بازگشت

اشارة


روي ابن قولويه في كامل الزيارات بسنده عن الحسين بن ثوير، ويونس بن ظبيان، وأبي سلمه السـّراج، والمـفـضـّل بـن عـمـر، ((قـالوا: سـمـعـنـا أبـا عـبـداللّه (ع) يقول: لمّا مضي الحسين بن عليّ (ع) بكي عليه جميع ما خلق اللّه إلاّ ثلاثه أ شياء: البصرة، ودمشق، وآل عثمان!))، [1] وفي بعض الروايات: ((وبنو أميّه!)). [2] .

أمـّا اسـتـثـنـاء بني أميّه من البكاء علي الامام الحسين (ع) فلعِلّه واضحه، وهي أنّهم أعداء اللّه ورسـوله وأهـل البيت (ع) وأعداء الاسلام، وهم الذين سفكوا دم الامام (ع)، ولقد اشتفوا بقتله، هذا ابن زياد يخاطب زينب (ع) قائلاً:

((لقد شفي اللّه نفسي من طاغيتك والعصاة من أهل بيتك!)). [3] .


وهـذا يـزيـد يـصـرّح بـكـفـره وتـشـفـيـه بـمـقتل الامام الحسين (ع) حيث أنشد متمثّلاً بأبيات ابن الزبعري:



ليت أشياخي ببدرٍ شهدوا

جزع الخزرج من وقع الاسلْ



لاهلّوا واستهلّوا فرحاً

ثمّ قالوا يا يزيدُ لاتُشلْ



قد قتلنا القرم من ساداتهم

وعدلناه ببدرٍ فاعتدلْ



لعبت هاشم بالملك فلا

خبرٌ جاء ولاوحيُّ نزلْ



لستُ من خندف إنْ لمْ أنتقمْ

من بني أحمد ما كان فعل [4] .



ويقول:



لمّا بدتْ تلك الحمول واشرقتْ

تلك الرؤوس علي شفا جيرون



نعب الغراب فقلتُ قلْ أولاتقل

فقد اقتضيتُ من الرسول ديوني [5] .



فـهـذا وذاك وغـيـرهـمـا كـثـيـر مـمـّا يـكـشـف عـن مـدي حـقـد هـذه الشـجـرة المـلعـونـه عـلي أهل البيت (ع) وفرحتهم بمقاتلهم.

وأمـّا دمـشق فلولائها لبني أميّه، إذ كفي أهلها عاراً وشناراً أنّهم أوقفوا بقيّه الركب الحسينيّ عند بـاب السـاعـات، وقـد خـرجـوا إليـهـم بـالدفـوف والمـزامـيـر والبـوقـات، فـي حـال مـن الفـرح والسـرور والابـتـهـاج بـمـقـتـل ابـن بـنـت رسول اللّه (ص) وأهل بيته وأصحابه.

وأمـّا البـصرة آنذاك فإنّ أغلب أهلها عثمانيو الرأي والهوي، فلاعجب أن تستثني البصرة آنذاك من بقيه بقاع الارض ‍ التي بكت علي الامام الحسين (ع). [6] .



پاورقي

[1] کامل الزيارات: 80، باب 26، حديث رقم 4.

[2] المنتخب للطريحي: 39.

[3] الارشاد: 2:115.

[4] مقتل الحسين (ع) للمقرّم: 357 وراجع اللهوف: 214.

[5] نفس المصدر: 348.

[6] مـمـّا خـاطـب بـه أمـيـرالمـؤمـنـيـن عـليّ(ع) أهـل البـصـرة يـومـذاک: ((فـمـا ظـنـّکـم يـا أهل البصرة، وقد نکثتم بيعتي، وظاهرتم عليَّ عدوّي؟

فقام إليه رجل فـقـال: نـظـنّ خـيراً، ونراک قد ظفرت وقدرت، فإن عاقبتَ فقد اجترمنا ذلک، وإنْ عفوتَ فالعفوُ أحبُّ إلي اللّه.

فـقـال: قـد عـفـوتُ عـنـکـم، فـإيـّاکـم والفـتـنـه، فـإنـّکـم أوّل الرعيّه نکث البيعه وشقّ عصا هذه الامّه!)) (الارشاد: 1:257).

لقـد تـمـکـّنـت عائشه وطلحه والزبير وابنه عبداللّه ومن ورائهم عصبه أخري من المنافقين ـ ممّن تـخـلّفـوا عـن بـيـعـه أمـيرالمؤمنين عليّ(ع) ـ من أمثال عبداللّه بن عمر، وسعد بن أبي وقّاص، ومحمّد بن سلمه، من خداع أهل البصرة وکسب رأي جُلّ أهلها إلي صالحهم بدعوي مظلوميّه عثمان، فـقـاتـلت البـصـرة آنـذاک عـليـّاً(ع)، وکـان قـد قـتـل مـنـهـم مـقـتـله عـظـيـمـه فـي الجمل، الامر الذي ترک أثره الواضح في ميل جُلّ أهلها إلي الهوي والرأي العثماني.