بازگشت

مصير عمر بن سعد


كـانـت النـدامـه والحـسـرة قـد أكـلت قـلب عـمـر بـن سـعـد لعـنـه اللّه، لانـّه لم يـنـل مـن ابن زياد ما كان يؤمّله من مناصب الدنيا وأطماعها، وخرج من مجلس ابن زياد يريد منزله إلي أهـله ((وهـو يـقـول في طريقه: ما رجع أحدٌ مثل ما رجعت! أطعتُ الفاسق ابن زياد الظالم ابن الفـاجـر! وعـصيتُ الحاكم العدل! وقطعتُ القرابه الشريفه! وهجره الناس، وكان كلّما مرَّ علي ملامن الناس أعرضوا عنه، وكلّما دخل المسجد خرج النّاس منه، وكلّ من رآه قد سبّه! فلزم بيته إلي أن قُتل!)). [1] .

وكـان المختار (ره) قد أعطي عمر بن سعد الامان بشرط ألاّ يُحدث حدثاً، [2] ولمّا علم عمر بقول المختار فيه عزم علي الخروج من الكوفه، فأحضر رجلاً إسمه مالك بن دومه وكان شـجـاعـاً، وأعطاه أربعمائه دينار نفقه لحوائجهما، وخرجا من الكوفه، فلمّا كانا عند حمّام عمر أو نـهـر عـبـدالرحـمـن أطـلع عـمـر صـاحبه علي نيّته في الهرب خوفاً من المختار، لكنّ صاحبه أقـنـعـه بـأنّ المـختار أعجز من أن ينال عمر بسوء، وأوحي إليه أنّه أعزّ العرب! فاغترّ بـكـلامـه فـرجـعـا إلي الكـوفـه، ولمـّا عـلم المـخـتـار بـخـروجـه مـن الكـوفـه قال: أللّه أكبر! وفينا له وغدر! وفي عنقه سلسله لو جهد أن ينطلق لما استطاع!


وأ رسـل عـمـر إبـنـه إلي المـخـتـار فـقـال له: أيـن أبـوك؟ قـال: فـي المـنـزل ـ ولم يـكـونـا يـجـتمعان عند المختار، وإذا حضر أحدهما غاب الاخر خوفاً أن يجتمعا فيقتلهما ـ فقال حفص: أبي يقول: أتفي لنا بالامان؟

قـال: أجـلس! وطـلب المـخـتـار أبـاعـمـرة ـ وهـو كـيـسـان التـمـّار ـ فـأسـرَّ إليـه أن اقـتل عمر بن سعد، وإذا دخلت عليه وسمعته يقول: يا غُلام! عليَّ بطيلساني، فاعلم أنه يريد السيف، فبادره واقتله!

فلم يلبث أن جاء ومعه رأسه!

فـقـال حـفـص: إنـّا للّه وإنـا إليـه راجـعـون. فـقـال له: أتـعـرف هـذا الرأس؟ قال: نعم، ولاخير في العيش بعده! فقال: إنّك لاتعيش بعده! وأمر بقتله.

وقـال المـخـتـار: عـمر بالحسين (ع)، وحفص بعليّ بن الحسين (ع)، ولاسواء، واللّه لاقتلنّ سبعين ألفاً كما قُتل بيحيي بن زكريا (ع).

وقـيـل: إنـّه قـال: لو قـتـلت ثـلاثـه أربـاع قـريـش لمـا وفـوا بـأنـمـله مـن أنامل الحسين (ع). [3] .


پاورقي

[1] تذکرة الخواص: 233.

[2] قـال الامـام البـاقـر(ع): إنـّمـا قـصـد المـخـتـار ((إلاّ أنْ تـُحـدث حـدثـاً!)) هـو أن يدخل بيت الخلاء ويُحدث! (راجع: ذوب النضار: 157).

[3] راجع: ذوب النضار: 126 ـ 129.