بازگشت

نهب المخيم الحسيني


لم يـكـتـف جـلاوزة بـنـي أمـيـّه، أعـداء اللّه ورسـوله (ص)، بـعـد قـتـل الامـام (ع) بـسـلبـه ورضّ جـسـده الطـاهـر بـحـوافـر الخـيـل، بـل جـاوزوا المـدي فـعـدوا عـلي المـخـيـم لنـهـب مـا فـيـه، ولهـتـك سـتـر حـُرَم رسـول اللّه (ص) بـسـلب مـا عليهن من حليّ وحجاب بصورة فجيعه يندي لها جبين كلّ أبيّ غيور! ومـا أحـسـن مـا قـال اليـافـعـي: ((لمـّا قـُتـل السـادة الاخـيـار مال الفجرة الاشرار إلي خيام الحريم المصونه وهتكوا الاستار!)). [1] .

وقـال الديـنـوري: ((ثـمّ مـال النـاس عـلي ذلك الورس الذي كـان أخـذه مـن العـيـر، وإلي ما في المضارب فانتهبوه!)). [2] .

وروي الطـبـري عـن أبـي مـخـنـف قـائلاً ((ومال الناس علي نساء الحسين وثقله ومتاعه، فإنْ كانت المرأة لتنازع ثوبها عن ظهرها حتي تُغلب عليه فيُذهب به منها!.)). [3] .

ويـقـول السـيـّد ابـن طـاووس (ره): ((وتـسـابـق القـوم عـلي نـهـب بـيـوت آل الرسول وقرّة عين الزهراء البتول، حتّي جعلوا ينتزعون ملحفه المرأة عن ظهرها، وخرجن بنات رسول اللّه (ص) وحريمه يتساعدن علي البكاء ويندبن لفراق الحماة والاحباء.)). [4] .

وكـان نـهـب المـخـيـّم بـأمـرٍ مـبـاشـر مـن عـمـر بـن سـعـد! قـال الاسـفـرايـيـنـي: ((قـال (أي عـمـر بـن سـعـد): دونـكـم الخيام انهبوها! فدخلوا وجعلوا يسلبون ما علي الحريم


والاطفال من اللباس! ثمّ قطعوا الخيام بالسيوف، فخرجت أمّ كلثوم وقالت:

يـا ابـن سـعـد! اللّه يحكم بيننا وبينك، ويحرمك شفاعه جدّنا ولايسقيك من حوضه كما فعلت بنا وأمـرتَ بـقـتـال سـبـط الرسـول، ولم تـرحـم صـبـيـانه، ولم تشفق علي نسائه! فلم يلتفت إليها.)). [5] .

وكـان المـبـادر لتـنـفـيـذ هـذا العـمـل المـخـزي شـمـر بـن ذي الجـوشـن! يـقـول حـسام الدين في الحدائق الورديه: ((وأقبل شمر بن ذي الجوشن إلي الخيام وأمر بسلب كـلّ مـا مع النساء، فأخذوا كلّ ما في الخيمه، حتّي أخذوا قرطاً في أذن أمّ كلثوم وخرموا أ ذنها، وفرغ القوم من القسمه، وضربوا فيها النار!)). [6] .

وروي الشـيـخ الصـدوق (ره) بسند عن عبداللّه بن الحسن (ع)، عن أمّه فاطمه [7]


بنت الحـسين (ع) قالت: ((دخلت الغاغه علينا الفسطاط وأنا جاريه صغيرة، وفي رجليّ خلخالان من ذهـب، فـجـعـل رجـلٌ يـفـضّ الخـلخـاليـن مـن رجـلي وهـو يـبـكـي! فـقـلت: مـا يـبـكـيـك يـا عدوّ اللّه!؟ فقال: كيف لاأبكي وأنا أسلب إبنه رسول اللّه!

فقلت: لاتسلبني. قال: أخاف أن يجييء غيري فيأخذه!


قالت: وانتهبوا ما في الابنيه حتّي كانوا ينزعون الملاحف عن ظهورنا!)). [8] .

وقـال ابـن نـمـا (ره): ((ثـمّ اشـتـغـلوا بـنـهـب عيال الحسين ونسائه، حتّي تُسلب المرأة مقنعتها من رأسـهـا، أو خـاتـمـهـا مـن أصـبـعـهـا، أو قـرطـهـا مـن أذنـهـا، وحـجـلهـا مـن رجـلهـا، وجـاء رجـل مـن سـنـبـس [9] إلي ابـنـه الحـسـيـن (ع) وانـتـزع مـلحـفتها من رأسها، وبقين عرايا تـراوحـهـنّ ريـاح النـوائب وتـعـبـث بـهـنّ أكـف، قـد غـشـيـهـنّ القـدر النازل، وساورهنّ الخطب الهائل...)). [10] .


روي ابن شهرآشوب عن الامام الرضا (ع) أنه قال:

((إنّ المـحـرّم شـهر كان أهل الجاهليه يحرّمون القتال فيه، فاستُحلّت فيه دماؤنا! وهُتك فيه حـُرمـتـنـا! وسـبـي فـيـه ذراريـنـا ونـسـاؤنـا! وأضـرمـت النـيـران في مضاربنا! وانتهب ما فيها من ثقلنا!)). [11] .



