بازگشت

خطبة الامام زين العابدين


لم يكتف الامام عليه السلام بذكر آيات شريفة منطبقة علي أهل البيت عليهماالسلام، بل وقف موقفا حازما أمام الطاغية، و واجهه بكل صلابة، و كلمه بكل شجاعة، و لم يكتف بذلك أيضا، بل أخذ بزمام الكلام، و خاطب الجمهور، و كشف القناع عما ستر فترة طويلة، و ذلك بعد ما الخطيب الشامي و تكلم بما اشتري به رضا المخلوق بسخط الخالق.

قال الخوارزمي:

«و روي أن يزيد أمر بمنبر و خطيب ليذكر للناس مساوي للحسين و أبيه علي عليهماالسلام [1] ، فصعد الخطيب المنبر فحمدالله و أثني عليه و أكثر الوقيعة في علي


و الحسين، و أطنب في تقريظ معاوية و يزيد، فصاح به علي بن الحسين:

ويلك أيها الخاطب! اشتريت رضا [2] المخلوق بسخط الخالق، فتبوأ [3] مقعدك من النار.

ثم قال:

يا يزيد! ائذن لي حتي أصعد هه الأعواد، فأتكلم بكلمات [4] فيهن لله رضا و لهؤلاء الجالسين أجر و ثواب.

فأبي يزيد، فقال الناس: يا أمير المومنين، ائذن له ليصعد، فلعلنا نسمع منه شيئا. فقال لهم: ان صعد [5] المنبر هذا م ينزل الا بفضيحتي و فضيحة آل أبي سفيان [6] .


فقالوا: و ما قدر ما يحسن هذا؟

فقال: انه أهل بيت قد زقوا العلم زقا [7] .

و لم يزالوا به حتي أذن له بالصعود، فصعد المنبر، فحمدالله و أثني عليه، [8] ، ثم خطب خطبة أبكي منها العيون، و أوجل منهات القلوب، فقال فيها:

«أيها الناس، أعطينا ستا و فضلنا بسبع، أعطينا العلم و الحلم و السماحة و الفصاحة و الشجاعة و المحبة في قلوب المؤمنين، و فضلنا بأن منا النبي المختار محمدا صلي الله عليه و آله و سلم، و منا الصديق، و منا الصديق، و منا الطيار، و منا أسد الله و أسد الرسول، و منا سيدة نساء العالمين


فاطمة البتول، و منا سبطا هذه الامة و سيدا شباب أهل الجنة [9] .

فمن عرفني فقد عرفني، و من لم يعرفني [10] أنبأته بحسبي و نسبي [11] .

أنا ابن مكة و مني، أنا ابن زمزم [12] و الصفا [13] ، أنا ابن من حمل الزكاة [14] بأطراف الرداء، أنا ابن خير من ائترز وارتدي، أنا ابن خير من انتعل و احتفي، أنا ابن خير من طاف و سعي [15] ، (انا) ابن خير من حج و لبي، أنا ابن من حمل علي البراق [16] في الهواء، أنا ابن من أسري به من المسجد الحرام الي المسجد الأقصي، فسبحان من أسري، أنا ابن من بلغ به جبرائيل الي سدرة المنتهي، أنا


ابن من دنا فتدلي فكان من ربه قاب قوسين أو أدني، أنا ابن من صلي بملائكة السماء، أنا ابن من أوحي اليه الجليل ما أحي ء، أنا ابن محمد المصطفي.

أنا ابن علي المرتضي، أنا ابن

من ضرب خراطيم الخلق حتي قالوا لا اله الا الله، أنا ابن

من ضرب بين يدي رسول الله بسيفين، و طعن برمحين، و هاجر الهجرتين، و بايع البيعتين، و صلي القبلتين، و قاتل ببدر و حنين، و لم يكفر بالله طرفة عين. أنا ابن صالح المومنين، و وارث النبيين، و قامع الملحدين، و يسعوب المسلمين، و نور المجاهدين، و زين العابدين، و تاج البكائين، و أصبر الصابرين، و أفضل القائمين من آل ياسين (و) [17] رسول رب العالمين، أنا ابن المويد بجبرائيل، و المنصور بميكائيل، أنا ابن الحامي عن حرم المسلمين، و قاتل الناكثين و القاسطين و المارقين، و المجاد أعداءه الناصبين، و أفخر من مشي من قريش أجمعين، و أول من أجاب و استجاب لله [18] من المومنين، و أقدم السابقين [19] ، و قاصم المعتدين، و مبير [20] المشركين، و سهم من مرامي


