بازگشت

كلام المرحوم السيد المقرم حول تكلم الرأس


((لم يـزل السـبـط الشـهـيـد حـليـف القـرآن مـُنـذ أُنـشـيء كـيـانـه لانـّهـمـا ثـقـلارسـول اللّه وخـليفتاه علي أمته، وقد نصّ الرسول الاعظم (ص) بأنّهما لن يفترقا حتّي يردا عليه الحوض، فبذلك كان الحسين (ع) غير مبارح تلاوته طيله حياته، في تهذيبه وإرشاده، وتـبـليـغـه فـي حـلّه ومـرتـحله، حتي في موقفه يوم الطف بين ظهراني أولئك المتجمهرين عليه، ليتمّ عليهم الحجّه ويوضّح لهم المحجّه.

هـكـذا كـان ابـن رسـول اللّه يـسـيـر إلي غايته المقدّسه سيراً حثيثاً حتّي طفق يتلو القرآن رأسُه المطهّر فوق عامل السنان، عسي أن يحصل في القوم من يكهربه نور الحقّ، غير أنّ داعيه الهدي لم يصادف إلاّ قصوراً في الادراك وطبعاً في القلوب، وصمماً في الاذان (ختم اللّه علي قلوبهم وعلي سمعهم وعلي أبصارهم غشاوة).

ولايـسـتـغـرب هـذا مـن يـفـقـه الاسـرار الالهـيـّه، فـإنّ المولي سبحانه بعد أن أوجب علي سيّد الشـهـداء النـهـضـه لسـدّ أبـواب الضـلال بـذلك الشـكـل المـحـدّد الظـرف والمـكـان والكـيـفـيـه لمـصـالح أدركـهـا الجـليـل جـلّ شـأنـه، فـأوصـي إلي نبيّه الاقدس ‍ أن يقراء هذه الصفحه الخاصه علي ولده الحـسـيـن (ع)، فـلاسـبـيـل إلاّ التـسـليـم والخـضـوع للاصـلح المـرضـيّ لربّ العـالمـيـن (لايُسأل عمّا يفعل وهم يسألون).

وحـيـث أراد المـهـيـمـن تـعـالي بـهـذه النـهـضـه المـقـدّسـه تـعـريـف الامـّه الحـاضـرة والاجيال المتعاقبه ضلال الملتوين عن الصراط السويّ، العابثين بقداسه الشريعه، أحبّ الاتيان بـكـلّ مـا فـيـه تـوطـيـد أسـس هـذه الشـهـادة التـي كـتـبـت بـدمـهـا الطـاهـر صـحـائف نـيـّرة مـن أعـمـال الثـائريـن فـي وجـه المـنـكـر، فـكـانـت هـذه مـحـفـوفـه بـغـرائب لاتـصـل إليـهـا الافـهـام، ومـنها استشهاد الرأس المعظّم بالايات الكريمه، والكلام من رأس مـقـطـوع أبـلغ فـي إتـمـام الحـجـّه عـلي مـن أعمته الشهوات عن إبصار الحقائق،


وفيه تركيز العـقـائد عـلي أحـقـيـّه دعوته التي لم يقصد بها إلاّ الطاعه لربّ العالمين، ووخامه عاقبه من مدَّ عليه يد السوء والعدوان، كما نبّه الامّه علي ضلال من جرّأهم علي الطغيان.

ولابـدع فـي القـدرة الالهـيـّه إذا مـكـّنـت رأس الحـسـيـن (ع) مـن الكلام للمصالح التي نقصر عن الوصـول الي كـنـهـها بعد أن أودعت في الشجرة قوّة الكلام مع نبيّ اللّه موسي بن عمران (ع) عـنـد المـنـاجـاة، وهـل تـُقـاس الشـجـرة بـرأس المـنـحـور فـي طـاعـه الرحـمـن سـبـحـانـه!؟ كلاّ!)). [1] .


پاورقي

[1] مقتل الحسين (ع) / للمقرّم: 331.