بازگشت

المختار يتصدي لابن زياد في المسجد الاعظم


يـنـقـل الخـوارزمـي عـن مـحـمـّد بـن إسـحـاق [1] صـاحـب السـيـرة: ((أنّ عـبـيـداللّه لمـّا قتل ابن عفيف الانصاري، [2] وجاءت الجمعه الثانيه، صعد المنبر وبيده عمود من حديد، فـخـطب الناس وقال في آخر خطبته: الحمدُ للّه الذي أعزّ يزيد وجيشه بالعزّ والنصر! وأذلّ الحسين وجيشه بالقتل!

فـقـام إليـه سـيـّد مـن سـادات الكـوفـه وهـو المـخـتـار بـن أبـي عـبـيـد، فـقـال له: كـذبـت يـا عـدوَّ اللّه وعـدوَّ رسـوله! بـل الحمدُ للّه الذي أعزّ الحسين وجيشه بالجنّه والمغفرة، وأذلَّك وأذلَّ يزيد وجيشه بالنار والخزي!

فـحـذفـه ابـن زيـاد بـعـمـوده الحـديـد الذي كـان فـي يـده فـكـسـر جـبـيـنـه، وقال للجلاوزة: خذوه! فأخذوه.


فـقـال أهـل الكوفه: أيّها الامير، هذا هو المختار! وقد عرفت حسبه ونسبه، وختنه عمر بن سعد، وختنه الاخر عبداللّه بن عمر!

فأوجس في نفسه خيفه، فحبس المختار ولم يتجرّاء علي قتله، فكتب المختار إلي عبداللّه كتاباً شـرح فـيـه القـصـّه، فـكـتـب ابـن عـمـر إلي يـزيـد: أمـّا بـعـدُ: أفـمـا رضـيـت بـأن قـتـلت أهـل نـبـيـّك حتّي ولّيت علي المسلمين من يسبّ أهل بيت نبيّنا ويقع فيهم علي المنبر!؟، عبر عليه ابن عفيف فقتله! ثمّ عبر عليه المختار فشجّه وقيّده وحبسه!

فإذا أنت قرأت كتابي هذا فاكتب إلي ابن زياد بإطلاق المختار، وإلاّ فواللّه لارمينَ عبيداللّه بجيش لاطاقه له به والسلام.

فـلمـّا قـراء يـزيـد الكـتاب غضب من ذلك، وكتب إلي ابن زياد: أمّا بعدُ: فقد ولّيتك العراق ولم أولّك علي أن تسبّ آل النبيّ علي المنابر وتقع فيهم، فإذا قرأت كتابي هذا فأطلق المختار مـن حـبـسك مكرماً، وإيّاك أن تعود إلي ما فعلت، وإلاّ فوالذي نفسي بيده، بعثت إليك من يأخذ منك الذي فيه عيناك!

فـلمـّا ورد الكـتـاب علي ابن زياد أخرج المختار من حبسه، ودعا بمشايخ الكوفه وسلّمه إليهم سالماً، فخرج المختار من الكوفه هارباً نحو الحجاز...)). [3] .

لكـنّ المرحوم السيّد المقرّم ينقل عن كتاب ((الاعلاق النفيسه)) لابن رسته أنّه ((لمّا أحضر ابن زيـاد السـبـايـا فـي مـجـلسـه أمـر بـإحـضـار المـخـتـار وكـان مـحـبـوسـاً عـنـده مـن يـوم قـتـل مسلم بن عقيل، فلمّا رأي المختار هيئه منكرة زفر زفرة شديدة، وجري بينه وبين ابن زياد كـلام أغـلظ فـيـه المـخـتـار، فـغـضـب ابـن زيـاد وأرجـعـه الي


الحـبـس، ويقال ضربه بالسوط علي عينه فذهبت!)). [4] .

وينقل صاحب كتاب ((معالي السبطين)) هذه الصورة:

((وفـي بـعـض الكـتـب: ثـمّ إنّ ابـن زيـاد اسـتـخـرج المـخـتار من الحبس، وكان محبوساً، لانّه لمّا قـتـل مـسلماً وهانياً وبعث برأسيهما إلي يزيد، كتب يزيد كتاباً إلي ابن زياد يشكره في ذلك، وكـتـب أنـه بـلغـنـي أنّ حـسـيـنـاً تـوجـّه إلي العـراق، فـَضـَعِ المـنـاظـر والمـسـالح، وأقـتـل واحـبـس عـلي الظـنـّه والتـهـمـه، فـلمـّا وصـل الكـتـاب الي ابـن زيـاد قـتـل من قتل، وحبس جماعه من الشيعه منهم المختار، فبقي في السجن حتي جيء برأ س الحسين (ع)، ووضـع بـيـن يـديـه فـغـطـّاه بـمـنـديـل، واسـتـخـرج المـخـتـار مـن الحـبـس، وجعل يستهزيء عليه (كذا)! فقال المختار، ويلك أتستهزيء عليَّ وقد قرّب اللّه فرجي!؟

فقال ابن زياد: من أين يأتيك الفرج يا مختار!؟

قال: بلغني أنّ سيّدي ومولاي الحسين قد توجّه نحو العراق، فلابدّ أن يكون خلاصي علي يده!

قال اللعين: خاب ظنّك ورجاؤك يا مختار! إنّا قتلنا الحسين!

قال: صه! فضَّ اللّه فاك! ومن يقدر علي قتل سيّدي ومولاي الحسين!؟

قال له: يا مختار انظر! هذا رأس الحسين!

فـرفـع المـنـديـل وإذا بـالرأس بين يديه في طشت من المذهب، فلمّا نظر المختار إلي الرأس الشريف جعل يلطم علي رأسه وينادي: وا سيّداه! وا مظلوماه!)). [5] .



پاورقي

[1] هو محمّد بن إسحاق بن محمّد بن عبدالرحمن بن عبداللّه بن المسيَّب بن أبي السائب بن عـابـد ابـن عـبـداللّه بـن عـمـر بـن مـخـزوم، القـرشـيّ المخزوميّ المسيَّبي، أبوعبداللّه المدني، نزيل بغداد. قال محمد بن سعد: کان ثقه، ومن الناس من تکلّم فيه، وکان خرج من المدينه قديماً فـأتـي الکوفه والجزيرة والريّ وبغداد، فأقام بها حتّي مات في سنه إحدي وخمسين ومأة. (راجع: تهذيب الکمال: 24:400 و 426، والطبقات الکبري: 7:321).

[2] الظاهر أنّ المراد به هو عبداللّه بن عفيف الازدي (رض) المتقدّم ذکره.

[3] مقتل الحسين (ع) / للخوارزمي: 2 :205 ـ 206 رقم 4.

[4] مقتل الحسين (ع) / للمقرّم: 329 عن الاعلاق النفيسه لابن رسته: 224.

[5] معالي السبطين: 2:65.