پاورقي

[1] مرآة الجنان: 1:135.

[2] الاخبار الطوال: 258.

[3] تـاريـخ الطـبـري: 3: 334 وانـظـر: الارشـاد: 2:112 والکامل في التاريخ: 3:295.

[4] اللهوف: 180.

[5] نور العين في مشهد الحسين (ع): 46.

[6] الحدائق الورديه: 123 وانظر: مناقب آل أ بي طالب (ع): 4:112 وفيه: ((وقصد شمر إلي الخيام فنهبوا ما وجدوا حتّي قطعت أذن أمّ کلثوم لحلقه!)).

[7] هـي فـاطـمـه بـنـتُ الحسين بن علي بن أبي طالب القرشيّه الهاشميّه المدنيه. روت عن بلال المؤذن مرسلاً، وعن أبيها الحسين (ع)، وعن عبدالله بن عباس، وأخيها زين العابدين (ع)، وعن أسماء بنت عميس، وعن عمّتها زينب العقيله (س)، وعن عائشه، وعن جدّتها فاطمه الکبري بنت رسول اللّه مرسلاً.

وروي عـنـهـا: أبـنـاؤهـا: إبـراهـيـم بن الحسن المثنّي، وأخوه الحسن المثلّث، وأخوه عبداللّه بن الحسن المثني، وغيرهم (راجع: تهذيب الکمال: 25:254).

قـال ابن سعد: أُمّها أمّ إسحاق بنت طلحه بن عبيداللّه، وتزوجها ابن عمّها حسن بن حسن فولدت له عـبـداللّه وابـراهـيـم وحـسـنـاً وزيـنـب (الطـبـقـات: 7:473، وانـظـر: مقاتل الطالبين: 171).

وهـي التـي قـال فـيـهـا الحـسين (ع) لابن أخيه الحسن المثنّي: إنّي اخترت لک ابنتي فاطمه فهي أکـثـرهـمـا شـبـهـاً بـأمـّي فـاطـمـه بـنـت رسـول اللّه (ص). (راجـع: مـسـتـدرکـات عـلم رجال الحديث: 8:592).

روي العـلامـه المـجـلسـي فـي البـحـار 26:214 / عـن أبـي المـقـدام قـال: کـنـت أنـا وأ بـي: المـقـدام حـاجَّيـن، قـال: فـمـاتـت أم أبـي المـقـدام في طريق المدينه، قـال: فـجـئت أريـد الاذن عـلي أبـي جـعـفـر(ع) فإذا بغلته مسرجه، وخرج ليرکب فلمّا رآني قـال: کـيـف أنـت يـا أ بـا المـقـدام؟ قـال: قـلت: بـخـيـر جـعـلت فـداک. ثـم قـال: يـا فـلانـه اسـتـأذنـي عـلي عـمـّتـي. قـال: ثـم قـال: لاتعجل حتي آتيک، قال: فدخلت علي عمّته فاطمه بنت الحسين، وطرحت لي وسادة فجلست عليها، ثـم قـالت: کـيـف أنـت يـا أبـا المـقـدام؟ قـلت: بـخـيـر جـعـلنـي الله فـداک يـا بـنـت رسول اللّه.

قـال: قـلت: يـا بـنـت رسـول اللّه، شـيء مـن آثـار رسـول اللّه (ص). قـال: فـدعـت ولدهـا فـجـاؤا خـمـسـه، فقالت: يا أبا المقدام، هؤلاء لحم رسـول اللّه (ص) ودمـه. وأ رتـني جفنه فيها وضرُ عجين، وضبّابته حديد، فقالت: هذه الجفنه التي أهديت الي رسول الله ملاء لحم وثريد! قال: فأخذتها وتمسّحت بها!

وقال العلامه المجلسي: وکون الجفنه عندها ينافي سائر الاخبار، إلاّ أن يکون الامام (ع) أودعها عندها مع أنها حينئذ کانت في بيته (ع) کما هو ظاهر الخبر.

وقـال النـمـازي: وهـي أکـبـر مـن سـکـيـنـه. وبـالجـمـله لانـظـيـر لهـا فـي التـقـوي والکمال والفضائل والجمال ولذا تُسمّي الحور العين!

تـوفـيـّت فـي المـديـنـه سـنـه 117 ه‍. (راجـع مـسـتـدرکـات عـلم رجال الحديث 8:592).

وکـانـت فـيـمـن قـدم دمـشـق بـعـد قـتـل أبـيـهـا، ثـمّ خـرجـت إلي المـديـنـه. (تـهـذيـب الکمال: 35: 255) وروي لها أبوداود، والترمذي، والنسائي في مسند عليّ، وابن ماجه.

