بازگشت

ابن زياد يحاول استعادة الموادعه مع الازد


لاشكّ في أنّ ابن زياد لم يقدم علي قتل جندب بن عبداللّه الازدي (جندب الخير) مع ما في قلبه من غـلٍّ وحـقـدٍ مـتـأجـّج عـليـه، لالانـّه رجـل قـد تـقـادم بـه العـمـر فـخـرف وذهـب عـقـله! بـل لانَّ قـتـله بـعـد قـتـل عـبـداللّه بـن عـفـيـف (رض) قـد يـؤجـّج الازد ويحرّضهم عليه، وهم من القبائل التي لها حساب مهم في كلّ أمرٍ مُلّم.


إذن فـالسـبـب هو حسابات الموازنات في تهدئه العشائر الكبيرة وكسب مودّتها وعدم إثارتها، فـعـفـوه عـن جـنـدب بن عبداللّه (رض) محاوله لتهدئه ثائرة الازد بعد تفاقم الوضع وتأزّم العلاقه معهم نتيجه وقائع انتفاضه عبداللّه بن عفيف (رض).

وفي هذا الاتجاه يروي لنا ابن أعثم الكوفي قائلاً:

((ثـُمَّ قـُدّم إليـه سـفـيان بن يزيد، [1] فقال له ابن زياد: ما الذي أخرجك عليَّ يا ابن المعقل!؟ فقال له: بلغني أنّ أصحابك أسروا عمّي فخرجت أدافع عنه.

قـال فـخـلّي سـبـيـله، وراقـب فـيـه عـشـيـرتـه. ثـمّ دعـا ب عـبـدالرحـمـن بـن مـخـنـف الازدي فـقال له: ما هذه الجماعه علي بابك!؟ فقال: أصلح اللّه الامير! ليس علي بابي جماعه، وقد قـتـلتَ صـاحـبـك الذي أردت، وانـا لك سـامـع مـطـيـع! وإخـوتـي لك جـمـيـعـاً كـذلك! قال فسكت عنه ابن زياد، ثمّ خلاّه وخلّي سبيل إخوته وبني عمّه.)). [2] .

وهـكـذا قـبلت رؤوس الازد (وهم أسود الاجام!) أن توادع ابن زياد موادعه ذليله، وهذا شأن من يهاب المواجهه مع الطغاة!، فلم يؤثر عن أحدٍ من أشراف


الازد أنّه آثر التأسّي بعبداللّه بـن عـفـيـف (رض)، الازدي ذي القـلب البـصـيـر والنـفـس العـزيـزة الابيّه، الذي انتفض بوجه الطـاغـيـه ابـن زيـاد صـارخـاً بـكـلمـه الحـقّ التـي صـُعـِق ابـن زيـاد لهـا ولجـرأة صـاحـبـهـا، فـنـزل عـن المـنـبر مخذولاً مدحوراً ودخل قصره حائراً فيما يمكن أن يواجه به هذا الثائر الفرد الذي كان أمّه في انتفاضته!


پاورقي

[1] قـال النمازي في مستدرکات علم رجال الحديث: 4:95: ((سفيان بن يزيد الازدي، عُدَّ من مـجـاهـيـل الصحابه، لکن يظهر حسنه وکماله من کونه علي ميمنه جند إبراهيم بن الاشتر لطلب الثاءر وقتال ابن زياد. راجع: البحار: 45:380)).

[2] الفـتـوح: 5:146 وانظر: أنساب الاشراف: 3:414 وفيه ((وخرج سفيان بن يزيد بـن المـغـفـل ليـدفـع عـن ابـن عـفـيـف فـأخـذوه مـعـه.. وأُتـي بـجـنـدب بـن عـبـداللّه، فـقـال له ابـن زيـاد: واللّه لاتـقـربـنّ إلي اللّه بـدمـک! فـقـال: إنّما تتباعد من الله بدمي و وقال لابن المغفّل: قد ترکناک لابن عمّک سفيان بن عوف فإنّه خيرٌ منک.)).