بازگشت

كيف حمل بقيه اهل البيت إلي يزيد


فـيما رواه الطبري قوله: ((ثُمّ إنّ عبيداللّه أمر بنساء الحسين وصبيانه فجُهّزن، وأمر بعليّ بـن الحـسـين فَغُلَّ بغُلٍّ إلي عنقه! ثمّ سرّح بهم مع مُحفّز بن ثعلبه العائذي ـ عائذة قريش ـ ومـع شـمـر بـن ذي الجوشن، فانطلقا بهم حتّي قدموا علي يزيد، فلم يكن عليُّ بن الحسين يُكلِّم أحداً منهما في الطريق كلمه حتّي بلغوا..)). [1] .

وقـال السـيـد ابـن طـاووس (ره): ((وأمـّا يـزيـد بـن مـعـاويـه فـإنـّه لمـّا وصـل كـتـاب ابـن زيـاد ووقـف عـليـه أعـاد الجـواب إليـه يـأمـره فـيـه بـحـمـل رأس الحـسـيـن (ع) إليـه ورؤوس مـن قـُتـل مـعـه، وبـحـمـل أثـقاله ونسائه وعياله، فاستدعي ابن زياد بمخفر بن ثعلبه العائذي فسلّم إليه الرؤوس والاسـاري والنـسـاء، فـسار بهم مخفر إلي الشام كما يُسار بسبايا الكفّار، يتصفّح وجوههنّ أهل الاقطار!)). [2] .


ويـقـول السـيـّد ابـن طـاووس (ره) فـي كـتـابـه (إقـبـال الاعـمـال): ((رأيـتُ فـي كـتـاب المـصـابـيـح بـإسـنـاده إلي جـعـفـر بـن مـحـمـّد (ع) قال:

قـال لي أبـي مـحـمـّد بـن عـليّ: سـألت أبـي عـليَّ بـن الحـسـيـن عـن حمل يزيد له، فقال: حملني علي بعير يطلع بغير وطاء! ورأس الحسين (ع) علي علم! ونسوتنا خلفي علي بغال، فأكفّ، والفارطه خلفنا وحولنا بالرماح، إن دمعت من أحدنا عين قُرع رأسه بـالرمـح! حـتـّي إذا دخـلنـا دمـشـق صـاح صـائح: يـا أهـل الشـام هـؤلاء سـبـايـا أهل البيت الملعون!)). [3] .

ويـقـول ابـن الصـبـّاغ المـالكـي فـي كـتـابـه الفـصـول المـهـمـّه: ((وقـد جعل ابن زياد الغلَّ في يديه ـ أي الامام السجّاد (ع) ـ وفي عنقه، ولم يزالوا سايرين بهم علي تلك الحاله إلي أن وصلوا الشام.)). [4] .

وفـيـمـا يـرويـه لنـا الصـحابيّ سهل بن سعد [5] عن لقائه بالركب الحسينيّ في
دمشق قـوله: ((... فـبينا أنا كذلك، حتّي رأيت الرايات يتلو بعضها بعضاً، فإذا نحن بفارس بيده لواء مـنـزوع السـنـان، عـليـه رأس أشـبـه النـاس وجـهـاً بـرسـول اللّه (ص)! فـإذا أنـا مـن ورائه رأيـت نـسـوة عـلي جمال بغير وطاء...)). [6] .

وإنّ صـفـه دخـول بـقـيـّه أهـل البـيـت (ع) عـلي يزيد كاشفه عن حالهم الاصعب أثناء الطريق، يقول السيّد ابن طاووس (ره): ((ثُمّ أُدخل ثقل الحسين (ع) ونساؤه ومن تخلّف من أهله علي يزيد، وهـم مـقـرّنـون فـي الحـبـال! فـلمـّا وقـفـوا بـيـن يـديـه وهـم عـلي تـلك الحال قال له عليّ بن الحسين:

أُنـشـدك اللّه يـا يـزيـد! مـا ظـنـّك بـرسـول اللّه لو رآنـا عـلي هـذه الحال!؟...)). [7] .


وفـي خـطـبـه مـولاتـنـا زيـنـب العـقـيـله (س) فـي مـجـلس يـزيـد صـورة وافـيـه لطـريـقـه حمل بقيّه أهل البيت (ع) من الكوفه إلي الشام، حيث قالت (س) وهي تقرّع الطاغيه:

((أمـِنَ العـدل يـا ابـن الطـلقـاء تـخـديـرك حـرائرك وإمـاءك، وسـوقـك بـنـات رسـول اللّه سـبـايـا قـد هتكت ستورهنّ!؟ وأبديت وجوههن!؟ تحدو بهنّ الاعداء من بلدٍ إلي بلد!؟ ويـسـتـشرفهنّ أهل المناهل والمناقل؟! ويتصفّح وجوههنّ القريب والبعيد، والدنيّ والشريف!؟ ليس معهن من رجالهنّ وليّ، ولامن حماتهنّ حميّ!؟...)). [8] .


پاورقي

[1] تاريخ الطبري: 3:338.

