بازگشت

رسول ملك الروم في مجلس يزيد


روي سبط ابن الجوزي عن عبيد بن عمير، قال: «كان رسول قيصر حاضرا عند يزيد، فقال ليزيد: هذا رأس من؟ فقال: رأس الحسين، قال: و من الحسين؟ قال: ابن فاطمة، قال: و من فاطمة؟ قال بنت محمد، قال: نبيكم؟ قال: نعم، قال: و من أبوه؟ قال: علي بن أبي طالب، قال: و من علي بن أبي طالب؟ قال: ابن عم نبينا، فقال: تبا لكم و لدينكم ما أنتم و حق المسيح علي شي ء، ان عندنا في بعض الجزائر دير فيه حافر حمار ركبه عيسي السيد المسيح، و نحن نحج اليه في كل عام من الأقطار و ننذر له النذور و نعظمه كما تعظمون كعبتكم، فأشهد أنكم علي باطل، ثم قام ولم يعد اليه». [1] .

و روي ذلك الخوارزمي بتفصيل أكثر و هو ما أورده باسناده عن زيد بن علي و محمد بن الحنفية عن علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام أنه قال:

«لما أتي برأس الحسين عليه السلام الي يزيد كان يتخذ مجالس الشرب، و يأتي برأس الحسين، فيضعه بين يديه و يشرب عليه، فحضر ذات يوم أحد مجالسه


رسول ملك الروم - و كان من أشراف الروم و عظمائها - فقال: يا ملك العرب رأس من هذا؟

فقال له يزيد: مالك و لهذا الرأس؟

قال: اني اذا رجعت الي ملكنا يسألني عن كل شي ء رأيته، فأحببت أن أخبره بقصة هذا الرأس و صاحبه ليشاركك في الفرح و السرور.

فقال يزيد: هذا رأس الحسين بن علي بن أبي طالب.

فاقل: و من امه؟

قال: فاطمة الزهراء.

قال: بنت من؟ قال: بنت رسول الله.

فقال الرسول: أف لك و لدينك، و ما دين (الا) أحسن من دينك! اعلم أني من أحفاد داود، و بيني و بينه آباء كثيرة، و النصاري يعظمونني و يأخذون التراب من تحت قدمي تبركا، لأني من أحفاد داود، و أنتم تقتلون ابن بنت رسول الله و ما بينه و بين رسول الله الا ام واحدة، فأي دين هذا؟!

ثم قال له الرسول: يا يزيد، هل سمعت بحديث كنيسة الحافر؟

فقال يزيد: قل حتي أسمع.

فقال: ان بين عمان و الصين بحرا مسيرته سنة، ليس فيه عمران الا بلدة واحدة في وسط الماء، طولها ثمانون فرسخا و عرضها كذلك، و ما علي وجه الأرض بلدة أكبر منها، و منها يحمل الكافور و الياقوت و العنبر، و أشجارهم العود، و هي في أيدي النصاري، لا ملك لأحد فيها من الملوك، و في تلك البلدة كنائس كثيرة أعظمها كنيسة الحافر، في محرابها حقة من ذهب معلقة فيها حافر يقولون انه حافر حمار كان يركبه عيسي، و قد زينت حوالي الحقة بالذهب و الجواهر و الديباج و الابريسم، و في كل عام يقصدها عالم من انصاري، فيطوفون حول


الحقة و يزورونها و يقبلونها و يرفعون حوائجهم الي الله ببركتها، هذا شأنهم و دأبهم بحافر حمار يزعمون أنه حافر حمار كان يركبه عيسي نبيهم، و أنتم تقتلون ابن بنت نبيكم! لا بارك الله فيكم و لا في دينكم.

فقال يزيد لأصحابه: اقتلوا هذا النصراني، فانه يفضحنا ان رجع الي بلده و يشنع علينا.

فلما أحس النصراني بالقتل قال: يا يزيد، أتريد قتلي؟

قال: نعم.

قال: فاعلم اني رأيت البارحة نبيكم في منامي و هو يقول لي: يا نصراني، أنت من أهل الجنة! فعجبت من كلامه حتي نالني هذا، فأنا أشهد أن لا اله الا الله، و أن محمدا عبده و رسوله، ثم أخذ الرأس و ضمه اليه، و جعل يبكي حتي قتل». [2] .

ثم قال الخوارزمي: «و روي مجد الأئمة السرخسكي عن أبي عبدالله الحداد أن النصراني اخترط سيفا و حمل علي يزيد ليضربه، فحال الخدم بينهما و قتلوه و هو يقول الشهادة الشهادة». [3] .

و لنعم ما أورده ابن شهر آشوب عن بعض شعراء أهل البيت عليهم السلام:



واخجلة الاسلام من أضداده

ظفروا له بمعائب و معاثر



آل العزير يعظمون حماره

و يرون فوزا لثمهم بالحافر



و سيوفكم بدم ابن بنت نبيكم

مخضوبة لرضي يزيد الفاجر [4] .





پاورقي

[1] تذکرة الخواص: 263.

[2] مقتل الخوارزمي 72:2. و نحوه في: مثير الأحزان: 103؛ الملهوف: 221؛ تسلية المجالس 397:2؛ بحارالأنوار 189:45؛ عوالم العلوم 418:17. بتفاوت يسير.

[3] مقتل الخوارزمي 72:2.

[4] المناقب 123:4.