بازگشت

اشارة


روي الشـيـخ المـفـيـد (ره) بـسـنـد عـن أبـي سـلمـان المـؤذّن، عـن زيـد بـن أ رقـم قـال: ((نـشـد عـليُّ النـّاس فـي المـسـجـد فـقـال: أُنـشـد اللّه رجـلاً سـمـع النـبـيّ (ص) يقول: من كنت
مولاه فعليُّ مولاه، أللّهمَ والِ من والاه، وعادِ من عاداه؟

فقام إثنا عشر بدرياً، ستّه من الجانب الايمن، وستّه من الجانب الايسر، فشهدوا بذلك.

قال زيد بن أ رقم: وكنت فيمن سمع ذلك فكتمته! فذهب اللّه ببصري.

وكان يتندّم علي ما فاته من الشهادة ويستغفر.)). [1] .

وأمّا أنس بن مالك فقد كان أميرالمؤمنين عليّ (ع) بعثه إلي طلحه والزبير ـ لمّا جاء (ع) إلي البصرة ـ ليذكّرهما شيئاً ممّا سمعه من رسول اللّه (ص) في أمرهما، فلوي أنسُ عن ذلك ورجع إليه فقال: ((إنّي أُنسيتُ ذلك الامر! فقال (ع): إن كُنت كاذباً فضربك اللّه بها بيضاء لامعه لاتـواريـهـا العـمـامـه! فـأصـاب أنـسـاً داء البـرص فـيـما بعد في وجهه! فكان لايُري إلاّ مبرقعاً. [2] .

فـلاعـجـب أن يـحـضـر مـجـلس ابـن زيـاد، ويـجـلس إلي جـانـبـه، أمـثـال هـذيـن الصـحـابـيـيـن الذيـن كـانـا قـد كـتـمـا مـا سـمـعـاه مـن الحـقّ مـن فـم رسـول اللّه (ص)! ولاعجب أن يكون هناك آخرون من الصحابه ممن تعوّدوا حضور مجلس الطاغيه ابن زياد، في الايام التي كانت حركه أحداث النهضه الحسينيه تمرّ بأخطر منعطفاتها!

ألم يـكـن من واجب أمثال هؤلاء الصحابه أن يكونوا إلي جنب الامام (ع) في نهضته، حتّي وإن كـانـوا مـمـّن سـقـط عـنـه تـكـليـف الجـهـاد والقـتـال، حـتـي تـقـوي بـهـم حـجـّه الحـقّ عـلي البـاطل!؟ ثمّ أليسوا هم ممّن قتل ابن فاطمه (س) وأمرّ ابن مرجانه!؟


كيف لا!؟وهم من المقرّبين الي ابـن مـرجـانـه الذيـن يـجلسون الي جنبه، معرضين عن ركب الحسين (ع) في كربلاء وهي علي قرب من الكوفه!

إنـنا لانملك أن نردّ أو أن ننكر ما أورده التاريخ من أنّ هذين الصحابيين قد أنكرا علي ابن زيـاد نـكـتـه ثـنـايـا الرأس ‍ المـقـدّس بـالقـضـيـب، لكـنـنـا نـملك أن نفسّر سبب هذا الاستنكار فـنـقـول: إنّ أمـثـال هـؤلاء لايـسـتـنكرون علي الطغاة مفتضَح مُنكراتهم وقبائحهم انتصاراً للحقّ وللمعروف، بل يستنكرونها عليهم حرصاً علي ما تبقّي لهم أنفسهم عند الناس من سمعه حسنه!! ـ إن كـان ثـَمَّ سـمـعـه حـسـنـه لهـم!؟ ـ ثـمّ هـم لايـصـلون فـي استنكارهم الحدَّ الذي يهددّ حياتهم ويـعـرّضـهـم الي القـتـل، بـل لايـسـتـنـكـرون إلاّ مـع اطـمـئنـانـهـم مـن عـدم وصـول المـكـروه إليـهـم! ولو كـان أمـثـال هـؤلاء مـمـّن يـنـتـصـرون للحـقّ فـي وجـه البـاطـل فـي صـدق من النيّه والعزم لرأيناهم في صفحه التأريخ تحت رايه الهدي وفي صفّ الحقّ لافي مجالس الطغاة وأنديتهم وملاهيهم.


پاورقي

[1] الارشـاد: 1:352 / ويـلاحظ أنّ هذه الروايه لاتحدّد متي ذهب بصر زيد بن ارقم، کما يُلاحظ أنّ روايات استنکاره علي ابن زياد ضربه ثنايا الرأس المقدّس ظاهرة في أنّ زيد بن ارقم کان يتمتع ببصره حتّي ذلک الوقت، واللّه العالم.

[2] راجع: نهج البلاغه: 530 رقم 311 / ضبط الدکتور صبحي الصالح.