[2] اللهوف: 208.

[3] إقبال الاعمال:89/ الجزء 3؛ وعنه البحار: 45:154 باب 39 حديث رقم 2.

[4] الفصول المهمّه: 193.

[5] قـال الذهـبـي: سـهـل بـن سـعـد بـن مـالک بـن خـالد بـن ثـعـلبـه، الامـام، الفاضل، المعمّر، بقيه أصحاب رسول اللّه، أبوالعباس الخزرجي، الانصاري الساعدي.

وکان أبوه من الصحابه الذين توّفوا في حياة النبي. وهو آخر من مات بالمدينه من الصحابه. وکـان مـن أبـنـاء المـئه. ذکـر عـدد کـبـيـر وفاته في سنه إحدي وتسعين. روي أصحاب الکتب السته. (راجع: سير علام النبلاء: 3:422 رقم 72).

وذکـر المـزي فـي تـهـذيـب الکـمـال: 12: 189 يـقـول: ((وذکـر الواقـدي وغـيـره: أن الحـجـاج أرسـل إلي سـهـل بـن سـعـد يـريـد إذلاله فـي سـنـه أربـع وسـبـعـيـن، فـقـال: مـا مـنـعـک مـن نـصـر أمـيـرالمـؤمـنـيـن عـثـمـان؟ قـال: قـد فـعـلت. قال: کذبت. ثم أمر به فختم في عنقه ختم!)).

وقـال المـرحـوم النـمـازي: ((سـهـل بـن سـعـد السـاعـدي الانـصـاري مـن أصـحـاب رسول اللّه وأميرالمؤمنين صلوات اللّه عليهما، وکان عمره عند وفاة النبي (ص) خمس عشرة سنه وعـاش إلي 88 ـ 91، روايـاتـه فـي الفـضائل (راجع: البحار: 39: 12) وفي أسماء الائمه الاثني عشر وفضائلهم والتصريح بإمامتهم (راجع: البحار: 36: 351).

وروي عنه ابنه عباس، عن فاطمه الزهراء(س)، عدد الائمه صلوات اللّه عليهم (راجع: البحار: 36:352) وهـو مـمـن شـهـد لعـلي (ع) بـحـديـث الغـديـر (راجـع: الغـديـر: 1:45)، ولقـي أهل بيت الحسين (ع) في الشام وبکي لهم وقضي حاجه سکينه بنت الحسين (ع) (راجع: البحار: 45: 127) ـ ((مستدرکات علم رجال الحديث: 4:178 رقم 6723)).

[6] البحار: 45: 128 باب 39.

[7] اللهوف: 213 / وقال ابن أعثم الکوفي في کتابه الفتوح: 5:147: ((فسار القوم بـحـرم رسـول اللّه مـن الکـوفـه إلي بـلاد الشـام عـلي مـحـامـل بـغـيـر وطـاء، مـن بـلد إلي بـلد، ومـن مـنـزل الي منزل کما تساق أساري الترک والديلم..)).

وقـال ابـن سـعـد فـي طـبـقـاتـه: ((وقـدم رسـول مـن قـبـل يـزيـد بـن مـعاويه يأمر عبيداللّه أن يُرسل إليه بثقل الحسين ومن بقي من ولده وأهل بيته ونسائه، فأسلفهم أبوخالد ذکوان عشرة آلاف درهـم تـجـهـّزوا بـهـا! (راجـع: تـرجـمـه الامـام الحسين (ع) / من القسم غيرالمطبوع من کتاب الطـبـقـات الکـبير لابن سعد / تحقيق السيّد عبدالعزيز الطباطبائي: 81)، ولايخفي ما في آخر هذا الخـبـر مـن الغـرابـه والابـهـام! فـمـن هـو أبـوخـالد ذکوان؟ إننا لم نعثر له علي ترجمه في الرجال!

ثـمّ هـل أسـلف الرکـب الحـسـيـنـيّ ذلک المـبـلغ؟ ومـا حـاجـتـهـم إلي المـال وهـم فـي قـيـد الاسـر والحـبـس؟! أم هـو أسـلف عـبـيـداللّه بـن زيـاد وجـمـاعـتـه؟ وهـل يـُتـصـوّر إمـکـان حـاجـه هـذا الطـاغـيـه المـتـسـلّط عـلي العـراق إلي مثل هذا المبلغ!؟

والغـريـب مـن ابـن سـعـد فـي طـبـقـاتـه أيـضـاً أنـه يـروي لذکوان أبي خالد هذا دوراً آخر، حيث يـقـول فـي نـفـس الصـفـحـه: ((وأمـر عـبـيـداللّه بـن زيـاد بـحـبـس ‍ مـن قـدم بـه عـليـه مـن بـقيّه أهـل حـسـيـن مـعـه فـي القـصـر، فـقـال ذکـوان أبـوخـالد: خـلِّ بـيني وبين هذه الرؤوس فأدفنها ففعل، فکفّنها ودفنها بالجبّانه، ورکب إلي أجسادهم فکفّنهم ودفنهم!!!)).

[8] اللهوف: 216.