الله علي المنافقين، و لسان حكمة العابدين، ناصر [21] دين الله، و ولي أمر الله، و بستان حكمة الله، و عيبة علم الله [22] ، سمع سخي، [23] بهلول زكي أبطحي، رضي مرضي، مقدام همام، صابر صوام، مهذب قوام، شجاع قمقام، قاطع الأصلاب، و مفرق الأحزاب، أربطهم جنانا، و أطبقهم عنانا، و أجرأهم لسانا، و أمضاهم عزيمة، و أشدهم شكيمة، أسد باسل، و غيث هاطل، يطحنهم في الحروب اذا ازدلفت الأسنة و قربت الأعنة، طحن الرحي [24] ، و يذروهم ذرو الريح الهشيم، ليث الحجاز، و صاحب الاعجاز، و كبش العراق، الامام بالنص و الا ستحقاق، مكي مدني، أبطحي تهامي، خيفي عقبي، بدري أحدي، شجري مهاجري، من العرب سيدها، و من الوغي ليثها، وارث المشعرين، و أبو السبطين الحسن و الحسين، مظهر العجائب، و مفرق الكتاب، و الشهاب الثاقب، و النور العاقب، أسد الله الغالب، مطلوب كل طالب، غالب كل غالب، ذاك جدي علي بن أبي طالب [25] .

أنا ابن فاطمة الزهراء، أنا ابن سيدة النساء، أنا ابن الطهر


البتول، أنا ابن بضعة الرسول.. [26] .

قال: و لم يزل يقول «أنا أنا» حتي ضج بالبكاء و النحيب، و خشي يزيد أن تكون فتنة [27] ، فأمر المؤذن أن يؤذن فقطع عليه الكلام و سكت [28] .

فلما قال المؤذن [29] : «الله أكبر» [30] قال علي بن الحسين:

كبرت كبيرا لا يقاس و لا يدرك بالحواس، لا شي ء أكبر من الله.

فلما قال: «أشهد أن لا اله الا الله» قال علي:



شهد بها [31] شعري و بشري و لحمي و دمي و مخي و عظمي.

فلما قال: «أشهد أن محمدا رسول الله» التفت علي [32] من أعلي المنبر الي يزيد و قال:

يا يزيد، محمد هذا جدي أم جدك؟ فان زعمت أنه جدك فقد كذبت [33] ، و ان قلت [34] انه جدي فلم قتلت عترته؟

قال: و فرغ المؤذن من الأذان و الاقامة، فتقدم يزيد [35] و صلي صلاة الظهر. [36] .

روي الخطبة أرباب السير و التاريخ، فمنهم من ذكرها تفضيلا كابن أعثم [37] و الخوارزمي [38] و محمد بن أبي طالب [39] و منهم من ذكر معظمها كابن شهر آشوب [40] و المجلسي [41] و منهم من ذكر بعضها مثل أبي الفرج الاصفهاني [42] و منهم من أشار اليها و اكتفي بذكر مقدماتها مثل ابن نما و السيد ابن طاووس. [43] .



پاورقي

[1] في الفتوح (185:2): ثم دعا يزيد بالخطاب و أمر بالمنبر فأحضر، ثم أمر بالخاطب فقال: اصعد المنبر فخبر الناس بمساوي الحسين و علي و ما فعلا.

و في المناقب (168:4) و کتاب الأحمر: قال الأوزاعي: لما أتي بعلي بن الحسين و رأس أبيه الي يزيد بالشام قال لخطيب بليغ: خذ بيد هذا الغلام فائت به الي المنبر و أخبر الناس بسوء رأي أبيه وجده و فراقهم الحق و بغيهم علينا، قال: فلم يدع شيئا من المساوي الا ذکره فيهم، فلما نزل قام علي بن الحسين فحمدالله...

[2] في الفتوح: مرضاة.

[3] في الفتوح: فانظر.

