الكعبة و هو يقول: «اللهم اغفر لي و ما أظنك تفعل»، فلما فرغت من طوافي قلت: سبحان الله العظيم، ما كان ذنب هذا الرجل؟! فتنحيت عنه.

ثم مررت به مرة ثانية و هو يقول: «اللهم اغفرلي، و ما أظنك تفعل»، فلما فرغت من طوافي قصدت نحوه فقلت: يا هذا، انك في موقف عظيم، يغفر الله فيه الذنوب العظام، فلو سألت منه عزوجل المغفرة و الرحمة لرجوت أن يفعل، فانه منعم كريم.

فقال: يا عبدالله، من أنت؟

فقلت: أنا سليمان الأعمش.


فقال: يا سليمان، اياك طلبت، و قد كنت أتمني مثلك.

فأخذ بيدي، و أخرجني من داخل الكعبة الي خارجها، فقال لي: يا سليمان، ذنبي عظيم.

فقلت: يا هذا، أذنبك أعظم أم السماوات؟ أم الأرضون؟ أم العرش؟

فقال لي: يا سليمان، ذنبي أعظم! مهلا حتي أخبرك بعجب رأيته.

فقلت له: تكلم رحمك الله.

فقال لي: يا سليمان، أنا من السبعين الذين أتوا برأس الحسين بن علي رضي الله عنهما الي يزيد بن معاوية، فأمر بالرأس، فنصب خارج المدينة، و أمر بانزاله و وضع في طست من ذهب، و وضع ببيت منامه، فلما كان في جوف الليل انتبهت امرأة يزيد بن معاوية فاذا شعاع ساطع الي السماء، ففزعت فزعا شديدا، و انتبه يزيد من منامه، فقالت له: يا هذا قم، فاني أري عجبا، قال: فنظر يزيد الي ذلك الضياء فقال لها: اسكتي، فاني أري كما ترين.

قال: فلما أصبح من الغد أمر بالرأس، فأخرج الي فسطاط و هو من الديباج الأخضر، و أمر بالسبعين رجلا فخرجنا اليه نحرسه، و أمر لنا بالطعام و الشراب حتي غربت الشمس، و مضي من الليل ما شاء الله و رقدنا، فاستيقظت و نظرت نحو السماء، و اذا بسحابة عظيمة و لها دوي كدوي الجبال و خفقان أجنحة، فأقبلت حتي لصقت بالأرض، و نزل منها رجل و عليه حلتان من حلل الجنة و بيده درانك و كراسي، فبسط الدرانك، و ألقي عليها الكراسي، و قام علي قدميه و نادي: انزل يا أبا البشر، انزل يا آدم صلي الله عليه و آله و سلم، فنزل رجل أجمل ما يكون من الشيوخ شيبا، فأقبل حتي وقف علي الرأس فقال: السلام عليك يا ولي الله، السلام عليك يا بقية الصالحين، عشت سعيدا، و قتلت طريدا، و لم تزل عطشانا حتي ألحقك الله بنا،


رحمك الله و لا غفر لقاتلك، الويل لقاتلك غدا من النار، ثم نزل و قعد علي كرسي من تلك الكراسي.

قال: يا سليمان ثم لم ألبث الا يسيرا و اذا بسحابة أخري أقبلت حتي لصقت بالأرض، فسمعت مناديا يقول: انزل يا نبي الله، انزل يا نوح، و اذا برجل أتم الرجال خلقا، و اذا بوجهه صفرة، و عليه حلتان من حلل الجنة، فأقبل حتي وقف علي الرأس، فقال: السلام عليك يا أباعبدالله، السلام عليك يا بقية الصالحين، قتلت طريدا، و عشت سعيدا، و لم تزل عطشانا حتي ألحقك الله بنا، غفر الله لك، و لا غفر لقاتلك، الويل لقاتلك غدا من النار، ثم زال فقعد علي كرسي من تلك الكراسي.

قال: يا سليمان، ثم لم ألبث الا يسيرا و اذا بسحابة أعظم منها، فأقبلت حتي لصقت بالأرض، فقام الأذان، و سمعت مناديا ينادي: انزل يا خليل الله، انزل يا ابراهيم، و اذا برجل ليس بالطويل العالي و لا بالقصير المتداني، أبيض الوجه، أملح الرجال شيبا، فأقبل حتي وقف علي الرأس، فقال: السلام عليك يا أباعبدالله، السلام عليك يا بقية الصالحين، قتلت طريدا و عشت سعيدا، و لم تزل عطشانا حتي ألحقك الله بنا، غفر الله لك، و لا غفر لقاتلك، الويل لقاتلك غدا من النار، ثم تنحي فقعد علي كرسي من تلك الكراسي.

