بازگشت

الرأس المقدس يسبق الركب إلي الكوفه


مـرَّ بـنـا أنّ الطـبـري مـن المـؤرّخـيـن الذيـن رووا أنّ عـمـر بـن سـعـد أرسـل بـرأس الامـام (ع) ـ بـعـد قـتله مباشرة ـ مع خولّي بن يزيد وحميد بن مسلم الازدي إلي عـبـيـداللّه ابـن زيـاد، لكـنـّه حـيـنـمـا يـواصـل روايـتـه [1] يـقـول: ((فـأقـبـل بـه خـولّي فـأ راد القـصـر فـوجـد بـاب القـصـر مـغـلقـاً، فـأتي منزله [2] فـوضـعه تحت أجانه في منزله، وله امرأتان، إمرأة من بني أسد، والاخري من الحضرميين يُقال لها النوَّار إبنه مالك بن عقرب، وكانت تلك الليله ليله الحضرميّه.

قـال هـشـام: فـحـدّثـنـي أبـي، عـن النـوّار بـنـت مـالك قـالت: أقـبـل خـوّلي بـرأس الحـسـيـن فـوضـعـه تـحـت أجـانـه فـي الدار، ثـم دخـل البـيـت فـأوي إلي فـراشـه، فـقـلت له: مـا الخـبـر عـنـدك؟ قال: جئتك بغني الدهر! هذا رأس الحسين معك في الدار! قالت:


فقلت: ويلك جاء الناس بالذهب والفضّه وجئت برأس ابن رسول اللّه (ص)! لاواللّه لايجمع رأسي ورأسك بيتٌ أبداً!

قـالت: فـقـمـت مـن فـراشـي فـخرجت إلي الدار، فدعا الاسديه فأدخلها إليه، وجلستُ انظر، قـالت: فـواللّه مـا زلت أنـظـر إلي نـور يـسـطـع مثل العمود من السماء إلي الاجانه! ورأيتُ طيراً بيضاً ترفرف حولها!

قال: فلمّا أصبح غدا بالرأس إلي عبيداللّه بن زياد..)). [3] .

أمـّا السـيّد هاشم البحراني فيقول: ((إنّ عبيداللّه بن زياد لعنه اللّه بعدما عرض عليه رأس الحـسـيـن (ع)، دعـا ب خـولّي بـن يـزيـد الاصـبحي وقال له: خذ هذا الرأس حتّي أسألك عنه. فـقـال: سـمـعـاً وطـاعـه. فـأخـذ الرأس وانـطـلق به إلي منزله، وكان له امرأتان، إحداهما ثـعـلبـي ة، والاخـري مـضـريـه، فـدخـل عـلي المـضـريـّه فـقـالت: مـا هـذا؟! فقال: هذا رأس الحسين بن عليّ وفيه ملك الدنيا!

فقالت له: أبشر! فإنّ خصمك غداً جدّه محمّد المصطفي!

ثـم قـالت: واللّه لاكـنـت لي بـبـعـل، ولاأنـا لك بأهل! ثمّ أخذت عموداً من حديد وأوجعت به دماغه!

فانصرف من عندها وأتي به إلي الثعلبيه فقالت: ما هذا الرأس الذي معك؟

قـال: هـذا رأس خـارجـيّ خرج علي عبيداللّه بن زياد. فقالت: وما اسمه؟ فأبي أن يخبرها ما اسمه، ثمّ تركه علي التراب وجعل عليه أجانه.

قال فخرجت امرأته في الليل فرأت نوراً ساطعاً من الرأس إلي عنان السماء! فجاءت إلي الاُجانه فسمعت أنيناً وهو يقراء! إلي طلوع الفجر! وكان آخر ما قراء:


(وسيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلب ينقلبون) وسمعت حول الرأس دويّاً كدويّ الرعد! فعلمت أنه تسبيح الملائكه!

فجاءت إلي بعلها وقالت: رأيت كذا وكذا، فأيّ شيء تحت الاجانه؟

فـقال: رأس خارجي، فقتله الاميرعبيداللّه بن زياد، وأريد أن أذهب به إلي يزيد بن معاويه ليعطيني عليه مالاً كثيراً!

قالت: ومن هو؟!

قال: الحسين بن عليّ!

فـصـاحـت وخرّت مغشيّه عليها! فلمّا أفاقت قالت: يا ويلك يا شرَّ المجوس! لقد آذيت محمّداً في عـترته! أما خفت من إله الارض والسماء حيث تطلب الجائزة علي رأس ابن سيّدة نساء العالمين!؟

ثـمّ خـرجـت مـن عـنده باكيه، فلمّا قامت رفعت الرأس وقبّلته ووضعته في حجرها وجعلت تقبّله وتـقـول: لعـن الله قـاتـلك، وخـصـمـه جـدُّك المـصـطـفـي! فـلمـّا جـن الليـل غـلب عـليـهـا النـوم، فـرأت كأنّ البيت قد انشقّ بنصفين وغشيه نور! فجاءت سحابه بيضاء، فخرج منها امرأتان، فأخذتا الرأس من حجرها وبكتا!

قالت: فقلت لهما: باللّه من أنتما؟

قـالت إحـداهـما:أنا خديجه بنت خويلد! وهذه ابنتي فاطمه الزهراء! ولقد شكرناك، وشكر اللّه لك عملك، وأنت رفيقتنا في درجه القدس في الجنّه!

قـال فـانـتبهت من النوم والرأس في حجرها، فلمّا أصبح الصبح جاء بعلها لاخذ الرأس، فلم تدفعه إليه وقالت: ويلك! طلّقني، فواللّه لاجمعني وإيّاك بيت!

فقال: إدفعي لي الرأس وافعلي ماشئت!

فقالت: لاواللّه لاأدفعه إليك!


فقتلها وأخذ الرأس، فعجّل اللّه بروحها إلي الجنّه في جوار سيّدة النساء.)). [4] .


پاورقي

[1] تُلاحظ هنا ثغرة تأريخيه، إذ لانعلم کيف انفرد خولّي بالرأس، وکيف اختفي حميد بن مسلم الازدي عن مسرح قصّه حمل الرأس ‍ إلي ابن زياد!؟.

[2] وکـان مـنـزله عـلي فـرسـخ مـن الکـوفـه. (راجـع مقتل الحسين (ع) للمقرّم: 304، ورياض الاحزان: 16).

[3] تأريخ الطبري: 3:335.

[4] مـديـنـه المعاجز: 4:124 رقم 185 وانظر: ص 114 / وهذه الروايه بهذا النحو رواها المرحوم السيّد البحراني مرسله، ولعلّه قد انفرد بها.