بازگشت

اشارات


1- المستفاد من ظاهر متون الاصول التأريخية التي روت نصّ خطاب الامام (ع) قبل بدء القتال علي ما هي عليه من الاختلاف فيما بينها هو أنّ كُلاّ من هذه النصوص يشكّل وحده متن هذا الخطاب، ومع فرض صحة صدور هذه النصوص جميعاً عن الامام (ع)، فلا محيص من أن تكون هذه النصوص خطباً متعددة خطبها(ع) قبل بدء القتال،أو أن تكون أجزاء و مقاطع متعددة من خطاب واحد، فصلت بينها فواصل قطعت اتصالها ووحدة سياقها. وبحسب طبيعة تدرّج الاموروالاشياء فلابدَّ أن يكون (ع) قد بداءهم بتعريفهم بنفسه الشريفة وبنصيحتهم ودعوتهم الي الحقّ، وتذكيرهم بكتبهم وعهودهم، ثمّ حيث لم يجد منهم الاستجابة والتسليم،بل الاصرار والعناد، فإنّ لهجة خطابه اشتدّت تبعاً لذلك.

من هنا فإنّ الارجح أن يكون النصّ الذي رواه الطبري والمفيد(ره)والذي كانت بدايته (أيّها النّاس إسمعوا قولي، ولاتعجلوا حتّي أعظكم بما يحقّ لكم عليّ... أمّا بعد فانسبوني فانظروا من أنا،ثمَّ ارجعوا إلي أنفسكم وعاتبوها...). هو المقطع الاوّل من خطابه (ع)، ثمَّ يأتي بعده مقطعاً ثانياً ما رواه الخوارزمي: (الحمدُ للّه [1] الذي خلق الدنيا فجعلها دار فناء وزوال، متصرّفة بأهلها حالاً بعد حال...)، ثمّ حيث لم تنفع بهم المواعظ والاحتجاجات فإنّ لهجة خطابه اشتدّت فقرّعهم (ع) ووبّخهم فقال: (تبّاً لكم أيتها الجماعة وترحاً...) فكان هذا المقطع هو


الجزء الاخير من خطابه (ع).

2- وربّما يستظهر المتأمّل أنّ خطاب برير(رض) كان فاصلاً بين المقطع الاوّل والمقطع الثاني من خطابه (ع)، ولربّما كانت خطبة زهير ابن القين (رض) وتأتي فيما بعد فاصلاً بين مقطعين من مقاطع خطابه (ع)، أي أنّ خطابه قبل بدء القتال تخللّته فواصل بسبب خطابي برير وزهيررضوان اللّه عليهما.

3- ذهب المحققّ الشيخ السماوي (ره) إلي أنّ كلامه (ع) الاوّل هو خطبته الاولي، وهي تنتهي بنزوله (ع) عن راحلته التي عقلها عقبة بن سمعان، وأنّ خطبته الثانية هي التي تبداء بقوله: (تبّاً لكم أيتها الجماعة وترحاً...). [2] .

4- وذهب المحققّ السيّد المقرّم (ره) إلي أنّ كلامه (ع) الاوّل هو خطبته الاولي. [3] .

وأنّ وقائع: حادثة عبداللّه بن حوزة التميمي، [4] وحادثة محمّد بن الاشعث، [5] .


وما حصل لمسروق بن وائل الحضرمي، [6] وخطبة زهير بن القين (رض)، وخطبة برير(رض)، جميعها تأتي بعد خطبته (ع) الاولي، ثمّ تأتي بعد هذه الوقائع خطبته (ع) الثانية، حيث يقول السيّد المقرّم (ره): (ثمّ إنّ الحسين (ع) ركب فرسه، وأخذ مصحفاً ونشره علي رأسه ووقف بإزاء القوم،وقال: يا قومِ، إنّ بيني وبينكم كتاب اللّه وسُنّة جدّي رسول اللّه (ص). ثمّ استشهدهم عن نفسه المقدّسة وما عليه من سيف النبيّ (ص) ولامته وعمامته، فأجابوه بالتصديق، فسألهم عمّا أقدمهم علي قتله!؟ قالوا: طاعة للامير عبيداللّه بن زياد! فقال (ع): تبّاً لكم أيتها الجماعة وترحاً..). [7] .

5- أمّا المحقّق الشيخ القرشي فقد ذهب إلي ما ذهبنا إليه في أنّ الامام (ع) كان قد خطب خطبة واحدة، متألّفة من مقاطع فصلت بينها فواصل، لكنّه ذكر أنّ خطبة زهير(رض) ثمّ خطبة برير(رض) فصلتا بين مقطعي خطبته(ع)، إذ إنَّ الشيخ القرشي كما السيّد المقرّم أدرج المقطع الذي رواه الخوارزمي: (الحمد للّه الذي خلق الدنيا فجعلها دارفناء وزوال...) [8] في المقطع الاوّل، وذكره بعد إسكات النساء عن الصراخ والبكاء، ولانعلم أيضاً المستند التأريخي أو التحليلي للسياق الذي اعتمده؟ ولعلّه اعتمد علي ما ذهب إليه السيّد المقرّم رحمة اللّه عليه.



پاورقي

[1] تنقل بعض المصادر بداية هذا النصّ هکذا «أيها الناس، إنّ الله خلق الدنيا فجعلها دار فناء وزوال...» (راجع: مقتل الحسين عليه السلام للمقرّم: 227 و حياة الإمام الحسين بن علي عليه السلام 184:3).

[2] راجع: ابصارالعين:32-35.

[3] راجع: مقتل الحسين عليه السلام للمقرّم: 227-229، وقد أدخل المقرّم (ره) في بطن هذه الخطبة قوله عليه السلام: «عباد الله اتّقوا الله و کونوا من الدنيا علي حذر...» إلي آخر ما نقله عن کتاب زهر الآداب، ثمَّ أدخل بعده في هذه الخطبة قوله عليه السلام: «أيها النّاس، إنّ الله تعالي خلق الدنيا فجعلها دار فناء وزوال...» ولانعلم المستند التأريخي أو التحليلي الذي اعتمده السيّد المقرّم فيما ذهب إليه!؟.

[4] الرجل الذي سحلته فرسه - بدعاء الامام عليه السلام - فحطمته و ألقت به في النار المشتعلة في الخندق، وقد مرّت بنا قصّته في ما مضي.

[5] حيث دعا الامام عليه السلام، فلدغه عقرب أسود فمات بادي العورة، و قد مرّت بنا روايته في ما مضي.

[6] حيث کان في أوائل الخيل طمعاً في أن يصيب رأس الحسين حبّاً في الجائزة، فلمّا رأي ما صنع الله بابن حوزة قال: رأيت من أهل هذا البيـت شيئاً!!لا أقائلهم أبداً، وقد مرَّ بنا ذکر قصّته ايضاً.

[7] راجع: مقتل الحسين عليه السلام للمقرم:230-235و لا نعلم المستند التاريخي و التحليلي لهذا السياق الذي اعتمده المرحوم السيد المقرم؟.

[8] راجع:حياة الامام الحسين بن علي عليهما السلام: 3:184-195.