[4] في الفتوح: بکلام فيه رضا الله و رضا هولاء الجلساء و أجر و ثواب.

[5] في الفتوح: انه ان صعد.

[6] ذکر الطبرسي ما يشابه ذلک في حق سيد الشهداء عليه‏السلام زمن حکومة معاوية، فانه روي عن موسي بن عقبة أنه قال: لقد قيل لمعاوية: ان الناس قد رموا بأبصارهم الي الحسين عليه‏السلام، فلو قد أمرته يصعد المنبر فيخطب، فان فيه حصرا و في لسانه کلالة.

فقال لهم معاوية: قد ظننا ذلک بالحسن، فلم يزل حتي عظم في أعين الناس و فضحنا.

فلم يزالوا به حتي قال للحسين: يا أبا عبدالله، لو صعدت المنبر فخطبت، فصعد الحسين عليه‏السلام المنبر، فحمدالله و أثني عليه، و صلي علي النبي صلي الله عليه و آله و سلم فسمع رجلا يقول: من هذا الذي يخطب؟ فقال الحسين عليه‏السلام: نحن حزب الله الغالبون، و عترة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم الأقربون، و أهل بيته الطيبون، و أحد الثقلين اللذين جعلنا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ثاني کتاب الله تبارک و تعالي، الذي فيه تفصيل کل شي‏ء، لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، و المعمول علينا في تفسير، لا يبطئنا تأويله، بل نتبع حقايقه، فأطيعونا، فان طاعتنا مفروضة، اذا کانت بطاعة الله و رسوله مقرونة، قال الله عزوجل: (أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منکم فان تنازعتم في شي‏ء فردوده الي الله و الرسول) (النساء: 59)، و قال: (و لورده الي الرسول و الي أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم و لولا فضل الله عليکم و رحمته لا تابعتم الشيطان الا قليلا) (النساء: 83)، و أحذرکم الا صغاء الي هتوف الشيطان بکم، فانه لکم عدو مبين، فتکونوا کأوليائه الذين قال لهم: (لا غالب لکم اليوم من الناس و اني جار لکم فلما لکم عدو مبين، فتکونوا کأوليائه الذين قال لهم: (لا غالب لکم اليوم من الناس و اني جار لکم فلما تراءت الفئتان نکص علي عقبيه و قال اني بري‏ء منکم) (الأنفال: 48) فتلقون للسيوف ضربا و للرماح وردأ و للعمد حطما و للسهام غرضا، ثم لا يقبل من نفس ايمانها لم تکن آمنت من قبل أو کسبت في ايمانها خيرا.

قال معاوية: حسبک يا ابا عبدالله، فقد أبلغت! (الاحتجاج 94:2).

[7] في الفتوح: انه من نسل قوم قد رزقوا العلم رزقا حسنا.

[8] في المناقب: فلما نزل قام علي بن الحسين، فحمدالله بمحامد شريفه و صلي علي النبي صلاة بليغة موجزة.

[9] ههنا في الفتوح و الاحتجاج و البحار: أيها الناس.. و في المناقب: يا معشر الناس.

[10] بعده الاحتجاج و المناقب: فأنا أعرفه بنفسي.

[11] في الفتوح، بعده: أيها الناس.

[12] في المناقب: مروة؛ في الاحتجاج: المروة.

[13] ههنا في الاحتجاج توجد عبارة: أنا ابن‏محمد المصطفي، أنا ابن من لا يخفي، أنا ابن من علا فاستعلي، فجاوز سدرة المنتهي، و کان من ربه قاب قوسين أو أدني.

و في المناقب: أنا ابن‏محمد المصطفي، أنا ابن من لا يخفي، أنا ابن من علا فاستعلي فجاز سدرة المنتهي و کان من ربه کقاب قوسين أو أدني، أنا ابن من صلي بملائکة السماء مثني مثني، أنا ابن من المنتهي و کان من ربه کقاب قوسين أو أدني، أنا ابن من صلي بملائکة السماء مثني مثني، أنا ابن من أسري به من المسجد الحرام الي المسجد الأقصي، أنا ابن‏علي المرتضي...

[14] في البحار: الرکن.

[15] في الفتوح: أنا ابن خير من حج و طاف و سعي و لبي.

