بازگشت

مدة بقاء الركب الحسيني في الكوفة


يـُسـتـفـاد مـن بـعـض النـصـوص أنّ بـقـيـّه الركـب الحـسـيـنـيّ لم يـطـل بقاؤهم في الكوفه إلاّ يومين أو يوماً وبعض يوم!، كما في، نصّ سبط ابن الجوزي حيث يـقـول: ((ثـمّ إنّ ابـن زيـاد حـطّ الرؤوس في اليوم الثاني وجهّزها والسبايا إلي الشام إلي يزيد بن معاويه.))، [1] وهذه المدّة هي أقلّ مدّة ممكنه.

لكـنّ نـصـوصاً أخري تفيد أنهم بقوا في الكوفه المدّة التي يستغرقها ذهاب وإياب البريد بـيـن الكـوفـه ودمـشـق، كـمـا فـي نـصّ ابـن الاثـيـر الجـزري حـيـث يـقـول: ((إنّ آل الحـسـيـن لمـّا وصـلوا إلي الكـوفـه حـبـسـهـم ابـن زيـاد، وأرسل إلي يزيد بالخبر، فبينما هم في الحبس إذ سقط عليهم حجر فيه كتاب مربوط، وفيه: إنّ البـريـد سـار بـأمـركـم إلي يزيد، فيصل يوم كذا ويعود يوم كذا، فإن سمعتم التكبير فأيقنوا بالقتل! وإن لم تسمعوا تكبيراً فهو الامان.

فـلمـّا كـان قـبـل قـدوم البـريـد بـيـومـيـن أو ثـلاثـه إذا حـجـرٌ قـد أُلقـي، وفـيـه كـتـاب يقول: أوصوا وأعهدوا فقد قارب وصول البريد.)). [2] .


والظـاهـر أنّ البـريـد آنـذاك كـان عـلي نـوعـيـن: ((بـريـد الطـيـر))، و ((بـريـد الخـيـل))، وبـريـد الطـيـر أسـرع مـن بـريـد الخـيـل، وبـريـد الخـيـل أسـرع كثيراً من رحله مسافر أو أكثر يجدّون السير علي نفس مسافه البريد، ذلك لان الخيل في البريد وهي من أجود الخيل وأ سرعها تقطع مسافه جزئيه من مسافه البريد، ثمَّ تسلّم البـريـد إلي غـيـرها لتقطع مسافه جزئيه أخري بعدها، وهكذا حتّي تتمّ مسافه البريد كلّها، فـلاتـعـانـي أفـراس البـريـد ولافـرسـانـهـا مـن تـعـب ولانـصـب، ويـتـمّ إيصال البريد بأسرع وقت ممكن!

فـإذا علمنا ـ في ضوء بعض النصوص - [3] أنّ عميرة الذي أرسله عبداللّه بن عمر إلي يزيد ومعه كتاب يشفع فيه لاطلاق سراح المختار من سجن ابن زياد، توجّه إلي الكوفه من الشـام حـامـلاً كتاب يزيد إلي ابن زياد بإطلاق سراح المختار، وقد قطع المسافه بين الشام والكـوفـه بـأحـد عـشـر يـومـاً! أمـكـنـنـا القـول بـأنّ ((بـريـد الخيل)) يقطع هذه المسافه ـ بين دمشق والكوفه ـ في ستّه أيّام مثلاً.

وإذا عـلمـنا ـ في ضوء نصوص أخري - [4] أنّ هناك طريقاً مستقيماً بين الشام والعراق يـمـكـن أن يـقـطـعـه المـسـافـر فـي العـادة خـلال مـدّة أسـبـوع، وكـان عـرب عـقيل يسلكون هذا الطريق، كما كان عرب صليب يذهبون من حوران للنجف في نحو ثمانيه أيام، أمكننا أن نقبل بأنّ البريد آنذاك يمكن أن يقطع المسافه بين الكوفه ودمشق في سبعه أيّام أو أقلّ.

وإذا افـتـرضنا أنّ ابن زياد كتب إلي يزيد بخبر انتهاء وقعه الطفّ مباشرة بعد


انتهائها، وأنّ البريد تحرّك برسالته إلي يزيد في ليله الحادي عشر أو في اليوم الحادي عشر، فإنه يـمـكـنـنـا أن نـحـتـمـل ـ عـلي فـرض أنّ مـدّة البـريـد أسـبـوع ـ أن البـريـد وصل إلي دمشق حوالي اليوم السابع عشر من المحرّم.

وإذا افـتـرضنا أيضاً أنّه تحرّك من دمشق إلي الكوفه بجواب يزيد في نفس اليوم، فإنّ من المحتمل أيضاً أنّه يصلها حوالي اليوم الرابع والعشرين من المحرّم.

وإذا قلنا أن الركب الحسينيّ تحرّك من الكوفه إلي الشام في نفس اليوم الرابع والعشرين من المـحـرّم، فـإنَّ مـدّة بـقائهم في الكوفه ـ وهي تبداء من اليوم الثاني عشر ـ تكون حوالي إثني عشر يوماً علي احتمال قويّ، واللّه العالم.


پاورقي

[1] تذکرة الخواص: 234.

[2] الکامل في التاريخ: 3: 298 وانظر: تاريخ الطبري: 3:339.

[3] مثير الاحزان: 74.

[4] راجـع: أعـيـان الشـيـعـه: القـسـم الاول مـن الجـزء الرابـع، وعـنـه کـتاب: التحقيق حول زيارة الاربعين: 193.