بازگشت

يزيد في موضع الانفعال


قال سبط ابن الجوزي: «و لما فعل يزيد برأس الحسين ما فعل تغيرت وجوه أهل الشام و أنكروا عليه ما فعل، فقال: أتدرون من أين دهي أبوعبدالله؟ قالوا: لا، قال: من الفقه و التأويل، كأني به قد قال: أبي خير من أبيه، و امي خير من امه وجدي خير من جده، فأنا أحق بهذا الأمر منه، و لم يلحظ قوله تعالي: (قل اللهم مالك الملك) الآية [1] . فسري عن وجوه أهل الشام». [2] .

قال ابن أعثم و الخوارزمي: «ثم أقبل (يزيد) علي أهل مجلسه و قال: هذا يفخر علي و يقول: «أبي خير من أبي يزيد، و امي خير من أمه، و جدي خير من جد يزيد، و أنا خير من يزيد»، فهذا الذي قتله! فأما قوله (ان أبي خير من أبي يزيد) فقد حاج أبي أباه فقضي الله لأبي علي أبيه! و أما قوله (ان امي خير من ام يزيد) فلعمري انه صادق، ان فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله خير من امي، و أما قوله (ان جدي خير من جد يزيد) فليس أحد يؤمن بالله و اليوم الآخر يقول انه خير من محمد صلي الله عليه و آله، و أما قوله (أنا) خير مني فلعله لم يقرأ هذه الآية (قل اللهم مالك الملك... قدير). [3] .


و من المعلوم أن يزيد التجأ الي هذا القول بعد اعتراض كثير من الحاضرين و فيهم بعض الصحابة و أقاربه أيضا، فصار محرجا فسعي لتشويه أهداف نهضة الحسين بهذا القياس السخيف، و الا فأين الثري من الثريا، أين معاوية الطليق ابن الطليق من علي أميرالمؤمنين و سيد الوصيين و قائد الغر المحجلين؟! و أين هند آكلة الأكباد من فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين؟! و أين أبوسفيان الطليق من النبي الأكرم صلي الله عليه و آله سيد الأولين و الآخرين؟! و أين يزيد اللعين من الحسين عليه السلام و هو سيد شباب أهل الجنة أجمعين؟! و بعبارة أحضر: أين الشجرة الملعونة في القرآن من الشجرة المباركة التي أصلها ثابت و فرعها في السماء؟

و يختم يزيد كلامه بذكر مشيئة الله و قضائه و قدره، و هو لا يعلم منها شيئا، و هذا هو سلاح المتجبرين أن ينهوا كل شي ء الي هذه النقطة و يروجوا لمسلك الجبر في المقام و يسكتوا أصوات مخالفيهم و الساذجين من الناس.

نعم التجأ يزيد الي هذا الموقف المنفعل بعد ما رأي فضاعة اساءته الي رأس سبط الرسول و ثمرة البتول، و لذلك ذكروا أنه قال بهذا المقال بعد ما اعترضه أبوبرزة الأسلمي [4] أو ابن الحكم [5] و بعد ذلك تمثل بأبيات ابن الزبعري.

و يزيد نفسه يعلم من هو الحسين عليه السلام و مكانته في قلوب الناس العارفين.

ان ابن كثير - مع ما فيه - يعترف بعلو مكانة أبي عبدالله الحسين عليه السلام في عيون الناس، و يقول: «بل الناس انما ميلهم الي الحسين لأنه السيد الكبير و ابن بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فليس علي وجه الأرض يومئذ أحد يسايره و لا يساويه». [6] .



پاورقي

[1] آل عمران: 26.

[2] مرآة الزمان 10 - مخطوط - علي ما في عبرات المصطفين 284:2.

[3] الفتوح 181:2؛ مقتل الخوارزمي 57:2؛ تاريخ الطبري 254:4؛ الکامل في التاريخ 85:4.

[4] الکامل في التاريخ 85:4؛ البداية و النهاية 197:8.

[5] بحارالأنوار، 131:45.

[6] البداية و النهاية 151:8.