[16] في الفتوح: أنا ابن خير من حمل البراق.

[17] ليس في البحار، و هو الأنسب، و علي فرض وجوده ف (رسول) معطوف علي کلمة ياسين.

[18] في البحار: و لرسوله.

[19] في البحار: و أول السابقين.

[20] في البحار: مبيد.

[21] في البحار: و ناصر.

[22] في البحار: علمه.

[23] ههنا في البحار، عبارة «بهي» أيضا.

[24] في البحار: طحن مرحا.

[25] في البحار: ثم قال.

[26] هذه الفقرة في المناقب هکذا: أنا ابن‏علي المرتضي، أنا ابن‏فاطمة الزهراء، أنا ابن‏خديجة الکبري، أنا ابن‏المقتول ظلما، أنا ابن‏المحزوز الرأس من القفا، أنا ابن‏العطشان حتي قضي، أنا ابن‏طريح کربلاء، أنا ابن‏مسلوب العمامة و الرداء، أنا ابن‏من بکت عليه ملائکة السماء، أنا ابن‏من ناحيت عليه الجن في الأرض و الطير في الهواء، أنا ابن‏من رأسه علي السنان يهدي، أنا ابن‏من حرمه من العراق الي الشام تسبي، أيها الناس، ان الله - تعالي و له الحمد - ابتلانا أهل البيت ببلاء حسن حيث جعل راية الدهي و العدل و التقي فينا، و جعل راية الضلالة و الردي في غيرنا، فضلنا أهل البيت بست خصال، فضلنا بالعلم و الحلم و الشجاعة و السماحة و المحبة و المحلة في قلوب المومنين، و آتانا ما لم يؤت أحدا من العالمين من قلبنا، فينا مختلف الملائکة و تنزيل الکتب.

[27] في الاحتجاج: فضج أهل الشام بالبکاء حتي خشي يزيد أن يؤخذ من مقعده، فقال للمؤذن: أذن.

[28] الفقرة في الفتوح هکذا: فلم يزل يعيد ذلک حتي ضج الناس بالبکاء و النحيب، و خشي يزيد أن تکون فتنة فأمر الموذن فقال: اقطع عنا هذا الکلام.

[29] في المناقب: «.. فلم يفرغ حتي قال المؤذن «الله أکبر» فقال علي عليه‏السلام: الله أکبر کبيرا، فقال المؤذن: أشهد أن لا اله الا الله، فقال علي بن الحسين: شهد بها شعري...، فلما قال المؤذن: أشهد أن محمدا رسول الله، قال علي: يا يزيد هذا جدي أو جدک؟ فان قتلت جدک فقد کذبت، و ان قلت جدي، فلم قتلت أبي وسبيت حرمه و سبيتني؟ ثم قال: معاشر الناس هل فيکم من أبوه و جده رسول الله صلي الله عليه و آله؟ فعلت الأصوات بالبکاء فقام اليه رجل يقال له المنهال بن عمرو الطائي، و في رواية نکحول...

[30] في الاحتجاج: فلما قال المؤذن «الله اکبر» جلس علي بن الحسين علي المنبر.

[31] في الفتوح: يشهد بها.

[32] في الفتوح و البحار: التفت علي بن الحسين من فوق المنبر الي يزيد.

[33] في البحار هنا عبارة «و کفرت» أيضا.

[34] في البحار: و ان زعمت.

[35] في الفتوح: تقدم يزيد يصلي بالناس صلاة الظهر، فلما فرغ من صلاته أمر بعلي بن الحسين و أخواته و عماته رضوان الله عليهم، ففرغ لهم دارا فنزلوها، و أقاموا أياما يبکون و ينوحون علي الحسين رضي الله عنه.

[36] مقتل الخوارزمي 71:69:2.

[37] الفتوح 185:2.

[38] مقتل الخوارزمي 69:2.

[39] تسلية المجالس 391:2. عن صاحب المناقب (بحارالأنوار، 137:45)، و غيرهم.

[40] المناقب 168:4. (الاحتجاج 132:2 - عنه بحارالأنوار، 161:45 ح 6).

[41] بحارالأنوار، 161:45 ح 6.

[42] مقاتل الطالبيين: 121.

[43] مثير الأحزان: 102؛ الملهوف: 19.