بازگشت

الاجساد الطاهرة


بـقـي جـسـد الامـام الحـسـيـن (ع) مـع أجـسـاد الشـهـداء الاخـريـن مـن أهـل بـيته وأصحابه (ع) في العراء لاتُواري، تصهرها حرارة الشمس، وتسفّ عليها الرياح السـوافـي، وكان اللعين عمر بن سعد قد دفن القتلي من جيشه وصلّي عليهم، وترك جسد الامام (ع) وأجساد أنصاره صلوات اللّه عليهم أجمعين.

ويـظـهر من بعض المتون التأريخيه أنّ النساء في الركب الحسيني قد مررن علي الجثث الطواهر بـعـد إحراق المخيم، يقول: السيّد ابن طاووس: ((ثُمَّ أخرجوا النساء من الخيمه وأ شعلوا فيها النار، فخرجن حواسر مسلّبات حافيات باكيات يمشين سبايا في أ سر الذلّه، وقلن: بحقّ اللّه إلاّ مـا مـررتـم بـنا علي مصرع الحسين! فلمّا نظر النسوة إلي القتلي صحن وضربن وجوههن، قال: فواللّه لاأنسي زينب إبنه عليّ وهي تندب الحسين (ع) وتنادي بصوت حزين وقلب كئيب:


وامـحـمـّداه صـلّي عـليـك مـليك السماء، هذا حسينٌ بالعراء! مرمَّلٌ بالدماء! مقطّع الاعظاء! واثكلاه! وبـنـاتـك سبايا! إلي اللّه المشتكي وإلي محمّدٍ المصطفي وإلي عليٍّ المرتضي وإلي فاطمه الزهراء وإلي حمزة سيّد الشهداء!

وامـحـمـّداه! وهـذا حـسـيـنٌ بـالعـراء! تـسـفـي عـليـه ريـح الصـبـا! قتيل أولاد البغايا!

واحـزنـاه! واكـربـاه عـليـك يـا أبـا عـبـداللّه! اليـوم مـات جـدّي رسول اللّه! يا أ صحاب محمّد! هؤلاء ذريّه المصطفي يساقون سوق السبايا!!

وفي بعض الروايات:

وامـحـمـّداه! بـنـاتـك سـبـايا! وذرّيتك مقتّله تسفي عليهم ريح الصبا! وهذا حسينٌ محزوز الرأس من القفا! مسلوب العمامه والرداء! بأبي من أضحي عسكره في يوم الاثنين نهبا! بأ بي من فسطاطه مقطّع العري! بأبي من لاغائب فيرتجي، ولاجريح فيداوي! بأبي من نفسي له الفداء! بأبي المـهـمـوم حـتـّي قـضـي! بأبي العطشان حتّي مضي! بأبي من يقطر شيبه بالدماء! يابن علي المرتضي، يابن خديجه الكبري، يابن فاطمه الزهراء سيدة النساء،...

بأبي من جدّه رسول إله السماء! بأبي من هو سبط نبيّ الهدي! بأبي محمّد المصطفي! بأبي من رُدَّت عليه الشمس حتّي صلّي!

قال الراوي: فأبكت واللّه كلَّ عدوٍّ وصديق. [1] .


ثمّ إنّ سكينه اعتنقت جسد الحسين! فاجتمع عدّة من الاعراب حتّي جرّوها عنه!)) [2] .

ويـقـول قـُرّة بـن قـيـس التـميمي: [3] ((نظرتُ إلي النسوة لمّا مررن بالحسين، صحن ولطمن خدودهنّ، فاعترضتهن علي فرس! فما رأيت منظراً من نسوة أحسن منهنّ!!)). [4] .



پاورقي

[1] وفـي مـقـتـل الحـسـيـن (ع) / للخـوارزمـي: 2:45 / ((ومـازالت تـقـول هـذا القـول حـتـّي أبـکـت واللّه کـلّ صـديـق وعـدوّ! حـتـّي رأ يـنـا دمـوع الخيل تنحدر علي حوافرها! ثمّ قُطّعت رؤوس الباقين فسُرّح بإثنين وسبعين رأساً مع شمر بن ذي الجوشن، وقيس بن الاشعث، وعمرو بن الحجّاج.))، وانظر:

الخطط المقريزيه: 2:289.

[2] اللهوف: 180 ـ 181 / وقال الشيخ ابن نما(ره) في مثير الاحزان: 77: ((ومررن علي جـسـد الحسين وهو معفّر بدمائه! مفقود من أحبّائه! فندبت عليه زينب بصوت مشجٍ وقلب مقروح.. فأ ذابت القلوب القاسيه، وهدّت الجبال الراسيه!)).

[3] قـُرّة بـن قـيـس التـمـيـمـي: کـان رسـول عـمـر بـن سـعـد إلي الامـام (ع) أوائل نزوله کربلاء، حيث قال له: يا قُرّة ألْقَ حسيناً فسله ما جاء به وماذا يريد؟ فأتاه قرّة فلمّا رآه الحسين (ع) مقبلاً قال: أتعرفون هذا؟ فقال له حبيب بن مظاهر رضي اللّه عنه: نعم، هذا رجل من حنظله تميم، وهو ابن أختنا... وبعدما سلّم إلي الامام (ع) رساله ابن سعد وأراد الرجوع قـال له حـبـيـب: ويـحـک يـا قـُرَّة أ يـن تـرجـع؟ إلي القـوم الظـالمـيـن!؟ أنـصـر هـذا الرجـل الذي بـآبـائه أيـّدک اللّه بـالکـرامـه. فـقـال له قـرّة: أرجـع إلي صـاحـبـي بجواب رسالته وأري رأيي! (راجع: الارشاد: 2:85) ولکنّه أصرّ علي البقاء مع الظالمين!

وکـان إلي جـنـب الحـرّ الريـاحـي (رض) سـاعـه هـمَّ بـالتـحـول إلي صـفّ الحسين (ع)، غير أنّ الحرّ(رض) لم يخبره بنيّته لعدم ثقته به! ولقد زعم قُرّة بعد ذلک أن لو کان الحرّ(رض) قـد أخـبـره بـنـيـّتـه بـالذهـاب إلي الحـسـيـن (ع) لذهـب مـعـه! وکـان کـاذبـاً ودليل کذبه هو أنه بقي مع الظالمين بعد ذلک! (راجع: تأريخ الطبري: 3:320).

ولعـلّه هـو (قـرَّة بـن عـمـرو بن قيس) الذي بعثه مسعود بن عمرو الازدي علي رأس مائه من الازد لحـمـايـه عـبـيداللّه بن زياد لعنه اللّه حينما ثارت عليه البصرة حتّي قدموا به إلي الشام! (راجع: تاريخ الطبري 4:402 / نشر مؤسسه الاعلمي ـ بيروت).

[4] مثير الاحزان: 83 / ويلاحظ المتأمّل أنّ هذا النصّ التاريخي وثيقه أخري من الوثائق التـأريـخـيـه الکـاشـفه عن حقارة ودناءة قرّة بن قيس التميمي وانحطاطه النفسي، فهو ـ في هذا النـصّ ـ لم يـتـأثـر ولم يـحـزن لمـنظر هؤلاء النسوة المفجوعات المسلّبات المهتوکات الستر والحـجـاب، البـاکـيـات عـلي خـيـر الشـهـداء!! ولم يـشـعـر بـالذنـب والنـدامـه! بل تأثر لحسن منظرهنّ وجمال مشهدهن وهنّ مکشّفات!!!.