بازگشت

تفنيد المنطق الجبري الذي اشاعه الامويون


وكـان قـد أصـرَّ ابـن زيـاد لعـنـه اللّه علي ترسيخه في أذهان الناس في المجلس، في قوله لزيـنـب (س): ((كـيـف رأيتِ فِعلَ اللّه بأهل بيتك؟))، وفي قوله للامام السجّاد (ع): ((أليس قد قـتـل اللّه عـليَّ بـن الحـسـيـن؟ ((، وفـي ردّه عـليـه مـرّة أخـري حـيـث


قال: ((بل اللّه قتله!)).

كـان الامويون يريدون أن يوهموا النّاس بشبهه أنّ كلّ ما يجري من وقائع وأحداث وظلم وجور وقتل هو تجسيد لارادة اللّه وتحقيق لامره، فلايحقّ لاحدٍ أن يعترض علي إرادة اللّه، ففي ذلك الكـفـر والخـروج عن ربقه الاسلام!! وشقّ لعصا المسلمين!! وتفريق كلمتهم!! وبذلك يحجر الامـويـون وكـلّ الطـغـاة عـلي الامـّه أن تـعترض أو تنهض وتقوم لازاله الظلم والجور والطغيان! ليـتـمـادوا هـم فـي مـمارسه ما يحلو لهم من اجتراح المظالم والمجازر وإخماد كلّ صوت يدعو إلي الحقّ والعدل!

وفـي مـواجـهـه هـذا المـنـطـق الجـبـري حرص أهل البيت (ع) علي نشر هذه العقيدة الحقّه وهي: أنّ ما يـجـري عـلي يـد الطـغـاة الظـالمـيـن مـن قـتـل وظـلم وجـور وفـسـاد لايـمـثـل إرادة اللّه، لانّ اللّه تـعـالي ـ فـيـما صرّح به في كتابه الحكيم ـ لايريد الظلم، ولاالفـسـاد، ولاالجـور، ولاقـتـل النـفـس التـي حـرّم قـتـلهـا إلاّ بالحقّ، ولايحبّ الظالمين ولايهديهم، بل هو مع المتقين والمحسنين، ومع المصلحين الذين لايريدون علّواً في الارض ولافساداً.

واللّه تـبـارك وتـعـالي قد دعا عباده المؤمنين المتّقين المصلحين إلي الامر بالمعروف والنهي عن المـنـكـر، وإلي القـيـام بـوجـه الظـالمـيـن الجائرين الطغاة، وإلي المتاجرة مع اللّه بأموالهم وأنـفـسـهـم فـي سبيله، فإذا قُتلوا في سبيله فهم علي الحقيقه أحياء عند ربّهم يُرزقون، وهذا لايعني أنّ اللّه سبحانه أراد قتلهم علي نحو القهر والجبر، وأنّ الطغاة الذين قتلوهم إنّما نفّذوا وحـقـّقـوا الارادة الالهـيـّه بـقـتـلهـم! بـل هـؤلاء الطـغـاة مـسـؤولون أمـام اللّه عـن قتل كلّ مظلوم.

وقـد ردّت زيـنـب (س) عـلي دعـوي ابـن زيـاد أنّ مـا جـري عـلي أهـل بـيـتـهـا هـو مـن


فـعـل اللّه سـبـحـانـه فـقـالت: هـؤلاء القـوم كـتـب اللّه عـليـهـم القـتـل ـ اي عـلي نـحـو الامـر الشـرعـي فـي القـيـام ضـد الحكم الاموي وإن أدّي هذا القيام إلي اسـتـشـهـادهـم، فـبـرزوا إلي مضاجعهم امتثالاً للامر الشرعي ـ وسيجمع اللّه بينك وبينهم يا ابن زيـاد ـ فـأنـت يـا ايـن زيـاد مـسـؤول أمـام اللّه عـن قتلهم ـ فتحاجّون وتخاصمون! فانظر لمن الفلج يومئذٍ ثكلتك أمّك يا ابن مرجانه.

وقـد ردّ الامـام السجّاد (ع) علي هذه الدعوي الجبريه أيضاً في قوله: ((قد كان لي أخٌ يُسمّي عـليـاً قـتـله النـاس)) وحـيـنـمـا اصـرَّ ابـن زيـاد عـلي دعـواه بـقـوله: ((بـل اللّه قـتـله!)) ردّ عليه الامام (ع) بهذه الايه الشريفه: (اللّه يتوفّي الانفس حين موتها) أي أنـه سـبـحـانـه يـتـوفـّي الانـفـس حـيـن مـوتـهـا وحـيـن النـوم وحـيـن القـتـل وهـذا لايـعـنـي أنّ اللّه حـتـم عـلي النـفـس القـتـيـله أن تُقتل علي نحو القهر والجبر، بل القاتل مسؤول عند اللّه، وقد تجسّد هذا في ردّ الامام (ع) علي ابن زياد ـ في روايه أخري ـ حيث قال: ذاك أخي، وكان اكبر منّي، فقتلتموه، وإنّ له مطلاً منكم ـ اي حقاً وديناً يطالبكم به ـ يوم القيامه!

وبـهـذا يـكون هذا المنطق الجبري قد خاب وافتُضِحَ واتّضح بطلانه أمام الناس في مجلس ابن زياد ببركه وعي وشجاعه الامام السجّاد والعقيله زينب (س).