ثم لم ألبث الا يسيرا فاذا بسحابة عظيمة فيها دوي كدوي الرعد و خفقان أجنحة، فنزلت حتي لصقت بالأرض، و قام الأذان فسمعت قائلا يقول: انزل يا نبي الله، انزل يا موسي بن عمران، قال: فاذا برجل أشد الناس في خلقه و أتمهم في هيبته، و عليه حلتان من حلل الجنة، فأقبل حتي وقف علي الرأس فقال مثل ما تقدم، ثم تنحي فجلس علي كرسي من تلك الكراسي.


ثم لم ألبث الا يسيرا و اذا بسحابة أخري و اذا فيها دوي عظيم و خفقان أجنحة، فنزلت حتي لصقت بالأرض، و قام الأذان، فسمعت قائلا يقول: انزل يا عيسي، انزل يا روح الله، فاذا أنا برجل محمر الوجه، و فيه صفرة، و عليه حلتان من حلل الجنة، فأقبل حتي وقف علي الرأس، فقال مثل مقالة آدم و من بعده، ثم تنحي فجلس علي كرسي من تلك الكراسي.

ثم لم ألبث الا يسيرا و اذا بسحابة عظيمة فيها دوي كدوي الرعد و الرياح و خفقان أجنحة، فنزلت حتي لصقت بالأرض، فقام الأذان، و سمعت مناديا ينادي: انزل يا محمد، أنزل يا أحمد، و اذا بالنبي صلي الله عليه و آله و سلم و عليه حلتان من حلل الجنة، و عن يمينه صف من الملائكة و الحسن و فاطمة رضي الله عنهما، فأقبل حتي دنا من الرأس، فضمه الي صدره، و بكي بكاء شديدا، ثم دفعه الي امه فاطمة، فضمته الي صدره، و بكي بكاء شديدا ثم دفعه الي امه فاطمة، فضمته الي صدرها، و بكت بكاء شديدا، حتي علا بكاؤها و بكي لها من سمعها في ذلك المكان.

فأقبل آدم عليه السلام حتي دنا من النبي صلي الله عليه و آله و سلم، فقال: السلام علي الولد الطيب، السلام علي الخلق الطيب، أعظم الله أجرك، و أحسن عزاءك في ابنك الحسين، ثم قام نوح و ابراهيم و موسي و عيسي عليهم السلام، فقالوا كقوله كلهم يعزونه صلي الله عليه و آله و سلم في ابنه الحسين.

ثم قال النبي صلي الله عليه و آله و سلم يا أبي آدم، و يا أبي نوح، و يا أبي ابراهيم، و يا أخي موسي، و يا أخي عيسي، اشهدوا و كفي بالله شهيدا علي امتي بما كافأوني في ابني و ولدي من بعدي.

فدنا منه ملك من الملائكة فقال: قطعت قلوبنا يا أباالقاسم، أنا الملك الموكل بسماء الدنيا، أمرني الله تعالي بالطاعة لك، فلو أذنت لي أنزلتها علي


امتك، فلا يبقي منهم أحد.

ثم قام ملك آخر فقال: قطعت قلوبنا يا أباالقاسم، أنا الموكل بالبحار، أمرني الله بالطاعة لك، فان أذنت لي أرسلتها عليهم، فلا يبقي منهم أحد.

فقال النبي صلي الله عليه و آله و سلم: يا ملائكة ربي، كفوا عن امتي، فان لي و لهم موعدا لن أخلفه. فقام اليه آدم عليه السلام فقال: جزاك الله خيرا من نبي أحسن ما جوزي به نبي عن امته.

فقال له الحسن: يا جداه، هؤلاء الرقود هم الذين يحرسون أخي، و هم الذين أتوا برأسه.

فقال النبي صلي الله عليه و آله و سلم: يا ملائكة ربي، اقتلوهم بقتلهم ابني.

فوالله ما لبثت الا يسيرا حتي رأيت أصحابي قد ذبحوا أجمعين.

قال: فلصق بي ملك ليذبحني، فناديته: يا أباالقاسم أجرني، و ارحمني يرحمك الله.

فقال: كفوا عنه.

ودنا مني و قال: أنت من السبعين رجلا؟

قلت: نعم.

فألقي يده في منكبي، و سحبني علي وجهي، و قال: لا رحمك الله، و لا غفر لك، أحرق الله عظامك بالنار، فلذلك أيست من رحمة الله.

فقال الأعمش: اليك عني، فاني أخاف أن أعاقب من أجلك». [2] .



پاورقي

[1] المحاسن و المساوي‏ء: 62.

[2] نورالأبصار: 125 - علي ما في احقاق الحق 335:11. انظر: بحارالأنوار 187:45 نقلا عن الخرائج و الجرائح 581:2 بتفاوت، خاصة فيما يتعلق بمصير الرأس الشريف.