[8] أمـالي الشـيـخ الصدوق: 139 ـ 140 المجلس 31، حديث رقم 2 / وفي بعض النسخ ((دخـلت الغـانـمـه عـليـنـا..)) وفـي أخـري ((العـامـه))، والغـاغـه مـأخـوذة مـن الغـوغـاء، وأصل الغوغاء الجراد حين يخفّ للطيران، ثمّ استعير للسفله من الناس والمتسرّعين إلي الشرّ. (راجـع: لسـان العـرب: 10:146) / ورواه ابـن سـعـد فـي طبقاته أيضاً (راجع: ترجمه الامام الحـسـين (ع) / من القسم غير المطبوع من کتاب الطبقات الکبير لابن سعد: 78 وانظر: سير أعلام النبلاء: 3:303.

[9] سنبس: إسم قبيله هذا الرجل فهو سنبسي.

[10] مـثـيـر الاحـزان: 76 / وينقل العلاّمه المجلسي (ره) قائلاً: ((رأيت في بعض الکتب أنّ فـاطمه الصغري قالت: کنت واقفه بباب الخيمه، وأنا أنظر إلي أبي وأصحابه مجزّرين کـالاضـاحـي عـلي الرمـال، والخـيـول عـلي أجـسـادهـم تـجـول، وأنـا أفـکـّر فـيـما يقع علينا بعد أبي من بني أميّه أيقتلوننا أو يأسروننا؟ فإذا بـرجـل عـلي ظهر جواده يسوق النساء بکعب رمحه، وهنّ يَلذن بعضهنّ ببعض وقد أخذ ما عليهنّ من أخـمـرة وأسورة، وهنّ يصحن: واجدّاه، وأبتاه، واعليّاه، وأقلّه ناصراه، واحسناه! أما من مجير يـجـيـرنـا؟ أمـا مـن ذائد يـذود عـنـّا؟ قـالت: فـطـار فـؤادي وارتـعـدت فـرائصـي، فـجـعـلت أجـيـل بـطـرفـي يـمـيـنـاً وشمالاً علي عمّتي أمّ کلثوم خشيه منه أن يأتيني، فبينا أنا علي هذه الحـاله وإذا بـه قـد قـصـدنـي فـفـررت مـنـهزمه، وأنا أظنّ أني أسلم منه، وإذا به قد تبعني فذهلت خشيه منه، وإذا بکعب الرمح بين کتفيّ فسقطت علي وجهي، فخرم أذني وأخذ قرطي ومقنعتي، وتـرک الدمـاء تـسـيـل عـلي خدّي، ورأسي تصهره الشمس، ووليّ راجعاً إلي الخيم، وأنا مغشيّ عـليّ، وإذا أنـا بـعـمّتي عندي تبکي وهي تقول: قومي نمضي! ما أعلم ما جري علي البنات وأخيک العليل؟ فقمت وقلت: يا عمّتاه هل من خرقه أستر بها رأسي عن أعين النظّار؟ فقالت: يا بنتاه وعمّتک مثلک! فرأ يت رأسها مکشوفاً وقد اسودّ من الضرب، فما رجعنا إلي الخيمه إلاّ وهي قد نُهبت وما فيها، وأخي عليّ بن الحسين مکبوب علي وجهه لايطيق الجلوس من کثرة الجوع والعطش والاسقام، فجعلنا نبکي عليه ويبکي علينا)) (البحار: 45 :60 ـ 61).

ويقول الاسفراييني في کتابه نور العين في مشهد الحسين (ع) ص 45: ((قالت زينب أخت الحسين کـنـّا ذلک الوقـت جـلوسـاً فـي الخـيـام إذ دخـل عـليـنـا رجـال فـيـهـم رجـل أزرق العـيـون فـأخـذ کـلّ مـا کـان في خيمتنا التي کنّا مجتمعين فيها، ثمّ نظر إلي علي بن الحسين وهو مطروح علي قطعه من الاديم، فجذبها من تحته ورماه علي الارض، ثمَّ أخذ قناعي من رأسـي، ونـظـر إلي قـرط فـي أُذنـي فـعـالجـه وقـرضـه بـأسـنـانـه، فـخرم أذني ونزعه وجـعـل الدم يـسـيـل عـلي ثـيـابـي، وهـو مـع ذلک يـبـکـي! ثـمّ نـظـر إلي خـلخـال کـان فـي رجـلي فـاطـمـه الصـغـري فـجـعـل يـعـالجـهـا حـتـّي کـسـرهـمـا وخـرج الخـلخـال مـنـهـمـا، فـقـالت له: أتـسـلبـنـا وأنـت تـبـکـي!؟ فقال: أبکي لما حلّ بکم أهل البيت!!

قـالت زيـنـب: فـخـنقتني العبرة من وجع أذني وبکاء فاطمه، فقلت له: قطع اللّه يديک ورجليک وأذاقک اللّه النار في الدنيا قبل الاخرة!

فقال: واللّه لاجاوزت دعوتها ثم قطع يديه ورجليه وأحرقه بالنار وذهب.)).

[11] مناقب آل أبي طالب (ع): 2:206، وانظر: مسند الامام الشهيد: 2:196.