بازگشت

اشارة


إنّ المتأمّل في متون المصادر التأريخية [1] التي ذكرت قضيّة تحوّل والتحاق ثلاثين رجلاً من جيش ابن سعد بالامام (ع) يجد أنّ هذه المتون لاتشخّص ساعة وزمان إلتحاقهم بالتحديد،لكنّ ظاهر هذه المتون يوحي بأنّ هذا الالتحاق كان قد حصل يوم عاشوراء، ولذا فإنّ بعض المؤرّخين المتأخرين أخذاً بهذا الظاهر ذكر قضيّة هذا الالتحاق بعد ذكره إلتحاق الحرّ(رض) بالامام (ع)، [2] بل ذهب آخر إلي القول: (ولاشكّ في أنّ موقف الحرّ بن يزيد كانله أعمق الاثر في نفوس الكثيرين من جيش ابن زياد... ولذلك لم يلبث أن انحاز إلي الحرّ بن يزيد في انتصاره للحسين جماعة من أعيان الكوفة وفرسانها يُقدّر عددهم بثلاثين فارساً!)، [3] فهذا الكاتب يصرّح بأنّ التحاق هؤلاء الثلاثين كان نتيجة التأثّر بالتحاق الحرّ(رض) بالامام (ع) صبيحة عاشوراء.

ولنا هنا ملاحظات في هذا الصدد:

1- ليس هناك دليل تأريخي يفيد أنّ التحاق هؤلاء الثلاثين(رض) كان بعد التحاق الحرّ(رض) أو كان نتيجة له!

2-هناك مصادر تأريخية أخري تروي أنّ عملية التحوّل والالتحاق


بالامام (ع) من قبل مجموعة من جيش ابن سعد كانت قد تمّت ليلة العاشر، فهذا السيّد ابن طاووس (ره) يروي قائلاً: (وبات الحسين (ع)وأصحابه تلك الليلة ولهم دويُّ كدويّ النحل، ما بين راكع وساجد وقائم وقاعد، فعبر عليهم في تلك الليلة من عسكر عمر بن سعد إثنان وثلاثون رجلاً..). [4] .

3- إنّ هذه الخصال أو الشروط التي تتحدّث مصادر تأريخية أنّ الامام (ع) عرضها علي ابن سعد ورُدَّت عليه [5] علي فرض أنها عُرضت يوم عاشوراء أيضاً كانت قدعُرضت أيضاً قبل يوم عاشوراء وبالتحديد بعد إحكام الحصار علي معسكر الامام (ع)، أي في اليوم السابع أو الثامن، وقد وردت هذه الخصال المزعومة في رسالة ابن سعد إلي ابن زياد، [6] ولاشكّ أنّ أمر هذه الرسالة ومحتواها علي فرض صحّة خبرها كانقد انتشر في صفوف جيش ابن سعد لاهميتها البالغة.

4- تذكر كتب التراجم والتواريخ أسماء مجموعة من الانصار قد تحوّلوا إلي معسكر الامام (ع) في سواد ليلة عاشوراء بعد ردّ الجيش الاموي ما عرضه الامام (ع) ومن هؤلاء الانصار(رض) علي سبيل المثال لاالحصر: جوين بن مالك بن قيس بن ثعلبة التميمي (رض)، وزهيربن سليم الازدي (رض)، والنعمان بن عمرو الازدي الراسبي (رض)،وأخوه الحُلاس (رض). [7] .

بل تذكر كتب التراجم والتأريخ أنّ بعض هؤلاء الانصار(رض) كان قد تحوّل


إلي معسكر الامام (ع) بعد ردّ ما عرضه الامام (ع) دون أن تشخّص أنّ هذا التحوّل كان ليلة عاشوراء، ممّا يفيد أنّ هذا الالتحاق ربّما كان قبل ليلة عاشوراء، ومن هؤلاء علي سبيل المثال: عمرو بن ضبيعة الضبعي (رض)، [8] والحارث بن امرء القيس الكندي (رض). [9] .

إذن فالصحيح أنّ تحوّل والتحاق مجموعة من رجال جيش ابن سعد إلي معسكر الامام (ع) قد بداء ليلة العاشر أو قبل ذلك علي احتمال ثمّ استمرت عمليّة التحوّل هذه حتي يوم عاشوراء، إلي أن تمّ في يوم عاشوراء عدد الرجال الذين تحوّلوا إلي معسكر الامام الحسين (ع) ثلاثين أو يزيدون، وهذا ما ذهب إليه أيضاً المحقّق السماوي (ره) في تلخيصه لمجريات وقائع نهضة الامام (ع)، حيث يقول: (.. فقطع أي عمر بن سعد المراسلات بينه وبين الحسين، وضيّق عليه ومنع عليه ورود الماء، وطلب منه إحدي الحالتين النزول أوالمنازلة، فجعل يتسلل إلي الحسين من أصحاب عمربن سعد في ظلام الليل الواحد أو الاثنان حتي بلغوا في اليوم العاشر زهاء ثلاثين ممّن هداهم اللّه إلي السعادة ووفّقهم إلي الشهادة.). [10] .



پاورقي

[1] التي ذکرناها في الحاشية.

[2] راجع:حياة الامام الحسين بن علي عليهما السلام: 3:198.

[3] سيد شباب أهل الجنة:277.

[4] اللهوف:41.

[5] راجع: تأريخ الطبري: 312:3 وقد تمَّ إثبات أنّ هذه الخصال الثلاث أوالشروط المزعومة هي أُکذوبة افتراها عمر بن سعد في رسالته الي ابن زياد!.

[6] راجع:تاريخ الطبري،3:312.

[7] راجع:ابصارالعين، 194و 186و187.

[8] راجع: إبصارالعين: 194 و وسيلة الدارين: 177 رقم 112.

[9] راجع: وسيلة الدارين: 116-117 رقم 26.

[10] ابصارالعين:30-31.